السجل البدائي - الفصل 1013

الفصل 1013: متجول عبر الزمن

كان الصاعدون غير محظوظين لو لم يكن لدى روان العين لكانوا قد نجحوا، والآن لم يعد تجميد الوقت خيارًا ضد روان.

كان ثعبان أوروبوروس، بمكرها الجديد، ينتظر اللحظة المناسبة للهجوم. تصرف وكأنه تحت تأثير قدرة إيقاف الزمن، فقاوم جوعه لفترة كافية لتقترب منه إحدى فرائسه قبل أن ينقض عليها.

لصبره، كوفئ بموجة من الهالة فاقمت كل ما جمعه من قارة نيو هوب بأكملها، بعشر مرات. بدأ المكعب الأرجواني في طرفي ذيله بالتضخم، إذ ملأته موجة هائلة من هالة الصعود الزرقاء حتى حافتها.

كان هناك مصدران رئيسيان للطاقة في هذا العالم: الصاعد والخبيث. عندما يحصل شخص ما على مؤهل أن يصبح مستكشفًا، يُمنح خيارين: اتباع مسار الصاعد أو مسار الخيث.

أصبح المستكشفون الذين سلكوا مسار الصعود كائناتٍ ذات هالة نقية، بينما طور من سلكوا مسار الخبث أجسادًا قادرة على سحق النجوم بسهولة. ورغم هذا المسار، ستظل هالتهم الكلية تتغذى من أي مصدرٍ للهالة النقية، سواءً أكان مصدرًا خبيثا أم صاعدًا.

كانت هناك لحظة طفيفة من عدم الاستقرار داخل المكعب حيث أصبحت الطاقة بداخله غير متوازنة قليلاً بسبب تدفق كمية كبيرة من نوع واحد من الهالة، ولكن حالته كانت قد تحولت بالفعل مرتين، إلى شكله شبه الصلب بدلاً من الطبيعة الغازية للهالة، وكان قادرًا بسهولة على قمع هالة الصعود وجعلها جزءًا منه دون أي مشكلة. بالطبع، لم تكن الثعابين على علم بهذه التغييرات في المكعب، لقد فهموا فقط أنه كان ينمو، مما تسبب في تعميق الضوء الذي يلقيه على أجسادهم، وبهذه الطريقة يمكنهم وضع المزيد من جوهرهم في هذه التجسيدات الحجرية، وتحويلها ببطء إلى الجسد الحقيقي لثعبان أوروبوروس البدائي.

ربما كان هذا العالم ليُقيّد سلالة روان وقوته، لكن كان من المستحيل كبح شيء بهذه القوة. لم تكن سوى مسألة وقت قبل أن تثور سلالة الدم ضد القيود، وعلى الرغم من أن سلالتي شيول وشجرة الرغبة كانتا خارج اللعبة لفترة من الوقت، إلا أن الضوء الأرجواني المتزايد بدأ ببطء في جعلهما يستيقظان من نومهما.

أصبح القفص الذي صنعه العالم بعناية على وشك أن يتحطم.

****

كان من الصعب على نوح ريثماست أن يفهم ما يحدث في العالم الخارجي، لكن بالتركيز على المعركة داخله، بإمكانه بسهولة تتبع آثارها.

عندما هاجمت الثعابين في جسده الخلايا المتضخمة المليئة بالقيح، كان سعيدًا، على أمل أن يضعفا هذان الإثنين نفسيهما بدرجة كافية حتى يتمكن الطرف الثالث، الضباب، من الانقضاض وإنهاء المهمة.

في البداية، كان هذا ما حدث، فقد بدأت الهالة الشبيهة بالضباب في جسده تحيط بالطرفين المتقاتلين، وبشكل غير متوقع تغير كل شيء عندما استدارت الثعابين وضربت الضباب.

تم تجميد جسد نوح ريثماست ما لم يكن يصرخ من الألم حيث اختفى جزء من جسده الذي تم إفساده بواسطة طاقة الصاعد.

وأيضًا، حدث شيء غريب، ربما كان فساد سلالة الثعبان أوروبوروس، لكنه استطاع أيضًا مقاومة تأثير توقف الزمن، وبفضل البصيرة الفريدة التي اكتسبها من المعركة داخل جسده، رأى أن الثعابين بدأت تحاصر منطقة الضباب في جسده، وفي غضون لحظات سوف تسقط مثل الأولى.

لقد أصابه الذعر بعد كل التضحيات التي بذلها المستكشفون للوصول إلى هذه النقطة، فلا يمكن أن ينتهي الأمر هكذا. لقد مات أكثر من مليوني مستكشف فوقهم، عداه، وخمسمائة مستكشف من الرتبة السامية هلكوا لفتح الطريق أمام الصاعدين، والآن أصبح كل شيء على وشك أن يُصبح بلا جدوى.

