السجل البدائي - الفصل 1090

الفصل 1090: التأثير المفسد

انفتحت عينا جيريديا فجأةً. وبسبب تمدد الزمن الذي كانا يمرّان به، مزّقت قوة فتح عينيه بسرعة الجزء العلوي من وجهه، تاركةً مقلتيه الدمويتين مثبتتين في مكانهما بخيوط صغيرة من اللحم والعظام، تحدق في روان بجنون.

انفتح فمه وبدأ يتكلم، كل كلمة مزقت وجهه إلى قطع، وحرق ضباب أحمر الهواء بسبب الاحتكاك المذهل الذي شعر به عندما دفع لحم جيريديا الضعيف الجزيئات في الهواء والتي كانت أقوى من الأدامانتيت في هذا المستوى من التمدد، لكن الإرادة المجنونة في عينيه أظهرت أنه لم يكن حتى على دراية أو لم يهتم بأن دفع نفسه إلى مثل هذا المستوى كان يدمر لحمه.

“إذن أنت كذلك،” قال جيريديا بصوت أجش، وانفجر حلقه إلى شرائط، “ساميَ ومبتكري. يا للعار، كنت أعتقد أنك ستكون أطول.”

استدار جيريديا ونظر إلى كل هؤلاء المقيدون بالدم، وضحك ضحكة خافتة: “لم يبقَ لي الكثير من الوقت، لطالما تخيلت ما سأقوله عندما أقف أمامك. في صغري، أجبرت نفسي على الصلاة. لطالما كان هناك فراغٌ في قلبي، ينتظر أن يُملأ. كنتُ بحاجة إلى إجابات، لماذا وُلدتُ هكذا، لماذا لُعنتُ… أسئلةٌ كثيرةٌ كهذه تملأ محيطًا… لكن الآن، وأنا أنظر إليك، وجدتُ إجابتي.”

حرك روان رأسه ببطء إلى الجانب، “ما هو جوابك؟”

ابتسم جيريديا، وعلى ملامحه شيء من الكوابيس، “لا يوجد، أعيش وأموت، كل ما يحدث أو يوجد ليس له هدف، ليس للضعفاء، نحن لا نختار مصيرنا، بل هو من يختارنا. لا أندم على شيء، وفي نهاية حياتي، سأكون لك.”

تراجع روان عن جيريديا الذي بدأ جسده يتفتت بسرعة، وكانت سرعة رد فعله تضاهي سرعة روان، محوّلةً جسده إلى لا شيء، وهذا ليس مفاجئًا، ففي اليوم الذي التقى فيه جيريديا بذلك الظل، ترك جزءًا منه داخله. كان الظل ينوي دفن آخر ما تبقى من وعي روان، لكنه لم يكن ليتخيل أبدًا أن جزءًا من روان أصبح واعيًا الآن.

لم يكن جيريديا صاعدًا أبدًا، حتى أن ذلك كان كذبة، لم تكن هناك طريقة تسمح بها إرادة العالم لقوة روان بالاندماج مع قوتها.

ما أظهره جيريديا لعبيد الدم لم يكن سوى قوة مستعارة، وعندما خلع جلده وأظهر مظهر الصاعد، لم يكن سوى قطعة الظل الكامنة بداخله التي رآها الآخرون وخُدعوا، معتقدين أن جيريديا لديه الآن جسد الصاعد، ومع هذا الخداع، انهارت المقاومة.

داخل صدره المنهار، انكشفت عينان حمراوان كبيرتان، ورأى روان الألفة في تلك العيون، كان يعرف تلك العيون، على الرغم من أن آخر مرة رآها فيها، كان لها شكل مختلف، لم يستطع الفوز في هذه المعركة، ليس ضد ما كان قادمًا، لكنه لم يكن بحاجة إلى القتال من أجل الفوز،

“انفيه” أمر باب الفوضى، الذي ابتلع ريقه في تردد قبل أن يوسع حجمه، وفتح فمه على مصراعيه، وابتلع جيريديا.

