السجل البدائي - الفصل 1006

الفصل 1006: صحوة الجنون (8)

كان من الصعب معرفة الاختلافات بين المستكشفين السبعة الصاعدين، لكن صوتًا واضحًا أمر البقية منهم،

“رُقِّي هذا الكيان إلى حدث من فئة صعود النجمة الثالثة. مهما كانت آثاره، فلا أهمية لها أمام قدرته على تنقية الهالة الفوضوية. قدرته على حمل كلٍّ من الشر والصاعد تعني أنه كيانٌ هجين. تواصل مع بقية التسعة، فقد نحصل على كيان نفيليم جديد. الطريق للمضي قدمًا هو الاحتواء.”

لم ينزل المستكشفون السبعة الصاعدون إلى الحفرة، بدلاً من ذلك، ارتفع أسطول السفن بأكمله في الهواء، ومن أعماق قلب اليد اليسرى للسامي، في قاعة كانت مخفية بعمق ومحمية بكل أنواع الكنوز الرونية الرهيبة والتعاويذ ومستكشف صاعد ثامن غير معروف كانت هناك سلسلة من الجرار المعدنية الكبيرة يبلغ ارتفاعها حوالي خمسة عشر قدمًا، ومختومة بدون أي انبعاجات مرئية.

اهتز المستكشف الصاعد الذي يشبه كتلة عديمة الشكل من الضباب الأصفر كما لو أنه استيقظ من النوم، وارتفع ملحق بلا شكل وقام بآلاف الحركات الغامضة بعشرات الأصابع عديمة المظهر، وتحرك شيء ما داخل القاعة.

اهتزت إحدى الجرار العديدة قبل أن ترفعها قوة غامضة في الهواء، ثم بدأت الجرة تهتز، مطلقةً صوتًا عاليًا ومزعجًا قبل أن تنفجر في العدم. من الانفجار، انبثقت آلاف الخيوط الدقيقة من الهالة، التي كانت ملفوفة داخل شرنقة محكمة من الهالة النقية لكل من الصاعد والمالفيك، واختفت في الهواء.

على السفن السبعين التي أصبحت الآن صورة للسفن الشبحية التي كانت مليئة بالرماد فقط – بقايا أكثر من مليوني مستكشف، ظهرت الخيوط الصغيرة من الهالة التي اختفت في القاعة المخفية أدناه وتناثرت في جميع أنحاء السفينة، كانت تحوم بشكل فردي في الموضع المحدد لبعض الموتى ثم بدأ شيء معجزة في الحدوث.

يبدو أن خيوط الهالة قد وجدت رائحة في المكان الذي أقام فيه بعض الموتى سابقًا ثم بدأت في إعادة بنائهم باستخدام صدى الماضي.

انفجر خيط الهالة الواحد كنسيجٍ بديع، مُتفتحًا كالمظلة، وبدأ يُعيد بناء الأجساد، حيث ظهرت العظام والدم والعضلات وأعضاء داخلية أخرى من العدم. في الأجساد التي كانت تُعاد بنائها، كان من الممكن سماع صرخات خافتة.

كان هذا هو الحال عندما فتح نوح ريثماست عينيه بعد ثلاث ساعات من وفاته على الرماد الذي كان لحمه سابقًا وصرخ وخدش وجهه وجسده، لقد حفرت صدمة تحول جسدك إلى ثعابين طريقها إلى نفسيته، وحتى بعد ولادته من جديد، تبعته الندبة العقلية.

استغرق الأمر بضع ثوانٍ لاستعادة توازنه، ثم استدار وتنفس بصعوبة فوق رماد جثته السابقة.

لم تكن هذه أول مرة يُبعث فيها، لكنها كانت من أسرعها. فقد مات مرتين من قبل، وفي كليهما أمضى أكثر من قرن قبل أن يُبعث.

في الرتبة السامية، كان من الممكن فصل أجزاء من هالتك الأساسية دون تدمير وجودك أو تحويلك إلى نبات. لكي تكون العملية آمنة وفعالة، كان لا بد من إجرائها ببطء، مما يجعلها عملية طويلة وشاقة، إذ تستغرق عقودًا لقطع خيط واحد من هالتك الأساسية، ولكن تم تشجيع كل مستكشف على فصل أجزاء كافية من هالته الأساسية وإيداعها في القلاع، وهي الأماكن الوحيدة التي يُمكن فيها الإحياء.

في القلعة، يتم تخزين قطعة الهالة الأساسية وتغذيتها من بنوك ضخمة من الهالة النقية التي تشحنها بالطاقة حتى يمكن إيقاظها عندما تكون الظروف مناسبة.

عادةً، لم تكن عملية الإحياء دائمًا بهذه السلاسة، واضطر العديد من المستكشفين ذوي الرتب السامية إلى الانتظار قرونًا، وأحيانًا آلاف السنين، قبل إتمام عملية إحياءهم. وفي بعض الأحيان، لا يُبعثون أبدًا، ويُتركون داخل القلاع إلى الأبد.

