السجل البدائي - الفصل 1081
دعم مترجم لزيادة تنزيل رواية The Primordial Record
الفصل 1081: شعلة الروح
في أعماق نفسه، كان روان يعرف أن السبب الوحيد الذي جعله يفكر في هذا الأمر بعمق هو الحالة الحالية لوعيه.
لو كان وعيه كاملاً، وجسده البُعدي مستيقظاً تماماً، لما أثارت محنة تريليونات لا تُحصى من الفانين الذين يحملون نسخةً مُتحولةً من سلالته أدنى قلقٍ لديه. مع أن روان لم يُعبث قط بأصل الروح، ولذلك كان يُدرك أن كل من قتله لا يزال ينتظره المزيد من التناسخات، إلا أنه بلا شك قتل تريليونات لا تُحصى في حياته دون تردد.
الدم الذي سفكه طيلة حياته كان كافياً لإطفاء تريليون نجم.
ومع ذلك فإن الأشياء التي رآها فوق العتبة هزته، والألعاب التي لعبتها قوة أعلى مع الصاعدين والكوارث، وفهمه أنه بغض النظر عن التضحيات التي قدمت في هذه المعركة، سواء من الفانين أو الخالدين، كان كل هذا عديم الفائدة.
ملايين السنين من الحرب والمعاناة، وفي النهاية، هُجروا جميعًا، كلهم جزء من سلسلة طويلة من المعاناة امتدت إلى أعماق العصور القديمة. رأى روان الأرواح حبيسة هذا العالم، كل دورة هي دورة معاناة لا تنتهي، في هذه الدورة كانت الصعود والكارثة، وبعد هذه الدورة، ستبدأ دورة جديدة.
في مثل هذا العالم، كان ينبغي أن يكون قراره سهلاً نسبيًا، مع العلم أنه مهما فعل لهؤلاء الناس، فإنهم سيظلون عالقين في مرمى النيران، ولكن على الرغم من كل هذا، وجد روان أنه لا يستطيع المضي قدمًا وإدانة هؤلاء الناس.
لقد كره هذا العالم، وكره حقيقة أنه أخذ منه أطفاله، لقد أراد أن يفقد هذا العالم كل ذرة من السيطرة والهيمنة التي زرعها منذ زمن سحيق… لقد أراد أن يكون أكثر من ذلك.
ما فائدة كل هذه القوة إذا كان كغيره؟ ألا ينبغي أن تمنحه قوته حرية أن يصبح ما يريد؟ ألا يستطيع كسر دائرة المعاناة التي لا تنتهي حيث لا تُحدَّد قيمة الحياة إلا بالقوة التي يتحكم بها؟
توقف للحظة، “لماذا أفكر في هذا الأمر الآن؟ الحياة لا معنى لها، والموت لا معنى له، والحقيقة في نهاية المطاف هي وحدها الجديرة بالسعي. ومع ذلك، رغم كل هذا، لماذا لم أعد أهتم بالحقيقة المطلقة والقوة؟ لماذا أهتم بهؤلاء الفانين؟ هل سقطتُ إلى هذا الحد؟ لماذا يتألم قلبي؟”
وبعد أن تحرر من قوته ومسؤولياته التي استهلكته بالكامل، اكتشف روان أنه استعاد قدرًا صغيرًا من الروح التي فقدها.
هزّه هذا الإدراك في الصميم. لم يعد بإمكانه التغيير، فروحه قوية جدًا، أعظم مما يتصوره معظم الخالدين، وكان التغيير بالنسبة له صعبًا للغاية، بل مستحيلًا، حتى روان لم يكن يؤمن بقدرته على التغيير، فقد أصبحت طبيعته راسخة، كيف…
رفع يديه العجوزتين الذابلتين إلى عينيه، وعلى إصبعه خيط من نار فضية – لهب الروح. قدرة فقدها منذ اللحظة التي تطور فيها من سلالة دمه الثانية من مستولي الأرواح لتصبح تجسيد إيف.
… أصبح لديه روح الآن.
*****
شعر روان باضطراب طفيف في النسيم قبل دقائق قليلة من وصول صبي صغير يبلغ من العمر سبع سنوات يحمل سلة كبيرة إلى جانبه، أسقط الطفل السلة مع تأوه مبالغ فيه والتقط رغيف خبز أزرق كبير كان العفن ينمو عليه، كشط بعناية أكبر قدر ممكن من العفن ثم قدم الرغيف إلى روان بابتسامة،
“يا أبي، تفضل بتناول بعض الطعام، فقد بقيتَ على هذا الوضع لأسابيع، لا تيأس من الحياة، فهناك الكثير مما يجب البحث عنه، والكثير من الأطعمة الشهية التي يجب تذوقها. سمعتُ أن في القارات البعيدة خبزًا دافئًا طريًا كالغيوم، هل تتخيل شيئًا كهذا؟ إن يئست، فقد لا ترى أو تلمس شيئًا كهذا أبدًا”.
