عبد الظل - الفصل 2119
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2119 : على الجانب الآخر
وجد صني نفسه مستلقيًا على السطح الأملس والبارد للكرة السجية مرةً أخرى… لكن هذه المرة، لم يكن السطح أملسًا، إذ كان مغطى بشبكة من التشققات العميقة.
تشنج الزمان والمكان من حوله، مما جعله يشعر وكأن العالم ذاته ينهار. وأعلاه، كانت السحب المتلألئة من الغبار الأسود تغلي. والمساحة الشاسعة من الظلام في حالة من التدفق، تتدفق بما يشبه تيارًا هائجًا. وكانت ومضات النور البعيدة المتجمدة تنطفئ واحدةً تلو الأخرى.
اصطدمت صفائح السج العائمة وتحطمت، متحولةً إلى سُحُبٍ عنيفة من شظايا الحجارة.
ولكنه لم يكن في حالة تسمح له بالانتباه إلى هذا الكارثة الكونية، لأن حالة جسده وروحه كانت مروعة بنفس القدر.
“آآآه…”
لم يشعر صني بأنه على ما يرام.
والأسوأ من ذلك… رغم امتلاكه لسبعة أجساد، فلم يكن لديه سوى روح واحدة فقط. وبسبب حالتها المؤسفة الحالية، لم يكن لورد الظلال يشعر بحال جيد أيضًا، هناك في التجاويف. وكان تجسيده الآخر المختبئ في معسكر جيش الأغنية، يعاني أيضًا.
لحسن الحظ، تمكن بطريقة ما من إخفاء حالته الضعيفة عن من حوله. وكان التجسيد الأخير بمفرده حاليًا في قبو المُقلد الرائع، على الأقل…
لكن هؤلاء الثلاثة لم يكونوا مصدر قلقه الآن. بل مصدر قلقه هو جسده الأصلي، المعرض حاليًا لخطر التدمير.
‘كيف حدث هذا أصلاً… كان من المفترض أن أعيش بسلام في باستيون، أصنع الفطائر…’
متأوهًا، حاول صني الوقوف.
ولكن بمجرد أن فعل، اهتزت الكرة السجية وانقسمت، لتطرحه أرضًا مرة أخرى.
سقط، وسقط، وسقط…
وبعد بضعة لحظات من السقوط، فقدت الكلمة معناها، حيث أصبحت جميع الاتجاهات واحدة.
ما الذي كان يحدث بحق؟.
بدا أن هناك خطبًا ما في ظل الإدانة. كان امتداد لا نهائي من التوهج الفضي الساطع يبتلع الظلام الهائل لجسده الغامض، وفي مكان ما هناك، أصبح الامتداد اللامتناهي من التلال السوداء المتموجة أقرب بكثير مما ينبغي، متحركةً ببطء ثم تختفي في الخلفية.
كما لو أن السَامي الميت لم يعد يسير، بل أصبح يزحف بدلًا من ذلك.
أصبح العالم أصغر وأصغر…
حتى تحول كل شيء إلى ظلام.
ثم فجأةً، شعر صني بوزنه يعود مجددًا.
قُذف بعنف في الهواء البارد، وهاجمته الرياح بقوة قاسية. أصبح الأسفل أسفلًا مرة أخرى، والأعلى أعلاً. وفي نفس الوقت، وجد نفسه يسقط مرة أخرى، يهوي من ارتفاع شاهق.
ومحاطًا بالظلال أيضًا.
مع ذلك، لم ينتبه صني إلا إلى أحد التغييرات التي حدثت للعالم – وهو أن الجذب الخبيث لإرادة الإدانة، الذي كان يحاول استهلاكه طوال هذا الوقت، قد اختفى فجأة.
‘…أنا خارج ظل الإدانة.’
وما أن أدرك صني ذلك، حتى ارتطم جسده المرهق بشيءٍ صلب بعنف. ارتد عن السطح القاسي بصرخة مكبوتة، ثم سقط مرة أخرى وتدحرج على منحدر كُثيب طويل، محدثًا سحابة من الغبار في الهواء.
اصطدم بشيء عند سفح الكُثيب، ثم تأوه صني وفتح عينيه، ليرى السماء السوداء لعالم الظل فوقه.
…سماء سوداء؟.
لم تكن هناك سُحُب فضية من الجوهر الهائج لا فوقه ولا حوله، مما يعني أنه كان خارج عاصفة الجوهر أيضًا.
