السجل البدائي - الفصل 640

الفصل 640 تطهير المملكة

كان الدمار بطيئًا، إذ بدا أنه لم يكن نتيجة لتصرف روان، بل كان نتيجة ارتعاش المملكة تحسبًا لتغيير كبير على وشك الحدوث.

انطلقت صرخة مثل صراخ طفل في الألم من جميع أنحاء العالم والتي لا يمكن سماعها إلا من قبل المخلوقات فوق مستوى قوة معين، وانتشر الخوف في جميع أنحاء عالم الجبل والبحر، ولكن الناس هنا كانوا من الناس الشجعان، وكانوا يطلقون عليهم اسم المزارعين، وقد اكبحوا مخاوفهم برفع أسلحتهم عالياً.

كانوا يؤمنون بقتال السماء، وهو مبدأٌ مُرسَلٌ من الحاكم الأعظم الأول والوحيد لهذه المملكة، بعد سقوطه بفترةٍ طويلة. فتحت الأراضي المقدسة أبوابها المغلقة منذ زمن، وبدأت طوائفٌ لا تُحصى تتسلح. لم يعرفوا من أين يأتي الخطر، لكنهم جميعًا رأوا السماء تُظلم والشمس تتلاشى في كبد السماء.

“أوقفوع!”

صرخت الشخصية القوية ذات العشرة آلاف سيف بينما أحاطت شبكة خضراء من البرق بأسلحته وتم إنشاء تشكيل متقن بدأ في سحب الجوهر من كامل خراب الجبل والبحر إليه، وتحويل جميع سيوفه إلى عشرة آلاف تنين واقعي للغاية بمخالب من البرق هزت هديراتها السماء.

“انتظر، توقف عن أفعالك ني تيان،” فتحت العين الثالثة للشخصية الأنثوية، “مسار القدر لا يتجه بالضرورة نحو الهلاك، بل نحو الفرصة.”

الشكل الذي يشبه بوداس نظر إلى المرأة باعتبارها نخلة ذهبية كبيرة تمسك التنانين التي أطلقها ني تيان، “هل أنتِ متأكدة من هذا يا سبارو، فرصتنا الوحيدة للهجوم تتضائل”

بدت عليها علامات الارتباك للحظة وجيزة قبل أن تهز رأسها قائلة: “يجب أن نساعد هذا الكيان، لا أن نقف ضده، فكلما زاد عدد أفراد شعبنا الذين ينجو من هذا التغيير، زادت الفوائد التي ستعود على المستقبل. هذا ما أراه”.

ني تيان محاطًا بتنانينه هز رأسه في خلاف، “لا، لا يمكن المخاطرة بذلك، أقول إننا يجب أن نوقفهم أولاً، ثم نقوم بتقييم أفعالهم لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا المخاطرة بذلك.”

تنهدت سبارو، “لا أستطيع تفسير القرائات الكاملة للقدر، لكن كل ما تشير إليه هو الحرية الحقيقية ني تيان، وليس الحد الأدنى الذي كنا نكافح من أجله لملايين السنين، سواء جاء هذا التغيير عن طريق الدمار أو التحول، كل ما يشير إليه هو الحرية!”

بدت الشخصيات الثلاثة وكأنها تتواصل بشكل مكثف فيما بينها لبضع لحظات أخرى قبل أن يستديروا جميعًا بشكل غير متوقع ويهربوا إلى الأفق، كل واحد منهم فتح كنوزًا خاصة وبدأ في جمع كل كائن حي فيها، سواء كان حيوانات أو نباتات أو أشخاصًا.

أرسل الحكماء العظماء رسائل بسرعة إلى جميع القوى داخل عالم الجبل والبحر لجمع جميع تلاميذهم وجميع الكائنات الحية المحيطة في أراضي الكنوز التابعة لطوائفهم المختلفة والتجمع في الجبال العظيمة.