شعر نوح برغبة عارمة في العجز، فقد رأى الفخ قادمًا، لكن كيف لمستكشف صغير مثله أن يُحدث فرقًا في عالمٍ من الصاعدين؟ مع ذلك، لم يستطع الاستلقاء وتجاهل ما سيحدث، فقد بدا له الزمن وكأنه متجمد، لكنه ما زال قادرًا على معايشته.

كانت أجزاء جسده الثلاثة تختبر الزمن بطرق مختلفة. بالنسبة للمنطقة الممتلئة بالقيح، توقف الزمن، وبالنسبة للثعابين، لم يكن الزمن سوى طريق، والضباب راقب الزمن.

جسده، الذي كان من المفترض أن يهلك منذ زمن، حُفظ في حالة تفوق حالته الطبيعية بكثير، وقد استفاد نوح من هذا الجنون، وأصبح الآن شيئًا… مختلفًا. لو تغير شيء ما، لَانكسر هذا التوازن الدقيق بداخله، مما أدى إلى هلاكه الفوري، لكنه الآن يتمتع بامتياز لم يُتح سوى لقليل من الناس فرصة الحصول عليه، إن وُجد أصلًا.

كان لديه دهرٌ ليستوعب عجزه، ودهرٌ آخر ليثور عليه. كان لديه دهرٌ ليجنّ، ودهرٌ آخر ليعود إلى رشده.

أخيرًا، ومع عدم وجود خيار سوى الاستمرار في النضال داخل الجحيم غير المتوقع الذي وجد نفسه فيه، بدأ نوح يفكر أنه ربما يستطيع إحداث فرق، وكان هذا هو الشيء الوحيد الذي لم يحاول القيام به بعد مرور كل هذه الأبدية.

عند النظر إلى الأدوات التي كانت بين يديه، أدرك أن كلها عديمة الفائدة، حتى كنوز الأصل لديه لم تحرك حتى حافة عبائة الصاعد، ولكن في النهاية، استقر نظره على جسده، وخاصة ذراعيه وما تحتويه – الشحنات الصفرية.

مع وفاة كل مستكشف من الدرجة السامية، أصبح هو الوحيد المتبقي، وبالتالي تم إرسال كنز التخزين الذي يحتوي على الشحنات الصفرية إليه بالكامل.

لو مات فإن الشحنات الصفرية ستعود إلى الصاعدين لكنه ظل على قيد الحياة في شكل غريب، وكل شيء بقي معه.

كان هناك أكثر من مليون شحنة صفرية في كنوز التخزين هذه، وللحظة شعر نوح بالعجز. حتى مع هذه الشحنات الصفرية، كانت لا تزال عديمة الفائدة بالنسبة له، فماذا يمكن أن يغير بها؟

أدرك الآن أنه قد قرر تغيير شيء ما، وإن كان هناك ما ينقصه في هذه اللحظة فهو الوقت. قضى نوح دهرًا في التعلم، ثم دهرًا آخر. جن جنونه مرات عديدة، محققًا قفزات هائلة في المنطق، كانت في معظمها هراءً، لكن بعضها نجح، وبدأ فهمه للشحنات الصفرية، الذي كان شبه معدوم، ينمو.

لم يكن يأمل في فهم كل شيء عن كيفية عمل هذا الكنز، كان لديه هدف واحد فقط: “كيف يمكنني أن أجعله ينفجر؟”

مع فهم محدود لكيفية عمل الشحنات الصفرية، اعتقد نوح أنها تنفي جميع أشكال الطاقة، وكان ذلك صحيحًا إلى حد ما، ولكن ما تحتويه كان شيئًا أقوى بكثير مما يمكن لنوح أن يأمل في فهمه باعتباره مستكشفًا من الدرجة السامية، لكنه لم يهتم، فمن المؤكد أن ظهور مليوني شحنة صفرية في وقت واحد من شأنه أن يغير شيئًا ما.

سواءً كان ذلك بفضل الحظ أو لأن نوح قضى دهرين في محاولة إيجاد حلٍّ واحدٍ لمشكلةٍ واحدةٍ فقط – وهي جعل الشحنات الصفرية تنفجر – فقد نجح.

تمنى نوح أن يتمكن من الضحك، لكنه تمنى أيضًا أن يتمكن من الموت، وفكر ربما بما أنه لا يستطيع الحصول على أحدهما، فلا ينبغي له أن ينزعج لأنه لا يستطيع الحصول على الآخر.

لقد أطلق الانفجار، وفي اللحظة التي انطلقت فيها ثعابين أوروبوروس الثلاثة من الأرض، كل شيء أصبح أحمر اللون، حتى في الطيف المرئي، من بعيد بدا الأمر كما لو أن شمسًا حمراء ظهرت على الأرض، ويمكن رؤية هذا المنظر من على بعد ملايين الأميال، وشهدته مائة قارة، ولكن هذه كانت مجرد البداية.

لم تكن الشحنات الصفرية أجهزة بسيطة، لأنها كانت مرتبطة بقوة لا يستطيع حتى الصاعدون أن يفهموها، وهي الإنتروبيا.

الترجمة : كوكبة