السجل البدائي - الفصل 1132

الفصل 1132: لا يمكنهم رؤية الجبل

كانت الهمسات التي تكثر تُطلق عليه لقب “ابن السامي”. كائنٌ فريدٌ من نوعه، فردٌ لا يُضاهى.

بدأ اليوم الذي غيّر فيه مشكلة الإبتكار التي أزعجت الدم المبارك كأي يوم آخر، باستثناء أن هذا الطفل الشهير دعا إلى اجتماع وكان غالبية الشيوخ حاضرين، ولم يكن الغائبون بعيدين عن الركب.

كان كل شيخ يدرك أن قوة الإبتكار الموجودة بين أيدي الجميع ستصبح وصفة لكارثة في المستقبل إذا لم تتم إدارتها بعناية، لكنهم كانوا يخشون من خنق الابتكارات إذا وضعوا الكثير من القيود على الناس ولم يسمحوا لهم بإيجاد حدود هذه القوة.

إن السلف الذي منحهم هذه القوة بحرية سيريد منهم عدم استكشافها وتطويرها إلى أقصى إمكاناتها، أي شيء أقل من ذلك سيكون بدعة، لكنهم عرفوا أيضًا أنه بدون رادع، يمكن لهذه القوة أن تدمر مجتمعهم بأكمله في غمضة عين.

ما الذي قد يمنع شخصًا عديم الضمير من صنع سمٍّ خبيث قد يقتل الأطفال أو يوقف صقل سلالات الآخرين ليتمكنوا من التقدم بشكل أسرع؟ هناك العديد من الأمور المروعة التي يمكن القيام بها بهذه القوة إذا كان هناك من يمتلك العزيمة الكافية لتنفيذها.

في الماضي، كان مباركي الدم مترابطين حقًا، لكن الاختبار الحقيقي لأي شخص هو اختبار القوة. عندما تُمنح القوة للضعفاء، أو الأمل لليائسين، ستكون هناك ردود فعل مختلفة يمكن توقعها، وحتى لو اختارت غالبية الناس خدمة الصالح العام، فسيكون هناك دائمًا من يخالفهم الرأي، ومعظمهم لأسباب أنانية، لكن بعضهم وُلد خطأً. كان هذا أمرًا لا مفر منه دائمًا.

لقد كان هناك العديد من المناقشات الدائرة حول كيفية السيطرة عليها، خاصة عندما بدأوا يكتشفون زيادة واضحة في عدد الأفراد عديمي الضمير الذين بدأوا في استخدام هذه القوة لارتكاب الفظائع.

لقد توصل هذا الطفل الروحي سريعًا إلى حل مذهل كان أمام وجوههم طوال هذا الوقت، لكن الأمر كان يتطلب شخصًا يتمتع بمزاج معين لاكتشافه بسهولة والسعي إلى تنفيذه على نطاق واسع.

اقترح الطفل أن جوهر الإبتكار يكمن في إرادة المنشئ، وأن من يتمتع بإرادة قوية لا يستطيع فقط ابتكار تصاميم أفضل، بل يستطيع أيضًا إدارة إبداعات الآخرين. يمكنه بفعالية منع الآخرين من إجراء تغييرات معينة لمجرد أن إرادته على عشب الإبتكار أقوى.

ولإثبات ما يعنيه، أخذ خصلة واحدة من العشب وبينما كان ممسكًا بها، طلب من أحد الشيوخ أن يحاول تحويل العشب إلى سيف، حاول الشيخ تحويل العشب إلى سيف دون جدوى لأن قوة إرادة الصبي أجبرت العشب على البقاء في نفس الشكل.

ولتعزيز حجته بشكل أكبر، أشار إلى كومة صغيرة من العشب كان قد جمعها وطلب من الشيوخ اختيار أي عشب من اختيارهم وتغييره إلى الشكل الذي يعرفونه أكثر، ولم ينجح أحد منهم.

كان هناك المئات من الشيوخ الذين قبلوا هذا التحدي في وقت واحد، وفشلوا جميعا في إجراء أي تغييرات على العشب.

الشيوخ، الذين كانوا في البداية متشككين بعض الشيء بشأن تلقيهم محاضرة من طفل عمره ثلاثة أشهر، يرافقه أب وأم مرتبكان، ارتسمت على وجوههما دلالات الفخر والخوف والارتباك، وجدوا أنفسهم يعكسون نفس التعبير، ونظرة الانزعاج والشفقة التي وجهوها في البداية إلى الوالدين تحولت إلى فهم. كان هذا الطفل وحشا، وقد قللت الشائعات من شأن قدراته إلى حد كبير. بعد تجارب عديدة، أصبح من المعروف أنه مع وجود صورة ذهنية راسخة في الذهن وإرادة قوية بما يكفي، لا تحتاج إلى لمس العشب فعليًا لبدء عملية الإبتكار، ولكن من الصعب جدًا إجراء تغييرات ذات معنى، على الرغم من أن بعض الأفراد يتفوقون في هذا الجانب.

