السجل البدائي - الفصل 623

الفصل 623 الخائن الأعظم

عندما نطق روان بتلك الكلمات، كانت تحمل نبرة نهائية، بدا أن الزمن توقف، كل شيء أصبح ساكنًا… ومع ذلك كان هذا هو “المصنع”، وهو الفضاء الذي كان أقرب ما يكون إلى البعد الخامس، ولم يكن الزمن هو الحاكم النهائي هنا.

لقد تجاوز صوت روان حدود الزمن واستمر في الحديث، ومن يملك ذلك الصوت لم يعد يتحدث فحسب، بل كان يحاولون بنشاط إحباط جهوده،

“ربما وُلدتُ في الكون كثعبان أوروبوروس، لكن هذا ليس كلَّ طبيعتي، بل جزءٌ صغيرٌ منها، ولا ينبغي أن يُحدِّدَ ما أنا عليه. إذا كان مستقبلي سيُحدِّده الفوضى… فأنا لم أعد ابنًا للفوضى!!!”

خرجت عدة زئير مؤلم من النواة أعلاه، وانفجرت آذان وعينا روان وأصبح جسده أعمى، لكن وعيه لم يعد بحاجة إلى مثل هذه الأعضاء المحدودة مثل العيون لفهم بيئته، ومع ذلك، فإن هذا لم يدوم طويلا.

فجأة غمر الظلام وعي روان، وشعر بقوة ساحقة تفوق ما يمكن أن يتحمله إطاره الحالي، وبدأ جسده في الانهيار، على عكس الدمار الجسدي السابق، لم يستطع السيطرة على هذا الانهيار، وكان جسده البشري على حافة الموت، ولولا حيويته العميقة وإرادته العنيدة للعيش والنجاح، لكان قد مات بالفعل، لأن روان في هذه اللحظة كان مجرد كومة من الدم واللحم والعظام.

ومع ذلك، بدا أن كل هذا يحدث في المسافة، لجسد شخص آخر بينما كان وعيه يسحب إلى ما وراء اللانهاية، ورأى طريقًا ذهبيًا طويلًا يمتد إلى ما وراء أكوان لا تعد ولا تحصى…

سمع روان صوت تحطم عالٍ وكأن ألف عالم تم تقسيمها، وتصدعت النواة أعلاه عندما خرج منه ستة ثعابين أوروبوروس ضخمة، لم يكن لديهم جلد، وكانت عظامهم تتحلل، لكن حجمهم وقوتهم كانت مذهلة.

… لم يتمكن وعيه من الحفاظ على الاتصال مع المصنع بينما كان يتم جره إلى أعماق أعمق وأعمق أسفل ذلك الطريق الذهبي عبر مئات الأكوان، لكنه كان قادرًا على رؤية ومضات المعركة، حيث قاتل ملوكه وجميع جيشه النوراني مع الثعابين…

لم تتمكن صرخات الغضب التي أطلقها روان من الوصول إلى المصنع، لأن عقول ثعابينه كانت تتعرض للفساد، وتم إجبارهم ضد إرادتهم، لكنهم قاتلوا ضد هذا التطفل، وبدون روان، كانوا يخسرون المعركة ضد هذه القوة الأجنبية، وكان يبتعد عنهم أكثر فأكثر…

حاول مقاومة الجذب لكنه لم يستطع، مع نبضة عالية شعر روان أنه يمكن سماعها في جميع أنحاء الأكوان العديدة، وجد نفسه يتحطم على قمة الجبل.

لقد ذكّره ذلك تقريبًا باللحظة التي دخل فيها أنيما أوهرووكس، أمير الدمار داخل العهد.

لقد كان وعيه مشوشًا لبضع ثوانٍ قبل أن يقفز على قدميه وينظر حوله، وكاد أن يسقط على وجهه، لأن الجسد الذي وجد نفسه فيه كان فانيًا بشكل واضح، لكنه لم يكن جسده.

قال وهو يتذمر: “كم أكره هذا الضعف!”

