عبد الظل - الفصل 2111
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2111 : إشارات مختلطة
‘الـ… ـلعنة…’
حارب صني جميع أنواع الخصوم خلال مسيرته الطويلة والمضطربة كحامل لتعويذة الكابوس – بل وأكثر بعد تقاعده المفاجئ وغير المبرر من هذا الدور. من بين هؤلاء الخصوم، كانت هناك مخلوقات كابوس قوية، وأبطال مستيقظون مخضرمين، وأهوال مروعة لم يتمكن حتى من وصفها.
لكن قِلة قليلة منهم، إن وُجدوا أساسًا، تمكنوا من فرض هذا النوع من الضغط عليه. على الأقل ليس في السنوات الأخيرة، بعد أن حقق التسامي واقترب من ذروة القوة المعروفة.
كان الظل الغامض مختلفًا عن مخلوقات الكابوس، لأنه امتلك مهارات قتالية وذكاءً قاتلًا يشبه ذكاء البشر.
ولكنه أيضًا مختلفٌ عن البشر، لأن عقله غريبٌ تمامًا، وبعيد المنال، ومليئٌ فقط بنية القتل القاسية وغير الرحيمة.
كان شرسًا ومفترسًا، ولكنه في الوقت ذاته باردٌ وداهية، مركزًا بشكل كامل على قتل عدوه.
لمن الممكن أن يُعتبر هذا جديرًا بالإعجاب، لو لم يكن صني في الطرف المتلقي لهذا التصميم القاتل.
تجنب طعنة شرسة، لكنه تلقى ركلة مدمرة جعلته يترنح إلى الخلف. متجاهلًا الألم الحاد في أضلاعه المصابة، تحرك على الفور، محرفًا ضربة كانت لتقطع حنجرته لولا ذلك. بحلول ذلك الوقت، حلق نصل السج بالفعل نحو عينه اليمنى، وبينما أمال رأسه لتفاديها، ضربت ركبة بطنه، مما جعله يطلق هسهسة.
كان الظل الغامض مثل راقص يستطيع استخدام كل جزء من جسده الضبابي بالكامل كسلاح، دون تمييز بين سكاكينه، قبضاته، مرفقيه، ركبتيه، أو قدميه. وكانت كل ضربة دقيقة إما قاتلة محتملة أو تهدف إلى فتح فرصة لهجوم قاتل تالٍ، متدفقة بسلاسة في بعضها البعض، ومع الدخان الشبحي الذي يخفي حركاته، لم يكن بإمكان صني السماح لتركيزه بالانزلاق حتى لجزء من الثانية.
استمر وابل الهجمات دون لحظة راحة ولو لثانية واحدة،وكلها مترابطة مثل كماشة قاسية وخانقة. بغض النظر عن مدى مقاومة صني، لم يتمكن من استعادة زمام المبادرة – فلم يستطع سوى الدفاع عن نفسه بجنون، بالكاد مواكبًا الهجوم القاتل.
وتدريجيًا، تراكمت الجروح والكدمات على جسده. تمزق درعه وكأنه ورقٌ، وبدأت عظامه تئن تحت الضغط الذي لا يطاق، على وشك الانكسار. على الأقل لم يكن ينزف، ولكن قد تم التضحية بيديه الظليتين المتبقيتين منذ فترة طويلة. والآن، كانت يداه الحقيقيتان هما المعرضتان للخطر.
‘آآآه…’
متجنبًا ضربة أخرى، أطلق صني زمجرة واندفع للأمام، قاصدًا صدم الرامي الغامض بكتفه المدرع. ومع ذلك، انسحب العدو ببساطة مثل الضباب، ثم هاجم على الفور، محاولًا تقريبًا غرز إحدى سكاكينه في صدغ صني.
اشتبك الأثنين مثل زوبعتين مظلمتين، يتحركان عبر كتف ظل للإدانة بينما أتخذ هو خطوة عظيمة أخرى. تمزق الحجاب المتوهج لجوهر الدوامي بسبب عنف معركتهم، وغطتهم الظلمة المريحة مرة أخرى.
مزق صخبٌ مدوٍ الصمت الأبدي السائد لعالم الظل، وارتجفت السماء السوداء من قوة ضرباتهم المروعة.
وبينما كان صني والقاتل الغامض يتقاتلان بأسلحتهما، دارت معركة أخرى، خفيةً، أيضًا.
المعركة من أجل السيطرة على الظلال القديمة التي أحاطت بهم.
ضغط صني بسلطته، أمرًا الظلال أن تستجيب لندائه وتنزل على الرامي في عاصفة متجسدة. في المقابل، ضغط الرامي بصمت عليها لتبقى ساكنة.
تمكن القاتل الغامض حتى من ممارسة نفوذه على الأيدي المتجسدة التي استخدمها صني، مما جعلها إن لم تكن عديمة الفائدة، فعلى الأقل غير موثوقة – بدرجة كافية لتدميرها واحدة تلو الأخرى.