ابتلع أحد الشيوخ ريقه وطرح السؤال في أذهان الجميع، “هذا عرض مذهل، ولكن ماذا تقترح، بالتأكيد لا تعتقد أنك قادر على إدارة الوادي بأكمله؟”

أومأ الصبي برأسه، “لا أرى سببًا يدعو للقلق. الأمر بسيطٌ جدًا في الواقع،” خرج صوتٌ طفوليٌّ بثقةٍ قوية، ولم يستخف أحدٌ بنبرته رغم فظاعتها، “بمساعدة كنوزي، أستطيع نشر إرادتي في الوادي بأكمله، وأصنع بعض الإبداعات التي يستحيل تنفيذها.”

كان هذا التجمع قد لفت انتباه العديد من مباركي الدم الذين سمعوا العرض المذهل للطفل السامي، والاجتماع الذي كان من المفترض أن يكون شأناً مغلقاً يتم نقله الآن بنشاط إلى كل شخص تقريباً في الوادي، ومع كلماته نشأت ضجة بينهم، واستغرق الأمر بعض الوقت حتى تهدأ ثم استمر الطفل بشكل طبيعي كما لو أنه لم يكن على دراية بتأثير أقواله،

“بالطبع، لن أستمر في هذا طويلًا، لأن ذلك يعني أنكم جميعًا ستصبحون معتمدين عليّ وحدي، ولا أريد شيئًا كهذا. عندما أغادر هذا المكان لأُحارب أعدائنا، يجب أن يكون هناك ما يُحافظ على هيكل مجتمعنا سليمًا، وإلا سنُسيئ إلى كرامة سيدنا. أيضًا.”

ابتسم وقال، “هل يمكنكم أن تثقوا بي على المدى الطويل مع هذه القوة النهائية القادرة على التحكم بمصير الجميع هنا؟”

في انتظار أن تستقر كلماته في أذهانهم لفترة من الوقت، ابتسم الطفل، قبل أن يصرخ، “هذا ما تريدونه سماعه، أليس كذلك؟ أيها الكسالى!”

حوّل صوته الطفولي ما كان من المفترض أن يكون زئيرًا إلى صرخة لطيفة كصوت فتاة، واحمرّ وجه الطفل غضبًا. بدا وكأنه يحتقر جسده الحالي، ولكن مهما ازدادت قوته يومًا بعد يوم، كان جسده فريدًا من نوعه، ويرفض التطور بسرعة كبعض مباركي الدم الذين تسارع نموهم إلى مرحلة البلوغ مع كل نقطة نجمة يفتحونها. عبّر عن انزعاجه بكلماته، وهو يتجه نحو الشيوخ.

“لقد تم إعطاؤكم جميعًا لقب الشيوخ لأنه من المتوقع أن تكونوا في طليعة مجتمعنا، وأن تبتكروا التغييرات وتشكلوا الاتجاه الذي يجب أن نتبعه جميعًا.”

“تقع على عاتقكم مسؤولية جسيمة، والإجراء الوحيد الذي يجب عليكم اتباعه هو التفكير خارج الصندوق والتأكد من أنكم في قمة قوتكم في مجتمعنا. لقد وُلدتُ قبل ثلاثة أشهر، وأنا أقوى منكم جميعًا مجتمعين، والأب جينوه هنا يبلغ من العمر تسعمائة عام! إذا كان الأمر يتطلب طفلًا عمره ثلاثة أشهر ليرشدكم إلى الطريق الصحيح، فقد يعني ذلك أنكم جميعًا عديمو الفائدة.”

لم يكن الأب العجوز جينوه، وهو شيخ محترم، غاضبًا من توبيخ الطفل، عندما قورن بمواهبه الهائلة، شعر الجميع أنه عديم الفائدة، سعل، “إيه… يا ساميَ…”

“لا تناديني بهذا”

“حسنًا يا بني، ليس الأمر كما لو أن ما ذكرته لم يخطر ببالنا من قبل، لكنه لم يُنظر إليه حتى كخيار لأنه لا يمكن لأحد أن يمنع حدوث تحول كامل بمرور الوقت إذا كان شخص آخر يقاتل من أجل السيطرة، سيستغرق الأمر الكثير من الموارد لتنفيذ مثل هذا الشيء.”

تنهد الصبي ودلك جبهته بأصابعه الصغيرة الممتلئة، “كلهم لديهم عيون لكنهم لا يستطيعون رؤية الجبل أمامهم”.

الترجمة : كوكبة