السجل البدائي - الفصل 1355

الفصل 1355: روان… مُطلق العنان (1)

كان هدير الرمح بمثابة نداء حرب واضح، مما صدم كل الوجود داخل هذا الفضاء إلى حالة من التأهب العميق، لكن عيون روان ظل مطلقة، بينما الذكريات الكاملة للانعكاس تتدفق عليه مثل المد والجزر الذي لا نهاية له.

بسبب الطبيعة الشاذة للمهمة التي أخذته بعيدًا في الماضي، والفساد الشديد لجوهره، كان ارتباط روان بهذا الانعكاس هو الأقل بين الانعكاسات الثلاثة التي صنعها، لكن هذا الانعكاس – لا بيريون، لأنه اكتسب اسمه بجدارة – كان هو الذي أعطى أعظم مساهمة من الثلاثة.

على الرغم من عدم وجود منافسة بين انعكاساته، ووجود أهداف محددة لكل منها، لم يكن روان ينوي قط أن يبذل بيريون جهدًا كبيرًا في أداء واجبه، ليس فقط لاستعادة سلاح بدائي، بل أيضًا لإضعاف ثينوس بشكل كبير وتغيير مصير نجم الهلاك بشكل جذري، مما أثر على مسار الحرب بأكملها منذ البداية، مما دفع القدر إلى تأييد قضية روان.

في النهاية، بعد أن عانى بيريون من سيل الفساد المتواصل نتيجة تشبثه بالظلام الهائل المنبعث من جثة ثينوس، تمكّن من العثور عليه وأعطاه الرمح بطريقة لم تكن لتثير شكوك لوحة العالم. كان من المذهل معرفة حجم الضرر الذي لحق بعقله، وأنه لا يزال يتمتع باليقظة اللازمة لإتمام مهمته.

‘مراراً وتكراراً، يعاني أطفالي… من أجل مجدي. حتى القلب الحجري سينزف.’

عالج وعيه القوي كل ما حدث، عارفًا بتفاصيل القصة الخفية التي حاول الانعكاس إخفائها عنه، وخفقت روح روان ألمًا وغضبًا، على من عانوا من أجل طموحه، مدركًا أن هذه مجرد البداية، وسيعاني المزيد في المستقبل من أجله. كان هذا ثمن طموحه، وسيُخزي كل من ضحوا من أجله، إن لم يستطع تحمل كل آلامهم، واحتواء موتهم في قلبه، مدركًا أن كل ذلك من أجله.

سيثبت لكل الموجودين أنه هو الشخص الذي يستحق ارتداء التاج.

لقد ارتجف الواقع المحيط بروان لأميال لا حصر لها ثم تحطم، بدأ الحافة النازفة في استدعاء جميع المحاربين من الأوقات الماضية ليأتوا ويقاتلوا ضد حامله للمرة الأخيرة، أصبح السلاح بعد سنوات عديدة غير صبور، وكان متعطشًا للمعركة.

نادى أشباح الماضي، فجائت متعطشة للمعركة، وأراد الحافة النازفة أن يصرخ فرحًا. لقد طال صبره، وانتظاره لحربه المجيدة، فترك الدماء تسيل كـ…

كانت اليد التي تحمل الحافة النازفة تحترق بنار ذهبية وتشديد، أي قوة كانت داخل هذه القبضة كانت عظيمة لدرجة أن الرمح البدائي بدأ في الانحناء، وبدأت عدة عقد متصلة عبر الرمح البدائي والتي كان من المفترض أن تستمر إلى الأبد في الصراخ من الألم حيث تم نقلها إلى حدود متانتها وإذا لم تتوقف هذه القوة، فسيتم تجاوز هذا الحد وسيتم تدميره

كان الرمح المستقيم الذي يمكنه نظريًا أن يتحمل حدود كل القوى الموجودة ينحني على شكل حرف C، وعلى الرغم من أن جزءًا من السبب وراء إمكانية حدوث ذلك هو عدم تنشيط أي من السحر والرونية المنقوشة على الرمح، إلا أنه كان لا يزال من السخف أن تكون هناك قوة قوية بما يكفي لثني الرمح البدائي إلى حافة كسره.

لم يفهم أن حامله كان شيئًا لم يره الواقع من قبل، وبالتالي حتى البدائيون الذين إبتكروه لم يتمكنوا من إنشاء دفاع يمكنه الصمود ضد هذه القوة، وإذا كان روان يتراجع في الماضي، فهذه المرة، فقد ألقى بكل قيوده بعيدًا.

“اكبح جماح نفسك،” هدر روان، “سيأتي وقتك الذي ستستعيد فيه عافيتك، لكن الآن، أطعني وإلا حطمتك. إن التضحية من حاملك منحتك نعمة أن أستخدمك بيدي، فلا تغتنمي هذه الفرصة. الآن، اصمت، هناك من أريد قتله.”

