السجل البدائي - الفصل 1352

الفصل 1352: الاستعدادات النهائية

ربما لم يكن الانعكاس يعرف أن أفعاله بعد العديد من العصور الصغيرة قد حولت هذا العالم من أرض قاحلة ميتة إلى نجم مصنوع من اللهب الأخضر والظلام، ولكن حتى هذا الظلام لم يدم طويلاً حيث سرعان ما تم تغطية آثاره الأخيرة باللهب الأخضر.

لقد تسربت إرادة الخلود إلى هذا البعد بسبب قواه البعدية التي تجاوزت ما يجب أن تكون الإرادة قادرة عليه، وإذا كان لهذا العالم إرادة، فإن الانعكاس أصبح جزءًا منها.

كان الرمح على وشك استدعاء الموجة الأخيرة من أصدقائه الجدد لإكمال عملية المطالبة به كجائزة تطهير عار بدائي الشيطان عندما توقف الانعكاس عن عمله بفكرة، على الرغم من أنه يحب المطالبة بالحافة النازفة إلا أنه لم يكن الوقت المناسب لذلك.

قد يؤدي الاستيلاء على الحافة النازفة إلى تغييرات لا يرغب بها حاليًا، إذ قد تؤثر بشكل كبير على خطط جسده الرئيسي المستقبلية. كانت هناك العديد من المتغيرات المجهولة المتعلقة بالاندماج مع سلاح بدائي، واعتقد الانعكاس أنه أضعف بكثير من أن يتحمل أيًا من هذه التغييرات إن حدثت، لذا من الأفضل أن يتولى جسده الرئيسي هذا الجزء الأخير من الرحلة، فقد بذل قصارى جهده ومهد الطريق.

بعد أن خاض معركة طويلة مع الرمح، كان قد اكتسب بالفعل اعترافه بطريقة لم يكن مجرد امتلاك الرمح ليمنحه إياها، وقد صمد أمام الجزء الأخير من الاندماج بينما كان ينظر إلى العالم الذي صنعته معاركه التي لا تنتهي.

كان شيئًا في غاية الجمال. للوهلة الأولى، قد يبدو كل شيء فوضويًا، لكنه أبعد ما يكون عن ذلك. ولأن التضاريس لم تتغير حتى بعد انقضاء الموجة، بدأ الانعكاس يستخدم محيطه كسلاح، فكل شق طفيف في الأرض، وكل حركة في الريح، وكل بقعة ذات درجة حرارة مختلفة، رتّبها بعناية ليُشكّل تشكيلًا فريدًا أسماه “التشكيل الحي”، وأصبح العالم بأكمله لوح تقطيعه، والرمح سكينه.

لقد كانت المملكة على وشك الدمار، وبكل المنطق، ينبغي أن تتحطم إلى قطع منذ وقت طويل، لكن إرادته الخالدة التي أصبحت جزءًا من المملكة أبقتها متماسكة.

بالنظر إلى ثمار سنوات المعارك التي لا نهاية لها، تنهد الانعكاس ولوّح بيده بينما وسحقها ببطء، مجددا إياها في سجلات التاريخ، ربما في يوم من الأيام قد يتألق تشكيله الحي مرة أخرى.

كان عليه أن يدمره لأنه، مع كل هذه التغييرات في جميع أنحاء العالم، من المستحيل ألا تكتشف لوحة العالم أن الأمور أن هناك خطأ، ولذا بدأ الانعكاس في تصحيح الأشياء التي يمكنه تصحيحها، ولأنه حقق أهدافه بشكل أسرع مما إعتقد، لم يكن هناك سبب للتوقف عن الضغط من أجل المزيد وإعطاء روان مزايا اكثر في الصراعات المقبلة.

أحد الأمور التي فهمها الانعكاس عما سيأتي هو قيامة ثينوس في النهاية. كان صعوده في هذه المرحلة شبه حتمي إذا أراد روان أن يحصل على كل ما يحتاجه من العالم.

تم الحفاظ على التعاون مع لوحة العالم على أساس أن روان سيساعد التفرد في إحياء ثينوس، وبقدر ما لم يهتم روان بهذا الخالد غير المحظوظ وكان سيساعد إذا حصل على فوائد كافية، إلا أن لوحة العالم مخادعة وهناك احتمال كبير أن يتم التخلص من روان، حتى لو فعل كل ما تحتاجه لوحة العالم منه بأفضل ما في وسعه.

كما أنه لم يُغفل حقيقة أنه إذا كان ثينوس يمتلك تفردًا مثله، فإن التعاون بينهما لا طائل منه. لا يمكن أن يكون هناك ملكان في مملكة واحدة، وإمكانية التعاون بينهما ضئيلة للغاية، بل وحتى مستحيلة.

كانت هناك أخبار عن وجود العديد من حاملي التفردات في الماضي، ولكن لم تكن هناك أبدًا أي حالة تعاون فيها هؤلاء مع بعضهم البعض.

