عبد الظل - الفصل 2146
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2146 : نجم السهرة
“آه. أخيرًا، هواءٌ نقي!”
ابتسم جيست أثناء نظره إلى الغابة حيث سيموت. لم يكن هناك أدنى شك في أن حياته ستنتهي قريبًا، بطريقة مروعة وبائسة.
ارتجفت شفتاه قليلًا.
‘لا، حقًا… هذا الهراء مجددًا؟’
كان قد تمكن بالكاد من الاستقرار في العالم الحقيقي، وأخيرًا وجد مجتمعًا آمنًا محميًا من الوحوش من قبل مجموعة من… ما الذي أطلق عليهم الناس هذه الأيام؟.
صحيح… النائمون.
كان جيست نائمًا بنفسه، لذا استُقبل هناك بأذرع مفتوحة. للأسف، كان نائمًا معيبًا لا يستطيع التحكم في الذكريات ولا يمتلك قدرة مفيدة… رغم أنه لا يزال قادرًا على استخدام البندقية والحربة، لكن لم يكن ذلك وحده كافيًا لكسب التقدير.
‘اللعنة…’
وبالحديث عن الذكريات! اتضح أن الجميع يحصلون على واحدة على الأقل في الكابوس أو بعده بفترة قصيرة. لم يكن جيست يعلم بوجود الذكريات حتى رأى نائمين آخرين يستدعون أسلحة قاتلة من العدم – عندها فقط أدرك معنى ما يسمى عيبه.
لم يكن عدم القدرة على استخدام ‘العناصر المسحورة’ يبدو كمشكلة كبيرة قبل أن يعرف أنها موجودة بالفعل. ولكن بعد أن عرف ذلك، لم يستطع إنكار الحقيقة.
لم يكن فقط في مأزق… بل كان في مأزقٍ مضاعف.
فلدى النائمين الآخرين جوانبٌ مفيدة، كما يمكنهم أيضًا استخدام الذكريات – وكان الأمر الأخير غالبًا أكثر أهمية من الأول. سمح كلاهما لهم بقتل الوحوش، وهو ما لم يكن باستطاعته فعله.
وهذا، بدوره، سمح لهم بجمع الكرستالات المتلألئة من الوحوش، وامتصاصها، وزيادة قوتهم.
كان النائمون بحاجة إلى القوة لقتل الوحوش، وكانوا يزدادون قوة بقتلها… لكن لم يستطع جيست قتل الوحوش لأنه كان ضعيفًا، وكان ضعيفًا لأنه لم يستطع قتل الوحوش.
إن لم يكن ذلك مثيرًا للسخرية، فهو لا يعرف ما قد يكون.
على أي حال، لم يكن ذا فائدة كبيرة للمجتمع.
وسرعان بدأ الناس – حتى أولئك الذين لم يختبروا الكابوس – في معاملته بازدراء. بعد كل شيء، فهو يُطعم ويُحمى دون أن يقدم شيئًا يذكر في المقابل. أقصى ما يمكنه فعله هو القيام بالمهام الشاقة المختلفة داخل القاعدة… ولم يختلف هذا كثيرًا عن عامل في الثكنات، حقًا.
وهو أمرٌ مضحك أيضًا.
ومع ذلك، لم يطردوه بعد – بفضل شخصيته الساحرة وإحساسه الفكاهي المذهل، بلا شك. أصبحت حياته آمنة إلى حد ما ومريحة نوعًا ما خلال الأشهر القليلة الماضية.
إلى حد ما.
…إلى أن أتى الانقلاب الشتوي.
في ذلك اليوم الملعون، كان جيست مسترخيًا على سريره بينما يتعامل بحذر مع قطعة أثرية ثمينة – كتاب ورقي حقيقي وجده في أحد المتاحف أثناء اختبائه من الوحوش.
كان هذا الكتاب شريان حياته، ورغم حالته الهشة، بقي جيست يقرأ صفحاته الصفراء كلما أُتيحت له الفرصة. أوحى العنوان الاحتفالي على الغلاف بأن الحكمة من ما قبل العصور المظلمة كانت مخبأة داخله…
“امسكوا بطونكم! مئة نكتة مضحكة ستجعلك نجم السهرة!”.
هذا هو اسم الكتاب العتيق.
كان جيست على وشك الوصول إلى أفضل نكتة من المئة التي لا تقاوم عندما باغته تثاؤب قوي.
ولم يكن ذلك غريبًا جدًا…
لولا حقيقة أنه كان منتصف النهار.
