السجل البدائي - الفصل 1259

الفصل 1259: المعركة رقصة

هبت رياح البعد المتحلل عبر روان، وحملت عزيمته وهالته التي لا تتزعزع نحو الحراس البدائيين، وبينما كانت أرديتهم التي كانت أكثر سوادًا من الليل ترفرف في النسيم، أضاءت عيونهم الغائرة بتوهج غريب.

لقد قطع لسان الدودة أي اتصال بينهم وبين الصحراء الكبرى، ولم يكن هذا بالأمر السهل الذي يمكن تحقيقه دون تحضير كبير، وأدرك الحراس البدائيين أن تهديدًا حقيقيًا ظهر اليوم.

كان طول كلٍّ من الحراس البدائيين آلاف الأقدام، وكانت لحومهم جافة ومسطحة على عظامهم، مما جعلهم أشبه بجثث تُركت لتجف في شمس الصحراء لسنوات، وهو ما لم يكن بعيدًا عن الحقيقة في جوهره. لم تتدفق حياة تحت أجسادهم الذابلة، إلا الموت.

كان روان قد تقلص حجمه أيضًا، ورغم ضعفه، إلا أنه لن يُسهّل هذه المعركة على الحراس البدائيين بإعطائهم هدفًا ضخمًا. وبارتفاعه الذي يبلغ 20,000 قدم، كان أطول بخمس مرات من الحراس البدائيين. كانت هناك بطاقة رابحة في المعركة، وهي محنة المارق التي كان من المفترض أن تنتهي، لكن هذه المملكة المحتضرة عرفت كيف تُكنّ ضغينة، وحتى بينما كان الحراس البدائيون يقاتلون في أرض العدو، كان روان كذلك.

اتخذ روان وضعية المبارز، وقرب شفرته من صدره، وباعدت ساقاه بحيث كان متوازنًا مثل قطة على وشك الانقضاض، ثم تحرك، عبر جسده الفضاء بسرعة كبيرة، كان الأمر كما لو أنه انتقل عن بعد، سرعته عند إحدى عشر مليون نقطة تعني أنه يمكن عبور أي مسافة أقل من ثمانين ألف ميل على الفور، ومع تقطيع لسان الدودة لمساحة مائة ألف ميل حيث يتم الاحتفاظ بجميع ذكريات الحراس البدائيين، من حيث القدرة على الحركة، فلن يواجه أي مشاكل في الوصول إلى أي قسم من هذا المكان في لحظات.

ظهر جسده على حافة الحراس المجتمعين، وسيفُه مرفوعٌ، مستعدٌّ للضرب، لكن كان متوقعًا بالفعل، إذ أقام الحراس جدارًا من النيران الصفراء قادرٌ على تطهير الروح، كحركة دفاعية وهجومية. تحرك روان بسرعةٍ كبيرة، لكن أثره كان مُرصودًا بنظرات الحراس، وهم خالدون من أبعادٍ أعلى، حيثُ كان الزمان والمكان تحت سيطرتهم.

لقد كان عدوهم الوحيد سريعًا، لكنهم كانوا قادرين على الرد والتصدي لأفعاله.

بعد إدارة الأرواح لفترة طويلة، تمكن الحراس من إنشاء تعويذات وتقنيات يمكنها الاستفادة بشكل مثالي من سيطرتهم على الأرواح، وكان هذا اللهب الأصفر هو اللبنة الأساسية لقدراتهم، ولم يكن روان ليسمح لهم بالبناء على هذا اللهب أو قد تصبح الأمور أكثر إزعاجًا.

كان استدراجهم إلى هنا، وخاصةً ذكرياتهم، سيحرم الحُرّاس البدائيين من كنوزهم وحصونهم. فبدونهم، كان الفوز في هذه المعركة ممكنًا، أما معهم، فقد أصبح مستحيلًا. ومع ذلك، إذا سمح للحُرّاس البدائيين بالبناء على ألسنة اللهب الصفراء هذه، فسيمتد نفوذهم عبر هذه المساحة، ولم يكن معروفًا إن كان لسان الدودة سيتمكن من حبسهم عليهم طويلًا.

حاملاً كروبيم، نزل النصل مثل العاصفة، كان الأمر كما لو أن كل غضب العالمي قد تحول إلى هذا السلاح، وحتى قبل أن يلمس جدار النار، كانت النيران الصفراء تهتز بالفعل كما لو كانت على وشك الخروج، كان روان يستخدم كلتا يديه لدفع كل القوة التي لديه في هذا السلاح، ولم يكن الحراس البدائيين ليشاهدوه وهو يطلق كل قوته عليهم.

منذ اللحظة التي هاجم فيها روان، لم يمر حتى جزء من اللحظة، وأي خالد ليس كائنًا من الأبعاد العليا لن يكون قادرًا على متابعة هذه المعركة على الإطلاق.

