السجل البدائي - الفصل 934
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
دعم مترجم لزيادة تنزيل رواية The Primordial Record
الفصل 934: جباران
كان روان مصممًا على التخلص من جهله بالطبيعة الحقيقية للواقع، وإذا فعل ذلك فسيكون قد ربح نصف المعركة بالفعل ولن ينخدع بسهولة من قبل الآخرين.
لقد فهم أن هناك معلومات، بعضها شائع وبعضها أكثر ضرورة، كان يفتقدها بسبب تصرفات الانعكاسات، وعلى الرغم من أنه تعلم الكثير على مدى الألف عام الماضية من أرواح المسافرين التي إكتسبها داخل النفايات المجمدة، إلا أنهم لم يتمكنوا من إرضائه، لأن معظمهم كانوا أكثر جهلاً منه، حيث عاشوا في عالم ثلاثي الأبعاد طوال حياتهم.
لم يكن روان متسرعًا في رحلته نحو أراضي المعجزات، بالفضل السير ببطء نسبيًا، ومع ذلك فإن سرعته قد تعتبرها حتى السامين مذهلة، وبحسب تقديره، سيكون في أراضي المعجزات في غضون شهرين، وهو وقت كافٍ بالنسبة له للتخطيط لأي طارئ قد ينشأ، بعد كل شيء، كان يدخل أرضًا مجهولة ذات مخاطر غير معروفة.
بعد شهرين، تجنّب روان أي مسافر قابله على الطريق، ووصل إلى نهاية الخراب المتجمد، فرأى أمامه شجرةً ضخمةً بحجم نجمة. على أغصانها، كانت هناك بوابات خضراء دوارة لا تُحصى، يدخل منها ويخرج منها سيلٌ لا ينضب من الكائنات الحية. ظنّ روان أن هذا المكان ليس أرض المعجزات، بل نقطة انطلاق، ومنه يمكن الانتقال إلى أرض الإلدار.
لم يتحرك للأمام، بل توقف وراقب هذا المكان لبعض الوقت.
على قاعدة الشجرة كان هناك قصر مصنوع من الخشب، مع أن شكله مميز، إلا أنه مألوف تقريبًا، ومن المفترض أن يستوحي قصر غولغوث الخشبي الإلـهام من هذا المكان.
لكن ما لفت انتباهه أكثر كان على جانبي القصر جباران عملاقين خشبيين، كائنين يُمكن اعتبارهما شجرتين بشريتين، كل منهما يبلغ طوله مئات الأميال، وعيناهما الخضراوين الكبيرتين تُحدقان بكل ما يحدث في الأسفل. كان كلا العملاقين يرتديان ردائين من الكروم والزهور، لكن هذا لم يُقلل من القوة الهائلة والشعور بالوحشية اللذين انبعثا من جسديهما، فلا أحد سيخطئ أبدًا في اعتبار هذين المخلوقين كائنين مسالمين.
إن رؤية فميهما مليئين بأنياب حادة أضفت على هذه الصورة شكلا من القسوة. كتم روان رعشة في قلبه عندما لاحظ أن هذه المخلوقات كانت حاملة إرادة، وأنهما ليسى حتى حاملي إرادة من البعد الرابع، بل أعلى. ولأن روان لم يكن على دراية بالأفراد ذوي مستويات إرادة أعلى، لم يتمكن من تحديد مستواهما إلا أنه كان أعلى من البعد الرابع.
في قلبه كان يشعر بثعابين أوروبوروس تتحرك، لقد كانوا نائمين لعدة قرون، يتعافون من صدمة كل ولادة وحضور، وعندما شعروا بوجود هاذين الجبارين، بدأوا في الاستيقاظ.
لو استخدم كامل موارده وقدراته، لكان قادرًا على الصمود أمام أحدهما، لكن قتال اثنين منهما يعني المخاطرة بالموت.
أزاح روان بصره عن العملاقين ونظر إلى القصر حيث كان يتوافد عليه سيلٌ لا ينقطع من الناس، جميعهم مسافرون وصلوا إلى أرض المعجزات. ما اعتبره روان جديرًا بالملاحظة هو تنوع الزينة والأزياء الشخصية التي يرتديها الأفراد الذين يتوافدون إلى القصر، من أردية فضفاضة، وأردية ضيقة، وقمصان قماشية، وسراويل أنيقة، وسراويل طويلة، ودروع، ناهيك عن الأنواع المتنوعة التي كان يراها.
من رجال السحالي إلى الوحوش، والأحجار المتحركة والأرواح المعدنية، والعديد من الأنواع التي وسعت مفهومه عن ماهية الحياة، رأى مرآةً عاقلة، ولوحةً حية، ومشاهد أخرى غريبة، جميعها تعجّ بالقوة لكنها تُخفض رؤوسها في خضوع. لم يُرهبهم جميعًا إلا أدنى أثر للقوة المنبعثة من العملاقين بجانب القصر، هؤلاء كائناتٌ قادرة على سحق الكون دون عناء، وهما هنا، يقفان حراسًا. استطاع روان بسهولة أن يتخيل الأفكار التي تجول في أذهانهم وهم يتقدمون نحو قمة القوة – مملكة البدائي.
لاحظ روان، وهو يحدق في قدميه، أن حافة الخراب المتجمد قد انتهت فجأةً، كما لو كان هناك خط مستقيم أو حاجز يفصل بين أرض المعجزات والخراب المتجمد. كان يخطو على أرض ثلجية، لكن إذا حرك قدميه بضع بوصات للأمام، سيجد نفسه على عشب أخضر وارف.
رفع روان قدمه، وتردد للحظة، ثم عبر قبل أن يتجمد في مكانه حين ركزت عليه أنظار العملاقين بجانب القصر. وفي خطوةٍ صمتت فيها نقطة الطريق، بدأ العملاقان بالتقدم.
لم يكن معروفًا كم من الوقت قضياه هناك، لكن طوله كان كافيًا لنمو جذورهما، وعندما تحركا، اقتلعا جذورهما من الأرض، مما تسبب في اهتزاز المنطقة بأكملها كما لو أن زلزالًا بقوة عشر درجات على مقياس ريختر كان يحدث. تعالت صيحات الدهشة والصدمة من المسافرين المتجهين إلى القصر الخشبي، حيث ارتعدوا جميعًا خوفًا، حتى كائنات بقوة الأباطرة السامين حاولت يائسةً أن تدفع نفسها إلى الأرض وتصبح جزءًا من الخلفية.
كان هذا الخوف غريزيًا، مثل إنسان يرى جبلًا يتجه نحوه، فالجميع يعلمون أنه من السهل سحقهم إلى العدم، ولن يكون العملاقان حتى على دراية بمرورهم، لأنهم كانوا أقل من الحشرات في نظرهما.
وصل العملاقان إلى روان، وركعا فجأةً، وهزّ جسداهما الثقيلان الأرض. سقط رأساهما حتى أصبحا على بُعد بوصات قليلة من الأرض، وركزت أعينهما الكبيرة على روان كالفوانيس.
عبس روان، فبهذا القرب يمكنه أن يبدأ في اكتشاف شيء غير متوقع منهما، وتبين أن شكوكه كانت صحيحة عندما تحركت جبهتا العملاقين وبرزت إلى الأمام قبل أن تختفي لتكشف عن حفرة كبيرة مفتوحة.
من الحفر الموجودة في رأسي العملاقين، ظهرت شخصيتان ترتديان درعًا أخضر، وتنهد روان عندما أدرك أن هذا العملاقين لم يكونا على قيد الحياة، بل كانا مجرد دمى.
الترجمة : كوكبة