عبد الظل - الفصل 2219
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2219 : الأرض المحطمة والسماء المتكسرة
هبط الجحيم على قبر السَّامِيّ.
طمست عاصفة حفيف السيوف السماء أعلاهم، مطلقةً وابلاً مدمراً من الفولاذ القاتل فوق بحر الجثث الحية التي غمرت الامتدادات المشبعة بالدماء من سهل العظام المحطم. وكانت أشكالٌ عظيمة من ‘عمالقة’ شامخين تجاهد لكسر قيود السحر التي تُقيدهم، وارتجفت الأرض كوحشٍ جريحٍ يتشنج في سكرات الموت، بينما بدت سيمفونية عنيفة من الضجيج المدوي وكأنها تهز أسس العالم ذاته.
واصل أنصاف السَاميين معركتهما المميتة في الأعالي فوق ساحة المعركة المتصدعة، يراقبهما في صمت مُنذر الشرير المتمثل في جمجمة السَامي الميت.
وأدناهم، على الأرض المحطمة، تدفق فيضانٌ قرمزي من الشقوق السودءا كرغوةٍ دموية. كانت الأدغال العتيقة ترتفع من شفق التجاويف الخافت، جائعةً للنور والدفء – ومعها، زحفت رجساتٌ لا حصر لها إلى السطح، مدفوعةً إلى حالة من الجنون المروع بفعل شدة المعركة العظمى والرائحة المغرية لأرواح البشر.
حتى صني، الذي شهد جحيمًا أو اثنين خلال حياته، شعر بشيء من الاضطراب أمام نطاق وكثافة هذه الكارثة الهائلة، وكذلك أمام طبيعتها المذهلة…
لم يستطع حتى تخيل ما شعر به الجنود العاديون.
كان الجيشان البشريان على وشك أن يُبتلعا من قبل فيضٍ مُرعب من مخلوقات الكابوس.
ومع ذلك، كان محاربو الحرب العظمى قبيلةً صلبة – لم يفقدوا عقولهم بسبب الخوف، حتى وسط كارثة بدت كأنها نهاية العالم.
كان القديسون أول من استعاد رباطة جأشهم، فتقدموا لاعتراض أخطر الرجسات الناشئة وهم يصدرون أوامرهم للأسياد المشلولين. نفذ الأسياد الأوامر — بشكل آلي في البداية، كما لو كان ذلك مجرد عادة، ثم بشعور متزايد بالعزيمة الهادفة. فقاموا بحشد الجنود المستيقظين وانضموا إليهم في الدفاع ضد الطوفان المرعب لمخلوقات الكابوس.
ورغم ذلك…
كانت حصيلة القتلى ثقيلة في تلك اللحظات الأولى. ثم، مع انتفاض الجيشين لمواجهة الأدغال المتحررة، خفَّت الخسائر بعض الشيء – لكن ذلك لم يكن كافيًا.
كان صني، الذي سمحت له تجسيداته برؤية مثالية لما كان يحدث على جانبي ساحة المعركة، يرى الأمر بوضوح. كان له تجسيد بين جنود جيش السيف، وآخر بين جنود الأغنية، وواحد يراقب كل شيء من ارتفاع شاهق.
كانت هناك الكثير من الشقوق، وكانت مخلوقات الكابوس الزاحفة منها قوية للغاية. لم يكونوا سكان السطح الذين واجههم جنود الجيشين العظيمين سابقًا، خلال غزو سهل الترقوة، ووصولًا إلى الأضلاع العملاقة للسَامي الميت – والذين كانوا بالفعل مرعبين إلى حد كاد أن يكون مستحيلًا على المستيقظين مواجهتهم.
بدلًا من ذلك، كانوا أهوالًا قديمة من التجاويف، مفترسين عظماء مروعين أمضوا سنوات لا تُحصى في صيد غيرهم من بني جنسهم الشنيعين داخل الشفق الأبدي للأدغال القرمزية. وكان العديد منهم برتبة عظيم، مما جعلهم شبه محصنين تمامًا ضد هجمات الجنود المستيقظين. وحدهم القديسون استطاعوا مواجهتهم… لكن لم يكن هناك عدد كافٍ من القديسين.
