عبد الظل - الفصل 2116
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2116 : العاصفة والجبل
واصل الاثنان القتال بضراوة، مسببين الفوضى داخل ظل الإدانة. وعندما تشققت صفيحة السج التي كانا يتقاتلان عليها وتحطمت، قفز صني والقاتل الغامض عبر سحابة من الغبار الأسود إلى الصفيحة التالي، وعندما انقسمت تلك الصفيحة إلى نصفين، اختارا الجزء الأكبر لمواصلة معركتهما.
وفي هذه الأثناء، في الخارج…
أصبحت رياح الإعصار مرعبةً حقًا، وطُرد الظلام بفعل التوهج الفضي الساطع. انحنى ظل الإدانة بجسده الهائل إلى الأمام وانغمس في عاصفة الجوهر، مما جعل الجدار الشاسع من الضوء الدوّار ينقسم أمام كتلته الهائلة.
عادةً، كانت العواصف هي التي تتحطم على سفوح الجبال التي لا تُقهر. لكن هذه المرة، تحرك جبلٌ مظلم لتحطيم العاصفة.
لم تتمكن الرياح المدمرة ولا الامتداد الهائل للجوهر الهائج من إبطاء ظل الإدانة.
ومع ذلك، لم يكن الأمر كما لو أن العاصفة لم تؤثر عليه.
لم تخترق ذرات الجوهر جسد السَامي الميت بنفس السهولة التي اخترقت بها جسد صني، ولكنها ألحقت به ضررًا طفيفًا. وفي جميع أنحاء السطح الشاسع للظل الهائل، تراقصت شرارات من النار عندما لامست تيارات الجوهر النقي السج اللامع.
وصل الأمر إلى حد أنه في غضون لحظات قليلة، بدا الشكل الهائل للإدانة بأكمله متوجًا بالنيران.
ورغم أن كل جسيم من ذرات الجوهر كان يُحدث ضررًا ضئيلًا لا يكاد يُذكر لجسد الجبل المتحرك…
إلا أنه هناك أيضًا عدد لا نهائي تقريبًا من هذه الذرات.
وهكذا، فإن الخدوش الصغيرة التي ألحقتها بجسد الإدانة تراكمت ببطء، لكنها كانت حتمية.
بدا الأمر أشبه بالرياح أو تيارات المياه التي تتآكل الحجارة على مدار آلاف السنين، مجسدةً ذلك في غضون أيام وساعات ودقائق. ومع تآكل السج، تشكلت سحابةٌ من الغبار الأسود ببطء حول ظل السَامي الميت، متألقةً بشكل لافت في الحجاب الفضي لعاصفة الجوهر.
لو أن صني رأى المشهد المهيب للظل الهائل وهو يخترق عاصفة النور، لفهم لماذا بدت ألواح السج العملاقة التي رآها في عالم الظل مصقولةً وذات سطح أملس ولامع بدلًا من الملمس الخام وغير المنتظم للحجر الطبيعي.
لكن لم يكن لدى صني وقت ليهتم بما كان يحدث خارج الكون المظلم للإدانة، لأنه كان يُخنق حاليًا بواسطة ظل قاتل.
‘اللعنة… ما هذا بحق!’
لم يكن صني رجلًا طويل القامة، بينما عادةً ما كانت مخلوقات الكابوس التي واجهها ضخمة. ولهذا السبب لديه خبرة واسعة في تسلق أجساد أعدائه لقتلهم… ولكنه لم يكن معتادًا على أن يُعامل وكأنه شجرة تسلق.
وهذا بالضبط ما فعله القاتل الرشيق، حيث دار حوله بخفة خادعة ثم قفز فوقه من الخلف. والآن كانت أقدام القاتل ملفوفة حول خصره، وبينما إحدى يديه تسحق قصبته الهوائية، كانت الأخرى تستعد لغرز السكين العظمي في جانب جمجمته.
في هذا الوضع، لم يكن صني قادرًا على الوصول إلى هذا الرامي الشرس بشظية ناب العاج… في الواقع، لم يكن يستطيع الوصول إليه على الإطلاق، حتى لو حاول عضه. كل ما أستطاع فعله هو النضال يائسًا للإمساك بذراعه المرفوعة في الهواء، مانعًا السكين العظمي من أن يحدث ثقبًا في جمجمته، بينما كان يمسك باليد الأخرى في محاولات عبثية لتحرير عنقه.
‘أرغ، سحقا!’