استدارت السيدة ذات العيون الثلاثة فجأة إلى جانبها حيث ظهرت شخصية إيفا، وفتحت سيدة الظلال كلتا يديها كعلامة على عدم عدوانها، قبل أن تستدير لنشر موجة كثيفة من الضوء الأرجواني الذي كشط كل شيء حي لمدة مائة ميل وأودعها في أكمامها.

أومأت كل منهما للآخرى واستمرت في أفعالها، وبجانبهم بدأت شخصيات عشرات الآلاف من النورانيين تنتشر في جميع أنحاء عالم الجبل والبحر، وجمعت كل الكائنات الحية التي رأوها.

باستثناء الملكين اللذين لم يفارقا روان، تفرق الباقون في أنحاء المملكة الأربعة وبدأوا بتطهيرها. بدا أن لفعلهم أثرًا إيجابيًا على المملكة، إذ بدأت أصوات الرعشة والصخب الصادرة من قلبها تتلاشى.

“يا ايها رجل كبير، ماذا تفعل؟” ظهر الضائع على أكتاف الشخص البدين الذي التفت إلى الصبي الصغير على كتفيه متفاجئًا لأنه بالكاد شعر بحركته، أراد أن يعاقب الطفل على جرأته على وضع قدميه على الجسد المقدس لحكيم عظيم، لكن بعد ذلك دخلت ذكرى النيران البيضاء قلبه والرعب الذي اختبره عندما اختفى جزء من الجوهر الذي زرعه لمدة خمسين مليون عام فجأة بنسبة واحد بالمائة في أقل من دقيقة.

كان الحكماء العظماء معتادين على القتال لقرون وآلاف السنين، وكان اختفاء واحد في المائة من جوهره في دقيقة واحدة أمرًا مرعبًا للغاية، قبل أن يفقد آخر الروابط بين جوهره، شعر به يتم امتصاصها في هذا الصبي، وبعد أن هبط على كتفيه، لا يزال بإمكانه أن يشعر بوضوح بالجمر الأخير من جوهره قبل أن يختفي إلى الأبد، على الأرجح أنه قد تم استهلاكه بالكامل بواسطة هذا الوحش الصغير.

“أسألك ماذا تفعل يا ايها الرجل الكبير؟” قال الضائع مجددًا، “الجميع يجمعون كل الكائنات الحية داخل هذا العالم، وأنت تجمع الصخور والأنهار. ولماذا أنت سمينٌ جدًا؟ أنت كائنٌ ذو طاقةٍ وحيويةٍ عميقتين، لا تحتاج إلى كل هذا الزغب الجميل… مع أنك رقيقٌ جدًا. هل يمكنني أن أعانقك؟”

ردّ الشكل البدين الذي لم يتوقف عن جمع كل الجبال والأنهار في العالم، وهو يشمخر بانزعاج، على الطفل، “أولاً، اسمي ليس الرجل الكبير، إنه هان لي، وهذه ليست مجرد أحجار ومياه، بل هي حياة عنصرية فريدة من نوعها في عالمنا… لا يمكنك عناقي، إلا إذا دفعت رسومًا بالطبع… وإذا كنت ترغب في أن تصبح تلميذي…”

“حسنًا أيها الرجل الكبير، اسمي الضائع وأنا في الثانية من عمري!” قاطعه الصبي عندما بدأ يفقد الاهتمام بعد أن قدم هان لي نفسه، باستثناء روان، كان لدى الضائع شخصية متقلبة للغاية.

صاحت رئيسة العابرة، التي اتضح أنها دورا، قائلة: “لقد مرت سنة وثمانية أشهر”.

نظر الضائع بعيدًا بازدراء، “همف… من يحسب الأرقام الصغيرة، هل أنا على حق يا أيها الرجل الكبير؟”

“قلتُ لك، إنه ليس الرجل… هل تعلم؟ انسَ ما قلتُه للتو، كفى تشتيتًا لي، ودعني أركز على عملي قبل أن يُدمّر ذلك الشخص عالمنا”. بدأ هان لي بتوسيع نطاق تقنيته، جارًا آلاف الجبال والأنهار إلى حلقته البينية.

الترجمة: كوكبة