عبد الظل - الفصل 2220
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2220 : رائد الجحيم
ابتسم صني… لكن كانت ابتسامته مصطنعة إلى حدٍ كبير. لم يستطع أن يشعر بتلك البهجة اليائسة التي كانت تغمره عادةً في المواقف التي تبدو قاتمةً إلى حد لا يُطاق.
لحسن الحظ، كان وجهه مخفيًّا خلف حاجب خوذة العباءة، لذا لم ترَ نيفيس تردده. بالنسبة لها، بدا لورد الظلال كما كان دائمًا – باردًا، واثقًا، ومفعمًا بغطرسة متعالية.
كان دافعًا في غير محله تمامًا، أن يبدو رائعًا أمامها حتى في خضم جحيمٍ هابطٍ حرفيًّا… ومع ذلك، لم يستطع صني مقاومة الرغبة في ذلك.
مد يده إلى الظلال وسحب منها رمحًا أسود، ثم نظر إلى نيفيس.
“سأمهد الطريق ليعبر الجيش.”
ما إن خرجت كلماته من فمه، حتى اهتزت الظلال…
ثم، نهض منها كيان مروع جعل الجنود يرتجفون ويتراجعون.
تشكل الظل الهائل على هيئة جواد داكن اللون، ذو أنياب تشبه أنياب الذئب وقرنين حادين، وعينين تتقدان بلهب قرمزي مرعب. وكأنه يكتسي بضباب شبحي متحرك من الظلال، كما لو كان محاطًا بسرب من الكوابيس الحيّة، في حين امتص معطفه الأسود النور ذاته.
مجرد النظر إلى الجواد الشامخ قد ملأ قلوب الجنود بشعور بارد من الرهبة… وهو إنجازٌ مذهل حقًا، بالنظر إلى مدى رعبهم بالفعل.
تراجع الجنود، لكن تقدم صني خطوة نحو الجواد الكابوسي بدلًا من ذلك. وبينما كان يربت على جانبه القوي، قال:
“مرحبًا يا رفيقي. لقد افتقدتك حقًا.”
حول الكابوس بعينيه القرمزيتين المرعبة نحو صني، وأطال النظر لبضعة لحظات، ثم شخر بهدوء.
ابتسم صني.
“هيه، لقد كنت أعمل بجد أيضًا، كما تعلم!”
ثم قفز إلى السرج، وخفض رمحه قليلًا، ونظر إلى نيفيس من الأعلى.
“…من الأفضل أن تلحقي بي بسرعة.”
أومأت برأسها، وكانت بالفعل تصدر الأوامر للضباط القريبين.
اندفع كابوس إلى الأمام.
تحرك الجواد الأسود المخيف بسرعة البرق، وحوافره الماسية تُطلق شراراتٍ على العظام القديمة. شق طريقه عبر صفوف الجنود كموجة من الظلام، ثم قفز عاليًا في الهواء، متجاوزًا مئات الأمتار في قفزة واحدة.
بعد لحظات، هبط الجواد المظلم برشاقة خارج التشكيل المتداعي، في وسط حشد الرجسات. تكسرت العظام تحت حوافره، ومزقت الأنياب الفولاذية اللحم.
تناثرت بقع الدم في جميع الاتجاهات، وارتعدت مخلوقات الكابوس، التي لم يكن من المفترض أن تعرف الخوف، فجأةً من الرعب.
لكن مهما كان الحصان الأسود مرعبًا وفتاكًا، كان فارسه أشبه بالشيطان ذاته. تألق درعه العقيقي المخيف بخفوت، ورفرفت ريشة خوذته وسط الرياح – تحرك رمحه الأسود بسرعة مهولة، مخترقًا الأجساد وممزقًا الأطراف. ثم تساقطت الجثث المشوهة على الأرض.
لبرهةٍ، بدا وكأن الفارس وجواده سيُبتلعان في مد الرجسات، لكن بدلًا من ذلك، حطمت هجمتهما العنيفة هذا المد. ارتجفت الظلال من حولهما، موسعة الفجوة، بينما اندفع لورد الظلال إلى الأمام، تاركًا خلفه أثرًا من الموت والدمار.
وخلفه، بدأ جيش السيف في التقدم ببطء.
***
“هذا… عديم الجدوى…”
تراجعت رين متعثرةً، مسحوبةً من قبل فلور. وبعد لحظة، تمزقت الأرض حيث كانت واقفة قبل ثوانٍ فقط، تاركةً أخاديد عميقة في العظام التي بدت غير قابل للتدمير سابقًا.
لطالما كان هذا الهيكل العظمي الهائل رمزًا للخوف الغامض لجنود جيش الأغنية، وعلى الرغم من أن القليل منهم كانوا يؤمنون حقًا بأنه كان ينتمي إلى سَامٍ حقيقي، إلا أن الكثيرين اعتبروه موضع تبجيل مماثل. ولكن اليوم، أثبت قبر السَّامِيّ أنه أكثر هشاشة مما كانوا يعتقدون.
