عبد الظل - الفصل 2115
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2115 : المخطوفة
عندما اشتبك صني مع الرامي الغامض مرة أخرى، وكلاهما يشتعلان بنية قتل لا تهدأ، قاسية وباردة إلى حد يبعث القشعريرة، شعر فورًا بالاختلاف.
حسنًا، بالطبع شعر بذلك.
فمن الصعب عدم الشعور بذلك، بالنظر إلى أن كلاهما كانا يعانيان بشدة. وأجسادهما نفسها كانت تحت ضغط هائل، ويتمزقان بفعل القوى الشاسعة والغريبة لدرجة كونها غير مفهومة. وفي الوقت نفسه، أستُهلكت أرواحهما وعقولهما تدريجيًا بفعل الإرادة السامية للإدانة… وليس حتى بجهد واعٍ منه، بل ببساطة لأن هذه كانت طبيعته.
في الواقع، لم يكن الأمر مقتصرًا على الجسد والعقل والروح التي كان ظل السَامي الملعون يستوعبها بصمت داخله.
بل هناك شيء آخر، جوهر وجود الشخص ذاته الذي يُبتلع بجوهر الإدانة. لم يكن لدى صني كلمة لوصف ذلك، ولكنه علم فقط أن إرادته كانت تجسيدًا لذلك الجوهر المراوغ.
لربما يكون كيانه.
ولذلك، لم يكن بإمكانه مقاومة أن يُستهلك بواسطة ظل السَامي القديم والميت إلا إذا حشد روحه وخفف إرادته ضد القوة الأجنبية…
لكن من ناحية أخرى، في هذه اللحظة، كان صني نفسه هو القوة الأجنبية داخل جسد الإدانة. لذا، إذا كان هناك شيء، فهو أنه عليه أن يقاتل ضد البيئة التي غزاها من أجل الحفاظ على استقلاله، وإن لم يكن سليمًا تمامًا.
على أية حال، فإن الحاجة الملحة لمواصلة استخدام كل إرادته باستمرار ضد الطبيعة الغريبة والناهبة للإدانة جعلته بطبيعة الحال أضعف وأبطأ وأقل تركيزًا على المعركة.
لحسن الحظ، كان الرامي في الوضع ذاته. بل في الواقع، كان هذا المعتوه الملعون في وضع أسوأ، ولأنه عليه تحمل هجومين متواصلان – أحدهما من إرادة الإدانة، والآخر من إرادة صني.
فبعد كل شيء، لم يكن لدى صني أي نية للتخلي عن محاولاته لإسقاط الرامي باستخدام سلطته كلورد الظلال. في السابق، كان انتباهه مشتتًا لأنه كان عليه أن يصارع عدوه للسيطرة على الظلال المحيطة – ومع ذلك فالظلال الوحيدة حوله الآن هي أجزاءٌ من الجسد الغامض الخاص بالإدانة. لذلك، لم تكن هناك حاجة إلى عناء محاولة السيطرة عليها.
كان على صني مقاومة إرادة السَامي الميت فقط، بينما على الرامي مقاومة إرادة السَامي الميت وإرادة صني في الوقت ذاته.
ولهو مأزقٌ جهنمي.
لشعر صني ببعض الشفقة على هذا الأحمق المسكين… لو لم يكن يعاني من عذاب مروع، ولو لم تكن كل حركة يقوم بها تبدو وكأنها عذابٌ كابوسي. لم يكن السبب فقط لأن جسده كان يتمزق ببطء من الداخل، بل أيضًا لأن روحه كانت قد تمزقت بسبب عاصفة الجوهر.
فقد مر بكل أنواع الألم، لكن الألم الشبحي الناتج عن تلقي ضرر روحي لهو في فئة شيطانية خاصة ورائعة. صحيحٌ أن روحه لم تنهار بفضل نسيج الروح، ولكنها لا تزال متضررةً بشدة – وبالتالي، كان الألم الذي شعر به مروعًا وفقًا لذلك.
‘هذا الشيء اللعين…’
أمسك صني بمعصم الرامي الغامض النحيل وغرس شظية ناب العاج في مرفقه، وصر على أسنانه.
