السجل البدائي - الفصل 1324

الفصل 1324: ترقيات غير متوقعة

كل هذه التغييرات الهائلة التي حدثت أثناء تطور روان بدت وكأنها تحدث على مدى فترة طويلة من الزمن، لكن الحقيقة هي أنه إذا تم قياس هذا الحدث في إطار زمني بشري، فإن بالكاد عشرة آلاف من الثانية كانت ستمضي، وبالنسبة لجميع الأطراف الحاضرة هنا، بدأ جسد روان الملقى على الأرض ينفجر بقوة يبدو أنها لا نهاية لها.

لم يكن انفجار القوة طبيعيًا لأن الجميع هنا كائنات ذات أبعاد أعلى، وقد قاموا بتقييم خصومهم بوضوح، فعرفوا مستويات قوة الجميع بطريقة تقريبية، وفي معارك من هذا النوع، كانت التقنيات والمهارات هي التي تحدد الفائز، ما يحدث مع روان لم يكن له أي معنى لأن مستويات قوته الإجمالية نمن على ما يبدو من الهواء.

كان هناك قول مأثور يقول إن الطاقة لا تُولد ولا تُفنى، بل تُحوّل فقط. إمتلك هذا القول تأثيرٌ في البعد الأعلى، وإن كان بطريقةٍ قد تبدو غريبة. إن نجم الهلاك عالم مُغلق، وكل قوة هنا مُقسّمة إلى أطراف مختلفة، وكان السؤال المُحيّر في قلوب الجميع هنا: من أين يجد روان الطاقة اللازمة للنمو؟

ربما بدأ يتطور إلى بُعد أعلى، كان هذا أول خيار طُرح، ولكن إن صح ذلك، فمن أين تأتي كل هذه الطاقة؟. إن قدرة الخالد على تسلق سلم الأبعاد لا تعني بالضرورة حاجته إلى دعم هائل من الطاقة لتغذية هذا التسلق، وما جعل روان يُشعر بالقوة المتزايدة هو ضخامة هذه القوة.

لم يكن هذا تغييرًا بسيطًا يمكن تجاهله، لا، كانت هذه قوة يمكنها إعادة تشكيل الواقع، وقد إندلعت جسد روان الممدد بكثافة متزايدة على نحو متزايد.

حتى عين الزمن نفسها بدأت تشعر بإحساس قوي بالقلق ينمو في قلبها لدرجة أنها لم تستطع التخلص منه، وكان هذا الشعور قويًا لدرجة أنه جمد تقريبًا قطعة من البدائي في مكانها، هذا لأنها بدأت في تجربة شيء لم يسبق لمعظم الناس، في الواقع، تجربته من قبل – تختبر وجود روان الذي لم يعد محميًا بالسجل البدائي.

لفترة طويلة، كان الرعب الذي يمثله وجود روان مخفيًا دائمًا، وحقيقة أنه لديه سلالات بدائية متعددة داخل جسد واحد كانت مجنونة، وهذا ليس سوى جزءًا صغيرًا مما جعله مميزًا، فجميع سلالاته من خلال التركيب أصبحت الآن شيئا متنوعًا ولم تعد مجرد سلالات بدائية، والأفضل من كل ذلك أنه بُعد حي، وحالة وجود لم تكن معروفة منذ بداية الخليقة!

بدا وكأن عالم نجم الهلاك بأكمله يحبس أنفاسه، النوتر في الهواء كان كثيفًا للغاية، وكأن الواقع عالق في الكهرمان.

الخوف… كانت عين الزمن تشعر بالخوف، إن شعرت هي به، فمن الممكن أن نتخيل ما الذي يعيشه الكائنات الأدنى التي تعاني من هذا الصراع الكاسر للواقع.

لم تكن عين الزمن تعرف ما الذي تخاف منه، لكن حواسها لم تكن تكذب، كان هناك خطأ هنا، شيء هرطوقي لم يكن من المفترض أن يوجد وبالتالي فإن الإحساس الذي كانت تشعر به بدأ ينمو.

لقد حدث شيئان تقريبًا في نفس الوقت هزا وعي عين الزمن.

لقد لاحظت البوابة التي أنشأها نيميسيس بينما يسارع بالعودة إلى بعده.

لقد كان لعين الزمن صراع كبير مع هذا المخلوق وستحله لاحقا، ولكن هناك الكثير من الأشياء التي تحدث لدرجة أن نيميسيس اصبح في الجزء الخلفي من الكومة في تلك اللحظة.

كان نيميسيس يكافح من أجل دخول البوابة بأسرع ما يمكن، وربما هذا هو السبب في أنه لم ير الوجود الذي ظهر من خلال البوابة المفتوحة، متجاوزًا إياها متجهًا إلى عمق نجم الهلاك، وحتى انفجار جسد روان على الأرض الذي انهار ببساطة إلى غبار لم يمنع عين الزمن من استشعار الوجود الذي دخل للتو هذا العالم.