أصبح آمنًا.
حسنًا… على الأقل آمنًا من العاصفة.
ومع ذلك، لم يكن وجوده بالكامل سوى عذابٍ بحت. كان جسده في ألمٍ لا يُطاق، وروحه كذلك. بل وحتى عقله منهكٌ تمامًا ومترنحٌ، بالكاد قادرًا على العمل.
متجاهلًا كل ذلك، تمتم صني بلعنة لاهثة ودفع نفسه ببطء بعيدًا عن الأرض، واقفًا بترنح.
ثم نظر صني حوله لتقييم الوضع.
في البداية، كافح لفهم ما كان يراه ويشعر به.
اختفت المناظر الطبيعية المألوفة لعالم الظل – الامتداد القاحل للتلال المظلمة. وبدلاً من ذلك، أمتدت تلال بيضاء الضخمة ذات حواف غريبة نحو الأفق بقدر ما تستطيع العين رؤيته. من حوله، كانت الصخور الضيقة متناثرة في تجمعات طويلة، بعضها صغير وبعضها شاهق بإرتفاع مئات الأمتار.
وأمامه، كان الجدار الأبيض المتلألئ للجوهر الدوّام يتحرك ببطء مبتعدًا.
بينما كان ينظر إليه، أدرك صني أنه كان على الجانب الآخر من عاصفة الروح. ظل الإدانة… لابد أنه مزقها في النهاية، قبل أن ينهار بعد مرور الخطر.
ثم ارتجف بينما تعرف على طبيعة الصخور الغريبة من حوله.
لم تكن تلك صخورًا… بل عظامًا. بقايا ثعابين الروح، تشكل حقلًا شاسعًا. ورغم ذلك، فمعظمهم كان أصغر بكثير من الهيكل العظمي الضخم الذي رآه من قبل.
لكن ذلك لا يعني أنها كانت صغيرة.
كان السطح الصلب الذي أوقف سقوطه العمود الفقري لثعبان روح ميت.
كان في مقبرة هائلة حيث رقدت عظامٌ لا حصر لها، شاهقةً فوق الغبار الأسود.
ناظرًا إلى الأسفل، لاحظ صني حتى جمجمة بشرية ملقاةً بين العظام المحطمة.
ثم قاطعه صوت ضوضاء مفاجئة.
ملتفتًا، رأى صني شيئين في نفس الوقت.
على بعد مئات الأمتار، كان الظل الغامض يحاول التماسك ليصبح شكلًا صلبًا، متلويًا على الأرض. بدا أن ذلك الرامي الملعون قد نجا أيضًا.
وبينهما…
كانت بقايا ظلُ الإدانة ماثلة.
فقد اختفى العملاق المظلم، وكل ما تبقى من جسده السجي الهائل لهي تلة طويلة من الغبار الأسود الناعم، لا تختلف عن غيرها من التلال الأخرى.
ومع ذلك، كان هناك شيء يتحرك في الهواء فوق الكُثيب السجي.
في البداية، بدا وكأنه دوامة صغيرة – مجرد زوبعة ضعيفة تمتص الغبار الأسود والحجارة الصغيرة أثناء تحركها.
لكن بعد ذلك، رأى صني شظية عظم تُمتص في كتلتها الدوارة، ترتفع عاليًا في الهواء ثم تتجمد في مكانها في قلب الظاهرة الغريبة. وبعد لحظة، طارت قطعة أكبر من العظام، وليس بعيدًا عنها، بدأت جمجمة ضخمة لثعبان ميت ترتجف، وترتفع بضعة سنتيمترات فوق الأرض.
كانت الدوامة تكبر ببطء… وتزداد قوة. وتستهلك المزيد والمزيد مما حولها.
وحينها، فهم صني ما كان ينظر إليه.
ربما كان جسد ظل الإدانة قد زال، لكن القوة الخفية التي بَنَت ذلك الجسد من أجزاء مسلوبة من العالم – السَامي الميت ذاته – لم تُزل.
في الواقع، كانت تبدأ بالفعل في بناء وعاء جديد لنفسها.
كان ظلُ الإدانة أمامه، سالمًا.
وهذا يعني…
نظر صني إلى شظية الناب العاجي في يده، ثم إلى الرامي القاتل الذي كان ينهض ببطء على قدميه في الأفق.
ثم دفع بجسده المنهك إلى الأمام بابتسامة جشعة.
ترجمة آمون