السجل البدائي - الفصل 1211

الفصل 1211: ما يكمن في الأسفل

استغرق الأمر عدة ساعات من جولات الغميضة المبرحة التي اصبحوا قريبين فيها من الموت، حيث تجنب الأربعة الصاعدون المتبقون غابات المجسات حتى جاءت فرصة الهروب مرة أخرى.

خلال الأشهر التي قضوها في متاهة الظلام هذه، تعلموا كيفية تكييف حركاتهم وردود أفعالهم مع هذا المكان، حيث ألقوا بكل ما يعرفونه عن سامين الكارثة خارجًا وتعلموا من جديد كيفية البقاء على قيد الحياة.

كان هذا مفهومًا مرعبًا لأنه بعد ملايين السنين من المعارك التي لا تنتهي، تم توثيق قدرات الكوارث وفهمها، ولا شيء في كل التاريخ يمكن أن يفسر هذا العدد والطبيعة الغريبة لهذا الظلام الذي سجنهم، بالإضافة إلى العلامة الواضحة للذكاء الذي جذب الصاعدين إلى هذا المكان.

لقد كانوا بحاجة إلى الهروب، كان هذا الأمر أكبر منهم جميعًا، وإذا لم يتم تحذير الصاعدين مما سيأتي، فلن يفهموا أن العالم قد ضاع بالفعل.

خاطرت الصاعدة فيرانا وهمس للصاعدين الثلاثة بجانبها: “نحن في المرحلة الأخيرة من هذه الرحلة، وسنخرج منها أحياءً. على الجميع أن يفهموا أن هذه الحرب قد تغيرت. كونوا صامدين واستهدفوا النور، ما كان أحدنا ليصل إلى هذه المرحلة لولا بعضنا البعض، وسنخرج من هنا معًا.”

لقد استقامت أجساد الصاعدين الثلاثة المتعبة، لقد فقدوا الكثير للوصول إلى هذه النقطة، حيث ضحى الكثير منهم بحياتهم حتى تتمكن الصاعدة فيرانا زعيمتهم من البقاء على قيد الحياة لأطول فترة ممكنة لأنهم آمنوا بقيادتها ورؤيتها، وفي أوقات كهذه، لم يكن هناك خيار أفضل لمنحهم الإيمان.

الآن بعد أن كانت الصاعدة فيرانا تراقب ذلك، كانت أول من لاحظ التغييرات، وبدون تردد، أظهرت ثلاثة أذرع أخرى، ورسمت رونا على الصاعدين الثلاثة الآخرين، وحقنها بثلاثة في المائة من هالتها الأساسية، مع أعصابهم المهترئة اكتشف الصاعدون الثلاثة أفعالها متأخرًا بعض الشيء وتم إطلاق أجسادهم عن غير قصد في ثلاثة اتجاهات مختلفة أثناء احتراقهم بضوء شديد وقوة منفرة.

لقد ابتلع صراخ الغضب واليأس منهم من خلال الصراخ المتحمس لسامين الكارثة واستغلت فيرانا الفرصة لتفريق آخر هالتها حولها وألقت بنفسها نحو المكان الذي اعتقدت أن خلاصها يكمن فيه باستخدام قدراتها الجسدية فقط.

عرفت الصاعدة فيرانا أن هذه هي الطريقة الوحيدة للهروب من هذا المكان، ومن قبيل الحمق الاعتقاد بأن سامين الكارثة لن تدافع عن مخرج هذه الحفرة بكل ما لديها، والطريقة الوحيدة التي يمكن لأي شخص من خلالها الخروج هي إذا كان هناك تشتيت.

حاولت ألا تأخذ في الاعتبار حقيقة أنه إذا كانت هذه هي الحقيقة، فهث المرشح الأفضل لإحداث هذا التشتيت، لأنها الأقوى ولكن ليس بالضرورة الأسرع، ومن الممكن أن تصبح الطُعم ويدتسمح للصاعدين بثلاث فرص للخروج من هنا على قيد الحياة.

كانت الصاعد فيرانا تعتقد أنها ستنجو وأن التضحية بالبقية تعتبر جزءًا طبيعيًا من الحرب.

مع وصول أغلبية مخالب سامين الكارثة إلى الأضواء الثلاثة الساطعة، أحرزت فيرانا تقدمًا كبيرًا في الطيران فوق الأجساد الضخمة لسامين الكارثة، حتى وصلت إلى حاجز وارتجف قلبها الضعيف من الإثارة.

إذا كانت على حق والشمس الصاعدة في السماء حاليًا، فحتى لو لفتت الانتباه الآن وبذلت قصارى جهدها في كسر هذا الحاجز، فلن تتمكن سامين الكارثة من متابعته.

ترددت للحظة وجيزة قبل أن تشدد عزيمتها، إذا لم تتمكن من الهروب من هذا المكان فسيكون الأمر مسألة وقت فقط قبل أن تموت من الإرهاق.