لقد زاد هذا الوجود من الشعور بالخطأ الذي إستشعرته عين الزمن إلى درجة لا تصدق، وإذا كان إدراك روان يشبه غمس حواسها في حوض من الحمم البركانية المنصهرة، فإن هذا الوجود الجديد بدأ كما لو أنها تحفر عقلها في أكثر الوحل تعفنًا وشيطانية على الإطلاق، ورافق هذا الخوف شعور كبير بالغضب، أرادن أن نمحو كل شيء هنا في هذا العالم، بغض النظر عما قد يكلفها ذلك.

لكن المشكلة التي واجهتها أن وجود روان وهذا اللاعب الجديد في كل مكان. لم تستطع تحديد أين يبدأ وجود روان، وأين ينتهي، حتى أنها شعرت بوجوده داخل جسدها!

هدرت عين الزمن، “ثينوس! … روان، لقد ارتكبت للتو خطأً فادحًا.”

*****

بالنسبة لروان، أصبح الوجود جديدا مرة أخرى.

على عكس أي شخص يعرفه، قام روان بتحويل نفسه عدة مرات، ولم تكن تلك التحولات طفيفة، بل كانت عملية إصلاح كاملة لشخصيته من الأسفل إلى الأعلى، وهذا أعطاه إحساسًا بالوجود مختلفًا عن معظم الناس.

كما ترى، لقد رأى الواقع وعاش كإنسان، كسامي، كشيطان، كسماوي، كجبار، كنوراني، كمهيمن، كنقطة، كبعد، كـ… مليارات لا حصر لها من الأرواح بداخله، وعاش حياتهم جنبًا إلى جنب معهم، وبعد كل هذا الوقت، قد تعتقد أن حداثة رؤية الواقع في منظور جديد قد تلاشت، لكن العكس هو الصحيح.

لقد فكر روان في ما قد يشعر به عندما يتغير إدراكه مرة أخرى عندما يصبح بُعدًا رابعا حيًا، ومع وعيه العظيم توصل إلى عدة احتمالات، وعلى الرغم من أنه توقع أن يصبح أحدها هذه الحالة الحالية التي وجد نفسه فيها، إلا أنه لم يستطع الحكم بدقة على التغيير الذي سيخضع له إدراكه بنسبة مائة بالمائة من اليقين.

كما لو أنه عرف بنمو جناحين له، وبالتالي، فقد كان قد قام بالفعل بمحاكاة ما قد تكون عليه التجربة في ذهنه، ولكن عندما بدأ يطير أخيرًا، فإن الإحساس فجر كل شيء قد حاكاه خارج الماء.

كان التغيير الأول والأعظم الذي اكتشفه باعتباره بعدًا رابعًا حيًا هو أنه اندمج بشكل أعمق مع المكان، فضائه، وكان هذا الاندماج عميقًا لدرجة أنه تخطى البعد الرابع ببساطة ودخل البعد الخامس!

كان هناك العديد من الأشياء التي جعلت ذلك ممكنًا، لكن الإجابة كانت في اسم البعد؛ الزمكان.

عندما يصل الخالد العادي إلى البعد الرابع بإرادته، سيبدأ بفهم الزمن تدريجيًا باستخدام سلسلة الإرادة التي تربطه بتيار زمني واحد. وعندما تبلغ إرادته أقصى حدّ لها، حيث يصبح التحكم في تيارات الزمن أمرًا طبيعيًا بالنسبة له، سينفتح له طريق جديد، وهو فهم أعمق للفضاء.

عادة ما ينفتح هذا المسار عندما تصل سيطرة الخالد على مجرى زمنه إلى الحد الذي بدأ فيه باستكشاف الماضي، وهو الوقت الذي يمكن فيه لسلاسل الإرادة أن تلمس مد وجزر الماضي، ثم ينفتح الطريق إلى المكان وإذا كان الخالد قادرًا بما فيه الكفاية، فإن هذا البعد الجديد في الماضي سيكشف له قوة المكان.

كانت قوة المكان هي الواقع، الامتداد الشاسع الذي يسكنه كل كائن حي، ما يسمى بمجال الفوضى، وروان، على عكس كل الخالدين الآخرين في الوجود، كان له بُعده الخاص، وهو بُعد يعرفه تمامًا لدرجة أنه لم يكن بحاجة إلى فهم الواقع الخارجي للسير على هذا المسار.

كان روان يفتقر فقط إلى قوة الزمن، وبمجرد حصوله على تلك القوة أصبح تلقائيًا كيانًا من البعد الخامس، وبدأ هذا التغيير الشامل في بُعده في إحداث تغييرات في إرادته، لأنه لأول مرة في الوجود، منذ اللحظة التي أنشأ فيها البدائيون العصر الأعلى وصنعوا مسار الزراعة لكل الوجود، تجاوزت الحالة البعدية للخالد إرادته.

أصبح روان أول كيان من البعد الخامس بينما ظلت إرادته عالقة في البعد الرابع!

الترجمة : كوكبة