لم يكن الرامي يحاول خنق صني حقًا، بالطبع – فـ سيستغرق خنق أحد القديسين وقتًا طويلاً للغاية. بل كان يحاول سحق القصبة الهوائية الخاصة بصني، مما سيؤدي إلى اختناقه بشكل طبيعي في وقت لاحق.
والأسوأ من ذلك، أن هناك فرصة كبيرة لأن تنجح خطته.
أثناء صره على أسنانه، فعل صني الشيء الوحيد الذي يمكنه فعله – طرد عباءة العقيق، مما سمح لها أن تعود إلى قشرة العقيق. لم يكن هناك جدوى من الاحتفاظ ببدلة الدرع المخيفة على أي حال، بالنظر إلى أن هذا القاتل الملعون أظهر قدرته على قطعها كالورق.
مع ذلك، ومع ازدياد صلابة جلده، تمكن صني من مقاومة القبضة الخانقة بشكل أفضل.
والأفضل من ذلك، بينما كانت عباءة العقيق مصنوعة بتعقيد وإتقان ساميين، مما يجعلها تلتصق بجسده وكأنها طبقة ثانية من الجلد، إلا أنها كانت تضيف بعض الحجم. وعندما اختفى ذلك الحجم، تاركًا خلفه مجرد سترة سوداء، وُجدت فجوة صغيرة بين صني والرامي للحظة خاطفة.
استغل صني تلك اللحظة ليدير جسده قليلاً، ثم سقط للخلف، ليصطدم القاتل الغامض بالسطح الصلب للسج البارد بقوة مروعة.
تشقق السج، وبدا أن شيئًا ما داخل الرامي قد تشقق أيضًا.
ولم يكن ذلك فقط بسبب القوة الهائلة للضربة، بل أيضًا لأن صني عزز الاصطدام بوزن جسده – ويمكن لجسده أن يزن بقدر جبل صغير، طالما أراد ذلك.
حسنًا، إن كان صني صادقًا، فهو لم يكن لديه فكرة حقيقية عن وزن الجبال الفعلي. لكنه متأكدٌ من أن وزنه الحالي يمكن أن يحول ناقلة جنود مدرعة إلى فطيرة معدنية.
رغم كل ذلك، لم تضعف قبضة الرامي حتى للحظة واحدة.
‘هذا مستحيل!’
بزمجرة، دفع صني بقدميه، وأرسل كلاهما يطيران خارج حافة صفيحة السج، إلى الظلام الشاسع لظل الإدانة.
وفي الخارج، استمر النور الفضي في مهاجمة الظل الهائل. شق ظل الإدانة طريقه عبر الغضب اللامع لعاصفة الجوهر، مما جعل العالم يرتجف مع كل خطوة. انحنى بجسده للأمام ورفع يده العملاقة، حاميًا رأسه من الرياح.
اصطدم النهر الهائج من الجوهر النقي بساعده، فأحدث طوفانًا من الشرر ومزق بعض قطع السج.
كان جسد ظل الإدانة – المكون من السج، والظلال المأسورة، والنور المجمد، وشظايا الرياح المحطمة – يُطحن ببطء بفعل المحيط الهائج من ذرات الجوهر.
وتقلص شيئًا فشيئًا.
في أعماق امتداده المظلم، هبط صني والظل الشرير الذي كان يحاول قتله بعنف على قطعة ضخمة أخرى من السج الأسود المصقول. وكانت هذه القطعة أكبر بكثير من البقية، وشكلها كرويٌ تمامًا، متواجدة في المكان الذي يمكن أن يتواجد فيه قلب الأنسان.
وبما أن الفضاء كان مشوهًا ومكسورًا داخل ظل السَامي الميت، كما هو الحال مع الزمن، لم يكن هناك أعلى أو أسفل حقيقيان هنا. تدحرج صني عبر السطح الأسود اللامع، ولكنه لم يسقط أبعد من ذلك – لأنه بغض النظر عن مكانه على الكرة الهائلة التي وقف عليها، كان الأسفل دائمًا تحته.
نهض وهو يتأوه بخفوت، وألقى نظرة وجيزة حوله.
لم يكن الامتداد الغريب لظل الإدانة مختلفًا عن السابق.
بل الأمر فقط…
ظهر عبوس مرتبك على وجه صني للحظة قصيرة.
‘ألا… يبدو المكان هنا أكثر ضيقًا الآن، بطريقة ما؟’
ترجمة آمون