السجل البدائي - الفصل 1085

الفصل 1085: يأتي والدك إلى بابك

لم يتسرع روان في اتخاذ أي قرار، لأن الحقيقة ستنكشف له قريبًا. ماذا سيكتشف عندما يخترق صفوف المقاومة؟ هل سيكتشف طفلًا موهوبًا ابتكر تقنية فعّالة لرفع شأن عرقهم، أم مجموعة من الخونة الذين حكموا على بقية جنسهم بالانقراض لمجرد البقاء عبيدًا للصاعدين؟

كان جميعُ مُقيّدي الدم هنا في الرتبةِ السامية، ومعدلُ نموِّ سلالتهم المُرعب يُظهر قوته. ظهرَ بجانبِ أحدهم وغرزَ إصبعَهُ في دماغِ مُقيّد الدم.

دون علم بوجود روان أو حتى ما كان يحدث له، كان مقيد الدم يراقب تحركات الكارثة بفتنة.

أغمض روان عينيه وانغمس في عقل هذا الرجل محاولًا لمس روحه. لم تذهب السنوات الثلاث الماضية سدىً، فقد كان يتدرب بوعيه، واكتساب روحه منحه قدرات جديدة لم يبدأ بعد باستكشافها.

لم يعد هناك حاجة إلى القتل من أجل لمس الروح، فقد غاص روان في عقل هذا الرجل، من لحظة الحمل عندما أضاءت شرارة روحه إلى هذه اللحظة الحالية حيث وقف هنا وشاهد الكوارث تتدفق إلى الأمام لإبادة عرقه.

تعلّم روان الكثير، لكن ليس بما فيه الكفاية. فرغم الرتبة السامية، كان مقيدي الدم مجرد حشود فانية، وبفضل مواهبهم التي مكّنتهم من اكتساب السلطة بسهولة، كانت الأقدمية والسلطة تأتيان مع التقدم في السن لا مع السلطة، ولم يكن يعلم ما يحدث إلا كبار أعضاء المقاومة.

للتأكد من قدرته على الحصول على مزيد من المعلومات، أخذ روان بعض الوقت لقراءة أرواح الجميع هنا حتى تأكد من أنه يستطيع تعلم المزيد.

لكن ما تعلّمه أغضب روان غضبًا شديدًا. لم يعتبر هؤلاء المقاومون أنفسهم مقيدي دم، بل أطلقوا على أنفسهم اسم “عبيد الدم”.

اعتبروا سلالتهم لعنة، وأن تقريب طبيعتهم من التفوق وحده كفيلٌ بتخليصهم من هذه اللعنة. في الماضي، لم يكن الأمر هكذا دائمًا، لكن شيئًا ما قد تغير.

في البداية، قامت المقاومة بما ولدت من أجله، قاتلت ضد المستكشفين وسعت إلى بناء مجتمع أفضل لكل فرد من سلالتهم المزعومة الملعونة، لكن أيديولوجية جديدة وُلدت بدأت تُشوّه هدفهم. سقطوا في اليأس، إذ لم يُقدّروا مقاومتهم، واعتبروها عملاً تافهاً ضد عدو لن يهزموه، فقرروا تقبّل طبيعتهم كعبيد، سعياً وراء السلطة وظروف أفضل.

في المقابل، حرصوا على ألا يثور مقيدوا الدم على السطح. كان موقعهم الفريد كمقاومة يعني أن الشباب المتحمسين والحكماء الراغبين في محاربة مضطهديهم سيأتون إليهم، ويمكنهم التخلص منهم بسهولة.

بدلًا من أن يكونوا المدافعين عن شعبهم، أصبحوا مضطهديهم، والأسوأ من ذلك أنهم اتخذوا شكل رعاة عندما كانوا ذئابًا. أصبحوا قرادًا يغزو أجساد مقيدي الدم، ينزفونها ببطء حتى الموت، وقوبلت أفعالهم التي كانت تزعج السطح وتؤدي إلى إبادة كل مقيد الدم على السطح باللامبالاة، بل إن بعضهم كان متحمسًا، لأنهم كانوا يكرهون مقيدي الدم أكثر من الصاعدين.

“إذا كان دمي لعنة عليكم جميعا، فأعيدوه إلي.”

لقد فاجأ صوت روان غير المتوقع الذي تردد داخل هذا الفضاء جميع مقيدي الدم، وقبل أن يتمكنوا من فهم ما كان يحدث، استولى روان على الهواء أمامه، وتجمد عبيد الدم السبعون وتم انتزاع جلدهم وعضلاتهم ودمائهم وأعضائهم الداخلية منهم.

