عبد الظل - الفصل 2215
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2215 : بِكر الملك
جرف مدٌّ من السحر كي سونغ، ضاغطًا إياها على السطح المحطم للعظام المكسورة. انكسرت أجنحتها بصوتٍ مقزز، وأصبح الريش الأسود ملطخًا بالدماء. تماوج فستانها الأحمر، وانشق نسيجه الفاخر تحت الوزن الهائل.
لكن الخيوط المهترئة قد تحركت وكأنها تملك حياةً خاصة، لتصلح التمزقات بعد لحظات.
وكذلك أُصلحت الأجنحة – فقد لتُكسر مرةً أخرى، ثم تُصلح مجددًا.
استغلّ أنفيل تلك الهدنة القصيرة وسط وابل الهجمات وانقضّ بسرعة لا تصدق. سقط سيفاه التوأمان وكأنهما نصلا مقصلة، أحدهما مستهدفًا عنقها، والآخر بطنها. لكن هذه المرة، كان هناك شيءٌ مختلف في الطريقة التي همس بها الفولاذ الحاد وهو يشق الهواء… وكأن السيوف لم تكن فقط تمزق الفضاء فحسب، بل كانت تقطع نسيج الواقع ذاته.
رفعت كي سونغ نظرها بشراسة قبل أن تهوي عليها النصال وهي راكعة. وبدلًا من محاولة تفاديها، اندفعت إلى الأمام. انفجر غبارٌ من شظايا العظام تحت قدمها، وغمر وميضٌ ساطع ساحة المعركة للحظة، قبل أن تصطدم بأنفيل بسرعة مرعبة.
اهتزّ العالم تحت قوة الاصطدام. سحب أنفيل سيفيه في اللحظة الأخيرة، تاركًا جرحين عميقين على ذراعي كي سونغ قبل أن يصدّ كفها بنصليه المتقاطعين. ثم نهض إعصارٌ، ممزقًا العاصفة الصاخبة من السيوف، وأرسلت موجة الصدمة المدمرة آلاف الدمى تتطاير في الهواء.
لكن هذه المرة، لم تتلقَّ أي دمية الجراح بدلًا من محركها. بقيت الجروح على بشرة الملكة الخزفية، متورمةً بدم قرمزي.
بينما انزلق أنفيل لعشرات الأمتار للخلف، واندفعت لمطاردته، ارتسمت ابتسامة شريرة على شفتيها.
“إرادةٌ حادة بما يكفي لقطع العالم!”
بعد لحظة، انقضّت يداها الرقيقتان على الملك كموجةٍ عاتية. انفجرت سيمفونيةٌ من دوي الرعود، مندمجةً في هديرٍ مستمر – بدت كي سونغ وكأنها تتلاشى وتظهر حول أنفيل، مسددةً مئة ضربة مدمرة من جميع الاتجاهات في أقل من ثانية.
اهتزّ سهل العظام.
“روحٌ واسعة بما يكفي لاحتواء السماوات!”
بزمجرة، وجهت ضربتها الأخيرة – الأكثر رعبًا بينها جميعًا. طارت خمسةٌ من سيوف أنفيل بعيدًا، وصدّت نصليه الأخيرين بكفها الناعمة. كان الاصطدام مهولًا لدرجة أن انفجارًا هائلًا اندلع عند نقطة تلامس بشرتها بالفولاذ البارد، مغرقًا العالم بالنور واللهب.
صمد أنفيل أمام الهجوم بهدوء، لكن امتد صدعٌ عميق عبر العظام القديمة أسفل قدميه، ممزقًا إياها كندبةٍ قبيحة.
ضحكت كي سونغ أثناء تراجعها بخفة متجنبةً هجومه المضاد، مع فستانها الأحمر يتراقصُ خلفها كجدولٍ من الدماء.
“قلبٌ بارد بما يكفي لإطفاء لهيب الجحيم!”
وحين فقد توازنه وسقط، اندفعت نحوه بابتسامة شريرة.
“ألست عجيبًا للتأمل، فال؟”
مشتتةً السيوف الخمسة بموجة قوية من أجنحتها السوداء العظيمة، امتطت أنفيل كوحش، رفعت يديها، وقبضتهما بقوّة.
“عاهلٌ بين العُهال…”
سقطت أولى الضربات المدمرة عليه، جالبةً المزيد من الرعد، المزيد من النور، و المزيد من الحرارة…
كانت نصال السيوف التي استخدمها أنفيل لحماية نفسه تتوهج باللون الأحمر بالفعل.
في مكانٍ آخر من ساحة المعركة، وقف ‘عمالقة’ الموتى كجبالٍ شامخة وسط العاصفة الهائجة من السيوف الطائرة. تمزقت الدمى الأضعف وسُحقت، لكن هذه الرجسات الهائلة كانت شاسعةٌ جدًا، مرعبةً جدًا، وقويةً جدًا بحيث لا يمكن تدميرها بسهولة.
