السجل البدائي - الفصل 1159

الفصل 1159: صدمة العقل

كانت الرحلة إلى جبل الحداد رحلة مستنيرة بالنسبة لروان، لأن السماء مختلفة في الأعلى، فهناك عشر شموس في الأعلى، خمس منها مشرقة وخمس أخرى مظلمة، وقد قسمت الواقع إلى قسمين.

في الشمال، كان الظلام دامسًا، تسيطر عليه الكوارث تمامًا، وفي الجنوب، وجد النور، يسيطر عليه الصاعدون. في ذلك الوقت، لم تغرب الشموس العشر، وحافظت قوتها على توازن كل شيء، وفي الوسط، الذي يفصل بين الظلام والنور، توجد منطقة شفق تعلوها عشرة جبال ضخمة.

خمسة من هذه الجبال تابعة لقوة الصعود، والخمسة الأخرى تابعة لقوة الكارثة. خلال هذه الحقبة، كانت هناك خمس سلالات صاعدة ضخمة، جميعها من نسل شموس الصعود، وقد أنشأت ممالك لتكوين صاعدين جدد لسلالتها.

يشبه هذا الجبل الضخم البركان، ولكن قمته مسطحة ومحيطه ألف ميل، ويمكن رؤية هذا الجبل والمناجم الأخرى يرتفعان إلى السحاب على بعد نصف الكرة الأرضية.

كان شيسو أميرًا لإحدى الممالك الصاعدة، والتي تسمى مملكة غانيم، نسبةً إلى صاعد الشمس، غانيم، التي كان ضوئها يشرق مباشرة على القارة.

شيسو مشي ببطئ، وكان القصر مبنيًا مباشرة تحت جبل الحداد، وذا الجبل الشفقي ينتمي مباشرة إلى عائلة غانيم.

كان هناك آلاف المسارات التي تؤدي إلى قمة الجبل، ثلاثة منها مخصصة للعائلة المالكة، وعندما نظر شيسو إلى جانبه، استطاع أن يرى على تلك الآلاف من المسارات أشخاصًا، أعدادهم غير معروفة، يتدفقون جميعًا نحو قمة الجبل، ولأن الناس من جميع أنحاء المملكة كانوا يأتون إلى هنا منذ أشهر، فقد تم ملء قمة الجبل بالفعل، وكانت المسارات الضخمة هي التي يتم ملؤها الآن.

رأى بعضهم شيسو على الممر الملكي، فانتشر الخبر بين الناس. وسرعان ما تعالت هتافاتٌ صاخبةٌ انتشرت حتى اهتزّ جبل الحداد تحت صرخات الناس على أميرهم النبيل.

ارتجف شيسو اشمئزازًا، وقال: “ديدان، أسوأ من ذلك، ديدان ميتة دماغيًا. كيف لي أن أشارك هذه النسخ جذورًا مشابهة، كيف لهم أن يتنفسوا نفس الهواء الذي أتنفسه؟”.

“أميري، هل أنت بخير؟” نظر إليه الجنرال الجان الذي جاء ليأخذ الأمير إلى أعلى الجبل بقلق، لكن في أعماق عينيه، استطاع شيسو أن يرى الشك بداخلهما وهذا جعله فضوليًا ومتسليًا في نفس الوقت، من بين الجميع هنا، باستثناء والدته، بدا أن كيس اللحم الصلب فقط هو الذي يطل قليلاً على أفكار شيسو الحقيقية.

ابتسم له شيسو وأومأ برأسه قبل أن يلوح بيده خافتةً للناس الذين يهتفون له، مما أثار ضجةً أكبر. كانت يده الأخرى المخبأة خلف ظهره مشدودةً بشدة حتى أصبحت خاليةً من الدم. رأى الجان الذين بجانبه ذلك، فشعر بعرق بارد يتصبب على جبينه. نظر إليه شيسو مجددًا وابتسم، وعرف الجنرال أن هذا الصبي قد كشف عمدًا عن مرض قلبه.

لم يكن الجان يعرف ما إذا كان ذلك خياله، ولكن في أعماق عيني الأمير رأى ألسنة اللهب الحمراء، التي أشرقت لفترة وجيزة قبل أن تختفي، لكنه يعلم أن الأمير من المفترض أن يكون عديم الموهبة عندما يتعلق الأمر بالتلاعب بالهالة، وباستثناء ذكائه العظيم لا يستطيع استخدام الهالة.

