السجل البدائي - الفصل 1148

الفصل 1148: الفجر (1)

على الرغم من أن الطفل السامي كان قد أجرى العديد من الاجتماعات مع الشيوخ في الماضي، إلا أن هذه كانت المرة الأولى التي يخاطب فيها كل المباركين بالدم وكان هناك العديد من الكتبة بينهم الذين سجلوا كلماته، واندلع النقاش بسرعة بين الناس حيث دخل الطفل السامي وأغلبية الشيوخ إلى الأبواب المغلقة.

دفع أحدُ مُباركي الدماء في الأسفل جاره وجذبه نحوه، وهمس: “أخبرتك. لقد اعترف أخيرًا بأنه سامي، وهذا يعني أنك مدين لي بثلاثة أشهر من واجبات المطبخ. بما أنك لا تريد أن تُخبرني بوصفة خبز اللحم، فستقوم ببساطة بطهيه لي، كل يوم، على مدار الأشهر الثلاثة القادمة.”

تأوه الجار بانزعاج، وتحركت عيناه في ذعر قبل أن يستجمع شجاعته ويرد: “هل هذا ما يجب أن تركز عليه الآن؟ نحن على وشك خوض حرب ستؤدي إلى موتنا جميعًا. هل تحدثت مع عائلتك، أو أخبرت تلك المسكينة روزا عن حبك لها، أو عن ملايين الأشياء الأخرى التي كان عليك القيام بها بدلًا من مضايقتي بشأن هذا الأمر؟”

بدا الرجل مصدومًا من الرد القاسي، لكنه ابتسم بعد ذلك، مدركًا أنه أمسك بصديقه من حلقه،

“الموت والحياة، كل شيء تحت سلطان الوعد. لقد ربحتُ هذا الرهان بشرف، وإن نجونا مما سيأتي، فلن أررط فيه. أريد وعدك. ستقوم بأعمال المطبخ لثلاثة أشهر، وأُحضّر لي كعكات اللحم!”

“أنت… أنت،” شحب وجه الجار غضبًا، “أنت تعلم أن افتراضك خاطئ، أليس كذلك؟ لم يعترف قط بأنه سامي، أنت تستخدم مقياسًا يتعارض مع بقية كلماته. بصراحة، ما هو السامي؟ أعطني تعريفًا. إذا قلت إني سامي، فهل هذا يجعلني كذلك تلقائيًا؟ هناك أمور كثيرة تدخل في هذا الأمر، فلا يمكنك ببساطة تعريف شخص ما بأنه سامي لمجرد قوله.”

“هاهاها… كنت أعلم أنك ستأتي بهذه الحجة، وأنا مستعد لذلك.”

لعق الرجل شفتيه وبدأ في البحث داخل كيس يبدو بلا قاع، وضع يده بالكامل فيه، وسحب منه أشياء مختلفة،

“لا بد أنك لم تكن تعلم لأن رأسك عادة ما يكون عالقًا في القتال، ولكن تم اكتشاف مكتبة ضخمة منذ شهر، مليئة بجميع أنواع المعرفة، ويقول بعض الشيوخ أن المعرفة الموجودة داخل تلك المكتبة يمكن اعتبارها لا نهائية، لقد تمكنت من جمع بعض التعريفات للسمو، ومعرفتي بشخصيتك، من الجيد أنني قمت بالرحلة …” مسح حلقه وتلاشى الجدال بين هذين الاثنين في الضوضاء الجماعية من الحشد.

قبل لحظة، كان الطفل السامي ومبعوث المنشئ قد تبعا غالبية الشيوخ إلى اجتماع مغلق كان من المتوقع أن يستمر لبضع دقائق فقط قبل إصدار الأمر بما هو متوقع منهم جميعًا، لذلك كان الجميع هنا يحاولون التواصل والتخلص من الضغط في قلوبهم بأي طريقة لديهم.

إنهم مجتمع محارب، ولذا كان الخوف من الموت شيئًا تقبله الجميع وتعلموا كيفية التعامل معه، وما يحدث هنا هو تذكير أنفسهم بكل ما عليهم أن يخسروه.

*****

في الاجتماع المغلق الجاري، وبمساعدة الضائع، نقل الصبي بسرعة كل ما حدث إلى الشيوخ، استدعائه عند رمح الصعود، والمعركة فوق العتبة، وحالته الحالية كعملاق ذهبي مع إضائة جميع النقاط السبع في نجمه، والمطاردة المروعة من قبل الآلاف من الصاعدين وأخيرًا الهجوم المروع.

وفي وسط القاعة كان هناك تمثيل رسومي للشمس الحمراء التي كانت تشق طريقها عبر كل شيء، وفي أقل من يومين ستكون هنا.

