السجل البدائي - الفصل 1009

الفصل 1009: صحوة الجنون (النهاية)

لم يكن لدى نوح وقت للتفكير في وضعه، كان وحيدًا، فقبله نجح ولكن المهمة ما زالت غير كافية للعثور على سبب نزول هذا الشيء، وما إذا كان في الأعلى أم ينتمي إلى الجحيم في الأسفل.

خلفه، انتشر الحقل الصفري، وقمع كل البصق

بعده، حيث لامست قاع الحفرة، تحوم…

لم يكن لدى نوح سوى بضع ثوانٍ لمعالجة ما كان يحدث مع كتلة أرضية تبدو وكأنها مصنوعة من صخرة ناعمة تتحرك بسرعة كبيرة، لكنه كان ذكيًا بما يكفي لملاحظة أن شكل الصخرة كان مثل البيضة، وأن آخر الهالة النقية قد دخلت للتو في الهيكل.

كان قريبًا جدًا، وسرعته عالية جدًا، ولم يعد قادرًا على رؤية موته القادم. أغمض عينيه لأنه على وشك الاصطدام بالبيضة الصخرية بسرعة هائلة. وجد الأمر طريفًا، فرغم أن التجارب داخل الحفرة كانت مرعبة، نظرًا للسرعة الهائلة التي تعرضت لها أجسادهم أثناء سقوطهم، إلا أنه ربما لم يمضِ دقيقة واحدة في السقوط الكلي، ومع ذلك، بالنسبة له، بدا الأمر كما لو أن أعمارًا عديدة قد مرت.

حسنًا، لقد كان على وشك الموت، وبما أن مهمة المستكشفين الساميين قد اكتملت الآن، فقد تسائل متى سيبعث من جديد، وبقدر ما أراد أن يفهم ما كان على وشك الحدوث، فقد انتهى دوره في هذه القضية.

وبشكل غير متوقع، التفت قوة بلا شكل حول جسده، واندفع بقوة كبيرة من البيضة الحجرية، مما أدى إلى ارتطامه بجانب الحفرة، وسحق كل عظمة في جسده تقريبًا، وكان على وشك أن يغمره الظلام عندما زأر في قلبه، “لا!”

لقد كان هناك الكثير من الأسباب التي تجعله يسمح لنفسه بالوقوع في أحضان الموت المحبة، بعد كل شيء، فقد أكمل المهمة، ويجب أن يكون الصاعدون قادرين على الوصول إلى مركز الفساد وإيجاد طريقة لتحويله إلى قضيتهم.

كان بإمكانه أن يموت ثم يُبعث من جديد في وقت لاحق في المستقبل، حيث من المرجح أن يعود منتصراً، ومع ذلك، فإن السبب الرئيسي وراء نجاته وحده حتى هذه اللحظة لا يزال يدفعه بقوة لا هوادة فيها، كان بحاجة إلى رؤية ما سقط من السماء.

لو مات الآن، لكان كل ما سيعرفه مجرد نسخة مخففة من الأحداث، وقد لا يكون الحقيقة كاملة. أراد نوح أن يزأر، لكنه لم يستطع… بدأ جسده يتعافى، لكن أطرافه تجمدت في مكانها. ثمة خطب ما هنا.

لم تكن هناك عملية تفكير واعية قادته إلى هذا الاستنتاج، ومع ذلك كان جسده كله متجمدًا في مكانه. شعر كفأر متجمد أمام ثعبان، وعندما تساءل عن سبب هذه الأفكار الغريبة التي تخطر بباله، نظر إلى الأمام فرأى عينين ذهبيتين تنظران إليه، قبل أن يلتفت بعيدًا بلا مبالاة.

انتاب نوح ألمٌ شديدٌ قلبه وكل جزءٍ من جسده، وشعر أن جسده على وشك تحوّلٍ هائل، وكان يعلم ما ستكون عليه النتيجة النهائية. لم يكن الأمر يتطلع إليه، ثم استقرت قوتان متساويتان في القوة، من الأعلى ومن الأسفل، على جسده المنفجر.

كان هذا الشخص المذكور أعلاه من المستكشفين الصاعدين السبعة الذين بدأوا دخول الأرض. انفجرت هالته جسده، دون أي عائق، وعندما اجتاحت هذه الهالة جسده، اجتاحته موجة جديدة من الفساد هددت بتحويل جسده إلى حالة الهالة عديمة الشكل.

