السجل البدائي - الفصل 1303

الفصل 1303: حمل وزن البدائي

تجمد روان في مكانه للحظة، لأن إطلاق كل تلك القوة من المدمر حطم روحه تمامًا، وانطفأ كشعلة شمعة في إعصار. لو لم يكن لديه جسدٌ بعديٌّ ذو عمود وعي منفصل، لكان قد هلك في تلك اللحظة.

في تلك الثانية الواحدة، انفجرت روح روان مرة أخرى إلى الحياة من فتيل ذهبي إلى شمس واسعة.

مع وجود النصل داخل الجبار، كانت حركة الالتواء والسحب التي قام بها روان شريرة للغاية. مع مليارات سلاسل الإرادة التي تغمر جسد الجبار، تشابكت حركة الالتواء هذه السلاسل في عقدة معقدة، وعندما سحبها، انفجر غوثران إينول إلى أشلاء.

سحب روان النصل بسلاسة على الرغم من السلاسل، وقطع النصل خطًا عبر الفضاء بزاوية تسعين درجة تقريبًا بعد أن سحبه من جسد الجبار.

كان جسد الجبار منتشرًا عبر ملايين الأميال، ودمه الأزرق الشاحب ينقع العيون الجشعة في الأرض بينما يشربون كل قطرة، كانت عيون روان مغلقة بينما يستمع إلى صراخ عين الزمن الذي اندلع من الهالبيرد الأرجواني، لم يكن يعرف مقدار عين الزمن الذي تحطم إلى جانب جسد الجبار، لكن لا بد أنها كمية كبيرة.

على الرغم من أنه قد يبدو أن الجبار هو الذي عانى من الضرر الأكبر هنا، إلا أن الحقيقة هي أن عين الزمن هي التي تحملت معظم ذلك، لأن سلاسل الإرادة كانت ملفوفة حول قطع عين الزمن التي اندمجت داخل لحم الجبار.

في هذه اللحظة، عادت سلاسل الإرادة التي غرسها روان داخل جسد الجبار، وكانت ممسكة بروابطها بقطع أرجوانية متوهجة من عين الزمن.

عبس روان وأفلت المدمر قبل أن يسقط على ركبتيه ممسكًا بجمجمته. دخل سلاحه جسده بغنيمته، لكن روان لم يجد وقتًا للاستمتاع بانتصاره، إذ انكمش وارتجف كما لو أنه يُعذب.

كان وعيه يسحب إلى أسفل تحت وطأة العين التي انتزعها للتو من جسد الجبار، وبدأ روان يقاتل بكل ما لديه للحفاظ على صفاء ذهنه، لم يكن بعد كائنًا رباعي الأبعاد كاملًا، فالضغط الناتج عن حمل قطع العين التي سرقها للتو يقتله، مثل نملة تحمل جبلًا، لم يكن مهمًا أن جسد روان يتعافى من السحق، فقد كان يفقد جوهرًا أكثر بكثير مما يمكن لجسده استبداله، لكن لم تكن هناك طريقة ليبصق بها قطع العين التي جمعها للتو، الآن أمله الوحيد يكمن في الخطط التي وضعها للصحراء الكبرى.

لقد تم إطلاق الهالبيرد في المسافة بسبب انفجار جسد الجبار، وكان يصرخ من الألم لأن عين الزمن قد عانت للتو من خسارة كبيرة، ومع ذلك، فإن هذا لم يمنع إدراكها من اكتساح كل ما حولها في غضب كبير وعندما لاحظا شخصية روان ترتجف في المسافة، ملتفة في كرة وعاجزة، انتهى صراخها فجأة.

بالطبع، يمكن لعين الزمن أن تشعر بالألم، لكن لم يكن بنفس الطريقة التي يمكن للبشر والخالدين أن يشعروا بها، وكان الكثير من معاناتها عقليًا وليس جسديًا، ومع ذلك، بالنسبة لكيان عالي الأبعاد مثالي تقريبًا مثل عين الزمن، كان الألم العقلي أكثر إيلامًا بمليار مرة من أي مرض جسدي يمكن أن يكون على الإطلاق.

اهتز السيف قبل أن يتحول شكله إلى شكل غراب أرجواني، كان أكبر من الكون، مع رفرفة واحدة من أجنحته أطلقت عين الزمن نفسها على روان، متجاهلة جسد الجبار غوثران إنول الشافي، قد يكون مضيفًا قويًا، ولكن تحت الإسائة المتكررة من عين الزمن وسلاح روان الهرطوقي، حتى كيانه من البعد الثامن سيحتاج إلى بضع لحظات للعودة إلى حالة قتالية مناسبة.

مع جسد روان الأعزل، كان لعين الزمن هدفٌ أفضل. لم تشك في أن هذا سيكون فخًا من روان، إذ شعرت بأجزاءٍ من نفسها داخله، وبدا الأمر كما لو أن بالونًا ممتلئًا بمعدنٍ ساخن، وهذا البالون العنيد يجهد للاحتفاظ بمحتواه.