تحطم السهل العظمي بالكامل بفعل الملك والملكة، والآن، تحاصر جيش الأغنية مخلوقات كابوسية قوية بما يكفي لترك آثارٍ على سطحه.
وغني عن القول، كان الجنود المستيقظون كالنمل أمام هذه الرجسات المروعة.
لطالما كانوا أضعف من السكان الأصليين لقبر السَّامِيّ، ولذلك، طوّر جيش الأغنية أساليب مختلفة لمواجهة الخصوم الأقوى. كانت ترسانة رَين نفسها موجهة في الغالب لإضعاف العدو بطرق متنوعة… ومع ذلك، اليوم، لم تكن سهامها تحقق أي فائدة على الإطلاق.
‘يا لها من نعمة.’
لم يكن عليها حتى أن تقلق بشأن عيبها، لأنه لم يكن هناك أي أمل في الجحيم أن تتمكن من قتل أي شيء.
رغم أنها لم ترغب في الاعتراف بذلك، إلا أنها شعرت باليأس يتسلل إلى قلبها.
“رَين! اسـ… استفيقي!”
سحبتها فلور إلى الخلف، بينما اندفعت تمار إلى الأمام، محاولةً بيأس إبطاء تقدم الرعب المهاجم. سقط سيفها العظيم أرضًا، مُصيبًا الرجس… لكنه ارتد عنه بلا أي تأثير يُذكر. ترنحت شابة الإرث من قوة الارتداد، واتسعت عينا رَين عندما انطلقت مخالب مرعبة نحو جسدها.
في جزء من الثانية، قفزت إحدى أخوات الدم على ظهر مخلوق الكابوس، ثاقبةً رقبته بخنجر متموج. ومض شيء ما، ثم قُذفت تمار للخلف – كان هناك جرح عميق في جانبها، لكنها كانت على قيد الحياة.
من حولهم، كان جيش الأغنية ينهار ببطء تحت وطأة موجة الوحوش. لم تكن مخلوقات الكابوس وحدها غير القابلة للتغلب، بل كان عليهم أيضًا مواجهة العدوى القرمزية نفسها. فقد اندفعت كتل من الكروم والطحالب والعشب من الشقوق العميقة في العظام القديمة، زاحفةً على سطحها كالطاعون.
جلبت الأدغال معها كل أنواع المخاطر القاتلة.
‘اللعنة… اللعنة…’
للم يكن لدى رَين اسم للمشاعر التي اجتاحتها، لكنها شعرت بشيء يغلي في أعماق روحها رغم ذلك.
عندها فقط، ظهر راي من العدم، وأمسك بتمار وساعدها على النهوض. لم يحظَ الأربعة حتى بلحظة راحة قبل أن ينقض عليهم رجس آخر، فاتحًا فكيه على اتساعهما ليبتلع الفوج بأكمله دفعة واحدة.
هذه المرة، لم يكن هناك مهرب.
لكن قبل أن يُهلكوا…
تحركت ظلال رَين فجأة وارتفعت من الأرض. لمعت نصل داكن في الهواء، وقُطع المسخ المهاجم إلى نصفين بسلاسة.
تنهدت رَين بارتياح. صني هنا…
‘انتظر.’
هل خرج للتو من ظلها علانيةً؟.
لم تكن رَين… متأكدة مما إذا كان عليها أن تشعر بالسعادة أم بالرعب.
من الواضح أنها كانت سعيدة بوجوده. لكن إذا قرر أخاها الكشف عن نفسه بهذه الطريقة… فهذا يعني أن الوضع كان يائسًا حقًا. كان يرتدي أيضًا درعًا عقيقيًّا مخيفًا وخوذة مغلقة، تشعّ بحضور بارد وغريب.
أدار اخاها – لورد الظلال – رأسه قليلًا، ثم نظر إلى أفراد فوجها بنظرة لا مبالية. بدا صوته البارد خاليًا من أي مشاعر:
“هاه… أنتم الثلاثة مجددًا. ألم نلتقِ من قبل؟”
حدّقت تمار وراي وفلور فيه بصمت مصدوم للحظة.
كانوا سيحدقون أكثر، لولا أن الصف الأول من الفيلق السابع كان على وشك الانهيار تحت وطأة مخلوقات الكابوس.
لكن عندها، حدث شيء غريب.
بدا أن الضغط على المقاتلين قد خفّ قليلًا، وبرزت من بين جموع الوحوش رجسة جديدة – كانت هذه أكثر رهبةً من البقية.
فارسٌ على ظهر جواد أسود مرعب، كلاهما مغموران بالدماء ومحاطان بحجاب من الظلال المتحركة.
وخلفهما…
اتسعت عينا رَين.
‘أنا أتوهم، صحيح؟’
هل كانت مخطئة، أم أن هناك رايات قرمزية تتحرك خلف جدار مخلوقات الكابوس؟.
لا بد أنها كانت مخطئة…
ترجمة آمون