السجل البدائي - الفصل 1065

الفصل 1065: تنظيف الطوابق

لم يبذل روان جهدًا أعمق للتحقيق في هذا الحاجز لأنه لاحظ أنه كان مليئًا بهالة الصاعد، على الأرجح من الصاعد السامي الذي استوعب هذه القارة لتصبح كنز ميلاده.

لكن لم يكن هذا هو سبب استكشافه أعماق الأرض. كان الأمر كما شكّ سابقًا؛ إذ لا يمكن العثور على سامين الكارثة تحت كل قارة، ولم يكن نزوله مباشرةً فوق فم أحد هذه المخلوقات المراوغة وهو في هيئة بيضة حجرية عاجزة مصادفة.

المعركة بأكملها حصلت بتدبير شخص ما، بما في ذلك موت سامي الكارثة، واستدعاء بيريون الخالد، وأخيرًا مستكشف سامي واحد وقف فوق المعركة وشاهد كل ذلك في تسلية قاتمة، بينما سخر من روان وكل الوجود.

‘إذن، ما هذا الشكل الذي اتخذتيه يا عين الزمن؟ صدفة فانية… مخاطرة، لكن هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكنكِ من خلالها التأثير دون لفت الانتباه. ذكي… ههههه… يبدو أن سلالة عائلتنا لا تضم سوى المتهورين.’

مع علمه بأن التركيز على المعركة القادمة لا جدوى منه، ركز على جدول أعماله التالي، وهو قتل الصاعد السامي والاستيلاء على هذه القارة.

فتح راحة يده اليسرى ووشم المرأة المنحنية والشيك ازدهر في إشراق قرمزي حيث حوّل روان تدفقه المتزايد من طاقة الروح إلى هالة الكارثة، وفي أقل من ثلاثة أيام، كان الشيك الذي كانت قدرته على إمتصاص هالة الكارثة مذهلة حقًا وتنافس قدرة روان أيضًا وصل إلى الرتبة السامية.

لقد أظهر التقدم الذي أحرزه روان عند الوصول إلى الرتبة السامية قيمته حقًا في هذه اللحظة؛ فقد استغرق الأمر ستة أشهر للوصول إلى الرتبة السامية باستخدام تيار الهالة الصاعدة المحول، لكنه فعل شيئًا مثيرًا للإعجاب بنفس القدر في ثلاثة أيام فقط.

إذا كان تيار طاقة الروح الذي كان يستغله سابقًا يأتي من قشة رقيقة، فقد أصبح الآن أنبوبًا كبيرًا، قطره اثنا عشر قدمًا. مع وصول الشيك إلى الرتبة السامية، تضاعف حجمه ثلاث مرات، لكن هذا التحول المذهل لم ينتهِ عند هذا الحد، فبسبب اندماجه مع المستكشفة الفاسدة نايلا، اكتسب سمات التفوق، واتخذ شكله ضبابًا، فبدا وكأنه وحش مصنوع من دخان أسود ولهب أحمر.

صرخت نايلا، وكان الصوت الخارج من فمها مشوهًا، وكأنه صوت شيم، كما استفادت من ارتفاع الشيك، ووصلت قوتها الأساسية التي كانت عالقة في المستويات الدنيا من الرتبة السامية إلى الذروة، ولن يكون الوفاء إلا بمتطلبات معينة كافيًا لدفعها إلى رتبة الصعود وجعلها سيدة معبد.

لم يكن لدى الشيك أي من هذه القيود، فكل ما تحتاجه الكوارث هو قدر كبير من الهالة وكمية أكبر من الفوضى والاضطراب تحتها للتحول إلى الحالة الناشئة لسامي الكارثة، وأصبح عمرها لا نهائيًا تقريبًا، والطاقة التي يحتاجونها للتحول إلى حالة أعلى أصبحت أكثر تقييدًا، ولهذا السبب فإنهم ينامون لملايين السنين، ويلتهمون قارات بأكملها ليتطوروا أكثر.

لقد دفع روان أيضًا هالته الصاعدة إلى ذروة الرتبة السامية، وفقط حتى يستوعب كل العدد المطلوب من القارات سيدفع ليصبح صاعدًا، ولم يكن معروفًا بعد عدد القارات التي سيحتاجها ليصبح صاعدًا، وبالتالي استدعاء الجزء الثالث وربما الرابع من وعيه، لكن كل هذا يعتمد على القدرات التي سيكتسبها كصاعد.

نظر روان نحو يساره حيث يقع قصر الصاعد السامي، وبدأ في التحرك بخطوات مدروسة نحو هدفه.