“الأمر الجدير بالملاحظة بسيط”، بدأ الصبي عندما رأى أن كل شيخ هنا قد حضروا بسرعة الأحداث السابقة ورأوا ما هو قادم،

“مع دفاعاتنا الحالية، لا توجد طريقة يمكننا من خلالها إيقاف موجة الدمار المتدفقة نحو منزلنا، على الرغم من أنني لا أعرف نوع الهجوم الذي يمثله هذا اللهب الأحمر، إلا أنني أعلم أنه مع قوة سلالتنا وإبداعنا في متناول أيدينا، بشكل جماعي، لا يوجد شيء لا يمكننا فعله.”

“هذا هجوم قائم على الإرادة، لا يوجد شيء يمكننا فعله لإيقافه” تمتم الضائع، ولكن بسبب الصمت في القاعة، ولأن الجميع هنا كانوا عملاقة ذهبيين، فقد سمعوه جميعًا،

“ما هذا مرة أخرى؟” سأل الصبي في حيرة.

“هذه الشمس الحمراء المزعومة ليست مصنوعة من لهب أو أي نوع من الهجمات القائمة على الطاقة كما تفهمون. إنها هجوم من أبعاد أعلى يستخدم مفاهيم بدلاً من الطاقة، ويستغل أيضاً قوى أبعاد أخرى. لقد حدثت وفاتي السابقة لأنني كنت أدافع ضد هجوم مماثل، مع أنه كان أضعف بكثير من هذا الهجوم.”

عندما رأى الضائع أنه قد استحوذ على كل انتباههم، تنهد وتحدث بصوت أعلى، وفكر أنه إذا كان هؤلاء الأشخاص يفعلون الشيء النبيل بالقتال، فإن أقل ما يمكنه فعله هو التأكد من أنهم يفهمون جميع الحقائق المتعلقة بالموضوع،

“هجومٌ قائمٌ على الإرادة من صاعدٍ رفيع المستوى كهذا سيحمل خاصية الزمان والمكان، ومما أستنتجه من الشمس الحمراء، سيحمل أيضًا خصائصَ أبعادٍ أعلى أخرى لا أفهمها حتى أنا، ويكاد يكون من المستحيل الدفاع ضده إلا إذا كنت تمتلك قوىً مماثلة. سيضمن جانب الزمان والمكان في هذا الهجوم أن أي شيءٍ يتأثر به لن يتمكن من الإفلات من تأثيره. لمسةٌ واحدة تعني الموت، والقوة الكامنة وراء هذه الحركة هائلةٌ جدًا، لدرجة أن الجميع هنا يعتبرونها شبه لانهائيّة.”

بدا الطفل وكأنه يفكر في شيء ما ثم ابتسم، “ضائع، قلت أنه من المستحيل تقريبًا الدفاع ضد الهجمات القائمة على الإرادة بدون إرادة، هل هذه هي الحال حقًا؟”

“بالطبع، فإن الدفاعات القائمة على الطاقة مثل تلك التي تحيط بالمدينة لا يمكنها صد سوى جزء بسيط من قوة الهجوم، والعديد من الخصائص ذات الأبعاد الأعلى للشموس الحمراء سوف تتسلل ببساطة عبر الدفاعات وتقضي عليها من القلب.”

“هل لا يوجد استثنائات؟” سأل الطفل بابتسامة غريبة على وجهه،

لقد أصبح الضائع مهتمًا، لأنه يعلم أن هذا الطفل يجب أن يكون على حق، “لماذا تسأل مثل هذه الأسئلة، يا فتى؟”

“ليس لدينا الكثير من الوقت، لذلك سأحاول اختصار أكبر قدر ممكن من المعلومات في فترة زمنية قصيرة، ولكنك ستتبعني لأننا بحاجة إلى البدء في تحضيراتنا.”

أومأ الضائع برأسه، “بالطبع، أشعر بالفضول، أريد أن أعرف الأفكار التي بداخل رأسك.”

ابتسم الصبي، “أثناء المعركة الأولى بين شعبنا والصاعد، حدث شيء غريب أثناء المعركة، هل هناك أي فرصة أن تكون على علم بذلك؟”

“أعطني لحظة”

أغمض الضائع عينيه وبدأ يطلب الجزء من ذاكرة روان الذي يُفصّل تلك الأحداث. مع أنه كان جزءًا من قوة روان، إلا أنه كان من المستحيل عليه الاندماج مع كامل نطاق فضائه العقلي، ففعل ذلك سيكون مثيرًا بالتأكيد، قبل ثانية واحدة تقريبًا من تمزيق روحه، سيكون كطفل يحاول ابتلاع محيط.

الترجمة : كوكبة