السجل البدائي - الفصل 1313

الفصل 1313: إرادة الأكبر (9)

ومضت عيون ديفوس باللون الأصفر من النشوة، وحاولت النهوض من عرش الرمال والدم، لكن سلاسل الضوء والظلام منعتها، ونظرت إلى أسفل بينما تسلل وميض من الغضب عبر وجهها الجميل، ثم نظرت إلى روان قبل أن تتنهد،

“لماذا أنت حر أمامي، وأنت لست سوى كومة من العظام؟”

ظل روان صامتة، ولكن مما يبدوا عن ديفوس، فقد أحبت بالتأكيد صوتها لأنها استمرت في الحديث،

“حسنًا، على الأقل من الجيد أنك قمت بإحياء اسمي، ونشره بين أشكال الحياة الدنيا في هذا الواقع الجديد الذي صنعه هؤلاء الأوائل لأنفسهم، ومع مرور الوقت سأكون قادرة على البدء في دخول عقولهم وإفساد مصدرهم.”

استقام روان، استغرق الأمر وقتًا أطول مما كان يرغب، لكنه اعتاد علىصوتها، كانت الحيلة في ذلك بسيطة إلى حد ما، فقد حول إدراكه إلى إدراك أوروبوروس البدائي.

عادة، لم يستخدم إدراك ثعابين أوروبوروس لإدراك الواقع، حتى كبعد حي، فإن إدراك الثعابين لا يزال غريبًا جدًا بالنسبة له، ومن المحير أن يرغب في أكل أطفاله في أي وقت يراهم.

لم تكن الثعابين مخلوقات يمكنها تحمل رؤية المخلوقات الأضعف، لقد كانوا أول الصيادين الأعظم في الوجود ولم يكن لجوعهم حدود، لولا السيطرة التي كان يتمتع بها روان بمساعدة سلالاته الأخرى، لم يكن معروفًا ما ربما سيصبح عليه، على الأرجح مجنون قاتلا هدفه فقط قتل والتهام كل شيء في الوجود، وبسبب مدى ذكاء ثعابينه الشيطاني، فإن أفعاله الفظيعة لن تكون عشوائية، بل أعمال عبقرية حذرة كانت تسعى إلى هدف واحد فقط، وهو القضاء على جميع أشكال الحياة الأدنى لإشباع الجوع الذي لن ينتهي أبدًا.

لم يقل أحد أن الوحوش البدائية هي الخيار الأفضل.

مع إدراك ثعبان أوروبوروس، لم يعد صوت ديفوس ساحقًا، بل أصبح ببساطة مزعجًا.

اكتشف روان أن الوحوش البدائية ربما لم تكن مجموعة متماسكة كما افترض في البداية.

لقد حدث شيء غريب عندما غيّر إدراكه، لم يعد شكله رجلاً، بل اتخذ شكل ثعبان، ضخم ومليء بهالة من التهديد، لم تكن قشوره ذهبية كما اعتاد عليها، بل كانت سوداء مثل فراغ لا نهاية له، وعيناه أيضًا سوداء، حتى أنيابه وداخل فمه أصبحت سوداء، ومنجذبًا بالغريزة، اقترب من ديفوس،

“لا أعرف أين يُقمع الآخرون، لكنني أعتقد أن هناك احتمالًا أن يكون ليفياثان… هل تستمع إليّ يا أوروبوروس، أم أن جوعك المالي الذي لا ينتهي يدفعك للجنون؟ لا داعي للقلق بشأن ذلك طويلًا، فعندما نحكم، سيكون كل ما بناه البدائيون طعامًا لك، ولن نمنعك هذه المرة عندما تبدأ باستهلاك هذا الواقع. ما هي القوة التي تملكها لتبدأ بتحطيم الواقع؟ يجب أن يسقط هذا العصر حتى نتمكن من النهوض.”

كان روان الآن قريبًا من العرش الذي تجلس عليه ديفوس، وبدأ في التسلق، وبعد فترة وجيزة كان يحدق في الوحش البدائي، ولكن مع عينيه التي كانت أكثر سوادًا من الليل اصبح من الصعب معرفة هل لديه عيون على الإطلاق.

أرادت ديفوس أن ترفع يدها لتلمسه، لكن سلاسل النور والظلام ظهرت، مما أدى إلى خنق أي من تحركاتها وجعلها تئن من الغضب،

“حتى بعد كل هذا العصر، لا أحد آخر يعرف اسمي، حتى عندما أستطيع أن أشعر بنداء سلالتي يغمر هذا الواقع المثير للشفقة الذي أنشئه البدائيون…”

تحدث روان أخيرًا، وكان صوته مختلفًا، على عكس صوته الجهوري العميق، كان هذا الصوت أكثر سلاسة، تقريبًا مثل العسل في الأذنين، على الرغم من كل التهديد والرعب الذي لا يضاهى الذي مثلته ثعابين أوروبوروس، كان صوتهم شيئًا من السحر اللامتناهي،

“لا داعي للقلق بشأن المستقبل، ديفوس، أعدك أنهم جميعًا سيعرفون اسمكِ قريبًا بما فيه الكفاية.”