كان الصاعد السامي يعيش في أعلى ‘مدى الحجر’، وكان قصره يتكون من عشرة طوابق، وكانت الطوابق الثلاثة العليا مقتصرة على الصاعد وحده، مع حاكم ‘مدى الحجر’، وهو مستكشف من رتبة سَّامِيّة له صلة دم مع الصاعد، وكان محطته الرسمية في الطابق الرابع، وكان الطابق السادس أدناه عبارة عن مزيج من ترسانة الأسلحة والثكنات وميناء السفن الحربية والمركز الإداري.

كانت الطوابق السبعة في المجموع تضم عشرات الآلاف من المستكشفين وكانت المنطقة الأكثر أمانًا في ‘مدى الحجر’ بالكامل، حتى الحشرة لن تكون قادرة على المرور عبر الباب، ومع ذلك عندما مر روان بجوار مئات المستكشفين المتجهين إلى الطوابق العليا، لم يبدو أن أحدًا لاحظه.

مرّ حضوره الأثيري بينهم كالريح، مُثيرًا شعور البعض، ومُسببًا قشعريرةً في أجساد آخرين ذوي حواس مُعززة. سار دون عائق عبر الطوابق الثلاثة السفلية حتى وصل إلى حاجز في الطابق الرابع، حيث كان المرور عبره سيلفت الانتباه ما لم يستخدم قوىً خارج نطاق التفوق.

تنهد روان، كان يأمل أن يصل إلى وجهته بهدوء، لكن ذلك لم يكن ممكنًا. كشف عن نفسه أمام البوابة المسدودة المؤدية إلى الطابق الرابع، وبدأ يمرر يده على المعدن، المصنوع من التريتون، والممزوج بمزيج غريب من السحر الروني ومكونات عشبية مدهشة، فكاد هذا الباب أن ينبض بالحياة.

لفترة من الوقت، لم يلفت روان إنتباه أحد، لكن أحد المستكشفين رأى بريقًا ذهبيًا على جانب رؤيته، فنظر إلى أسفل وتعثر في حالة صدمة حيث تحولت الأرض تحته إلى نهر من الذهب.

انطلقت تعجبات متتالية من المناطق المحيطة عندما اكتشف مئات المستكشفين في هذا الطابق أن الأرض تحت أقدامهم تحولت كلها إلى ذهب، وسرعان ما لاحظ عدد قليل من الناس روان واقفًا عند البوابة إلى الطابق الأعلى، وهو يداعبها بلا مبالاة.

سرعان ما لاحظ المستكشفون المراقبون أن نهر الذهب تحت أقدامهم خرج بالكامل من رداء الغريب الغامض أمامهم، ولكن قبل أن يدركوا تمامًا ما كانوا يشهدونه، سيطر عليهم جميعًا شعور بانعدام الوزن عندما انفتح النهر الذهبي وابتلع جميع المستكشفين في الأرض والطابقين الآخرين أدناه.

قبل ثوانٍ، كانت الطوابق الثلاثة الأولى منطقةً صاخبةً تعجّ بآلاف المستكشفين، وفي الطابق التالي، ساد الصمت. لم يبدُ أن روان قد لاحظ ما حدث، بل كان تركيزه منصبًّا على الباب أمامه، الذي انفتح بعد ثوانٍ بصمت، إذ أقنع الباب بأن يُفتح تلقائيًا دون أن يُنبه أحدًا في المبنى.

تقدم روان، وثوبه يرفرف أمامه كموجة لا نهاية لها، وأينما مرّ، حيث كان مئات المستكشفين يُؤدّون واجباتهم اليومية، لم يبقَ سوى الصمت. أُخلي الطابق الرابع في ثانية، وبعد ثلاث ثوانٍ، كان روان عند بوابة الطابق الخامس.

لفهم الآلية وراء عمل الباب، كانت نظرة من روان كافية لفتح البوابة، وما حدث في الطابق الرابع تكرر في الطابق الخامس، ولكن هذه المرة توقف روان لينظر إلى خريطة التحالف الفضي بالكامل التي كانت مصفوفة على منصة كبيرة في هذا الطابق قبل المضي قدمًا.

لكن عند وصوله إلى الطابق السادس توقف روان ونظر إلى ما ينتظره أمامه وابتسم، وخلفه أغلق الباب بقوة.

“من أنت؟”

اجتاح القاعة صوتٌ هامسٌ، كأنه نسيمٌ يمرّ بين أوراق الشجر. صدر الصوت من شخصٍ بدا كأنه مصنوعٌ من دخانٍ فضيّ يحوم في الهواء. كان الصاعد السامي ينتظر روان في الطابق السادس.

“موتك” أجاب روان.

الترجمة : كوكبة