السجل البدائي - الفصل 1354

الفصل 1354: جميعكم…

أصبح الانعكاس ساكنًا كفأر يحاول الهرب من نظرة ثعبانٍ قريب، وظلّ كذلك طويلًا. أدرك أنه لو كان مجرد لورد شيطان عادي، لما استطاع الهرب من رؤية لوحة العالم، لكنّ سماته البعدية هي التي سمحت له بالاندماج التام مع هذا العالم، وهي حمته.

إن اندماجه مع حوريات البحر جعله واحدًا مع الإرادة السماوية لهذا العالم، وهو ما لم يكن يعني شيئًا عندما كان هذا العالم نائمًا، ولكن بعد أن رعته أرواح تريليونات لا حصر لها على مدى فترة طويلة من الزمن، استيقظت الإرادة السماوية لهذا العالم، وأصبح الانعكاس جزءًا منها.

استنتج أن لوحة العالم ربما تكون قد اكتشفت التقلبات التي أحدثها للتو لكنها لن تصدق أبدًا أن ذلك كان بسبب اندماج شخص ما مع هذا العالم وهي قدرة من المفترض أن تكون مرتبطة فقط بالمالك الحقيقي للعالم.

على الأرجح أنها اعتقدت فقط أن هذا مجرد تناقض طفيف في شبكة التشكيل التي أنشأتها، وهو ما كان إنجازًا عبقريًا هائلاً ولكنه معقد للغاية أيضًا مما يجعل من الطبيعي تمامًا أن تكون هناك تغييرات غير متوقعة في تشغيلها.

كان الانعكاس محقا ورحلت لوحة العالم قبل أن تتمكن من ملاحظة جميع التغييرات التي حدثت داخل العالم.

هذا التشكيل العظيم الذي استخدم لتطهير جثة ثينوس لم يكن مصممًا في المقام الأول بواسطة لوحة العالم ولكن من قبل أجيال عديدة من العباقرة العظماء الذين جمعتهم على مر العصور لمساعدتها في مسعاه وكان من الطبيعي أن تنشأ مشاكل من التشكيل بين الحين والآخر، حيث حلت لوحة العالم الملايين من هذا النوع من المشاكل كل عقد تقريبًا، وبعد مراقبة هذه المنطقة من التشكيل وعدم العثور على أي مشاكل، غادرت، لكن الانعكاس لم يتحرك لفترة طويلة من الزمن.

لقد اتضح أن قرار الحذر هو القرار الصحيح لأن لوحة العالم كانت تفحص ذلك الجزء من التشكيل كل قرن تقريبًا مثل الدجاجة الأم التي تحمي فرخها، لكن الانعكاس لم يكن مضطرًا للتعبير عن وعيه في ذلك الجزء من العالم وحده وكان قد حول حواسه ببساطة إلى أجزاء أخرى من العالم حيث استأنف تحقيقه فيما كان يحدث مع جثة ثينوس والحقيقة وراء هذا التشكيل.

سيكون من الصعب التخلص من جوهر لورد الشياطين هذا، ولكن الآن وقد تم إفساد هذا الجوهر بشكل أكبر بسبب الطبيعة غير المعروفة للجثة إلى شيء شرير للغاية، كان لا بد من القيام بشيء أكثر جذرية لإزالة هذا الفساد الجديد من ثينوس، وكانت لوحة العالم تستخدم مادة قوية للغاية، ولكنها لا تزال متينة، ويمكن إعادة تدويرها إلى ما لا نهاية تقريبًا مع القدر المناسب من التحكم – الأرواح

لقد استغرق الأمر بعض الوقت ولكن سرعان ما تعلم الانعكاس أن هذا التشكيل كان دوريًا، وأن القوة التي يمكنه التعبير عنها ستزداد مع كل ثورة، وهذا خبر سيئ بالنسبة له.

تعلّم المزيد عن قوة هذا التشكيل عندما بدأ يُظهر قدراته كجزء من الإرادة السماوية لهذا العالم. توجد هناك صراعات في العالم أدت إلى موت عدد كبير من الأرواح، وكانت إرادته المُهيأة للمعركة تُستدعى دون علم الكثيرين، وفي قلوبهم، وُلد كيان مجهولة. كيان ذا جوانب متعددة، سامي حرب، سامي حفظ، سامي حرفة، ولكن بعد سنوات عديدة، وصلت عرق معين إلى جوهر إرادته، وأطلقوا عليه اسم بيريون، الخالد، وكان هذا العِرق هو الصاعدين، ولكن ذلك سيحدث بعد سنوات عديدة في المستقبل.

في هذا الوقت كانت حقيقة هذا التشكيل هي التي استحوذت على عقله.

أيًا كانت الطريقة التي استخدمتها لوحة العالم، لم تكن ذات أهمية كبيرة للانعكاس بقدر ما أنها ذات أهمية للآثار التي ستُحدثها. فمن موجة الروح الوحيدة التي انبعثت من جثة ثينوس، جاء الفساد المُنبعث إلى العالم.