وما هو أسوأ، لم يتمكن أي من الجيشين من الحفاظ على تشكيله. فقد ظهرت الشقوق فجأة، وقسمت الخطوط القتالية، مدمرة إياها. وبدلًا من تقديم جبهة موحدة ضد مد الرجسات القوية، كان الجنود الآن يقاتلون يائسين ضمن أي تشكيلات تمكنوا من تجميعها، محاصرين من كل الجهات في بحر من المسوخ.
بدا الوضع قاتمًا. فعلى الرغم من ضخامة المعركة وهول الجيشين العظيمين، كانت مجموعات الجنود البشرية المكافحة أشبه بجزر محكوم عليها بالغرق في بحر الظلام القرمزي المتصاعد. كانوا يصمدون في الوقت الراهن، لكن النتيجة كانت واضحة للعيان.
إن لم يتغير شيء، فسوف يُباد كلا الجيشين، ويختفيان بلا أثر.
كان جيش الأغنية في حالٍ أفضل قليلًا على الأقل – فموقعه كان أقرب إلى حافة عظمة القص للسَامي الميت، مما جعله يتعرض لهجمات أقل من الخلف. يبدو أن سيشان أدركت تلك الحقيقة، وكانت تكافح الآن لدفع جيشها إلى التراجع شمالًا.
أما جيش السيف، فكان في وضع حرج للغاية.
استدعى صني القديسة والشرير، وأرسلهما لمساعدة الجنود. وبعد تردد لبضعة لحظات، استحضر تجسيدين إضافيين لنفسه، ليشارك ثلاثة تجسيدات للورد الظلال في المعركة. نزلوا جميعًا على مخلوقات الكابوس، محاولين صد المد القرمزي.
كان عليه أن يحذر من إهدار جوهر النفس قبل مواجهة السياديين، لكن مع الثعبان في يده والرجسات التي لا تُحصى حوله، لم يكن تجديده بقتلها مشكلة تُذكر.
كان صني وظلاله مثل نذير الموت، لكل واحدٍ منهم حضورٌ مدمّر على ساحة المعركة – لكن حتى حضوره كان غير كافٍ لكبح المد. كان أشبه بقطرة في المحيط، على الأقل طالما أنه لا يزال يتحفظ في قوته.
على بُعدٍ ما، كانت نيفيس بمثابة منارة أمل وسط بحر الظلام الجائع. تجمع قلب جيش السيف حولها، يتلقى الجنود الشفاء من نيرانها بينما كان سيفها يحصد أرواح أقوى مخلوقات الكابوس.
رغم ذلك، فقد كانت في نفس المأزق الذي كان صني فيه.
كانت إحدى ظلاله لا تزال مختبئة في ظلها.
استغل صني اللحظة، وخاطبها، ناقلًا إليها المعلومات التي شاركتها كاسي بأسرع ما يمكن. ثم سكت للحظة، منتظرًا أن تنهي القضاء على رجس بشع يشبه شجرة متعفنة تسير، ذات جذع مغطى بعدد لا يُحصى من الأفواه المسننة… أو ربما وحش ميت تحوّل جسده إلى مضيف لطفيلي شجري.
التهمت ألسنة اللهب البيضاء المخلوق الشنيع، محوّلةً أوراقه القرمزية إلى رماد، وقطع السيف المتوهج – قاتل الأقارب – الجذع إلى نصفين.
لكن بعد لحظات، كان هناك بالفعل رجسان مماثلان يندفعان نحو نيفيس عبر ألسنة اللهب.
تحدث صني:
“لن نصمد طويلًا هنا.”
نظرت حول ساحة المعركة، ثم أومأت برأسها باقتضاب.
“…علينا التقدم.”
توقف صني للحظة، ثم ضحك بسخرية قاتمة.
“التقدم؟ التقدم إلى أين؟!”
اندفعت نيفيس نحو الرجسين، مسلّحة بسيفها الفائق.
“عبر ساحة المعركة، نحو حافة السهل. للوصول إلى جيش الأغنية، أو على الأقل للوقوف على عظام صلبة!”
نظر إلى مذبحة ساحة المعركة الكارثية من حافة جزيرة العاج، وبقي صامتًا للحظة، ثم أخذ نفسًا عميقًا.
“هذه… فكرة مجنونة!”
خرج صني من ظل نيفيس، مستحضرًا تجسدًا آخر.
وبينما كان يسحق جمجمة الرجس الثاني بضربة وحشية من قبضته المدرعة، ألقى نظرة على نيفيس، وابتسم تحت قناع خوذته العقيقية.
“لكنها قد تنجح!”
ترجمة آمون