السجل البدائي - الفصل 1039

الفصل 1039: مقيدوا الدم

لم يعد روان يُقاتل بإنصاف، إذ أدرك الآن أن رقة قلبه نابعة من قرابةٍ شعر بها مع هذا الرجل العجوز، تلك القرابة التي انبثقت من دمٍ مُخفّفٍ يجري في عروقه. كان هذا مفاجئًا للغاية، لقد أدرك أن سلالته أفلتت من سيطرته، وبطريقةٍ بغيضة جعلت روان يرتجف غضبًا.

عندما مات روان لأول مرة داخل هذا العالم، تم وضع وعيه في غيبوبة ولم يكن على علم بالمعركة التي دارت بين الثعابين والصاعدين، ولم يستيقظ إلا في النهاية ليقاتل بلا جدوى ضد إرادة العالم حيث خسر، وعلى الرغم من أنه كان يجب أن يستعيد كل ذكرياته المفقودة في اللحظة التي استيقظ فيها، فقد قُتل مرة أخرى، ومن المحتمل أن يكون وعيه قد انتشر في جميع أنحاء نجم الهلاك، وبالتالي في هذه اللحظة لم يكن مكتملًا، مما ترك جزءًا كبيرًا من المعارك السابقة لغزًا.

وجود هذا الرجل العجوز وسلالته يعني أن سلالة روان قد انتشرت في جميع أنحاء العالم في تلك المعركة. من غير المرجح أن يحصل على الصورة الكاملة من ذكريات الرجل، لكنها ستكون خطوة أولى.

كان يخشى أن تكون أجزاء من جسده منتشرة في جميع أنحاء نجم الهلاك وأن تأثيرها قد إنتشر بالفعل في جميع أنحاء هذا العالم، لكن هذا الانتشار يعتبر فوضويًا، أو على الأقل لقد أمل أن يكون كذلك، وقد عرف أن إستيقاظه كان غريبًا، لا يزال يشعر بأنه لم يستيقظ من الموت بشكل طبيعي، ولكن تم استدعاؤه.

رويل، الذي لم يكن يعلم بالتغييرات الكبيرة التي حدثت داخل رأس روان، ضرب عنقه، وصرخ بتحد، وانطلق نحو روان، “أنا مستكشف، واليوم سوف تسقط!”

مدّ روان يده، فتصلب جسد الرجل العجوز في منتصف الهجوم، وارتفع في الهواء، محمولاً بيد خفية جعلت كل أفعاله عبثية. كان بإمكانه تحريك العالم بسهولة أكبر من تحريك إصبع واحد. أغمض روان عينيه قليلاً وهو يركز، وبرزت ظلال الشيخ الكبيرة خلفه، حيث انتهى الكارثة من شفاء جراحها واستقر خلف روان، وهو ينظر إلى الرجل العجوز بغضب في عينيه الشاحبتين الميتتين.

“ظننتُ يومًا أنك شيءٌ مميز، لكنه لم يكن أنت، بل ما في دمك يناديني، يا للعار! وكنتُ أتوقع منك المزيد، أتساپل لماذا؟ هل حقًا سقطتُ إلى هذا الحد؟”

قال روان هذه الكلمات، وسحب. حالته الذهنية المتزعزعة جعلت من الصعب عليه العثور على آثار دمه داخل هذا المستكشف، لكنه أحس بها، صلة خافتة جعلت الرجل العجوز محبوبًا في نظره.

أراد رويل أن يصرخ لكنه لم يستطع، معلقًا في الهواء، تم عرض الهيمنة المطلقة لأولئك الذين لديهم سلطة الدم بالكامل في هذه اللحظة حيث تم استخراج كل قطرة من السائل الموجود داخل إطاره البشري من كل مسام في جسده في لحظة.

في لحظة واحدة كان هناك رجل نابض بالحياة مملوء بالرغبة في سفك الدماء والغضب الصالح، وفي اللحظة التالية، بقيت جثة منكمشة بلا دم ولا قطرة واحدة من الرطوبة في جسده في الهواء، ولحسن الحظ عاش روال لثانية واحدة بعد هذا قبل أن تأخذه أيدي الموت برحمة، حتى بنيته الجسدية المثيرة للإعجاب كمستكشف أسطوري كانت عديمة الفائدة لمحاربة مثل هذه الإصابة الرهيبة، وعندما لامست بقاياه الأرض انهار إلى غبار.

