السجل البدائي - الفصل 1030

الفصل 1030: الوحي

انبثقت ثلاثة أشعة طويلة من الضوء الأبيض من صدر المستكشفين، ومعها بدأوا يتأملون الظلام. تتبعت عيون المستكشفين مسار ضوئهم عن كثب، وتغيرت ملامحهم عندما لاحظوا أن الأرض شبه خالية. كان أول مستكشف ذكر هو من رأى السبب، فأشار إليه بيديه مرتجفًا.

“ماذا…ما هذا؟”

لقد رأى الآخران رد فعله ووجها شعاع الضوء نحو المصدر، فجاءوا جميعًا شاحبين من الخوف، وتعثروا إلى الوراء وكادوا أن يسقطوا من المنصة.

في هذا الوقت كانوا على بعد بضع مئات من الأقدام من قاع الحفرة حيث لم يتوقف نزول المنصة أبدًا وكان الضوء يكشف عن شيء من الكابوس.

من آخر تعداد أجري داخل الحفرة، كان هناك 11347 شيكا داخل الحفرة، ومن ما استطاعوا رؤيته، كان كل شيك قد ضغط نفسه في كرة كبيرة من اللحم كانت مكدسة بما يقرب من ألف قدم في الارتفاع.

لقد كان المنظر مروعا، حيث كانت وجوه الشيك المروعة والمتحللة كلها أشخاصًا متجهين إلى الأسفل، وعلى الرغم من أن أفواههم كانت مفتوحة على مصراعيها، لم يكن هناك صوت واحد يخرج منهم.

سرعان ما خفّ ذعر المستكشفين عندما اكتشفوا أنه على الرغم من أن عيون الشيك كانت تتفاعل عند مرور الضوء فوقهم، إلا أنهم لم يتحركوا من وضعهم الغريب. كانوا مستكشفين، وكانت قدرتهم العقلية تفوق قدرة الإنسان العادي، وسرعان ما تمكنوا من النظر إلى كومة الوحوش بعين ثاقبة.

همس أحد المستكشفين الذكور: “ما الذي يحدث مع هذه الوحوش؟ هل رأيتِ شيئًا كهذا من قبل، أو هل هناك أي سجل يُظهر أن الشيك يتصرفون بهذه الطريقة؟”. كان هذا السؤال موجهًا إلى المستكشفة التي أظهرت كفائة في مجال البحث.

هزت كتفيها قائلةً: “لم أرَ شيئًا كهذا من قبل”، وأجابت همسًا: “لقد قرأت عن تطور الشيك إلى الرتبة البطولية، لكنه ليس كذلك. كيف يمكنهم أن يضغطوا أنفسهم بهذه الطريقة؟ لا شك أن مئات الشيك في الأسفل سيُسحقون حتى الموت”.

“لا أعتقد أننا يجب أن نقلق بشأن ذلك،” قال المستكشف الذكر الذي كان يعارض بشدة نزولهم إلى الحفرة، ثم تراجع إلى الخلف قليلاً، “لقد رأينا ما يحدث هنا ولا نستطيع أن نفهمه، يجب أن نغادر ونقدم هذه المعلومات إلى السلطات المعنية.”

“معك حق. لا نعرف كم سيبقون على هذا الحال. لدينا التسجيلات، لنبدأ الصعود.” تنهدت المستكشفة وبدأت إجراءات صعود المنصة.

“هل لاحظتَ أن بقايا الحياة قليلة جدًا؟”.

“لا يهمني إن وُجدت بكثرة، فهناك أمور غريبة تحدث في هذا المكان لا شأن لنا بها. أقترح أن…”

صرخة غريبة تمامًا لم يكن أحد من المستكشفين ليتخيلها خرجت من داخل كومة شيلك التي بدت وكأنها تجمد الوقت نفسه.

انطلق الصوت بسرعة هائلة عبر المستكشفين وسافر إلى أعلى الحفرة وكان الأمر كما لو أن السماء أعلاه كانت غاضبة أو حزينة بسبب هذه الصرخة حيث بدأت سحابة رعدية ضخمة مليئة بالبرق الأحمر في النزول من الحفرة.

لقد أذهل هذا منظر العاصفة الرعدية القادمة والصوت السابق المستكشفين الثلاثة ولم يخرجهم من صدمتهم لفترة من الوقت إلا الهزة القادمة من المنصة عندما بدأت في الصعود، ووجهوا أشعة الضوء الخاصة بهم إلى كومة الشيك، وللحظة كان الأمر كما لو أن شيئًا لم يتغير ولكن بعد ذلك بدأت أكوام الأجساد تهتز عندما ظهرت دوامة ضخمة في وسط الكومة.

انطلقت صيحة أخرى وصرخ المستكشفون معها لأنها كانت أعلى الآن، ووصلت إلى حد أن طبلات آذانهم انفجرت.

لقد أذهل هذا المستكشفين الثلاثة، وأحدهم الذي كان أقرب إلى الحافة تعثر وسقط من المنصة الصاعدة، واستغرق الأمر من الاثنين الآخرين بعض الوقت لملاحظة ما كان خطأ وقبل أن يستديرا للعثور على الشخص المفقود، كانت المنصة على ارتفاع ألف قدم تقريبًا في الهواء، وبدأت سرعة صعودها في الازدياد.

كان المستكشف الذي سقط هو أحد الرجلين، وأسرع الاثنان المتبقيان نحو الحافة لمعرفة ما إذا كان بإمكانهما إنقاذه.

لن يؤدي السقوط من هذا الارتفاع إلى قتل المستكشفين المصنفين من الدرجة البطولية، فنظرى إلى الأسفل ورأيا مشهدًا غريبًا.

بدأ المستكشف الساقط بالصعود. ربما لم يرياه في الظلام الدامس، لكن بفضل الضوء المنبعث من بدلته، استطاعا بسهولة تتبع صعوده.

شاهدا كلاهما في صمتٍ مذهولٍ المستكشف وهو يرتفع إلى مستواهما ويواصل الصعود. لم يستطع أيٌّ من المستكشفين من مستواهم الطيران، وهذا لم يكن استثناءً، فسبب صعوده في الهواء بسيط: كان يحمله مخلبٌ ضخمٌ واحدٌ أذهلهما حجمه.

كان طول المخلب قرابة مئة قدم، وكان يتوهج بضوء أحمر كأنه مصنوع من جمرة مشتعلة. لا بد أن طرف هذا المخلب الضخم قد أصاب المستكشف في ظهره أثناء سقوطه، وكاد أن يشقّه إلى نصفين، ويعيده إلى المنصة.

اصطدمت المنصة الصاعدة بحافة المخلب الضخم، وكادت أن تتشقق قبل أن تعلق. كان كل ما شاهداه سرياليًا للغاية، لدرجة أنهما ظنّا أنهما يعيشان كابوسًا. بدا جسد المستكشف المعلق على طرف المخلب وكأنه يحترق ويتحول إلى رماد.

لم يكن معروفًا متى بدأ المستكشفان يعانقان بعضهما، وفجأة ساد الصمت بينما خيّم عليهما ظل. تبادلا النظرات، وقد استلهما بعض العزم من عيني بعضهما، ثم استدارا وسقطا في جنون.

خلفهما كان وجه امرأة ضخم، بحجم تلة، بشعر أحمر طويل منسدل وعينان مغمضتان. ما كان رأس هذه المرأة متصلاً به هو شيك أكبر من جبل.

الترجمة : كوكبة

——

هيه هيه هيه