عبس باب الفوضى، وسعل عدة مرات على وشك التقيؤ، ولكن بقوة الإرادة أجبر المحتوى الذي ابتلعه للتو على الاختفاء داخل جسده حيث اختفى الضوء الأسود الذي بدأ يتألق من خلال حلقه، تنهد بارتياح قبل أن يبصق في اشمئزاز شديد،

“بلارغ!! هذا أقبح شيء وضعته في فمي، وقد سبق وأكلتُ كوكبًا مصنوعًا من فضلات شيطان! هل تعلم مدى بشاعة فضلات الشيطان؟ تخيل كوكبًا مصنوعًا منه بعد دهور لا تُحصى من التراكم، وأكلتُ هذه الفضلات، لكن هذا أسوأ بمليون مرة… آه، أشعر به في روحي، ماذا بحق جعلتني آكل روان؟ لن أفعل…”

بدأت عيون باب الفوضى في الاتساع وأدار رأسه في حالة صدمة.

كان شكل باب الفوضى مميزًا. كان يشبه بابًا عتيقًا مُحاطًا بإطار مزخرف بلون أسود مخضر، كما لو كان خشبًا تُرك لينقع تحت المطر والشمس لعصر من الزمن.

وفي منتصف الباب كان وجه باب الفوضى، لاباليتاي، وإذا رغب كان بإمكانه تمديد ذلك الوجه خارج الباب ليصبح رأسًا، وكان رأسه يمكن أن يمتد إلى الأمام على رقبة يمكنه أن يجعلها طويلة كما يريد.

على جانب الباب كان مقبضه، وكان يشبه يدًا مصنوعة من العظام. عادةً، كان على كل من يرغب في استخدام باب الفوضى كوسيلة نقل أن يمسك بمقبض الباب، وإذا استوفى جميع الشروط اللازمة، يُسمح له بلف المقبض وفتح الباب إلى أي مكان أو بُعد يصل إليه باب الفوضى.

مع انتشار تجسيداته بر عدد غير معروف من الأكوان والأبعاد، كان باب الفوضى واحدًا من أقوى وأكثر أطفال الفوضى تنوعًا وكان يُعتبر أكثر فائدة من معظم دماء الفوضى، مما سمح للاباليتاي بالازدهار.

في هذه اللحظة، كان مقبض باب الفوضى يلتف ببطء إلى الجانب، كما لو كان هناك شيء على الجانب الآخر من الباب يشق طريقه عبر الباب،

“اللعنة… اللعنة… اللعنة… لا يمكنني إيقافه، ماذا بحق ابتلعته، آه، لقد كان مؤلمًا.”

لمعت عينا روان وأمسك برأس لابلتاي وحوله نحوه، “اقتل هذا التجسيد الخاص بك، بسرعة.”

“ماذا؟! هل جننت، ناهيك عن تكلفة هذا على كياني، لم نُكمل معاملتنا بعد. لم أتقاضَ أجرًا كافيًا مقابل هذا الهراء!”

زمجر روان، “لن تكون تكلفة جوهرك مشكلة، الدفعة التي سأدفعها لك ستكون ثلاثة أضعاف. تفضل…”

أشار روان، فانتفض السوار الضخم الذي فوقه حين انبعثت منه موجة صدمة هائلة. انكمش السوار بسرعة وانزلق في يد روان اليسرى. أخرج بصمت أربع قطع من الصخور الحمراء المتوهجة، فجعلت عيون لاباليتاي تتوهج جشعًا، ونسي باب الفوضى للحظة الخطر الذي كان يواجهه، تلعثم، وكاد يسيل لعابه.

“ماذا عن أغراضك، إذا قمت بتدمير هذا التجسيد، فسيستغرق الأمر أربع سنوات أخرى على الأقل قبل أن أتمكن من العودة.”

بدأت الظلال تتسرب من جانب باب الفوضى، فقال روان بحدة: “سأنتظر أربع سنوات حتى تعود. أسرع الآن، قبل أن يتحول تجسيدك بالكامل إلى فاسد”.

تردد باب الفوضى، ونظر إلى الكنوز في يدي روان، و إلى مقبضه الذي كان على بعد بوصة واحدة فقط من الفتح، وشد على أسنانه، “تمسك بكنوزي!” ثم اختفى بشكل غير متوقع.

انتظر روان بعينين مغلقتين ثم شعر بذلك، نوع من الانفجار الذي تردد عبر المكان والزمان، وهو غير قابل للاكتشاف حتى من قبل معظم الخالدين لأنه حدث خارج نجم الهلاك، ولم يستطع أن يشعر بهذا الانفجار إلا بسبب بُعده النائم الذي شعر بطفرة القوة تتدفق عبر العالم.

تنهد وضرب عنقه، لقد تخلص من خطرين مخفيين لأنه لعب بيده بعناية.

الترجمة : كوكبة