كان روان جالسًا عند مدخل منجم يؤدي إلى الأرض، هذا المنجم الذي امتد لأميال كان أحد الشقوق بين قشور ثعابين أوروبوروس الساقطة، وتلك الشقوق تؤدي عميقًا إلى الأرض حيث يمكن العثور على خام غني بالجوهر يمكن أن يقوي الجسم ويثري النفوس.
يجب أن تجعل الموارد القيمة مثل هذه كل مقيد دم قويًا وقد تم إنشاؤها لتكون أكثر فائدة لأجسادهم من المستكشف العادي الذي يمكنه فقط استخدام الجزء الذي يثري الروح من الخام والتخلص من الباقي، لكن مقيدي الدم لا يمكنهم الاستمتاع بهذه الموارد، بدلاً من ذلك، تم استخدامهم كعبيد للتعدين.
وبطبيعة الحال، فإن مثل هذه المعاملة من شأنها أن تؤدي إلى الاستياء، ومن هذا الاستياء ولدت مجموعة مقاومة سعت إلى تحرير مقيدي الدم من محنتهم، ووفقًا للشائعات يمكن العثور على مقرهم في أعماق الأرض.
من قبيل الصدفة، كانت مجموعات المقاومة هذه هي الجزء الصغير من “مقيدي الدم” الذي كان روان يجد صعوبة في تعقبه، فقد كان هناك شيء يحجبهم عن بصره، وهذا مثير للاهتمام. أي شيء يمكن أن يحجب سلالة دمه لم يكن بالأمر السهل.
كان روان يتتبع أثر المقاومة منذ فترة، لأن بعض ما كانوا يفعلونه لم يكن ممكنًا بالموارد المتاحة لهم. لم يكن بينهم أي صاعد، ومع ذلك استطاعوا الصمود كل هذه المدة، بل وحتى الاختباء من صدى سلالته. أمرٌ مثير للاهتمام حقًا.
ابتسم للطفل وأخذ الخبز المتعفن، فأكله في ثلاث لقيمات سريعة، تاركًا الطفل ينظر إليه بدهشة من سرعة التهامه للرغيف. كان الصبي يأتي إليه يوميًا، ولم يتأخر أبدًا في إطعامه، وطوال تلك الفترة لم يكلم روان الطفل قط.
كان السبب في ذلك هو أن روح الصبي كانت حساسة للغاية، وكان هذا هو السبب في أن الطفل يقترب دون وعي من روان، والرنين العميق الذي شعر به معه أربك الطفل وأثار اهتمامه، لدرجة أنه إذا تحدث روان إلى هذا الطفل، فإن سلالته سوف تنفجر وسوف يولد شيء جديد ورائع بداخله.
انتظر الطفل لحظة، وعيناه مفتوحتان على مصراعيهما، آملاً أن يكون اليوم هو اليوم الذي يتحدث فيه روان معه، لكن روان، كعادته، ظل صامتاً. شعر ببعض الكآبة، لكن ذلك لم يدم إلا لحظة وجيزة قبل أن يبتسم ويحاول جاهداً رفع سلته الثقيلة إلى رأسه، حيث كان سيشارك محتوياتها مع عمال المناجم في الأسفل.
“سأعود غدًا وأحضر لك رغيفًا آخر. لا تيأس يا أبي، ما زلنا بحاجة إلى حكمتك.”
مع تلك الكلمات المبهجة، بدأ الصبي بالنزول إلى المناجم، لكن شيئًا ما كان مختلفًا اليوم لأن روان كان يتبعه، لفترة من الوقت لم يكن الطفل على دراية بوجود روان لأن خطواته كانت أخف من الريشة، لكن روحه الحساسة جعلته يستدير وكاد يقفز من جلده عندما رأى روان على بعد أقدام قليلة خلفه، لقد كان ينزل لأكثر من عشرين دقيقة فوق تضاريس وعرة ومع ذلك لم يشعر أو يسمع أي شيء،
“أبي العجوز، هل هناك خطب ما؟، لماذا تنزل إلى الأرض معي؟، إنه أمر خطير للغاية هنا وتحتاج إلى أن تكون سريع الخطى للهروب من الوحوش داخل الظلام.”
الترجمة : كوكبة
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.
تعليقات الفصل الفصل 1081
التعليقات :
روايات مقترحة
