السجل البدائي - الفصل 1043

الفصل 1043: الدفع الحركي

كان المستكشفان الساميان من الإناث، وعلى عكس بقية المستكشفين أدناه لم تكونا ترتديان أي دروع، وقد وصف روان ملابسهما بأنها رداء احتفالي، ملون باللون الفضي مع تجهيزات سوداء، وبشرتهما الخضراء وشعرهما الأحمر الطويل يتوهج على الرغم من الظلام، وموجات من الهالة تشع من جسديهما والتي بدت وكأنها تجعل الظلام أسهل تحملاً بالنسبة لأولئك أدناه.

كان هذان هما الشخصان الأكثر اهتمامًا به، وفي كل لحظة قضاها في مسح هالتهما كان يتعلم الكثير ويعدّل تقنية الصعود التي تتشكل داخل جسده.

كان المستكشفون الساميون على بعد خطوة واحدة من الصعود وكانوا يسيطرون على العديد من كنوز الميلاد مما يعني أنهم كانوا مليئين بمزيد من إرادة العالم، ومع ذلك لا يزالون ضعفاء بما يكفي بحيث يمكن لروان قرائتهم مثل الكتاب.

باستخدام روحيهما، كان متأكدًا من أنه سيكون قادرًا على سد الكثير من الثغرات التي كانت لديه فيما يتعلق بالحالة الحالية لهذا العالم، وهو أمر جيد لأنه مع الحالة المكسورة لوعيه، لم تكن هناك طريقة تمكنه من هضم روح الصاعد الخالد.

كانت الأسلحة التي أخرجها المستكشفون من أجهزة التخزين الخاصة بهم تشبه العصي، يبلغ طولها حوالي أربعة أقدام مع كلمات رونية معقدة محفورة على كلا الطرفين، ولم يكن هناك فرق كبير بين العصي التي يحملها المستكشف البطولي والمستكشف الأسطوري المصنف باستثناء الكلمات الرونية التي أصبحت أكثر وفرة وتعقيدًا.

كان جزء من عقدة وعيه يُفكك هذه الأحرف الرونية، مستخدمًا أساس اللغات التي جمعها من أرواح المستكشفين الأموات. ركزت عينا روان، اللتان كانتا غائمتين بعض الشيء في أفكارهما، على المعركة التي بدأت للتو في الأسفل.

لم تصدر أي أوامر، لكن المستكشفين الثلاثة آلاف رفعوا عصيهم وتجمعت كرة غير مرئية من القوة حول نهاية عصيهم واختفى جزء من الأحرف الرونية المحفورة على العصا في حريق قرمزي.

باستخدام بصره، رأى روان شيئًا مفاجئًا. الطاقة المحيطة بنهايات العصي لم تكن هالة، بل قوى حركية بحتة، لكنها لم تكن مستمدة من هالة الصعود، بل من هالة الكارثة.

كان الهواء مشحونًا بهالة من الكارثة لدرجة أن العصي كانت تسحبها مباشرةً من محيطها دون عناء، ثم تُوجّهها عبر الأحرف الرونية لتطلقها كصواعق من القوة الخالصة. كان تصميمه بسيطًا نوعًا ما، لكنه كان قادرًا على توجيه قدر هائل من القوة، وخاصةً العصي التي يحملها المستكشفون ذوو التصنيف المجيد والأسطوري، والتي كانت تفيض بقوة هائلة لدرجة أن الأرض تحت أقدامهم كانت تتشقق.

كشف روان بعد تدقيق النظر أن العصي كانت ذات خاصية مثيرة للاهتمام، إذ كانت جميعها مصنوعة من العظام، والأرجح أنها عظاما من “كوارث”. لم يجد روان أي خطأ في هذه الترتيبات، فالجانب الأضعف كان يبذل قصارى جهده للبقاء، حتى لو اضطر إلى استخدام قوى أعدائه لتحقيق ذلك.

شكّل المستكشفون أنفسهم في تشكيلٍ يشبه المروحة، وعندما أطلقوا أول طلقةٍ من القوة، اندفعت متجاوزةً تشكيلهم دون أن تُلحق بهم أذى، مارةً عبر المساحات المُجهزة جيدًا لهجماتهم الوشيكة. لم يكونوا مجموعةً عشوائيةً كأول من وصلوا إلى هذه القارة، بل كانوا جيشًا مُدرّبًا تدريبًا جيدًا، لم يكن هناك ذعرٌ أو ترددٌ في أيٍّ من هجماتهم.

بصوت صفير عالٍ، اندفعت الموجة الأولى من القوة نحو موجة الكوارث المهاجمة، محدثةً دويًا هائلاً سُمع من على بُعد أميال، ومزقت تلك التي في المقدمة إلى أشلاء صغيرة. استمرت هذه الموجة في اختراق التشكيل لعشرات الأقدام قبل أن تتلاشى القوة التي خلفها مع دويٍّ عالٍ دفع الحشد المهاجم إلى الوراء.

