السجل البدائي - الفصل 1034

الفصل 1034: البرج الأسود

كان جسد الشيك الذي يشبه سرطانًا كبيرًا بعد أن طوى جميع أرجله معًا لا يزال مثل الصخرة، واصبح وجهه الأنثوي الضخم مسترخيًا، ومن أنفه خرج جسد صغير وسقط بصمت مائة وعشرين قدمًا قبل أن يهبط على الأرض دون أن يهز غبارًا واحدًا.

أصبح لدى روان الآن جسد طفل يبلغ من العمر عشر سنوات، كان جلده الأخضر يلمع بتوهج الزمرد وكان شعره الأحمر مثل الدم، كان هناك نوع من الهالة حوله مما جعل من الصعب جدًا التركيز عليه.

نظر إلى الشيك النائم ولمس خصلة من شعره الأحمر بحجم الثعبان، وقال: ‘لماذا أحمل أولادي معي إلى الحرب دائماً؟’

كان يظن أنه يعرف إجابة هذا السؤال، لكن في بعض الأحيان عندما كان يفكر في ثقل تضحياتهم، كان الأمر يؤلمه.

‘لا مزيد… لا أعدك بالكثير، لكنني لن أقع بسهولة مرة أخرى. أنتم تستحقون أبًا أفضل.’

لقد دمر الشيك معظم المبنى المحيط به، وأدى الانفجار إلى تدمير الباقي.

استدار روان نحو جهة وبدأ يمشي. كان جسده كروح. انزلق عاريًا فوق الدمار، ووجهه الشاب يحمل في طياته بريقًا وجلالًا لا يُنكر، ولن ينظر إليه أحد ويظن أنه ليس بشريًا.

وبعد فترة وجيزة، وجد نفسه أمام المبنى الأكثر تفصيلاً في هذا المجمع، والذي كان مصنوعًا بالكامل من المعدن الأسود وكان على شكل شبه منحرف، ويبلغ ارتفاعه أكثر من مائة قدم؛ وكان لهذا المبنى مدخل واحد فقط.

في ذكرياته عن المستكشف، كان يعلم أن هذا المبنى الأسود كان عادةً يتوهج بضوء أبيض، فيبدو كالزجاج. لم يُفلح الانفجار إلا في تعطيل العملية التي كانت تجري داخل المبنى، ولم يُخلّف أي خدش على سطحه.

وصل روان إلى الباب. كان مغلقًا ويتطلب فتحه هويات المستكشفين الثلاثة. تلاشى وجه روان فجأةً وهو يطرد مئات الآلاف من الديدان الطفيلية من جسده. انفصلت هذه الديدان إلى ثلاثة أجزاء وبدأت تتجمع بسرعة، وسرعان ما وقف المستكشفون الثلاثة الموتى أمام روان، حتى هالاتهم البطولية بدت واضحة.

كانت الروح هي مركز الوعي، وكان روان يفهم أي فاني قتله أكثر مما يفهم نفسه، حتى في كل خلية من جسده. كان إعادة صنعه أمرًا بسيطًا بالنسبة له.

وقف المستكشفون الثلاثة العراة أمام الباب ووضعوا أيديهم على الباب، ولبرهة من الوقت، بدا وكأن شيئًا لم يحدث سوى ضوء أزرق خرج من بين راحة أيديهم والباب ومع صوت وكأن ترسًا ضخمًا قد تم تغييره، ارتفع الباب واختفى.

امتص روان الديدان الطفيلية ودخل المنشأة، عارفًا وجهته، فاتجه إليها – بوابة النقل الآني. كل خططه كانت تعتمد على هذا الجهاز.

لنقل ملايين الجثث إلى حفرة التغذية دون لفت انتباه الآخرين، كان وجود مثل هذه المنشأة ضروريًا. أدى تدمير المنشآت المحيطة والانفجار الذي تلاه إلى انقطاع الطاقة المُغذّية لمنصة النقل الآني، ما أدى إلى انقطاعها.

سار روان نحو منشور أزرق يحوم في الهواء، ومن ظهره، حملته مخالب مصنوعة من الديدان الطفيلية إلى المنشور ووضع راحتيه عليه، للوصول إلى تشفير السطح، اخترق بسرعة أيًا من ميزات الأمان الخاصة به وبدأ في الخوض في أسرار هذه البوابة.

داخل المنشور، سرعان ما اكتشف العديد من وسائل الحماية، بما في ذلك تلك التي تمنحه التحكم عن بُعد في منشأة النقل الآني هذه. سارع روان إلى حجبها جميعًا وتعطيلها، ولن يسمح لهذه البوابة بالعمل إلا عندما يريدها، وليس قبل ذلك.

سرعان ما تعرّف على خصائص عشرات المنشآت الأخرى المشابهة لهذه المنشأة، لكنه لم يكن مهتمًا بها، بل أراد الوصول إلى مناطق مشتعلة بالصراعات على حافة الهاوية. أماكن كادت الكوارث أن تسيطر عليها، وكانت الرقابة عليها متساهلة.

الأهم من ذلك، أنه أراد خريطةً للمناطق المحيطة. كان هناك عددٌ غير معروف من القارات في نجم الهلاك، ولن تكفي عقول البشر الذين سيبتلعهم سوى لفهم جزءٍ ضئيلٍ منها. كانت هذه الخريطة مهمةً جدًا بالنسبة له، لأنه عندما بدأ يسترجع وعيه المحطم، قد يُبرر له السفر إلى تلك المواقع.

قد يكون هذا ضروريًا لأن روان لم يتمكن من تحديد نوع الاضطراب الذي قد ينشأ عند استحضاره لبقية وعيه. لقد حرر موته وعيه من القيود التي فرضها هذا العالم، وقد يكون من الضروري أن يكون أكثر هدوءًا في جهوده في القطع القليلة الأولى التي جمعها.

استغرق الأمر ساعات لكن روان جمع ببطء كل المعلومات التي يمكنه الحصول عليها من المنشور وفتح عينيه عندما نبهته عقدة الوعي التي اتصل بها مع الشيك إلى أن لديهم زائرًا.

كان هذا أسرع مما توقع، فهذه القارة الميتة يبلغ محيطها ألف ميل على الأقل، ويحيط بها محيطٌ هائج. ظنّ أن الزوار الأوائل سيصلون إلى هذا المكان خلال أيام قليلة، لكن يبدو أن أحدهم كان يقترب من هذه القارة وشاهد الانفجار، أو أن شخصًا قويًا للغاية يستطيع قطع المسافة الشاسعة بسرعة قد وصل إلى هنا.

كان روان يأمل أن يكون الخيار الأول وليس الثاني وإلا فإنه سيضطر إلى الهروب من هذه القارة باستخدام بوابة النقل الآني هذه مما يزيد من الوقت الذي قضاه كإنسان.

استيقظ الشيك وجلس القرفصاء في الظلام، ساكنًا ينتظر وصول فريسته. كان روان يراقب أيضًا، بإصبعه يضغط على المنشور، مستعدًا لتفعيله عند أول بادرة خطر.

تحرك الدخان وتمزق فجأة، وشقت سفينة ضخمة طريقها إلى الفضاء أعلاه، وسقط شعاع ساطع من الطاقة على الأرض على بعد أميال قليلة من الشيك، مما تسبب في انفجار هائل هز الأرض.

ابتسم روان، فقد نجح فخه. إن لم يتمكنوا من كشف خدعته، فلا أحد داخل السفينة يستطيع إيقافه.

الترجمة : كوكبة