السجل البدائي - الفصل 1014

الفصل 1014: غرق القارات

نجا نوح ريثناست من الانفجار، وتناثر جسده في الهواء دون أن يُمس، بينما تبخرت الصخرة التي كان مُثبّتًا عليها منذ زمن. منحته الطاقات ثلاثية الأبعاد المؤثرة على جسده شعورًا غريبًا بالحصانة من الضرر.

لكن هذا لم يوقف تأثير هذه الطاقات الثلاثة الغريبة التي تجتاح جسده لإظهار أي تأثير، من جسده المغطى بيده الممتدة على نطاق واسع، تدفق تيار مستمر من الدم والقيح والثعابين المشوهة والضباب مثل المطر.

الآن أصبح بإمكانه فعل شيء واحد، وهو الصراخ. كان الصوت الذي انبعث من حنجرة المستكشف السابق كالجرس الذي أعلن بدء ما سيكون أفظع أحداث هذا العالم.

سمعت صرخاته في أماكن معينة من هذا العالم، على قمة الجبل، في قاع المحيط، على بعض السحب المتجولة، في بطون النساء الحوامل، في بعض القارات، كانت صرخاته هي المطر الذي يضرب الأرض.

بدأ جنونه يُصيب الواقع، ومعه الخوف. انتشرت أساطير لا تُحصى في هذا العالم عن نهاية العالم، لكن لم يُصدر أيٌّ منها صرخاتٍ من مصدرٍ مجهول.

لقد فعلت الشمس الحمراء التي نشأت من تدمير جميع الشحنات الصفرية ما لم تتمكن الإرادات المشتركة للسبعة الصاعدين من فعله، فقد جمدت ثعابين أوروبوروس في مكانها، حيث ملأت خطوط حمراء قاسية أجسادهم التي أشرقت حتى تحولت تقريبًا إلى اللون الأبيض، قبل أن تنفجر تلك الخطوط، مما أدى إلى صراخ عالٍ من الألم من الثعابين حيث تم تفجير الطبقة السطحية من أجسادهم الصخرية إلى قطع، بعضها ألقيت في السماء لعشرات الآلاف من الأميال!

أدى انفجار ما يقرب من مليوني شحنة صفرية إلى توليد قدر هائل من الطاقة في مساحة صغيرة نسبيًا، وكانت أجساد ثعابين أوروبوروس هي التي امتصت معظم الانفجار، ودفعت ثمنه. فرغم الكثافة الخارقة للطبيعة للصخور التي نجت من تأثير الاصطدام الذي دمّر قارة ودفعها عميقًا في الأرض دون أن يُصاب أحد بخدش واحد، إلا أن هذا الانفجار مزّق أجسادهم إربًا إربًا.

لقد هيأ الصاعدون الشحنات الصفرية لكي لا تعمل ضد طاقات الصاعدين الخاصة بهم، مع أن هذا الانفجار كان لا يمكن السيطرة عليه تقريبًا، لكن الحماية المدمجة عملت بشكل جيد بما يكفي لدرجة أن الأضرار التي لحقت بهم كانت ضئيلة نسبيًا، وإنطلقت عدة انفجارات، مثل النجوم المتفجرة، من أجسادهم عندما تخلصوا من أي تأثير من الشحنات، تنفسوا الصعداء بشكل جماعي عند اقترابهم من الموت، واندفعوا نحو الثعابين المكسورة بغضب.

لقد نجا ثعبانا أوروبوروس اللذان بقيا داخل كرة اللحم من تأثير الانفجار، حيث تلقى لحم سامي الكارثة وطأة كبيرة من الضرر، لكن الثعابين كانت قد حفرت عميقًا بالفعل في الجسد ولم تنهض من وجبتها، بدلاً من ذلك، حفرت أعمق فيها، مما تسبب في أن يبدأ سامي الكارثة الذي لم يستيقظ منذ عصور لا حصر لها في التحرك من نومه.

أدرك ثعبانا أوروبوروس أنه ما داما يأكلان، فإن القوة ستنتشر بالتساوي بين الثعابين الأربعة التي فوقهما. ومع مرور الوقت، سيصلان إلى حالة من عدم القهر بتناول الطعام.

لفترة من الوقت، بدت أجزاء الجسم المنفجرة لثعابين أوروبوروس التي انطلقت في السماء وكأنها جبال تسقط من السماء.

كانت هناك سبع عشرة قارة أخرى متجمعة حول قارة الأمل الجديد، ويفصل بينها بضعة آلاف من الأميال، وكان معظمها من النوع الجديد، وكان هناك خمس عشرة قارة.

من المرجح أن تبقى هذه القارات الخمس عشرة الجديدة على حالها طوال وجودها، إلا إذا رأى مستكشف قويّ فيها بوادر خيرٍ وادّعى ملكيتها، مضيفًا نَفَس القارة إلى كنزه الأصلي. أما القارتان المتبقيتان، فقد سُمّيتا القارات الصاعدة.