بصفتها صاعدة من الدان الثالث، كانا تضاهي أي عدد من سامين الكارثة، لم يكن قتلهم هو المشكلة، بالأمر يتعلق بمغادرة هذا المكان. لم يُشوّه الظلام إدراكهم للاتجاهات فحسب، بل استنزف هالتهم الأساسية أيضًا، إذ كان جوعه يتغذى على كل ذرة طاقة فيهم. لم يتمكنوا من جمع أي هالة من محيطهم لتعزيز هالتهم، وهذا ما كان ليُقلق صاعدًا عاديًا يتمتع بتحكم كبير في قواه، فينبغي أن يكونوا قادرين على إعادة تدوير أي طاقة يُطلقها لفترة طويلة، مما يجعل الصاعد تقنيًا قادرًا على القتال إلى الأبد بكمية ثابتة فقط من الطاقة، لكن أي شيء فقدوه هنا لا يمكن استعادته من الظلام الجشع.

بعد مرور الشهر الثاني داخل هذا المكان، اكتشفوا أن عدد سامين الكارثة التي تنبثق من الأرض قد ازداد، وكان الأمر كما لو أن كل طاقة مستنفدة من الصاعدين كانت تغذي الموجات الأحدث، وحتى إطلاق العنان للدان، سواء كان ذلك الزمان أو المكان، أو في حالتها الذاكرة، حيث سحب مئات من الصاعدين من الماضي لمساعدته في هذه المعركة التي كانت عديمة الفائدة.

مع أن سامين الكارثة لم تستطع السيطرة على هذه الطاقة داخل أجسادها، إلا أنها لم تكن بحاجة إلى ذلك، فقد ابتلعت كل شيء دون أي تدخل منهم. تذكرت الصاعدة فيرانا أن أحد الصاعدين قال قبل هلاكه إنه كان كما لو كانوا يُستخدمون كأداة لإطلاق العنان للظلام في أجساد سامين الكارثة هؤلاء.

كان الظلام الكامن في أجساد سامين الكارثة هؤلاء قوةً تلتهم كل شيء. إن ذبح سامين الكارثة في البداية خطأً، لأنهم لم يُطلقوا أي هالة تُحصد، بل أطلقوا العنان للظلام الكامن في أجسادهم، واستمر في النمو.

نظرت الصاعدة فيرانا إلى الخلف مرة أخرى ثم فتحا كلتا يديها بينما استدعت آخر كنوزها، وهو زوج من القفازات، لم يفرق الظلام بين ما يأكله، وتدهورت الكنوز بسرعة كبيرة داخل هذا المكان حتى تم تدميرها، وهو ما كان أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت الصاعدين يفقدون حياتهم بهذه السرعة.

في الدان الثالث، حتى فقدان كنز ميلاده لم يكن ضربة معوقة لأنه بإمكانها الوصول عبر الذاكرة واستعادته مرة أخرى، لكن التكلفة كانت عالية جدًا لدرجة أنها لم استطع فعل ذلك وهي داخل هذه الحفرة التي تلتهم الطاقة.

في المسافة، سقط آخر الصاعدين الذين خانتهم، واختفى نوره، لم تهدر أي وقت آخر، أضائت القفازات الخضراء مثل النجم، تجاهلا الصرخات المفاجئة من سامين الكارثة، وصفعا كلتا يديها فوق الحاجز.

لقد كادت موجة الصدمة الناتجة أن تدفعه إلى الوراء، لكنها جمعت عزيمتها، وأحرق هالتها الأساسية، فإنطلقت للأمام، بدأ جسدها يشتعل بالكثير من الطاقة التي دفعت عشرات الآلاف من المجسات إلى الوراء، وعلى الرغم من أن الظلام جمع بكل سرور كل هذه القوة التي تطلقها، إلا أن الحاجز أمامها كان به صدع نما ببطء حتى وصل إلى بضع بوصات، بالنسبة لفيرانا، يعد هذا كافياً.

بعد أن تقلص جسدها الصاعد وأبقت على كنوزها الأخيرة التي بدت على حافة الانهيار لأنها اصبحت مهترئة للغاية، انزلقت إلى صدع الفضاء، ورأت ضوء الشمس…

كادت الصاعدة فيرانا أن انفجر ضاحكة من شدة البهجة، ولكن بعد ذلك اتسعت عيناها عندما بدأ الضوء الذي رآته يتزايد، من واحد إلى ألف ثم عشرة آلاف…

“بالنور، ما هذا؟” فمها مفتوح، أدركت الصاعدة فيرانا أنها لم تنجح في الخروج من الحفرة إلى السماء، بدلاً من ذلك ذهبت إلى ما تحت الأرض، من المكان الذي ظهرت منه سامين الكارثة.

لطالما وجد هناك دائمًا فضول حول ما يكمن تحت سامين الكارثة، لكن رد الفعل العنيف الناتج عن إيذاء أي من هذه المخلوقات بإرادة العالم كان مرعبًا للغاية لدرجة أن لا أحد يستطيع التوصل إلى هذه الإجابة.

تمنت الصاعدة فيرانا في لحظاتها الأخيرة أنها لم تعرف هذه الإجابة أبدًا بينما كانت مغطات بالأضواء.

الترجمة : كوكبة