‘كل هذا بسببك! إنها غلطتك، أيها الوغد!’
كانت الظلال بطبيعتها كائنات كتومة، ولذا لم يحظَ صني بمتعة سماع صرخة عدوه المتألمة عندما اخترقت القطعة الحادة من العظم مفصل مرفقه. ومع ذلك، كان يمسك بمعصم الرامي، لذا شعر بالارتعاشة التي سرت عبر جسد الظل.
أشرقت ابتسامة شريرة على وجه صني الشاحب.
…ومع ذلك، فقد سمع نفسه يصرخ، عندما غُرست سكين الرامي السجية في جانبه بعد لحظة.
أجهد عضلات بطنه لإحكام قبضتها على النصل البارد مثل كماشة فولاذية ومنعه من التوغل أكثر، ثم انحنى إلى الأمام ووجه ركبته إلى جانب العدو، دافعًا إياه بعيدًا وأتبع ذلك بركلة ساحقة، ألقت بالرامي على بعد عشرات الأمتار للخلف.
سقط صني نفسه على ظهره وتأوه، ضاغطًا يده على الجرح العميق في جانبه. وفي الوقت نفسه، اصطدم الرامي بالحجر المصقول، وتدحرج فوق كتفه، ثم وقف.
لكن هذه المرة، كانوا يتمايلون قليلاً أثناء نهوضهم من الأرض.
صارًا على أسنانه، نهض صني على قدميه أيضًا.
ورغم الألم المروع، فإن البريق القاتل في عينيه لم يزداد إلا جنونًا.
كان الاثنان أشبه بمعاقين هنا، داخل الظلام البارد لظل الإدانة. ولكن لم يفعل ذلك شيئًا ليخفف من حدة نيتهما القاتلة.
وإذا فعل شيئًا، فقد زادهما قوة.
“أوه، انظر لهذا. لقد فقدت قوسك.”
تم تثبيت القوس بظهر الرامي سابقًا، ولكنه اختفى في مرحلة ما أثناء معركتهم. والآن، لم يتبق سوى جعبة فارغة، وأحزمتها المهترئة بالكاد تُبقيها في مكانها.
نظرًا لأن الظل الغامض لم يكن يبدو قادرًا على امتلاك ذكريات، فإن كل معداته هي بلا شك مصنوعة يدويًا بعناية من الموارد النادرة التي يمكن العثور عليها هنا في عالم الظل. ولذلك، بمجرد فقدان المعدات، لم يكن بالإمكان استدعاؤها مرة أخرى. وستظل مفقودة إلى الأبد.
لم يكن فقدان القوس أمرًا تافهًا.
بقي الرامي ساكنًا للحظة، ثم رفع إحدى سكاكينه وضربها بخفة على جانبه.
كان المعنى واضحًا تمامًا. لو كان صني في مكانه، لقال شيئًا مثل…
هل يؤلمك جانبك؟ يا الهـي ! كم هذا فظيع.
لا تقلق لن يؤلمك بعد الآن، عندما أقتلك، بالطبع.
رغم أن سلوك الرامي بقي باردًا ومتحفظًا، لم يستطع صني إلا أن يشعر بلمحة من غضب شديد في تلك الإشارة الأخيرة.
ابتسم.
‘ماذا؟ هذا؟ إنه مجرد خدش. حتى أنني لا أستطيع رؤية أحشائي منه، ها. إنه ليس شيئًا كبيرًا.’
لكن كان الألم لا يُطاق.
بل وجسده كله ألمه بشكلٍ لا يُطاق. وكانت روحه تؤلمه أيضًا.
في الواقع، ربما كان هذا الجحيم ذاته.
إذا لم يكن التواجد داخل ظل سَامي ميت ملعون يُعد جحيمًا، فما الذي يمكن أن يكون؟.
لذا، على صني أن يرسل القاتل الغامض إلى جحيم أعمق وأكثر قتامةً.
متمتمًا بلعنات بصوتٍ خافت، دفع نفسه إلى الأمام وأرسل نصله العظمي محلقًا نحو عنق الرامي.
ترجمة آمون