‘بدائية، لكنها فعّالة للغاية’. قيّم روان الأسلحة بهدوء.

تم القضاء على جبهة الكوارث بأكملها، وكان عدد الوحوش التي هلكت في الرتب البطولية وما فوقها بالآلاف، وقد زودته إحدى عقد وعي روان بالعدد الدقيق: 9873 كارثة فوق رتبة الفاني قُتلوا في تلك الضربة الواحدة، و8872 كارثة بطولية، و992 كارثة مجيدة، و9 كوارث من الرتبة الأسطورية. أما الكوارث الفانية الصغيرة، فقد بلغ عدد قتلاها عشرات الآلاف.

لم تتباطأ موجات الكوارث القادمة بسبب هذه النكسات، بل ازدادت صرخاتها من شهوة الدماء شدة، لا خوف، فقط جوع، لا وعي، فقط شهوة الاستهلاك وإشباع أنفسهم في طاقة الموت.

وكما هو متوقع من كوارث، فلم يكتفوا بالإندفاع إلى الأمام بحماس أكبر، بالإنقضوا على أجساد من سقطوا منهم واستهلكوهم بشراسة أيضا، فنموا وتطوروا من الموت، واندفعوا إلى الأمام فقط ليقابلهم موجة أخرى من القوة أطلقها المستكشفون، مما قتل عشرات الآلاف.

كانت الهجمات التي أطلقها مستكشفوا الرتبة الأسطورة مدمرة بشكل خاص، فقد استغرقت وقتًا أطول حتى تشكلت ولكنها تركت وراءها مسارات طويلة من الدمار عبر الحشد، وعلى الرغم من أنها أطلقت النار مرة واحدة فقط، فإن عدد القتلى الذين قتلوا كان يعادل تقريبًا جميع القتلى مجتمعين في الجيش بأكمله.

لم يُحرك المستكشفان الساميان ساكنين، فقد اكتفيا على ما يبدو بمشاهدة المعركة، ولم يكن من الصعب على روان أن يُدرك أنهما كانا يراقبان. كان لهذا الحدث كل سمات الفخ، وقد تعطلت سفنهما بفعل شيء أو شخص في الظلام كان أقوى بوضوح من الوحوش عديمة العقل في الأسفل.

استمر هذا النمط ثلاث مرات أخرى، والمثير للدهشة أن الكوارث لم تتمكن من الإطاحة بهؤلاء المستكشفين على الرغم من عددهم الذي كان ينبغي أن يكون بالملايين، وبالهناك علامات على أنهم يتم دفعهم للخلف، على الرغم من أن روان كان يعلم أن هذا لن يكون الحال لفترة طويلة، لأن عدد الكوارث ذات الرتبة الأعلى كان يتزايد بالفعل، وكذلك قدرتهم على تحمل الأضرار الناجمة عن الهجمات.

رغم الوضع المزريّ الذي وجدوا أنفسهم فيه، كانت الكوارث تزدهر، فالموت كان قوت يومهم. لا بدّ من تغيير شيء ما، وإلاّ سيُسحق المستكشفون عاجلاً أم آجلاً.

لقد تبين أن العصي كانت أسلحة يمكن التخلص منها بعد كل شيء وكان لا بد من استبدالها بعد ثلاث طلقات فقط، حيث احترقت الأحرف الرونية المحفورة عليها بسرعة تاركة عظامًا جافة متقشرة تحطمت إلى قطع عندما سقطت على الأرض وتم استعادة العصي الجديدة لمواصلة المذبحة.

في تلك اللحظة، كانت الأمور في صالح المستكشفين، ففي سبع طلقات نارية توقيتها دقيق، قضوا على مئات الآلاف، ولولا الكوارث القادمة من الخلف، والتي كانت تلتهم باستمرار أكوام اللحم على الأرض، لكانت جثث الموتى قد شكّلت جبلاً. انتشرت الانفجارات والأصوات الناجمة عن هذه المعركة، وموجت أسطح المياه المحيطة.

لكن روان فوجئ عندما لم يجد أي نمو واضح في أجساد المستكشفين بعد جبل الموت الذي تسببوا فيه، لكن بحثًا سريعًا في الذاكرة أبلغه بهذا السبب.

للحصول على هالة الساقطين وتعزيز نموك إلى رتبة أعلى، يجب أن يتشابك جزء من هالتك مع الضربة القاتلة. في هذه الحالة، كان كلٌّ من المستكشفين قد قتل الآلاف حتى الآن، لكن لم تكن أيٌّ من الطاقة المستخدمة من أجسادهم، بل كانوا في الواقع يستخدمون قوى الكوارث ضد الكوارث.

كان هذا عارًا، فكر روان، لقد أراد أن يسمن هؤلاء المستكشفين قبل أن يلتهمهم من أجل دفع صعوده إلى مستوى أعلى بشكل أسرع بكثير، لكن فكرة خطرت في بال روان حول كيفية حل هذه المشكلة وبدأ بسرعة التنفيذ.

الترجمة : كوكبة