السجل البدائي - الفصل 1146

الفصل 1146: إطلاق العنان للكراهية

شيسو، الصاعد الذي أطلق أحد أكثر الأحداث تدميراً في القارة السفلى خلال العشرة ملايين سنة الماضية، نظر حوله لآخر مرة قبل أن يختفي، تاركاً عمل يديه ليزدهر.

ارتسمت ابتسامة داكنة على وجهه لحظة اختفائه، كاشفةً للحظةٍ لكل من رآه أنه أصبح كارثة متنكرًا بهيئة صاعد. مهما كانت الحجة التي ساقها لرؤسائه، فلا داعي لشنّ مثل هذا الهجوم، وقد تطلع إلى أي عقابٍ سيُنزل به، آملًا أن يكون له نوعٌ من الصدمة الجسدية.

لقد كان شيسو مهتمًا دائمًا بالألم والمعاناة، وبناء إرادته على أسس الكراهية والحقد يعني أن عقله بقي دائمًا ملتويًا، لكن الطبيعة النارية لوجود والده قمعت الشيطان بداخله طوال هذه الملايين من السنين، والآن ذهب هذا المقود.

عندما يجد كل من كان مسؤولاً عن سقوط والده، سيشكر جثثهم. في غروره، لطالما ظن أنه سيتمكن من كبح جماح قوى الكراهية والحقد في قلبه، لكنه يعلم أنه على وشك الانهيار، حتى والده بدأ يشك تدريجيًا، وبمعرفته ذلك الرجل العجوز، سيمحوه من الوجود دون سابق إنذار.

لم يكن يريد قتل أولئك الذين قتلوا والده، بل كان بحاجة إلى قتلهم، لأنهم حرموه من أحد أعظم مصادر إلـهامه – الرغبة في الوصول إلى مستوى صاعد الشمس والنظر إلى والده في الروح بينما يدفع ببطة سكين القتل.

كان وجوده هو المتحكم في هذا الهجوم، وفي اللحظة التي اختفى فيها، اختفى المحيط مئات الأميال ببساطة. لم يتبخروا، وهو أمرٌ كان ليكون حميدًا للغاية، بل مُحْيوا من الوجود. كان هدف الكراهية التي أطلقها شيسو هو تجريد العالم من كل شيء.

حتى في جنونه، لم ينس القدرة الغريبة التي تمتلكها فريسته، وإذا ظنوا أنهم يستطيعون أخذ الطاقة من الانفجار، فإنهم سيتعرضون لمفاجأة وقحة.

كانت الشمس الحمراء والسوداء تكبر، لكنها كانت بطيئة، لم تكن بحاجة إلى التسرع، لأنها كانت تعلم أن لا شيء يوقفها، وقد استمتعت الكراهية بهذه اللحظة، فمن النادر أن تنطلق إلى هذا الحد. داخل الكرة الحمراء المتوهجة، كان هناك فراغ.

إن الشمس تشبه الثقيل الأسود، تستهلك كل شيء في طريقها، وعندما تنتهي طاقتها، لن تترك وراءها شيئًا، لأن الكراهية لا يمكن أن تثمر إلا لا شيء.

في وقت قصير، حتى لم يستمر حتى يوم واحد، حدث حدثان هائلان مروعان في هذا العالم.

كان أولها تدمير مليارات السفن التابعة للصاعدين. من بين تلك السفن المدمرة، فإنها تلك التي تحتوي على أسلحة فتاكة للغاية، وقد امتصت نيران الضائع كل تلك القوة، مما أدى إلى تضخيم الآثار بشكل كبير، لدرجة أن كل صاعد دون مستوى دان ممن عجزوا عن إطلاق العنان لقوة الزمن حول أجسادهم قد أُبيدوا تمامًا.

في الوقت الحالي لم يكن عدد القتلى بين الصاعدين معروفًا على وجه الدقة، ولكن الرقم سيكون مخيفًا بالتأكيد.

لو كان هذا الحدث مدمرًا لدرجة أنه استطاع اختراق حواجز هذا العالم ولوحظ في الخارج، لكان من المؤكد أنه شُهِد في جميع أنحاء العالم. بين قارات لا تُحصى، نظرت عيون كثيرة إلى السماء التي تحولت فجأة إلى لون أبيض ساحر لم يدم إلا قليلًا، لكن صورة الجمال هذه ستبقى عالقة في أذهانهم جميعًا، ومن المؤسف أن ما تلا ذلك لم يكن بتلك البراعة.