لقد طفا امام روان ما يقرب من ثمانية لترات من السائل الذي يحتوي على الدم والنخاع وكل محتوى سائل آخر في جسم رويل إليه حتى بوله كان جزءًا من هذه الكتلة، لقد حرك يده إلى اليمين بشكل متكرر، وفي كل مرة كان يفعل هذا، كان جزء من السائل يُلقى جانبًا، حيث يقذف كل شيء في الدم لم يكن بحاجة إليه، وما تبقى كان قطرة دم ذهبية بحجم رأس دبوس.

أغمض روان عينيه بينما كان يستوعب كل ذكريات رويل من روح المستكشف وعندما انتهى انفتحت عيناه بغضب.

ارتجف جسده عندما ملأه حتى أسنانه ما يقرب من مائة من المستكشفين المصنفين في رتبة البطولة، وثلاثة من المستكشفين المصنفين في الرتبة المجيدة، ومستكشف مصنف في مستوى الأسطورة، وتراكمت بكثافة كبيرة داخل خلاياه حتى تحولت جميعها إلى اللون الأزرق، وكان هناك صوت تكسير خافت بدا وكأنه يتردد صداه في السماء أعلاه عندما وصل روان إلى عالم المستنير كمستكشف.

عاد جسده إلى طبيعته، لم يعد كطفل في العاشرة من عمره، بل أصبح مراهقًا في الرابعة عشرة من عمره، وشعره يصل إلى خصره. مع هالة الصعود الكثيفة داخل جسده المُستنير.

لم تعد أقدام روان تلمس الأرض، لم يعد مجرد فاني، كان لديه ما يكفي من هالة الصعود بداخله لمنافسة المستكشف ذي المرتبة السامية، لم يعد جسده يطيع الجاذبية، وبقي على بعد بضع بوصات من الأرض، لم تعد ساقيه تلمس الأرض.

ومع ذلك، لم يكن تركيزه الأساسي على تقدمه في عالمه، بل كان على الذكريات التي كان لا يزال يتصفحها ونقطة الذهب على أطراف أصابعه.

وفقًا للمعرفة المحدودة داخل رويل، مالك دمه، فإن أولئك الذين يحملون شظايا دم روان في داخلهم كانوا يطلق عليهم اسم “مقيدوا الدم”، وكانت الفترة التي بدأوا فيها برؤيتهم لأول مرة غير معروفة في المقام الأول، ولكنها كانت توضع بشكل عام بين خمسمائة ألف عام مضت وفترة زمنية أكثر غموضًا في الغبار.

لقد تركت معرفة تلك الفترات في الظلام، وخاصة بالنسبة لأولئك الذين هم تحت الصاعدين الذين لا يمكن حساب أعمارهم إلا بالعقود والقرون، وكان من المستحيل تقريبا معرفة ما حدث في أعماق التاريخ بالنسبة لأولئك في رتبهم.

لم يكن إدراكه أنه كان نائمًا لمدة نصف مليون عام وربما أكثر صادمًا بالنسبة لروان، فقد كان بإمكانه استشعار تدفق الوقت بدرجة محدودة حتى مع وعيه المكسور وكان مدركًا أن وقتًا طويلاً قد مر منذ أن نام، وقد استغرق الأمر بالفعل كل هذا الوقت حتى تستيقظ هذه القطعة الصغيرة من نفسه.

ومع ذلك، فإن هذا التأكيد على أنه نام طويلاً ملأه بخوف كبير، لكن سبب خوفه غير معروف، فقد كانت ذكرياته لا تزال محطمة للغاية، لكن روان علم أن الشيء الوحيد الذي كان يخشاه حقًا هو الأمور المتعلقة بالبدائيين، وإذا كانت هذه هي الحالة، فإن كل ما كان مفقودًا في ذكرياته كان أمرًا بالغ الأهمية، وكان الزمن جانبًا أساسيًا لها.

ركز ذهنه فورًا على كلمة “الزمن”. كان يعلم أن ما يُقلقه بشدة مرتبط بالزمن، لكنه لم يستطع تذكره، عبس لكنه نحى هذه الهموم جانبًا وهو يتأمل آخر الذكريات.

كان المستكشفون المقيدون بالدم ملوثين، وتوقفت إمكاناتهم عند الرتبة السامية، غير قادرين على العبور إلى الصعود، لأن الدم الفاسد داخل أجسادهم كان مهيمناً للغاية في سيطرته على الجسد، مما جعل المستكشفين مرتبطين بأجسادهم الفانية.

كان من المفترض أن يترك الصاعد الجسد الممتلئ خلفه ويتخذ شكل الهالة، وبهذه الطريقة فقط سيصبح خالدًا حقًا ولم يعد مرتبطًا بنقاط ضعف الجسد، لكن المرتبط بالدم لم يكن قادرًا على اتخاذ هذه الخطوة.

الترجمة : كوكبة