ارتفع جدار النار الصفراء وازداد سمكًا، ويمكن رؤية أنه في وسط النيران، تم إنشاء رونة ضخمة، مدعومة بقوى الحراس وحقدهم، إذا كان جدارهم قادرًا على منع ضربة روان، فإن ما سيتبع ذلك سيكون وابلًا لا هوادة فيه من الهجوم من شأنه أن يمزقه.

في أذهان الحراس، كان الجدار الذي بنوه سيصمد، وثقتهم جائت من حقيقة أن هذه كانت قوة تم استدعاؤها من قبلهم جميعًا مجتمعين، ولا يمكن تحليلها بمجرد إضافة واحد زائد واحد، بدلاً من ذلك، تتناسب قدراتهم بشكل كبير مع أعدادهم.

عندما يخرج الحراس البدائيون لمطاردة مرتكبي الجرائم ضد الواقع، كلما كثر عددهم، ازدادت قوتهم. حتى الآن، كان أكبر عدد من الحراس الذين استُدعوا لمعركة واحدة مئة ألف حارس. في ذلك الوقت، كانوا يقاتلون إلى جانب حلفاء أقوياء آخرين، ومع ذلك لم يمرّ وجودهم في تلك المعركة مرور الكرام.

بغض النظر عن مدى قوة هذا المسخ، وكان قويًا، فإن نفس القوة المنبعثة منه، وسرعته الهائلة التي ستكون سمة قيادية بين الخالدين مذهلة، وسلاحه، على الرغم من أنه غير معروف، إلا أن تلميح قوته مرعب، ولكن إذا أراد الأحمق تحديهم جميعًا بهذه القوة وحدها، فقد أخطأ. كانت إرادتهم ترتفع، لاكنها لن تمنحهم الكثير من الميزة في هذه المعركة، لأن الإرادة التي استخدمها كل حارس بدائي هي إرادة تطهير الروح، والتي يمكن أن تطهر قوة الأرواح، مما يجعل روح كل من الفانين والخالدين عاجزة حتى يمكن تشكيلها بأيديهم، لكن هذا المسخ أمامهم بلا روح، وبالتالي سيتعين على إرادتهم أن تعمل في وظائف أخرى، لكن هذا كان تحديًا يمكن لعقولهم الخالدة حله.

كانت معركة روان مثل الرقص.

رقصةٌ كان الفوز فيها يتطلب قيادةَ التيار، والفشلُ في ذلك يعني الخسارة. في هذه الرقصة، هناك شريكان مُمانعان، هدفهما السيطرة على الآخر، وفي رقصةٍ مُميتةٍ كهذه، لا مجالَ لإعادةِ الكرة، فلا أحد يُشجع الخاسرين سوى صوتِ دمائهم وهي تتساقط على الأرض.

كان ظهر روان منحنيًا مثل القوس، وكلا يديه تمسك بمقبض سلاحه، كل قوته وسرعته مندمجة تمامًا ومركزة على الاصطدام بجدار النار حتى يتمكن من تقطيعه بضربة واحدة.

كان طرف شفرته على بعد ميكرون واحد من لمس جدار النار، عندما ظهرت شفرة سوداء كبيرة، على ما يبدو من الهواء الرقيق، واخترقت مائة من الحراس البدائيين الذين كانوا الأقرب إلى روان والذين كان انتباههم منصبًا على شفرته الهابطة التي توقفت بشكل مخيف في اللحظة التي كانت على وشك الاصطدام بالدرع.

مع عقولهم التي كانت متزامنة على ما يبدو، فقد رأوا جميعًا روان يهاجم بشفرة واحدة، وكلا يديه على المقبض، وكما هو متوقع، فقد ركزوا قوتهم على مقاومة الضربة التي كانت قادمة وجهاً لوجه، لكن جسد روان لم يكن مقيدًا بامتلاك ذراعين فقط، ولم يكن لديه سلاح واحد فقط.

كانت المعركة رقصة.

“وظهرت ذراع ثالثة تحت ذراعه اليسرى، وكانت تحمل كروبيم آخر، وفي اللحظة التي توقف فيها عن الضربة الهابطة التي لفتت انتباه جميع الحراس، ورثت اليد الثالثة كل تلك القوة، وكانت النقطة في جدار النار التي اخترقها الكروبيم الذي كان يحمله هي الأرق، وكانت النتيجة أن أكثر من مائة حارس بدائي تم طعنهم بشفرته.

لفترة من الوقت، كان الحراس البدائيين المخوزقون صامتين، كما لو كانوا مذهولين، ثم انهاروا إلى الغبار، وفي تلك اللحظة، وبشكل أكثر وضوحًا من أي وقت مضى، شعر الحارس البدائيون بالرعب المتزايد، حيث تم سحب أرواح ساقطيهم إلى جسد روان.

الترجمة : كوكبة