السجل البدائي - الفصل 1253

الفصل 1253: ومع ذلك، ها أنا

استمر تراكم كرات أصل الروح بالنمو قرب قدميه، متجاوزًا بسرعة مئة مليون، وهذه هي البداية فقط. غطى روان الانبعاثات الكثيفة التي كان من المفترض أن تتدفق من هذه الكرات في ذلك الوقت لأنه أراد إحداث تأثير أكبر، ولهذا يحتاج إلى المزيد من كرات أصل الروح.

حواس روان على الرغم من أنها باهتة إلا أنها لا تزال حادة بشكل مرعب، ارتعشت أذنه وتنهد، كان يعلم أنه بعد أن يزيل برج الجشع من هذا البعد، قد تجده هذه المخلوقة المزعجة، بعد كل هذا الوقت، لا زال في حيرة بعض الشيء كيف كانت قادرة على مواكبته عندما لم يكن يسافر عبر الفضاء فحسب، بل عبر الزمن أيضًا، ربما يجب عليه اختبار مواهبها،

“هل هذه وجهتك الأخيرة أيها القديم؟ لماذا لا أتفاجأ، فأنت دائمًا تختار أفضل الأماكن للزيارة.”

سمع صوت فتاة طفوليًا بجانبه، ولم تكن روان بحاجة للنظر لتلاحظ ظهور شبح صغير قرب رأسه، فبالنسبة لحجمه، كانت أصغر من التراب، ومع ذلك، جعلها حضورها وطاقتها تشعر وكأنها نجمة متألقة. كان جسدها يهتز، وعيناها الواسعتان تتلألآن في كل مكان، وهي تستوعب كل شيء كالإسفنجة.

لو أن زهرةً اندمجت مع نحلةٍ طنانةٍ وُلد لها الحياة، لكانت قد اتخذت شكل هذه العفريتة. لا شك أن أحدًا لم يوجد قطّ بهذه الحيوية، فطاقتها تُخجل الضائع،

شخصية فتاة يبلغ طولها ثلاثة أقدام مليئة بالطاقة التي لا نهاية لها، رداءها الأصفر والأخضر الذي يبدو أنه منسوج من ضوء النجوم والعشب يتوهج خلفها بينما كانت الرياح التي تهب حولهم بسبب البعد المتلاشي تصفر.

على ظهرها، كانت هناك أزواجٌ متعددة من الأجنحة تُشبه بشكلٍ مُريب أجنحة النورانيين، لكن روان لم يكن يعلم لماذا لم يُرِد أبدًا البحث عن أصل تلك الأجنحة، لكن هذا سيكون كذبًا، أليس كذلك؟ ما هي الحقيقة التي كان يهرب منها؟

كأنه يُصرف ذهنه عن هذا الأمر، نظر إلى الفستان المُلوّح الذي لا يزال ينبض بالحياة بعد كل هذا الوقت. تعرّف روان على هذا الفستان، فقد صنعه لها، بادرة طيبة بدأت تُلاحقه.

لقد صادف هذه العفريتة في العدم، كانت مسجونة لمدة غير معروفة من قبل جنس من المخلوقات الشبيهة بالعناكب الذين كانوا يستغلون هديتها ويعاملونها كمصدر للغذاء بسبب حيويتها الهائلة التي يمكن أن تسمح لها بالشفاء من أي إصابة تقريبًا.

في البداية، لم يُرِد روان أن يُخطو خطوة، فالواقع مليء بقصص لا تُحصى كهذه. لم يكن وضع الضعفاء أمرًا جديدًا، ولكن شيئًا ما جذبه إليه، ربما لأنها ذكّرته بمايف خادمته عندما كان طفلًا، وكان شبحٌ مماثلٌ يتبعه، أو ربما لأن الشبح الصغيرة لم تكره آسريها طوال هذه الفترة. بعد كل هذه السنوات، لا تزال عيناها تحملان قوةً لا تُصدّق.

لم يكن العدم فارغًا. بالمليئًا بحياة فضائية طُردت من الواقع، بل كان فضاءً يعج بالفوضى والمجازر، ولم يكن الجنس الذي سيطر على العفريتة قويًا حقًا، فنظرًا لسرعة تكاثرهم، أصبح من الصعب إطعام صغارهن. منحهم القدر وسيلة للبقاء بفضل تكاثرهم السريع، ولكن باستغلال هذه العفريتة، تجاوزوا هذا القيد، فلم يعد الطعام مصدر قلق.

لقد عانت هذه الروح بشدة تحت أيديهم، ولكن بسبب حقيقة أنها رأت أن وجودها أدى إلى وفاة عدد أقل من أطفال العرق، فقد تقبلت مصيرها بنعمة ولم تكافح على الرغم من المصير الجهنمي الذي وضعت فيه لسنوات لا حصر لها.

الحقيقة هي أنها في البداية كانت من عرضت لحمها على آخر الأعضاء المحتضرين من هذا العرق للبقاء على قيد الحياة بعد فترة وجيزة من ولادته، ولكن عندما لاحظ قدراتها العلاجية، تم القبض عليها وأصبح مصيرها مليئًا بالألم.