كان تحته قوة ثالثة لم يلاحظها إلا بسبب تأثيراتها على جسده.

كان هناك نتوء ضخم من اللحم ينبثق من الأرض كأكبر بثرة في العالم. ينبض ويمتد للأمام في عرضٍ مُقزز، ورغم أنه بدا وكأنه سينفجر مع كل حركة، إلا أنه استمر في الانتفاخ.

كانت هذه القوة تريد أن تجعل جسده ينفجر، حيث ستصبح كل خلية في جسده مملوءة بالقيح المريض، وتتمدد آلاف المرات أكبر من حدودها الطبيعية.

كان من المفترض أن يقتله أيٌّ من هذه التأثيرات، لكن لأن الثلاثة كانوا يتفاعلون مع جسده في آنٍ واحد، فقد علق في حالة غريبة، إذ كانوا جميعًا متوازنين. لم يستطع نوح فعل شيء سوى فتح فمه صرخةً صامتة.

كان لسانه مثل ثعبان، وكان الجزء العلوي من رأسه منتفخًا إلى خمسة أضعاف حجمه، وأنفه والأجزاء السفلية من رقبته مجرد هالة خفيفة.

كان من المضحك أنه لم يصاب بالجنون، لكن نوح اعتقد أن ذلك كان بسبب أن عقله أصبح مخدرًا ببساطة، وللحفاظ على أي قدر من العقلانية التي تبقى لديه، اختار ببساطة أن يراقب.

لم يدم الجمود طويلاً، ربما بفضل الاتصال الذي نشأته هذه الكيانات الثلاثة في جسده، فقد استطاع أن يعرف لحظة حدوث أي تغيير. داخل جسده، التفتت الثعابين التي تلتهم خلاياه إلى الجزء الممتلئ بالقيح، وهاجمته.

في الواقع، انكسرت البيضة الضخمة فجأةً في ستة مواضع، وخرج شيءٌ ما من بين تلك القطع المحطمة. لم يستطع نوح، بعقله الصافي الغريب، أن يستوعب ما حدث في البداية، لكنه أدرك بعد ذلك أن شيئًا ما لم يخرج من البيضة، بل تلك القطع المتشققة هي التي كانت تتحرك.

ما حدث بعد ذلك كان سريعًا جدًا بحيث لا يستطيع فهمه حقًا، لكن حجمه كان كبيرًا لدرجة أنه حتى لو لم يتمكن من فهم كل شيء، فما زال بإمكانه فهم القليل منه.

ما رآه هو أن تلك القطع الستة الضخمة بدت وكأنها تطوي مع بعضها البعض قبل أن تغوص في البثرة الضخمة أدناه.

كان نوح يراقب بذهول كيف امتدت البثرة وانخفضت إلى الأسفل، وبغض النظر عن مدى قوة دفع الشخصيات الستة الضخمة إلى البثرة، فقد امتدت ببساطة، وفجأة انفجر جزء منها، وكان للشخصيات الستة طريق إلى الخارج، وبدئوا في الزحف.

اندفعت الهالة القادمة من الأعلى فجأة، ورأى نوح صاعدًا يغادر البقية ويندفع نحو المعركة في الأسفل. انبعثت يد ضبابية هائلة من الصاعد، وأمسكت بأحد الأشكال الصخرية التي تغوص في البثرة بنهايتها، والتي كانت ستختفي في البثرة، لكن الصاعد لا بد أنه قلل من قوة هذه الشخصية، فبحركة بدا أنها هزة كتف، تحطمت يد الصاعد الضبابية. لم يتوقف هذا الدمار عند اليد، بل انتقل إلى جسد الصاعد، ولم يستطع نوح إغماض عينيه. لقد احترق مرارًا وتكرارًا وهو يشاهد جسد مستكشف الصاعد ينفجر أكثر من عشر مرات قبل أن يستقر.

كلما انفجر، كان الأمر أشبه بانفجار نجم. ثم شعر بهزة من أعماق الأرض، وتمنى نوح لو استطاع أن يقتلع عينيه وهو يشاهد ما انكشف.

بدأ نوح يدعو للموت. لم يعد يريد أن يفهم. كان الأمر فوق طاقته.

الترجمة : كوكبة