كان من الواضح أن لوحة العالم لا تهتم بحالة نجم الهلاك، ما تسعى إليه هو تطهير ثينوس، ولم يكن لدى الانعكاس أي فكرة أن لوحة العالم كانت تصنع بالفعل نسخًا أخرى من العالم، ولم تهتم إذا تم تدمير هذه النسخة، فسوف تنتقل ببساطة إلى عالم آخر متوافق حتى تكتمل العملية.

وهذا يعني أن الانعكاس الذي اندمج مع العالم كان عليه أن يحمل ثقل ذلك الظلام الفاسد الذي تم تطهيره من ثينوس، وقد علم ماذا يعني ذلك بالنسبة له.

“ههههه، أظن أنني لستُ محظوظًا كجسدي الرئيسي. إذا كانت هذه هي التضحية التي عليّ دفعها من أجل النصر، فأنا مستعد.”

غير قادر على تطهير هذا الفساد من جسده حتى لا يلفت انتباه لوحة العالم، فسوف يتمزق ببطء بسببه، والألم والجنون سوف يهشمان وعيه، والمصير الرهيب، لا يمكنه إلا أن يقبله.

*****

مرت مليارات السنين، وأصبح عالم نجم الهلاك الذي كان يلمع ذات يوم بتوهج زمردي حيوي بعد أن أطلقت فيه إرادة الانعكاس مرارًا وتكرارًا خافتًا ومليئًا ببقع كبيرة من الظلام.

لقد تحول الوجود المنبعث من نجم الهلاك إلى شيء مليء بأدنى الرغبات وأظلم النوايا، ومع ذلك، لم يكن الانعكاس يعرف أن حتى لوحة العالم لم تتوقع مثل هذا التغيير.

عندما بدأت لوحة العالم خطتها لتطهير ثينوس من الفساد داخل جثته، كانت تتوقع بالفعل أن هذا سيؤدي إلى تدمير سريع للعالم، لذلك قامت بإنشاء العديد من البدائل ليتم تبديلها بمجرد تحطيم العالم الأول، ولكن دون علم لوحة العالم، كان هذا العالم قد اندمج مع إرادة غير معروفة أعطته قوة بقاء مرعبة – إرادة الخلود للانعكاس.

لم نفهم يحدث، لكنه كان مُريبًا. فرغم عدم إستقرار إرادة نجم الهلاك، إلا أنه كان لا يزال مرنا بشكل مُخيف.

لقد لاحظت لوحة العالم أنه بدلاً من سحق هذا العالم إلى قطع منذ مليارات السنين، فقد صمد ببساطة، بدا أن إرادته السماوية قد أصبحت مجنونة، حتى أنها أظهرت تجسيدًا، لكن انحداره الذي توقعته لوحة العالم لم يبدو أنه يحدث.

حتى التفرد لم تكن تعرف متى بدأت بتطوير بذرة الكراهية ضد هذا العالم لأنه يظهر مرونة مستحيلة بصراحة، وعندما بدأت المعركة النهائية، بدأ العالم يتحطم تحت وطأة الضربات من الأثقال بداخله، لم نعتبرها لوحة العالم خسارة، ليس حتى حطم روان الواجهة التي استخدمها لحجب إدراك الجميع هنا وكشف عن الطبيعة الحقيقية لخططه.

أثار ظهور الرمح الذي قتل ذات يوم جسد مضيفها الغضب بداخلها، وعندما رأت تجسيد إرادة العالم يضحي بنفسه للوصول إلى روان، فهمت التفرد أخيرًا مدى عمق خطط روان،

“روان، لقد قللتُ من شأنك كثيرًا… كلنا كذلك. لقد غرستَ خنجرًا في قلبي منذ زمن، والآن أُقرّ بحقك في أن تكون على قدم المساواة مع ثينوس. لسنا مضطرين للقتال، أنا وأنت. يمكننا أن نتشارك نعيم الوجود، وأمام جبروتنا، سيسقط الجميع.”

لم يُعر روان اهتمامًا لكلمات لوحة العالم، بل كان ينظر إلى الرمح في يده اليسرى وهمس بالكلمات الأخيرة ليُكمل إرث انعكاسه، لكن ذلك لفت انتباه لوحة العالم، وثينوس المُبعث من بين الأموات، وحتى عين الزمن، وكأن تلك الكلمات تُطبع في وعيهم. كان تحديًا لا يُمكنهم رفضه.

“جميعكم. تعالوا وتقبلوا نهايتكم.”

انفجر الرمح بشعلة خضراء ساطعة تعكس إرادة الخلود بينما خرج منه همهمة عظيمة.

“لقد حان الوقت لإنهاء هذه الحرب الطويلة.”

الترجمة : كوكبة

——

الذروة