لقد كانت معجزة مدى قدرة روان على الصمود بينما يحمل أجزاء من وجود مثلها داخله، لكن عين الزمن لن تمنحه الفرصة للندم على هذا القرار.

كان الغراب الضخم يحوم فوق روان، الجشع والحقد في عينيه، وفتح منقاره وأطلق آلافًا من شفرات البرق؛ لم يكن مهمًا إذا كان روان أعزلًا، فقد تم تعليم عين الزمن دروسًا لا حصر لها حول تكلفة الاستخفاف بهذا الشيء البغيض، وسوف تمزق روان إلى أن لا يتبقى سوى ذرة من الحياة ثم ستمتلك جسده.

بينما سقطت شفرات البرق من منقارها على جسد روان المُنبطح، مُصطدمةً بجسده ومُمزقةً إياه إلى ألف قطعة، لم تكتفِ عين الزمن. ففتحت منقارها مجددًا، فانهالت عليها وابلٌ آخر من شفرات البرق من السماء، وبينما كانت على وشك الاصطدام بجسد روان المُرتجف في الأسفل، والذي كان يُكافح من أجل إعادة الاتصال، انبثقت من الأرض مجسات ضخمة، مُحيطةً بروان وحاميةً إياه من شفرات البرق.

كانت هذه المجسات بلا عدد تقريبًا، وعلى الرغم من أن شفرات البرق مزقت المليارات منها، إلا أنه هناك ما يكفي لحماية روان منها، وحتى تلك التي تم تقطيعها بدأت تنمو من جديد.

“أنا آسف على التأخير…” دخل صوت لوحة العالم الهادئ إلى ذهن روان، وعلى الرغم من أنه لا يزال تحت الألم الشديد والتعذيب، أجاب روان بطريقة واضحة،

“لا، أنت لست كذلك.”

توقف صوت لوحة العالم في التأمل لبعض الوقت قبل أن يتحدث،

“لا، لستُ كذلك. سنناقش كيف سرقت ليس فقط تيارات الوقت من مُضيفي، بل كل سلاسل الإرادة التي يملكها.”

“بقدر ما أود أن أمتعكِ بمغامراتي، يجب عليكِ أن توقفي هذا الشيء عن قتلي وإلا فإن خططنا قد تنتهي.”

“همم… لماذا تظنني هنا؟ مع أنني لن أتردد طويلًا. لا أظن أنني أستطيع فعل شيء كهذا، ليس بدون مضيفي بكامل قوته. أنتَ من أدخل هذه الشذوذ في أعمالنا العظيمة، ولن أخاطر بكل شيء من أجل حماقتك. لقد جمعتُ كل شموس الكارثة في جسد واحد، لكن حتى هذا الجسد لن يصمد أمام ذلك الكائن.”

“فقط انتظري قليلاً. أحتاج إلى القليل من الوقت للتكيف مع الأشياء التي ابتلعتها.”

“أنت من بين أكثر المخلوقات جشعًا التي رأيتها على الإطلاق.”

“ليس لديكِ أي فكرة.”

لقد هاجمت عين الزمن روان ثلاث مرات أخرى بشفرة البرق، وعندما لاحظت مدى سمك المجسات التي كانت تحجب هجومها، اتجهت نحو جسد غوثران إنول المكسور الذي كان قد انتهى تقريبًا من الشفاء، وانقضت نحوه، مستعدة لاستعادته مرة أخرى، لكن المجسات التي دافعت عن روان سابقًا انطلقت إلى الأمام والتفت حول الأجنحة اليسرى للغراب وسحبت عين الزمن المصدومة والغاضبة إلى الأرض.

صرخ الغراب غضبًا، وتغير شكله في الهواء، متحولًا إلى وحش ضخم يشبه اليغور، بسبعة رؤوس وألف ذيل، أطرافها حادة كالشفرات. وبينما بدأت عين الزمن تخترق المجسات التي تحملها بشراسة، كانت لا تزال ترتطم بالأرض بقوة هائلة، لكن المعركة قد بدأت للتو، فبهذا الشكل الذي اتخذته عين الزمن، لم يكن كل ما قطعته يشفى.

حطمت المعركة بين عين الزمن ولوحة العالم العالم من حولهم، وركزت نظرة روان على راحة يده… منتظرًا.

“يا سيدة الظلال، يا أندار، يا ستاف… أحتاجكم الآن أكثر من أي وقت مضى. يا للأسف، وصلتُ إلى هذه المرحلة ولم أتمكن من إكمال المرحلة الأخيرة.”

رغم كل ما بذله من جهد، غمر الظلام عقل روان المعذب تدريجيًا. لكن قبل أن يغرق بصره في الظلام، رأى شخصية نيميسيس الغريبة تتسلل نحوه ببطء وسط الدمار.

الترجمة : كوكبة