بحلول الوقت الذي صادف فيه روان هذا العرق، كانوا متغطرسين، وبلغ عددهم التريليونات متعددة، وبدأوا في إخضاع أي شخص يقترب من خليتهم الضخمة التي كانت أكبر من المجرات، وكل هذا تم بناؤه على ظهر عفريت صغيرة

كان قرارهم غير الحكيم بسرقة وقتل روان قد تم التسامح معه بعد أن قتل القليلين الذين أحاطوا به، ولكن عندما رأى مصير تلك العفريتة، انكسر شيء بداخله، والتقط أحد أطراف المخلوقات العظيمة التي تشبه العنكبوت، ونزل إلى خليتهم وفي حالة من عدم العقل حافظ عليها لقرون، قتلهم جميعًا باستخدام ذلك الطرف الذي كان يستخدمه مثل الشفرة.

ترددت صرخات هذه المخلوقات لأميال لا نهاية لها، وتدفقت دمائهم الصفراء مثل المحيط، وبغض النظر عن مدى قوتهم في القتال، أو مدى توسلهم من أجل حياتهم، فإن شفرة روان هذه لم تتوقف عن السقوط.

عندما انتهى من إبادة الجنس، تحول الطرف الذي استخدمه لقتلهم جميعًا إلى كنز قتل فريد من نوعه، فقام ببساطة بغرسه في قلب الخلية الميتة وتركه هناك، وبصمة يده لا تزال عليه.

من يدري عبر اللانهاية من العدم، من قد يصادف هذه الخلية الميتة، والسلاح الرهيب في مركزها؟

وقف أمام الروح المرتعشة، وفي عينيها الخضراوين الواسعتين، رأى الطفل الذي كانه يومًا. قطف ورقة من شجرة رغبته، ونسج رداءً ليستر عورتها ويحميها من برد الموت الذي ملأ المكان. لم يقل لها شيئًا، فالحقيقة أنه أباد الجنس بأكمله لمجرد أن طغيانهم ذكّره بما عاناه لملايين السنين، ورؤيته يتضاعف هنا مرات لا تُحصى أزعجته بشدة.

قال لنفسه أنه لم يقم بإبادة عرق بأكمله لأنه جعل العفريتة لأول مرة في حياة لا نهاية لها من الألم تبتسم، وكانت تلك الابتسامة السعيدة لكونها قادرًا على تجربة حياة بدون ألم.

لا، ليس لهذا السبب. متى أصبح عاطفيًا إلى هذه الدرجة؟

في تلك اللحظة، أدركت شعلة الروح أنه حتى وإن لم تكن موجودة بعد، إلا أن روان كان متأثرًا بوجودها. ما شعر به كان شفقة حقيقية، لكنه لم يستطع إيجاد مصدرها، فارتبك بشدة، فهرب منها حرفيًا.

وبينما ظل يسافر، اكتشف روان وجودًا يتبعه من بعيد، فتجاهله، مدركًا أن العدم لا نهاية له، وبمرور الوقت، سوف يجد هذا الوحش الصغير طريقه الخاص ليتبعه، وبفضل سرعته، لن يستغرق الأمر وقتًا طويلاً لتركها خلفه.

لقد تبعه هذا الوجود لفترة طويلة، وبدأ يقترب ببطء من روان، ربما كان يجب أن يفعل شيئًا ليثنيها عن متابعته، ربما حتى قول كلمة واحدة سيكون كافيًا لجعل هذا الروح الخائفة التي لم يكن وجودها سوى ألم طوال معظم حياتها، تهرب من الاتصال بأي شخص مرة أخرى، حتى منقذها، لكن صمت روان هو كل ما إحتاجته، كانت قوته التي لا تنتهي وهو يمزق العدم، دون اتخاذ أي خطوة في طريقها هي التي أعطتها الأساس للشفاء.

ربما علم روان بهذا، ولذلك بقي صامتًا، فهو لا يريد أن يتبعه أحد، ولكن إذا كان صمته قد جعلها تشفى، إذن يجب أن يكون الأمر على ما يرام.

وبعد أن تبعته لعشرات الآلاف من السنين، نسي روان أنها كانت خلفه، وبعد معركة صعبة ضد رعب يسلب العقل والذي استغرق وقتًا طويلاً للغاية لقتله، اكتشف روان هذا العفريتة مختبئة في شعره، نائمة، أراد أن يبعدها بعيدًا بانزعاج، لكنه أدرك بعد ذلك أنه منذ لحظة ولادتها، كانت هذه هي المرة الأولى التي تنام فيها.

“هذا ليس مكانًا لكِ يا صغيرتي”، تحدث روان إلى العفريتة عندما استيقظت، وبالمصادفة، كان هذا هو نفس الشيء الذي قاله لها بعد أن وجدته هنا، في المستقبل، على وشك إغراء الحراس البدائيين للمعركة، ولا بد أنها تذكرت تلك الكلمات لأنها ابتسمت وقالت،

“ومع ذلك، أنا هنا. لا تستطيع التخلص مني.”

الترجمة : كوكبة