على عكس المعركة الجسدية، لم تُخض هذه المعركة بالأسلحة أو المهارات القتالية. بدلاً من ذلك، خيضت بشيء آخر… ربما الإرادة. نظرًا لأن كلا المقاتلين كان لديهما مطالبة لقيادتها، فإن الظلال ستتبع من كانت سلطته أكثر استبدادًا وحسمًا.
بكل المقاييس، لم يكن لصني أي حق في أن يكون مكافئًا لـمخلوق عظيـ… فائق؟… في معركة الإرادة والسلطة. ومع ذلك، فهو لورد الظلال. هذه السمة منحته تفويضًا لحكمها، وميزته كأنه مختار سَامي الظل. فقد عملت كمعادل، مما سمح له باختراق الفجوة التي تفصله عن الرامي القاسي.
في الوقت الحالي، لم يتمكن صني ولا عدوه من التغلب على إرادة الآخر والسيطرة على الظلال. وصلا تعادلاً مرهقًا… ولكن، مع ذلك. التعادل مع كائن من الرتبة الفائقة في معركة إرادة لم تكن نتيجة سيئة.
في الواقع…
وأخيرًا، بعد أن تمكن من توجيه ضربة عابرة ودفع العدو إلى الخلف للحظة، أخذ صني نفسًا أجش.
لم يكن صني متأكدًا حتى من رتبة وفئة هذا الظل اللعين. على عكس المتشردين المظلمين، لم يكن الرامي الغامض مكونًا من الظلام العنصري، لذا لم يكن هناك ما يمنعه من محاولة التعمق في جوهره… ولكنه ببساطة لم تُتح له الفرصة من قبل.
باستخدام لحظة السكون المؤقتة في اشتباكهم العنيف – والتي لن تستمر إلا لجزء من الثانية، بلا شك – حول صني منظوره ونظر إلى داخل الظل الغامض.
وما رآه أذهله.
‘ما هـ…’
الرامي الغامض هو ظلٌ. كان صني متأكدًا تمامًا من أنه لا يختلف عن الإدانة، ظل دخل عالم الموت بعد أن هلك الكائن الذي كان يُلقيه… إلا أنه يبدو أنه احتفظ بوعي أوضح وعزم أكثر حدة. ولربما قد تحول تدريجيًا إلى مخلوق ظل حقيقي برفضه أن يتم القضاء عليه من قِبل عالم الظل على مر العصور.
على أي حال، توقع أن يرى جمراً مظلمًا مثل ذلك الذي يحترق في أعماق ظلاله الخاصة، أو في أفضل الأحوال أنوية ظل مظلمة مثل تلك التي يمتلكها بنفسه. وربما لا يرى شيئًا سوى الامتداد المظلم لظل شاسع.
ولكن، لدهشته…
اشتعلت نواة مشرقة وجميلة داخل الرامي الغامض، تتألق مثل شمس فضية. لم تكن نواة ظل – بل نواة روح حقيقية، مليئة بجوهر الروح الفعلي بدلًا من جوهر الظل، مثل ما يمتلكه صني.
‘ما هذا الوضع؟’
كان صني بشريًا لديه روح تشبه روح ظل، بينما الرامي الغامض ظلًا حقيقيًا يسير حوله مع نواة روح مشتعلة في صدره رغم كل شيء؟.
كيف يكون ذلك ممكنًا؟.
لكن، مجددًا… كل شيءٍ ممكنٌ.
إذا بإمكان كائن غريب مثل صني أن يوجد، فلماذا لا يمكن أن يوجد كائن يعاكسه مباشرةً أيضًا؟.
بغض النظر عن ذلك…
ما أدهشه أكثر هو أن الرامي الغامض لم يكن يمتلك سوى نواة روح واحدة، مما يعني أنه مجرد وحش. وبالنظر إلى مدى وضوح وعي هذا الشيء الملعون، فمن المحتمل أنه كان ظلًا لبشري ميت.
وفوق ذلك، فرتبته… غريبة. لم يكن فائقًا ولا متساميًا، بل شيئًا بينهما. كما لو أن روح كائن فائق قد تضررت وتآكلت، مما أفقدها الكثير من بريقها السابق.
ولربما كان مقدسًا ذات مرة… من يدري؟ لم يكن بإمكان صني سوى رؤية الحالة الحالية للظل، وليس ما كان عليه في حالته النقية.
على كل حال، لم يكن الرامي الغامض سياديًا. ليس فقط لأن قوته بدت وكأنها تآكلت بسبب آلاف السنين من الهضم بواسطة عالم الظل، لكن أيضًا لأنه لم يكن يمتلك نطاقًا. وحتى لو كان بشريًا في وقت ما، فلم يعد كذلك الآن.
لذا، لم يكن لدى صني أي فكرة عن ماهية هذا الشيء، حقًا.
فقط… ظل غريب ومثابر، أكثر خبثًا وفتكًا مما ينبغي أن يكون عليه.
لكن هذا لا يغير حقيقة أنه كان عليه قتله.
وفيما يتعلق بذلك…
لدى صني فكرة حول كيفية المضي قدمًا.
ترجمة آمون