السجل البدائي - الفصل 1056

الفصل 1056: التسلية

لم يتوقع روان أبدًا العثور على عالم من نوع الروح، عالم منفصل عن الواقع، وهذا يعني أنه يمكنه أخيرًا تجربة واكتشاف طبقات أعمق من الأرواح في هذا العالم.

ربما كان بقائه على قيد الحياة بعد إصابته بسلاح بدائي ليس فقط بسبب نقص الخبرة لدى حامله، ولكن ربما لأنه كان في عالم مغلق يحتوي على نظام أصل الروح الذي أعطاه بالتالي الدفعة للدفع إلى ما بعد حافة الموت.

كان من طبيعته ألا يتراجع أبدًا عندما يستغلّ فرصة، وأن يُكمل هذا المسار حتى النهاية. تاركًا تأملاته وخططه المستقبلية واضحة، حدّق في الإنسانة الفانية بجانبه.

عندما قتل المستكشفين في تلك القارة الميتة، كان قد حصد كل طاقة روحهم المتبقية، وبالتالي كانت المرأة أمامه مثل شعلة باهتة، لم يهم إذا كانت حيويتها لا تزال قوية، كانت طاقة روحها عند حدها، وبعد فترة، سوف تختفي، ما تبقى بداخلها لم يكن كافياً لحمل ثقل قوتها.

في عيني روان، كانت كنجمة ساطعة، تسكب إشعاعها لآخر مرة في الكون قبل أن يتلاشى إلى الأبد. امتلأت روحها الهشة بثقوب لا تُحصى، تتسرب منها أضواء بألوان متنوعة، تشبه بشكل مخيف بحره البدائي من الرحيق وعينيه المنشوريتين… هذا هو لون الروح عندما تُغلفها تجارب الحياة.

أمسك بيد نايلا برفق، وقادها إلى مكانها المحدد وجلس بجانبها، كانت تجلس في هذا المكان بمفردها، وهي عادة وجدت نفسها تفعلها منذ قرون، سيكون موتًا سلميًا إذا استطاعت أن تموت وسط هذا الجمال، أراد أن يرحل، لكن شيئًا ما بداخله حثه على البقاء، تنهد روان ونقر على أنفها مرة واحدة، مما أعاد تلميحًا من الحياة إلى عينيها،

“تنفسي… أعرف ما تشعرين به الآن. كأنكِ تصرخين بأعلى صوتك وسط حشد. لكن لا أحد يسمع صراخكِ. اعلم أن هذا الشعور لن يزول أبدًا، لقد رأيتِ طبيعتي بعمق وأنتَ فانية، حتى الصاعد سيُصاب بالجنون. لقد جرحتكِ جراحي. مع ذلك، يمكنكِ أن تختاري البقاء داخل هذا الثقب في روحك، وأن تذوي هناك حتى يزول جسدكِ الفاني الهش، أو أن تريه كما هو… مجرد ندبة، واحدة من بين الندوب الكثيرة التي تحملينها.”

لم ينتظر ليرى إن كان لكلماته أي تأثير عليها، فغرق في أفكاره. تركت لها المعركة الآن، والعزاء الوحيد الذي يستطيع أن يقدمه لها هو الجلوس بجانبها وهي تموت، حتى لو عادت للحياة، فلن تصمد إلا لبضع ساعات قبل أن تهلك.

أظهر روان قلمًا وورقةً بين يديه، ولأول مرة منذ زمنٍ طويل، بدأ الرسم. رفع الورقة في الهواء، فبدأ قلمه يزحف ببطء على سطحها.

ربما كان ذلك بسبب ضعف وعيه، أو لسبب آخر تمامًا، حاول ألا يفكر في الأمر كثيرًا، فقد كان يعلم أن ذلك سيساعده في تحليل طبيعة هذا العالم وكيف يمكنه استخدامه لصالحه في المستقبل.

كان لديه بالفعل ميزة عظيمة أخرى، فما كان يراه العالم منه كان مُفككًا وفوضويًا، لأن معظم وعي روان، باستثناء الوعي الذي يُحرك جسد هذا المستكشف، كان خاملًا. وبدون عقل مُرشد واعي، لن يتبلور أبدًا.

بالإضافة إلى أن هذا الجسد كان مستكشفًا، فقد منح روان غطاءً مزدوجًا ضد إرادة العالم. مهما استطاعت إرادة هذا العالم أن تخترق وعي روان، فلن تجد سوى الهدوء والسكون، والتفاصيل القليلة التي ستكتشفها ستكون بلا معنى.

ركّز على ما يرسمه لأن عقله كان قد شرد، وأدرك أنه رسم الحديقة بأكملها. كانت صورة مثالية رغم أنها رُسمت بالأبيض والأسود، لكن روان عبس. كان الرسم يُشعره بالسكينة في السابق، أما الآن، حتى وهو يرسم، فلم يكن عقله منصبًّا على شيء سوى التخطيط والحرب.

لم يعد بإمكانه ممارسة هذه الهواية المميتة الغريبة لفترة أطول، فأغمض عينيه واختفى الورق والقلم.

همس صوت نايلا الناعم بجانبه، “كيف يمكنك أن تفعل ذلك؟”

“افعل ماذا؟” أجاب بتشتت،

“احتفظ بطبيعتين منفصلتين في داخلك. حار وبارد، نور وظلام، موت وحياة…”

توقف روان عن تفكيره الداخلي ونظر إليها، “هل هذا هو السؤال الذي تريدين طرحه علي؟”

لعقت شفتيها بتوتر، ونحتت نايلا كل شك في قلبها جانبًا ومضت قدمًا، “أعتقد أن هذا هو أهم سؤال يمكنني طرحه عليك. أنت لست ساميا للكوارث أو صاعدًا، فلا أحد يستطيع أن يحمل مفهومين مختلفين في روحه.”

كان روان صامتًا قبل أن يسأل، “هل تستطيعين الرسم؟”

هزت نايلا رأسها قائلةً: “لا داعي لتعلم مثل هذه المهارة في زمن الحرب. أن تصبحي فتاة معبد يعني أن تقبلي حياةً من الخدمة والتضحية. لا نتعلم أي مهارة لا تناسب قضيتنا.”

“آه، بالطبع،” أومأ روان، “هذا معتقدك، ولكن ربما ترين من موقفي كم يفتقر سؤالكِ إلى الصواب. تسألين كيف يمكنني أن أحمل شيئين في قلبي في آنٍ واحد، ومع ذلك لم تبحثي قط خارج عقيدتكِ عن إجابات أخرى، لقد اخترت دائمًا الدفئ ولم تحاولي أبدًا المغامرة في البرد، لذلك لن تفهمي أبدًا ما سأقوله لكِ.”

هزت نايلا رأسها، “حجتك خاطئة. لا نتشارك نفس المبادئ. أعلم أن الشيء الوحيد الذي ينتظرني خارج النور هو الظلام، وخارج حياتي هو الموت، لا يمكنني أن أكون نورًا وظلامًا في نفس الوقت.”

ابتسم روان، “من قال؟”

الترجمة : كوكبة