حاول وعي روان الهرب من هذا الجسد، كان عليه العودة إلى المصنع وإلا سيفشل صعوده إلى مستوى الإرادة، و كفاحه سيكون بلا جدوى. كادت الثعابين أن تذوب في النواة، وإذا لم يعد لإكمال المدمر، فسيُنتزعون منه، ولن يسمح أبدًا بهذه المهزلة.

سعى جاهدًا للهروب، كان وعيه لا يزال قويًا، لكن لم يكن بوسعه فعل شيء حيال القشرة الفانية التي يسكنها، لقد كانت… أقل. كل ما يتعلق ببيولوجيتها وروحانيتها جعل التلاعب بوعيه والهروب منها شبه مستحيل.

لقد عرف أنه لا يزال هناك اتصال بينه وبين جسده داخل المصنع، لأنه لا يزال بإمكانه أن يشعر بموجة المعركة، حتى من هذا المكان الذي وجد نفسه فيه.

ناضل روان للحظة ثم استسلم، التقدم الوحيد الذي أحرزه كان فهمًا واضحًا جدًا لهذا الجسد الذي سكنه للتو، وكان بحاجة إلى جمع المزيد من المعلومات لفهم كيفية عودته، فقد أحضره شخص ما إلى هنا بعد كل شيء.

كان هذا الجسد مختلفًا، على الرغم من أنه كان جسدًا بشريًا، وقد أدرك غريزيًا أنه لا علاقة له بهذا الجسد، لا في حياته الماضية، ولا يرتبط بسلالة كورانيس.

كان من المفترض أن يكون الجسد في الثلاثينيات من عمره بشعر أسود قصير، وكان هناك ندبة عميقة على خده الأيسر وكانت عيناه ذات لونين، اليسرى رمادية واليمنى ذهبية، وكان لديه أيضًا قلب ضخم واحد كان داخل معدته.

نظر حوله، مُدركًا أن مكانه سيكون خطيرًا، فاكتشف أنه وحيد. كانت قمة الجبل التي وجد نفسه عليها مُمزقة، مع بضع خصلات من العشب الأصفر تُكافح بعناد من خلال الشقوق، مُتشبثةً بالحياة رغم هذه البيئة المُؤذية.

سار روان نحو حافة الجبل ونظر إلى الأسفل، ولم يرَ شيئًا سوى سحابة سوداء لا نهاية لها تحيط بالجبل لأميال، وعلى حافة الأفق كان هناك ضباب ذهبي شاحب منع إدراكه من الوصول إلى المسافة.

“أنت تتناسب تمامًا مع جسدي، إنه أمر غريب تقريبًا.”

انتشل الصوت روان من تأملاته فنظر حوله فوجد ناراً مشتعلة تم إشعالها بجسد رجل حامل.

إن نظرة أقرب سوف تكشف أن النيران جائت من بقايا العشرات من الأكوان المحترقة، ولا يزال روان يستطيع سماع الصراخ المرعب الشديد المنبعث منها.

كان الرجل معلقًا فوق هذه النيران المرعبة، وقد اخترق الوتد الخشبي أردافه وخرج من جانب رقبته، وكان الوتد يدور ببطء حتى تتمكن النار من طهي الرجل المعلق فوقه بالتساوي.

ولكن ما جعل هذا المشهد أكثر غرابة هو أن رأس الرجل كان بلا حراك ومركّزًا على روان، في حين كان باقي جسده يدور فوق النيران مما تسبب في التواء رقبته مثل حبل جريح.

كان وجه الرجل هو نفس وجه الجسد الذي كان يسكنه روان، وكان هذا المخلوق المعذب يبتسم له، بينما كان الدم الذهبي يسيل ببطء من جانب شفتيه.

لقد كان لابد أن يأتي وقت حيث كان مثل هذا المنظر المروع صادمًا بالنسبة له، لكن تلك الأوقات كانت بعيدة، اقترب روان من هذا الشكل المروع وعبس عند رائحة اللحم المشوي التي دخلت أنفه.

لم يكن يعلم من أين أتته هذه المعرفة، لكنه نادى قائلًا: “أنت كين، أليس كذلك؟ أنت الذي كان يتحدث معي. ألمع نور في الخليقة كلها، الخائن الأعظم… الصوت الملعون في رأسي.”

الترجمة : كوكبة