تجمدت تعابيره، وظهرت ابتسامة مرتجفة ببطء على وجهه.
‘لا… لا!’
في المرة الأخيرة التي بدأ فيها بالتثاؤب فجأة، انتهى به المطاف في الكابوس.
وهنا كان جيست، بعد ساعات فقط، في العالم الغريب مجددًا.
ومن المؤكد أن الأمر كان مختلفًا هذه المرة. فقد رحب به الصوت الغريب الذي أصبح يسمعه في الآونة الأخيرة داخل رأسه بكلمات جديدة أيضًا.
بالإضافة إلى ذلك، كان عاريًا.
‘ما هذا بحق…’
كان على الأقل يرتدي ملابسه في المرة السابقة!.
مرتجفًا من البرد، احتضن جيست جسده الهزيل المليء بالكدمات ليحتمي من الرياح، ونظر إلى الأشجار الملتوية التي تحيط به بذعر. لم يكن هناك شيء سوى هذه الأشجار أينما نظر، وبالكاد اخترقت أشعة الشمس مظلة الأشجار الكثيفة أعلاه…
لم يكن هناك أي أصوات تقريبًا هنا باستثناء حفيف الأوراق المشؤوم وصرير الأغصان المريب. وكان الصمت الغريب يجعله متوترًا.
عض جيست شفته وهمس:
“لا أسلحة… لا ملابس… وفي وسط الغابة…”
وبعد لحظة، أضاف بصوت مرتجف:
“شيء ما شيء ما… رجلٌ عارٍ… خشب؟”
خرجت ضحكة مكبوتة من بين شفتيه.
التقط جيست صخرةً من الأرض، وارتجف وبدأ في السير.
…لم يمض وقت طويل قبل أن يجد بشريًا آخر.
كان شابًا، لا يختلف عنه كثيرًا، مستلقيًا بظهره على جذع شجرة… أو هكذا بدا في البداية. ولكن عندما اقترب جيست أكثر، أصابه الذعر حين اكتشف أن جسد الشاب كان مغروسًا داخل الجذع الصخري، كما لو أن الشجرة تلتهمه. تدفقت الدماء القرمزية على اللحاء الداكن، الذي شربه بشراهة.
كان هناك جذرٌ سميك يلتف حول خصر الشاب، بينما تنبت من جسده أغصانٌ رفيعة تتفتح عليها زهور قرمزية.
بدا الشاب ميتًا بالفعل في الغالب… ومع ذلك، كان لا يزال حيًا ويتألم.
لم يدرك جيست ذلك إلا عندما التقت أعينهما، وفتح الشاب فمه، محاولًا التحدث.
“سـ…اعدني…”
تراجع جيست للخلف.
لم يكن يريد شيئًا أكثر من أن يستدير ويفرّ، لكن شيءٌ ما أوقفه.
لربما بفعل الشفقة.
وربما حسدًا لرؤية درع الجلدي الملطخ بالدماء الذي كان يرتديه الشاب.
في كلتا الحالتين، صر جيست على أسنانه.
“حسنًا، يا صديقي… حسنًا، سأساعدك. اترك الأمر لي.”
مرتجفًا، اتخذ خطوة للأمام…
ثم شدّ عضلاته وأسقط الحجر الحاد على رأس الشاب.
كان هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكنه فعله للرجل المسكين.
استغرق الأمر عدة ضربات قبل أن يخفت النور أخيرًا في عيني المسكين، وتراجع جيست مترنحًا برعب.
ثم اختفى الدرع الجلدي الذي أراد سرقته في وابلٍ من الشرر.
وفي تلك اللحظة، تحركت جذور الشجرة، ممتدةً في اتجاهه.
مذعورًا، استدار جيست وبدأ بالركض…
وأثناء ركضه، تحدث الصوت في رأسه مرةً أخرى.
[لقد قتلت بشريًا حالمًا…]
وفي الوقت ذاته، شعر جيست بشيء غريب.
وكأن شيئًا ما تدفق إلى داخله، واستجابةً لذلك، تغير جسده بشكل خفي.
أصبح أقوى، أكثر رشاقة، وأكثر صلابة.
تلألأت عيناه وهو يركض.
‘إذن… هناك طريقة أخرى لكي أزداد قوةً أيضًا.’
لم يكن الأمر يقتصر على قتل الوحوش.
بل قتل البشر كان مفيدًا أيضًا.
لم يكن يعرف حقًا كيف يشعر حيال ذلك.
‘…لكن، أليس هذا أطرف شيءٍ على الإطلاق؟’
ترجمة آمون