لقد هدأ الحافة النازفة، هذا السلاح البدائي الذي تم تشكيله في فجر العصر البدائي، وتبددت استدعائاته، وعلى الرغم من أنه لم يفتح وظائفه الأساسية لروان، إلا أنه حجب الوزن المتزايد الذي فرضه على بيريون، ومع ذلك، عبس روان،

“أرجع وزنك واجعله ثقيلًا قدر الإمكان، وإلا فأنت خفيف جدًا، وقد تنكسر عندما أسحقك على عظامهم.”

الحافة النازفة، “…”

كان وزنه بمثابة عقاب لأولئك الذين يسعون إلى استخدامه دون تلبية جميع الشروط التي وضعها بدائي الشيطان، لذا لم يكن يتوقع أن يجده روان خفيفًا جدًا وخاف من تدميره، ولكن عندما فكر في القوة غير المعقولة التي كادت أن تكسره إلى نصفين، أطاع وجعل نفسه ثقيلًا مثل عشرة آلاف كون.

انحنى روان قليلاً وابتسم، كان هذا الوزن جميلاً، وسيتناسب مع أسلوب بيريون القتالي عند تعديله ليتناسب مع سماته. رغم رغبته الشديدة في امتلاك هذا السلاح، لم يكن بحاجة إليه، واستدعاء كل هذه الأشباح من الماضي سيشتت انتباهه ويمنح ثينوس، هذه الكيميرا القوية، جميع قوى وإرادات وسلالات هؤلاء المحاربين المنسيين.

لم يكن من عادة روان أن يكون كريماً مع أعدائه.

تقدم خطوةً إلى الأمام، واستدعى جميع الكروبيم: التقارب، الندم، الغروب، الإرث، النبوة، الدينونة، المُبرر، والانقراض. طاروا نحو ظهره، واندمجوا كواحد، فأصبحوا أجنحةً له.

نشر روان أجنحة ضخمة من المعدن والنيران السوداء، وأشعلت قواهم لهيب الموت في أسلحته، وعند الخطوة التالية التي اتخذها، اختفت الأرض تحت قدميه ببساطة، لأن القوة في جسده بخرت جسد لوحة العالم من حوله.

“روان، لا نحتاج إلى أن نكون أعداء… أستطيع العمل معك.”

منع روان عقله من الاستماع إلى لوحة العالم، كان يعلم أنها تحاول إضعاف زخمه، ولن تعمل لوحة العالم معه أبدًا، لأن التفرد تخاف منه.

من بين الأعداء الثلاثة هنا، كان ثينوس الأضعف والأخطر، ولو مُنح هذا الجبار الوقت الكافي لاكتشاف كامل قدراته، لكان قتله شبه مستحيل. تلاعبت التفرد تتلاعب بالزمان والمكان، واختفى ثينوس، مُقتادًا بعيدًا عن هنا إلى الماضي.

”

لا يهم، يجب أن يكون هو أول من يموت.”

ارتجفت أجنحته وكان روان أمام ثينوس، يعبر المكان والزمان بقوى الكروبيم، ودفع الحافة النازفة إلى الأمام ثلاث مرات.

لقد حطمت الطعنة الأولى من الرمح الحواجز المكانية والزمانية التي فرضتها لوحة العالم حولها، وكسرت الطعنة الثانية مجال الدفاع السلبي والختم الذي صنعته لوحة العالم، واخترقت الطعنة الثالثة الذاكرة والمصير والقدر الذي يحمي ثينوس من الموت، وتركته مفتوحًا أمام مدمر روان الذي تأرجح إلى أسفل في قوس سريع مزق الواقع لسنوات ضوئية لا حصر لها.

كانت لوحة العالم يائسًا، حيث بدأت ترمي كل شيء في طريق مدمر روان لمنع النصل من النزول، الكواكب، والنجوم، والثقوب السوداء، وحتى الأبعاد، وحتى الزمان والمكان وذكريات عدد لا يحصى من الخالدين في الأبعاد العليا…

نَصْلهُ قَطَعَها جميعًا. تَبَدَّدَت العوالمُ إلى العدم، وانْشَقَّقَت الأبعادُ إلى نصفين، وقَطَعَ نَصْلهُ الزمانُ والفضاءُ والذاكرةُ والمصيرُ والقدر.

ومع ذلك، فإن هذا الحاجز قد أعطى لوحة العالم مساحة التنفس لدفع ثينوس أبعد في الماضي وإلى مساحة منفصلة، ولكن هجوم روان كان مثل موجة لا نهاية لها، بمجرد أن قطع نصل المدمر ما يكفي، أخذ الحافة النازفة مكانه، واخترق حجب الزمان والمكان وانزلقت إلى الجسد.

صرخ ثينوس من الألم، وبرزت مئات العيون من جمجمته المشوهة التي لم تكن سوى ورم سرطاني. اخترق الرمح صدره، فسحب روان يده ليُقرّب الطفل الذي يبكي منه.

الترجمة : كوكبة