أمال ديفوس رأسها إلى الجانب، ثم ابتسمت،

‘تقول كل ما هو صحيح، وتبدو بخير، لكنك مختلف، أليس كذلك؟ كيف يُعقل هذا؟ أوروبوروس، هل تطور جوهرك؟ هل كانت هذه خطة البدائيين، تغيير جوهرنا ليجدوا طريقة لقتلنا؟”

أخرج روان لسانه مرارًا وتكرارًا، ولم يكن مندهشًا جدًا من اكتشافه بسرعة، حيث لم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى يفهم أن هذا لم يكن مجرد بُعد ذاكرة، فقد كانت ديفوس تتواصل معه بنشاط، وعلى الرغم من أن ذلك يجب أن يكون مستحيلًا، إلا أن هناك تفاعل معين يحدث بين اثنين من الوحوش البدائية في نفس بُعد الذاكرة والذي يمكن أن يؤدي إلى تغيير مثل هذا.

لقد اشتبه في أنه إذا لم يكن وحشًا بدائيًا، فلن تتمكن ديفوس من التواصل معه، وأي مخلوق آخر سوف يموت على أي حال قبل أن يتمكن حتى من فهم ما كان يراه.

“لا أستطيع الإجابة إلا على سؤالكِ الأول يا ديفوس، أنا مختلف عن ثعبان أوروبوروس الذي تتذكربنه.”

“لكن هذا مستحيل، جوهرنا أبدي، إلا… وجد تفرد!” انفجرت ديفوس ضاحكة فجأة، “ههههه، أرجوك لا تقل لي إن أولئك البدائيين المتغطرسين ما زالوا فاشلين، كل أحاديثهم وكل تصرفاتهم المتغطرسة، ومع ذلك ينتهي كل شيء بهذا التطور المذهل، هههه!”

لقد اهتز روان، فقد عرف أن الأسرار وراء هذه التفردات كانت عميقة، وكانت متورطة في أعلى مستوى من الوجود، ولكن يبدو أن هناك الكثير مما في هذه القصة أكثر مما كان يعتقد في البداية.

“ديفوس،” سأل بأدب، “ماذا تعرفين عن التفردات؟”

توقفت فجأة عن الضحك، “يكفي أن أعرف أنه رغم فرحي بفشل هؤلاء الأوغاد المتغطرسين، إلا أنني ما زلت غير راضية، لأن فرحي أشبه بشرب السم لإرواء عطش. ما كان ينبغي لتفرد أن يصل إلى سلالة من مستوانا، ووجودك هنا ليس لخلاصي، أليس كذلك يا أوروبوروس الصغير؟”

ظل روان صامتًا لبعض الوقت قبل أن يهز رأسه، “لدي إرادتكم، ولكنها مختلفة الآن.”

“آه، أرى، ما الذي يمكن أن يكسر إرادتنا؟”

أجابتها أصوات متعددة دقيقة من فم ثعبان أوروبوروس، “هذا!”

تجمدت ديفوس على عرشها، وفتح ثعبان أوروبوروس أمامها فمه على مصراعيه، ولأن داخل فمه كان مظلمًا للغاية، من المستحيل فهم ما يحدث في البداية، ولكن بعد ذلك بدا أن الثعبان قد كبر، ولم يكن خدعة من الضوء، حيث بدأ يزحف من فمه ثعبان أوروبوروس آخر مطابق، وعندما ظهر بالكامل، كان بنفس حجم ثعبان أوروبوروس الأول.

كما لو أن الكهرباء كانت تمر عبر عمودها الفقري، تمتمت ديفوس في حالة من عدم التصديق، “ماذا… ماذا… يحدث؟!”

فتح ثعبان أوروبوروس الثاني فمه، وأمام نظرة ديفوس المذهولة، زحف ثعبان آخر منه، واستمر هذا في الحدوث مع ولادة الثعبان الثالث للثعبان الرابع، والرابعة للخامس، حتى السادس.

أحاطت بها ثعابين أوروبوروس الستة، ودخلت أصواتهم الغنية والناعمة إلى أذنيها،

“أنت تعلمين أنه في هذا الوقت، هناك شيء يتم مناداتي به عادةً…”

همست ديفوس، “أنت رجس.”

“أوه نعم،” ابتسمت الثعابين الستة، “ها هو.”

الترجمة : كوكبة