السجل البدائي - الفصل 1061

الفصل 1061: ساميكم هو الشيطان

بفضل جسده ذي الأبعاد، أدرك روان كل تعقيدات التلاعب بالحجم والكتلة، ورغم أن طوله ظلّ متواضعًا عند سبعة أقدام ظاهريًا، إلا أن مظهره الحقيقي في هذا الجسد البشري كان خمسة وثمانين قدمًا، وكان لا يزال ينمو ببطء. كان ثقيلًا كالجبل، لكن هالة صعوده جعلته أخف من الهواء.

على الرغم من أنه أصبح لديه الآن إمكانية الوصول إلى كمية لا نهائية من هالة الصعود، إلا أن قدرته المحدودة

كان الوعي يعني أنه لم يكن قادرًا على سحبه إلا باستخدام قشة بدلاً من الأنابيب التي كان قادرًا على إطلاقها سابقًا.

على الرغم من الطريقة الأبطأ لملء قاعدة قوته، وكان هذا بالنسبة لروان مع أساسه السخيف – فمن المفترض أن يستغرق الأمر حوالي ستة أشهر ليصبح مستكشفًا من الدرجة السامية، وبعد ذلك سيستدعي جزءًا آخر من وعيه.

عندما قُتل على يد إرادة العالم، تشتت وعيه في أرجاء العالم. لم يكن هذا مجرد تشبيه. لو أراد روان أن يُعيد وعيه كاملاً، لكان عليه أن يُكرر هذه العملية أربع مرات.

تم جمع الجزء الأول من وعيه، وبعد ستة أشهر، سيُجري الطقوس مرة ثانية. حينها، سيُعيد تقييم وضعه، ويستعيد المزيد من ذكرياته المفقودة، ويأمل أن تُطلق العنان لمزيد من قدراته، مما يزيد من فرص نجاته.

عند النظر إلى شكل نايلا النائمة، أصبحت عينا روان باهتة بعض الشيء حيث أعاد النظر في الخطط التي كان لديه لها وللشيخ للمرة الأخيرة قبل أن يهز رأسه ويضع راحة يده على وجهها.

ارتجف جسدها قبل أن يبدأ في الانكماش، وكان هناك صراخ حاد وكأنها كانت في ألم عظيم قبل أن تختفي.

لقد كان الأمر محفوفًا بالمخاطر أن يضع شيئًا لم يتم اختباره إلى حد كبير موضع التنفيذ لأنه لن يكون قادرًا على التنبؤ بالنتيجة بالكامل بنسبة مائة بالمائة من اليقين، لكنه فهم أهمية الفوضى وتعكير المياه.

فتح روان راحة يده، وكان هناك وشم صغير لامرأة ذات ظهر منحني تقف بجانب عنكبوت كبير، أغلق راحتيه ونظر حوله لفترة من الوقت قبل أن ينهار في الغبار.

عندما ظهر مرة أخرى كان داخل كاتدرائية كبيرة تقع بالقرب من طرف قلعة ستون ريتش، وكان بالقرب من مركز القوة في القارة، وبجانب الكاتدرائية كان قصر الصاعد السَّامِيّ، لكن روان لم يبدو منزعجًا من حقيقة أنه كان قريبًا جدًا من الخطر، على الرغم من معدل نموه، فمن المرجح أنه كان بالفعل لا يقهر في هذه القارة.

كان شكله كظل وهو يتعمق داخل الكاتدرائية. في هذا العالم، لم يكن هناك سوى الحرب، وهذا ما شكّل ثقافة هذا العالم بحيث أصبحت تُعبد فيها الأسلحة والأقوياء. كانت الكاتدرائية بوابةً للأدوات المستخدمة في هذه الحرب، إذ احتوت على تماثيل ضخمة للأسلحة والسفن الحربية والعديد من أدوات القتال الأخرى.

اللافت للنظر أن هذه الأسلحة والسفن لم تكن مصنوعة من المعدن، بل بُنيت باستخدام عظام المستكشفين والكوارث الطبيعية. لم تكن هذه مجرد نسخ طبق الأصل، بل نسخًا كاملة الحجم، ويمكن استخدامها في أي لحظة، مع أن فعل ذلك كان يُعتبر بدعة، إلا إذا كانت القارة على وشك السقوط، فعندها فقط تُطلق العنان لأسلحة الحرب، الممسوحة بصلوات البشر اللامتناهية.

بخلاف السفن الحربية المعدنية المثلثة الشكل المصنوعة من التريتون والتي كانت شائعة لدى التحالف الفضي، فإن غالبية السفن الحربية والأسلحة خارج التحالف كانت مصنوعة من أكثر الموارد توفرًا في العالم، وهو لحوم الكوارث. وقد نقل مجلس التسعة، أعظم قوة في العالم، هذا المفهوم إلى بُعد آخر، حيث صُنعت حتى مبانيهم من لحم حي. كانت هذه الكاتدرائية بمثابة قاعدة لهذه القوة العظيمة التي كانت تحمل مصير كل مستكشف في العالم.

ومع ذلك، فإن كل هذه الأدوات الحربية في الكاتدرائية كانت باهتة مقارنة بالخدمة والتبجيل التي تم تخصيصها لشخص واحد، والذي يعتبر المستكشف الأول، بيريون الخالد، وهي شخصية محاطة بالأساطير والظلال.

وُضعت أداة تبجيله في الجزء المركزي من المعبد، ولم تكن تمثالاً، بل لوحة كبيرة تُظهر كائناً قوياً، ظهره موجهاً للجمهور. وجهه مرفوع، ويداه مشدودتان بقوة.

رغم أنه كان بشريًا، إلا أنه امتلك العديد من السمات التي لم تكن متوافقة مع أجساد المستكشفين. وترددت حكايات كثيرة عن كيف أن بيريون الجبار فرض على نفسه عذابًا شديدًا، محرّفًا جسده وروحه ليجد سبيلًا للمضي قدمًا ليتبعه جميع المستكشفين.

كانت التجارب التي فرضها على نفسه خطيرة للغاية لدرجة أن أي شخص آخر كان سيهلك مليون مرة أخرى، ولكن مرارًا وتكرارًا، نجا بيريون، وأظهر للمستكشفين الطريق إلى الأمام، مستخدمًا لحمه ودمه لإنشائه.

لُقّب بالخالد، فلا شيء غير ذلك يصف عناده الوحشي. مع مرور الوقت، ازداد بيريون قوةً، وترك الجميع خلفه، واندفع نحو عالم الظلام وحيدًا، لكنه أنشأ مجلس التسعة ليحمل إرثه ويجد صاعدين جديرين ليتبعوه في الظلام.

باستثناء الأعضاء القلائل في مجلس التسعة، لم يرَ أحد الصورة الكاملة لبيريون، وظل هذا الكائن الغامض مصدرًا بلا وجه للتبجيل بالنسبة لغالبية البشر والمستكشفين ولن يعرفوا أبدًا الوجه الحقيقي لمخلصهم.

كان من حسن حظ روان أن يتعرف على بيريون، كيف لا، فقد سحقه ذلك الوغد إربًا إربًا وذبح أطفاله. شعور السلاح البدائي وهو يحطم جمجمته ويغرس في قلبه هو شيئ لن ينساه أبدًا.

“ساميكم هو الشيطان”، ضحك روان ضحكة مكتومة، ثم تجاوز صورة بيريون. كان روان، مرتديًا جسد الصعود، شجاعًا. عاد إلى المكان الذي سيستريح فيه للأشهر الستة التالية، سفينة حربية مصنوعة من عظام المستكشفين، وتحديدًا جماجمهم.

الترجمة : كوكبة