في حالة أن أصبح الأمل الجديد جزءًا من كنز أصل لمستكشف سامي مثل نوح ريثماست، فإنه سوف يتطور ليصبح قارة صاعدة وسيتم الإشارة إليه باسم الأمل الصاعد.

لقد واجهت هذه القارات التي كانت أقرب إلى الصدام النهائي بين ثلاثة كيانات من أبعاد إضافية، على بعد آلاف الأميال، كارثة ذات أبعاد ملحمية.

مع انفجار الشحنات الصفرية التي حطمت الطبقة السطحية من ثعابين أوروبوروس وأطلقت ما يقرب من مليون طن من الصخور في الغلاف الجوي، لم ترتفع بعيدًا في الهواء قبل أن تبدأ في السقوط، لكنها كانت قد سافرت بالفعل لآلاف الأميال.

لم تكن اليد اليسرى للسامي التي تحوم فوق الحفرة تتوقع الانفجار، ولم يتوقعه أحد هنا، لكنها كانت لا تزال قادرة على تبخير ما يقرب من ثمانين بالمائة من الجبال التي انطلقت من الأرض، لكنها أخطأت الباقي، وكان عددها يصل إلى عشرات الآلاف، وكلها لها كمية مستحيلة من الكتلة، وتتحرك بسرعات سخيفة.

وقد أثرت معظم هذه الكوارث على المحيطات، مما أدى إلى خلق أمواج ضخمة وأعاصير من شأنها أن تهدد قارات لا حصر لها في الساعات القليلة المقبلة إلى الأسابيع المقبلة مع مرور الأمواج الهائلة من فئة الأعاصير من خلالها، ولكن القارات السبع عشرة الأقرب لم تكن محظوظة بما يكفي لتحمل غضب البحر فقط.

لم تكن هناك قارة في هذا العالم تعيش في سلام، كانت هناك معركة مستمرة عبر سطحها بين المستكشفين والكوارث، وكلها تتراوح من ساحات معارك كبيرة تضم مئات الآلاف من المقاتلين إلى مشاجرات صغيرة بين طرفين، ولم تنخفض رائحة الموتى والمحتضرين أبدًا، ولم توقف صرخة قيامة روان هذه المعركة التي لا نهاية لها إلا لفترة قصيرة قبل أن تستأنف.

ومع ذلك، في هذه القارات السبع عشرة، توقفت معاركهم مرة أخرى عندما أظلمت السماء قبل أن تبدأ في الإضاءة، ونظر سكانها إلى الأعلى في حالة صدمة عندما نزلت الجبال المشتعلة من السماء.

حتى قبل أن يصل الجبل الأول إلى الأرض، كان منظره يُجنّ كل من تحته. قطع لحم أوروبوروس البدائي، حتى لو كانت أفاتارًا، مكسورة وبلا قوة، لم تكن شيئًا يُمكن لأحد رؤيته ببساطة دون عواقب.

سحق أول “جبل” هبط جبلًا، ودمر المدينة التي كانت تحته، والتي كانت تضم ملايين البشر، ناشرًا حرارة ونورًا أوديا بحياة المزيد، ثم انهارت الجبال الأخرى. كان وابلًا لا هوادة فيه دمر القارات السبع عشرة، سحقها إربًا وأغرقها جميعًا في المحيط.

لقد كانت صرخات المحتضرين قصيرة ورحمة.

مع أنه من الصعب تحديد العدد الدقيق للأرواح التي فقدت، ولكن التقدير السهل يضعهم عند ثلاثة مليارات على الأقل.

لم تعد المناطق التي كانت تقع فيها القارات السبع عشرة موجودة، فقط اللهب والدخان بقي، وحتى ذلك ستجتاحه الأمواج قريبًا، ولكن لم يمض وقت طويل قبل أن يبدأ المحيط حول القارات السبع عشرة في التألق بمثل هذا التوهج الأحمر والأزرق الساطع الذي رسم المحيط لآلاف الأميال حوله، وبدأ البحر يغلي كما لو أن محيطًا آخر نشأ من أعماق المحيط، لكن هذا المحيط كان الهالة النقية.

لقد ارتفعوا إلى السماء، سبعة عشر عمودًا من اللونين الأحمر والأزرق يمكن رؤيتهم من مسافة تقرب من عشرة ملايين ميل، وأطلقوا مثل هذا الحجم المكثف من الطاقة التي تكاد تقزم أي شيء يخرج في لحظة واحدة في هذا العالم.

لقد تم تنبيه انتباه كل قوة رئيسية في العالم، لم يعد من الممكن إخفاء مثل هذا الشيء، حتى أن الإنسان الذي ينظر إلى السماء كان يعلم أن المطالبة بأحد أعمدة الهالة النقية سيجعلهم أقرب شيء إلى عدم القهر.

لقد جن هذا العالم.

الترجمة : كوكبة