سارت عبر سهل العظام، متجمعةً ببطء نحو النقطة التي احتدم فيها الصراع المميت بين السياديين، وارتجف العالم تحت وقع خطواتها.
استعرت عاصفة السيوف، محاولةً سد طريقها وتدميرها. كان كل ‘عملاقٍ’ رجس محاطًا بزمجرة عاصفةٍ هائلة من حفيف الفولاذ، وكانت نصالٌ حادة لا تعد ولا تحصى تمزق لحمهم في محاولةٍ عبثية لإسقاط ‘العمالقة’.
ومع ذلك، كان جسد ‘العمالقة’، حتى الموتى بينهم، صلبًا بقدر ما كان هائلًا – بعضهم كان مكسوًا بدروعٍ غير قابلة للكسر، وبعضهم بجلدٍ كثيف أقسى من ما يمكن أن يُصدق، بينما كان آخرون كجبالٍ زاحفةٍ من اللحم المشوه، تلتئم جراحهم خلال لحظات.
ورغم القوة المهولة التي أطلقتها السيوف الطائرة، لم يسقط ‘العمالقة’… ولم يتوقفوا كذلك.
إلى أن…
التوت العاصفة فجأة، متخذةً شكلاً غريبًا، وشكلت آلاف النصال رونياتٍ لا تُحصى حول ‘العمالقة’ المتقدمين. ثم توهجت الرونيات بنورٍ قرمزي مشؤوم، وربطتها تياراتٌ من النور الأحمر الأثيري وكأنها أنهارٌ.
شكلت تلك الأنهار القرمزية شباكًا أحاطت ‘بالعمالقة’… أو أقفاصًا، ربما. لم تكن قضبان تلك الأقفاص السحرية ملموسة، ومع ذلك، ارتطمت الرجسات الهائلة بها كما لو كانت جدرانًا من المعدن الصلب.
اهتز سهل العظام حين اصطدم ‘العمالقة’ الميتون بأشعة النور القرمزي، ترنحوا… ثم توقفوا.
على مسافةٍ قريبة، كان أنفيل لا يزال سليمًا تحت وابل هجمات كي سونغ العنيفة. وعلى الرغم من أن سطح العظام القديمة حولهما امتلأ بالشقوق، فقد بقي درعه الأسود صامدًا، ولم ينكسر جسده.
مستلقيًا على الأرض، سخر ببرود:
“…أنا كذلك.”
بعد لحظة، اخترقت خمسةٌ من السيوف السبعة المروعة جسد كي سونغ من الخلف، بينما اخترق السادس قلبها. ترك أنفيل مقبضه، وأحاط عنقها بأصابعه، ثم اندفع إلى السماء، ساحبًا إياها معه.
“عجبٌ يستحق التأمل، عاهلٌ بين العُهال – وأكثر من ذلك بكثير.”
وحين ارتفعا حتى كادا يلامسان حجاب السُحب، استدار بصرامه نحو كي سونغ وقال بصوتٍ باردٍ لا يرحم، تتردد فيه لمحةٌ من اللامبالاة:
“وما أنتِ؟”
ثم شدّ عضلاته وألقاها للأسفل.
هوت عبر إعصار السيوف كنيزكٍ قرمزي، مخترقةً النصال وممزقةً بحدّها. وبعد لحظات، لحق بها السيف السابع – السيف الملعون – ممزقًا العاصفة نفسها.
اصطدمت كي سونغ بالأرض بقوةٍ مهولة، فجعلت موجة الصدمة الناتجة عن سقوطها لا تُسقط الدمى المحيطة بها فحسب، بل تمزقها إلى أشلاء. أولئك الأقرب منها تحولوا إلى سحبٍ من الضباب القرمزي، بينما أولئك الأبعد تناثروا إلى قطعٍ صغيرة من اللحم.
امتدّت شبكةٌ شاسعةٌ من الشقوق عبر سطح العظام القديمة، محيطةً بها كنسيج عنكبوتٍ مظلم.
وفي قلب تلك الشبكة، كافحت كي سونغ للنهوض.
لكن بقيت السيوف الستة مغروسةً في جسدها، تثبتها وتمنعها من القيام.
هبط أنفيل على بعد خطوات، وسار نحوها، رافعًا السيف السابع.
تردد صوته عبر الفولاذ الأسود لخوذته:
“…أنتِ لا شيء.”
ضحكت كي سونغ ضحكةً خشنة.
“ألستَ من الرجال الذين لا يخشون شيئًا، مع ذلك؟”
قبل أن يهوي السيف الملعون، بدت هيئة الملكة الساحرة وكأنها تتلاشى، متخذةً شكلها المتسامي.
وفي اللحظة التالية، اندفعت فيضانٌ عظيم من الدم القرمزي للأمام، هاربًا من قفص السيوف الستة المرعبة، مهددًا بابتلاع أنفيل.
ترجمة آمون