لفترة وجيزة، لا تزال الهالة الصاعدة داخل أجسادهم تأخذ شكلها السابق، وسيعتقد شخص غير مدرك أن سبعين من الصاعدين بأجساد من الدخان والهالة قد ظهروا للتو تحت الأرض، ولكن في ثانية أخرى انهارت هالتهم الصاعدة بصوت صراخ حاد.

“ما تخدمونه جميعا لا يمكنه فعل شيئ بينما يتم أخذ سلالتكم منكم.”

ضغط روان بيده وهو يُنقّي سلالته ليُحوّلها إلى كتلة من نار ذهبية، ثم أطلقها نحو الأعلى قبل أن يواجه الفضاء الممتد. داخل أرواح عبيد الدم، علم أن أغلبهم كانوا في هذا الفضاء، إلى جانب كيان غامض آخر.

قبل أن يعبر روان إلى الفضاء الذي صنعه سواره، مدّ يديه جانبًا وأمسك بالهواء. لبضع ثوانٍ، اختفى شيء، ثم انبعث فيضان من نار ذهبية من كلا الاتجاهين وتدفق على راحتيه قبل أن يطلقهما إلى السطح.

توقف روان ونظر إلى ذراعيه، في تلك الثواني القليلة قتل أكثر من مليون عبد دم، وعلى عكس عندما ذبح الناس في الماضي، لم يشعر باللامبالاة، بدلاً من ذلك كان مزيجًا غريبًا من المشاعر، التي تضمنت الرضا والذنب والعار والعديد من المشاعر المعقدة الأخرى التي كان من الصعب وضعها في كلمات.

بشكل عام، ما زال يشعر بالغضب والسخط لأن سلالته المجيدة انحدرت إلى هذه الحالة.

هذه الدفعة من المراقبين الذين قتلهم للتو كانت مجرد واحدة من بين حراس المراقبة العديدة التي أحاطت بهذه المساحة. ورغم اتساعها الداخلي، لم يتجاوز محيط المساحة الخارجية بضع مئات من الأميال.

لمس روان الحاجز الذي يفصل هذه المساحة عن العالم الخارجي وسمح لنفسه بالانجذاب إليها عندما شعر بقوة شفط قوية من الداخل.

شعر على الفور تقريبًا بتدفق قوة غريبة في بُعده، ونهض جزء من نفسه من سباته، وعلى ظهره وذراعيه، نُقشت وشم أوراق وشجرة ضخمة على عموده الفقري. بدأت الغابة اللامتناهية في الأسفل تتحرك كما لو أن ريحًا عاتية تهب من خلالها.

كان هديرٌ خافتٌ في عقله هو ما ينبهه قبل أن يرى السوار الضخم يهتز، وانبعثت منه موجةٌ صادمةٌ تحمل برقًا أخضرَ شديدًا. كانت موجة البرق شرسة لدرجة أنه بإمكانها أن تحرق عدة كواكب إلى رماد، لكنها مرت بجانبه دون أن تأذيه، بدا البرق وكأنه خرج عن طريقه لتجنبه.

استدار روان وشاهد موجة البرق وهي تصطدم بالحاجز. تسبب هذا في اندلاع جولة أخرى من موجات الصدمة من الحاجز التي انتشرت للخارج مما أثار ثعابين الكوارث المتفجرة، والتي سرعان ما استقرت في ندائها الغبي على السطح. كانت هناك طرق عديدة يمكنه من خلالها تقرير ما سيحدث بعد ذلك، يمكنه أن يقضي بصمت على جميع عبيد الدم الذين اكتشف أنهم يحاولون كسر سواره، أو يمكنه أن يعلن عن نفسه ويعاقب أولئك الذين تخلوا عن سلالته. انفجر جسد روان في نار ذهبية كانت شديدة السطوع لدرجة أنها وصلت إلى كل ركن من أركان هذه المساحة وما وراءها.

إخترق نوره الذهبي الأرض حتى انتشر إلى كل ركن من أركان القارة وما وراءها، ورآه كل من يحمل سلالته، بغض النظر عن مكانهم.

[يأتي سلفكم إلى بابِكم، ومع ذلك فأنا غيرُ مُعلَنٍ. جميعُ المُقيَّدين، وجميعُ العبيد، سيُرافقونني.]

تموج الفضاء أمامه وتم إرسال كل من مقيدي الدم بغض النظر عن مكان وجودهم في العالم إلى هذا الفضاء.

الترجمة : كوكبة