عندما قتل بدائي الشيطان ثينوس، عذّب جسده بظلمة لورد الشياطين التي شوّهها بدائي الشيطان بالجنون. كان لثينوس إرث سماوي، مخلوق من نور، ولم يكن هناك عذاب أعظم من أن يُعذّب بالظلام، وخاصةً الظلام الفاسد. ومع ذلك، لم يكن هذا سوى ملاحظة جانبية ضمن أساليب التعذيب المتعددة التي مارسها بدائي الشيطان على ثينوس.

ما كان الإنعكاس يهدف إليه هو مواصلة هذا المسار ودفع المزيد من ظلام تينبريس داخل جثة ثينوس. لا يوجد سمٌّ أشدّ على جسد ثينوس من هذا الظلام، وإذا أُريد له أن يُبعث في المستقبل، فإن هذا سيُشكّل عائقًا كبيرًا أمام هذه العملية، إن لم يُوقفها تمامًا.

كانت هذه العملية تحدث بالفعل، لكنها بطيئة إلى حد ما، وإذا سمح لها باتباع العملية الطبيعية، فعندما تعود لوحة العالم، من المحتمل أن تكون قادرة على حل مشاكل جوهر لورد الشياطين داخل جثة ثينوس بسهولة حيث أن جزءًا صغيرًا فقط من الظلام سيكون قد دخل الجثة.

لم يكن بدائي الشيطان ينوي أبدًا استخدام ظلام تينبريس بهذه الطريقة، على الرغم من الظروف الصعبة التي وضعها لإطلاقه، فقد تم صنعه دائمًا ليكون مصدرًا للميراث، وكان تعذيب ثينوس بمثابة فائدة إضافية.

مع وضع كل هذا في الاعتبار، بدأ الإنعكاس في إحداث تغييرات فعالة في جميع أنحاء المملكة.

كان دفع كل جوهر تينبريس إلى جسد ثينوس صعبًا لأنه حتى في الموت كانت جثته تتمتع بمقاومة شديدة ضد الظلام، لكن الانعكاس اندمج أيضًا مع عالم على مستوى البعد الثامن واستولى فقط على جثة حوريات البحر، وكان من السهل سحب جسد ثينوس بدون رأس إلى رحم حوريات البحر المفتوح حتى يمكن حقن الظلام بشكل أسرع.

كان الجسد متصلاً بحبل سري، وأصبح ذلك بمثابة طريق مباشر لضخ الفساد في جسد ثينوس، وكسر المقاومة التي قد يبديها، وملئ هذا الكائن بالظلام.

استمرت هذه العملية مليارات السنين، وبحلول ذلك الوقت، كان ما يقرب من تسعة وتسعين بالمائة من جوهر لورد الشياطين قد لوث جثة ثينوس، ووصل الأمر إلى حدٍّ أصبح معه من المستحيل تقريبًا تحديد ما إذا كان ثينوس ابنًا للنور، إذ حتى آخر شرارة من النور قد غطاها الظلام. وقد بذل الانعكاس قصارى جهده في هذه العملية.

*******

لقد جائت اللحظة التي كان ينتظرها دون سابق إنذار، شعور بالثقل استقر بشكل غير متوقع على وعي الانعكاس فعرف أن وقته قد انتهى، وأن لوحة العالم على وشك الوصول، وأصبح في غاية السعادة لأن القرار الذي اتخذه بالمضي قدمًا دون تراجع كان القرار الصحيح، لأن لوحة العالم عادت بسرعة أكبر بكثير مما أعلنته سابقًا لروان.

لقد فعل كل ما بوسعه لمساعدة جسده الرئيسي، وتجنب اكتشافه بواسطة لوحة العالم، سمح الانعكاس للاتصال الذي كان لديه مع حوريات البحر أن ينمو بشكل أعمق إلى الحد الذي فقد فيه نفسه، وبالنسبة لأي خالد آخر، كان مثل هذا الشيء قريبًا من الانتحار، لكن إرادته لن تسمح له أبدًا بالسقوط بسهولة، حتى لو لم يتبق منه سوى أثر، سيعود يومًا ما عندما يتم استدعاؤه.

توقف كل شيء ببطء، وتبدد وعيه، وتوقفت الأفكار العشوائية عن التحرك في ذهنه وتبددت مشاعره، وقد انكمش الرمح حتى أصبح أصغر من الذرة مرات لا تحصى، والمواد التي جعلت من المستحيل تقريبًا تعقبها بالبصر أو أي حواس أخرى أكدت للانعكاس أن هذا الرمح سوف يفلت من انتباه لوحة العالم، وتوقع أن المرة القادمة التي يستيقظ فيها ستكون عندما يتقاتل روان مع لوحة العالم وسيكون هناك للمساعدة، لكن القدر كان لديه خطط أخرى.

الترجمة : كوكبة