تجمدت قدماه على الأرض وهو يشاهد الأمير الهزيل يسلك الطريق الملكي صاعدًا الجبل، وشعر بغثيان شديد. كان هناك خطب ما، ولم يستطع تحديد مصدره. إن لم يعد شيسو يسعى لإخفاء ظلمة قلبه، فلا بد أنه قد وصل إلى عتبة ما.

بدا هذا التفصيل بالغ الأهمية، وشعر الجان أنه أمام مفترق طرق، وأن قراره التالي قد ينقذ عالمه أو يُدمره. بدا هذا التفكير سخيفًا، لكنه في تلك اللحظة لم يبدِ له ذلك.

رفع بصره ليرى الأمير قد اقترب بطريقة ما من قمة الجبل، وإن لم يكن مخطئًا، فقد كانت خطواته أكثر ثباتًا من المعتاد. لم يعتقد الجان أنه ظل غارقًا في أفكاره كل هذا الوقت، وتسائل كيف وصل الأمير إلى القمة في وقت قياسي، بينما حتى مع السحر الكامن في هذه السلالم، سيستغرق الأمر ساعات.

فجأة استولى الذعر على قلبه وأمسك الجان صدره، وبدون تفكير بدأ بالركض، وهو يعلم في قلبه أنه لا يستطيع السماح لشيسو بالوصول إلى قمة الجبل.

“يا صاعد الشمس، غانم، امنحني القوة. لا أعرف لماذا قلبي على وشك الانهيار، لكنني أعلم أن هناك تعفنًا في قلب شيسو. سأقتله اليوم، سأقتل أحد نسلك العظيم، ومهما حدث لي، فأنا مستعد لتحمل عواقب أفعالي.”

زاد سرعته واندفع صاعدًا الجبل، وبدأ يتخلص من دروعه، فقد كانت للدفاع فقط، وأبطأته. بدأ اندفاعه المذعور نحو القمة يلفت الانتباه، لكنه لم يكترث.

باستثناء العائلة المالكة، كان الجميع ممنوعين من الحصول على كنز الميلاد، وقد حصل الجان سراً على كنز الميلاد في الماضي، ولم يعد يفكر في إخفائه، ظهر زوج من الأحذية الذهبية حول قدميه وأسرع في الصعود على الدرج تاركًا وراءه دربًا من النيران الفضية.

لم يعد يهتم إذا تمزق إلى قطع بعد أن انتهى كل شيء، وصل الجان إلى قمة الجبل وكان غريبا جدًا لدرجة أنه لفت انتباه الناس من حوله، ولأنه كان يتبع المسار الملكي، فقد وصل مباشرة إلى المنطقة الأمامية من جبل الحداد حيث تجمعت العائلة المالكة.

اتجه إليه آلاف الحراس وأفراد العائلة المالكة، بما في ذلك الملك الذي بدا في البداية مندهشًا ثم مذهولًا عندما رأى وميض النيران الذهبية والفضية حول أرجل الجان.

نظر الجان حوله بنظرة واسعة، ولم يسمع حتى صرخة الملك الغاضبة التي تطالب باعتقاله وإعدامه الفوري. وقعت عيناه أخيرًا على شخص نحيل يقف بجانب الملك، بابتسامة خفيفة على وجهه، وذلك التوهج الأحمر الغريب الذي رآه مختبئًا في عينيه، فأدرك الجان أنه قد خُدع، وأن حكمه كان مشوشًا بطريقة ما، وأنه أخطأ.

هدر الجان غضبًا وخوفًا، متجاهلا الحراس الذين أحاطوا به وحاولوا إخضاعه. استل سلاحه، وبدأ ينقض على الأمير.

“خائن! إنه يحاول اغتيال الملك، أوقفوه!!”

انطلقت صرخة مدوية من الحراس، فدفنوه تحت سيل من الجثث. تحرك سيف الجان في ضبابية، يقطع الجثث ويدفع الرجال جانبًا، بينما كان يصرخ بصوت عالٍ دون وعي: “سيقتلنا جميعًا، أيها الصاعدون الأعزاء في السماء، ساعدوني، سيقتلنا جميعا!”.

راقب شيسو بعينين مليئتين بالتوهج الأحمر بينما كان الجان يُذبح إلى أشلاء، إن الحيوية في هذا الجنرال غير سامية، ووصل إلى موقعه أقرب مما توقعه شيسو، مما رسم أثرًا طفيفًا من القلق في قلبه للحظة.

الترجمة : كوكبة