كان الثاني أكثر شراً، وعلى عكس الأول الذي ظهر واختفى في لحظة قصيرة، تسلل هذا أقرب، وأصبح أكثر إشراقاً ببطء، حيث اجتاحت الهالة التي انبعثت منه العالم بأكمله، وكان الرعب الذي أطلقه مثل دودة زاحفة داخل الأمعاء.

الجميع يعلم أن الظلام والرعب يختبئان في أقذر بقاع هذا العالم. إن نور هذه الشمس الحمراء كيدٍ تأسر عقلك وتجره أمام ذلك الرعب، فتغرقك فيه. لم يكن هناك مفر، وكل من عايشه لعن والديه لإنجابهما إياه.

مذهولاً من الشمس الحمراء المتنامية، نظر العملاق الذهبي إلى الضائع، “ما نوع الشر هذا؟ هل يمكننا إيقافه؟”

هزّ الضائع رأسه، وقال: “لعلّني لو كنتُ أملك جيش نورانيي أبي وجميع أبناء اوروبوروس، لتمكّنتُ من إبطاء تقدّم هذه الكارثة، لكن أخشى أن الخيارات قد نفدت. هذا هجومٌ من قِبَل مجنون أو عبقري. لا أستطيع التنبؤ بعواقبه. لقد تجاوز هذا كلّ المعايير التي وضعتها لهذا الصراع”.

بدا العملاق الذهبي مرعوبًا للحظة قبل أن يسحب الضائع، “دعنا نعود إلى المنزل، قد يكون لدي فكرة.”

“أوه، نعم، بالتأكيد…” أجاب الضائع بتشتت، وسمح لنفسه بأن يسحبه العملاق الذهبي بينما كان يشاهد الشمس الحمراء التي تتوسع ببطء خلفهم، وعقله يمر بنوبات لا حصر لها في مساحته العقلية، باحثًا عن الشيء الوحيد الذي قد يمنحهما الأفضلية، لكنه خائف من أنه حتى لو وجده، فلن يكون لديه القوة الخام لمواجهة موجة الكراهية المتدحرجة.

قد تبدو الشمس الحمراء وكأنها تتمدد ببطء، لكن هذا كان مجرد تمدد نسبي لحركة العملاق الذهبي والضائع. والحقيقة أن الانفجار كان يقترب من سرعة الصوت، ويتجاوزها ببطء، لأنه كان يتحرك الآن بسرعة حوالي ١٢٠٠ قدم في الثانية.

في عالم أدنى، يعتبر هذا سريعًا جدًا، ولكن ليس في عالم أعلى، ومع ذلك، لم ينتقص هذا من فتك هذه الحركة التي ضحت بالسرعة من أجل القوة. سيدمر هذا الانفجار مليون قارة، وستشعر بآثاره ملايين أخرى كثيرة. مع الحرص على البقاء بعيدًا عن الرادار قدر الإمكان، مع الحفاظ على قدر مناسب من السرعة، في غضون ثلاث ساعات، عاد الطفل الذي لم يعد في هيئة العملاق الذهبي إلى مدينة ميلاده، وعلى الرغم من أن الانفجار القادم كان على بعد آلاف الأميال، إلا أن وهج الشمس الحمراء قد اخترق كل الطريق إلى أعماق المحيط، وعلى الرغم من أن أضواء الشمس الذهبية تدفئ كل شيء أدناه وتخفف من آثار الانفجار القادم بهامش كبير، فقد تسلل الاحمرار إلى كل شيء ويمكن الشعور بلمسته.

إذا كان هذا هو الحال بالنسبة لمدينة روان التي كانت محمية بواسطة وهج سلالة أوروبوروس، فإن حالة بقية العالم كانت أسوأ بكثير، وعلى الرغم من عمل العديد من الصاعدين الأقوياء في انسجام لحماية المناطق تحت رعايتهم من وطأة هذا الهجوم، فإن عدد البشر الذين كانوا يموتون في كل ثانية، لمجرد النظر إلى الوهج الأحمر الخافت في الأفق، أو حتى الشعور بتأثيراته، لا يمكن عده.

الترجمة : كوكبة