كانت القلاع قليلة ومتباعدة وتعتبر الأهداف الرئيسية للكوارث، لذلك كان لا بد من توثيق كل قيامة بشكل صحيح والبحث فيها لفترة طويلة من الزمن للتأكد من كيفية وفاة المستكشف والوضع حول وفاة المستكشف قبل إعطاء الضوء الأخضر.

لقد تم تدمير أو إصابة العديد من القلاع عندما تم إحياء المستكشف الخطأ.

يُعتبر المستكشف ذو الرتبة السامية خالدًا حقًا ما دام قادرًا على تحمّل قطع أجزاء من هالته الأساسية وتخزينها في القلاع. ولهذا السبب، كان الوصول إلى هذه الرتبة كمستكشف يُعتبر بمثابة الفارق الكبير، وسيضمن وجودًا مستقرًا نسبيًا في هذا العالم.

ومع ذلك، فإن الاحتفاظ بقطعة من هالتك الأساسية داخل القلعة لم يكن ضمانًا بأنك ستتمكن من البقاء على قيد الحياة في الحروب التي لا تنتهي باعتبارك مستكشفًا من الرتبة السامية، لأن القلاع كانت مستهدفة ومدمرة باستمرار، وإذا تم تدمير القلعة التي وضعت فيها هالتك الأساسية، فعليك أن تجد واحدة أخرى بسرعة، وإلا فإن موتك التالي كان نهائيًا.

كان يتم بناء المزيد من القلاع في كل مرة ولكن من الصعب القيام بذلك، حيث لم يكن من الممكن الحصول على المكونات الأساسية للقلاع إلا من كوارث قوية للغاية، مما أدى إلى تأخير كبير في عملية إنشاء قلاع جديدة.

في رحلتهم إلى الأمل الجديد، شُجِّع كل مستكشف ذي رتبة سامية على فصل جزء من هالته الأساسية، وكان نوح، مُدركًا للمخاطر في هذا المكان، من أكثرهم حماسًا. على الرغم من الألم الجهنمي.

من بين المرافق العديدة داخل “اليد اليسرى للسامي”، كانت هناك قلعة عاملة. كان هذا أحد أسباب قيمة هذه السفينة الحربية. فبفضل الوقت الكافي، تستطيع “اليد اليسرى للسامي” أن تجعل أي مستكشف من الرتبة السامية لا يُقهر في أي ساحة معركة.

في رحلتهم إلى الأمل الجديد، شُجِّع كل مستكشف ذي الرتبة السامية على فصل جزء من هالته الأساسية، ونوح، مُدركًا للمخاطر في هذا المكان، من أكثرهم حماسًا. على الرغم من الألم الجهنمي.

كان نوح قد شقّ عشرة صفوف من هالته الأساسية، وأقربهم بعده فعل ذلك ست مرات فقط. كان لديهم هالات أساسية أخرى مقسمة خارج هذا المكان، لذا من الجنون تعريض عقولهم لمزيد من التعذيب الذي يكاد يحطمهم في كل مرة يشقّون فيها هالتهم الأساسية.

لو كان هناك المزيد من الوقت، لن يتوقف نوح عن تقسيم المزيد من هالته الأساسية.

لقد كان يُنظر إليه على أنه رجل مجنون، ولكن مع ذكريات كيف هلك للتو التي طفت على سطح أفكاره، شعر نوح أن الأرواح العشر التي جمعها بصعوبة لم تكن كافية للبقاء على قيد الحياة في هذا المكان.

لقد ارتجف عندما تصاعدت أعمدة البخار من أنفه، لابد أن السفينة الحربية قد ارتفعت عالياً في السماء حتى أصبحت باردة بهذا الشكل، وإذا إرتفعت أكثر من ذلك فإن البرد سيبدأ في قتل أطرافه.

كان هناك أكثر من مليوني مستكشف في هذا الأسطول، لكن لم يتبقَّ منهم سوى ألفٍ وخمسمائة مستكشف من الرتبة السامية. ومع الصاعدين، كانوا كل ما تبقى.

أحس نوح بأن الفضاء يهتز خلفه، فالتفت فرأى أن جميع الناجين قد تم جلبهم إلى أعلى اليد اليسرى للسامي.

مع تقدمهم في السن وخبرتهم، لم يبدو أي منهم مصدومًا من وفاتهم غير المتوقعة، مثل نوح، لا بد أنهم تجاهلوا الأمر بسهولة، ولكن على عكس نوح، لم يروا تلك العين.

انحنى المستكشفون الساميون تجاه الصاعدين وانتظروا التعليمات للمضي قدمًا، وكان من الواضح أن كل ما كان يحدث في الأمل الجديد قد وصل إلى مستوى حيث لم يعد المستكشفون الساميون سوى علف.

الترجمة : كوكبة