عبد الظل - الفصل 2107
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2107 : رعبان
بالقفز من جزيرة عائمة من حجر السج إلى أخرى، مستخدمًا جناحيه للانزلاق عبر الفجوات الأوسع بينها، وصل صني بسرعة إلى نقطة مراقبة يمكنه منها رؤية جذع ظل الإدانة.
في الأسفل، كان ‘العلق’ قد حفر طريقه إلى جانب العملاق، بعدما استهلك بالفعل جزءًا كبيرًا من جسده الضبابي. ألتفت الكتلة الهائجة من الظلام وتلوت، بينما التهمت مئات الأفواه المرعبة ظل الطاغية الملعون بشراهة.
بدا أن الكائن المظلم لم يهتم بما يلتهمه بالضبط – سواء قطعًا من السج، أو أنوارًا متلألئة، أو ظلالًا عميقة. ورغم أن العلق بدا وكأنه يلتهم جسد الإدانة، إلا أن ما كان يستهلكه حقًا هو جوهر الإدانة – القوة الخفية والخبيثة التي تحافظ على تماسك العملاق العظيم.
وأعلى قليلًا، تحت صدر ظل الملعون مباشرةً، أخرج النسر جسده من إحدى النابين الهائلتين، وبدا قريبًا من تحرير نفسه من الناب الثاني.
كان المخلوق منفصلاً عن صني بمسافة عمودية تبلغ كيلومترًا كاملاً تقريبًا، لكن نظرًا لحجمه الهائل، لم تبدُ تلك المسافة مهمة على الإطلاق… بل على العكس، بدت تافهة.
تردد صني للحظة.
‘… كيف يُفترض بي أن أقتل هذا الشيء؟’
كملاذ أخير، بإمكانه مهاجمة النسر بيديه العاريتين – فالإلــه يعلم أن القفازات الشائكة لعباءة العقيق هي أسلحة فتاكة بحد ذاتها.
ومع ذلك، بدت مهمة تمزيق الجسد الهائل لهذا المخلوق البشع باليدين العاريتين شاقة.
وكما أن النسر لن يسمح له بمهاجمته بحرية، أيضًا.
انقطعت أفكاره فجأة بسبب دوي صاعقة هائل ضرب أذان صني كجدارٍ مادي، مما جعله يترنح ويكافح للحفاظ على توازنه. وأتى صوت الرعد من مكانٍ ما على يساره – هناك، مخفيًا عن الأنظار بواسطة عنق الإدانة الضخم، قاتل الرامي الغامض ضد ‘الشيء’ حاليًا.
ناظرًا في ذلك الاتجاه، رأى صني قطعًا من السج المحطم تحلق عالياً نحو السماء السوداء قبل أن تهوي لتتساقط على الأرض كحبات برد مدمرة.
وهو يلعن في داخله، تقدم خطوة إلى الأمام وسقط هو أيضًا.
باستخدام القوة العظيمة لجناحيه الداكنين و[ريشة الحقيقة] لتسريع هبوطه، اخترق صني وهج نهر الجوهر واندفع نحو النسر مثل مذنبٍ أسود.
فالقوة تساوي الكتلة مضروبة في التسارع، ولديه الكثير من الاثنين. وإضافةً إلى ذلك، صني هو كيانٌ متسامٍ، وبالتالي كان وجوده يتحدى القوانين الميثولوجية للعالم، وليس فقط قوانين الفيزياء.
ربما لم تكن فكرة استخدام نفسه كمقذوف هي الخطة الأكثر حكمة، لكن بهذه الطريقة، فإن القوة التي سيُطلقها اصطدامه بالمظلم ستكون مدمرة بحق – كما ستقربه بما يكفي ليمزق ذلك المخلوق المروع بمخالبه العقيقية.
شد صني جسده استعدادًا لاصطدام يكسر العظام، معتمدًا على نسيج العظام لحمايته.
ومع ذلك، لدهشته، كان التأثير الفعلي أقل عنفًا مما توقعه وأمل فيه.
استسلم جسد النسر الضخم أخيرًا وابتلع صني كما لو كان قماشًا باردًا ومساميًا، محيطًا به من جميع الجوانب وخانقًا إياه. فجأة، احتضنته الظلمة وأعمت بصره، وقيدته بمداها البارد، بينما كان يكافح لتحرير جسده.
في البداية، كانت الظلمة الباردة مجرد وجود، تحتضنه كشرنقة مرعبة. لكن بعد ذلك، تموجت وولدت عددًا لا يحصى من المجسات التي انزلقت عبر سطح عباءة العقيق، تبحث بشراهة عن مدخل.
ارتجف صني.
عادةً، عليه فقط حماية قناع خوذته… ولكن، بما أن الرامي الملعون شوه صدرية درعه، مخلّفًا صدعًا، فقد وجدت المجسات مدخلاً بسرعة.
‘هراء!’
صر صني على أسنانه، وبدأ يبحث بشكل محموم عن حل.
ومضت صورة راقصة الظلام ريفل في ذهنه.
وبعد جزء من الثانية، تحركت عباءة العقيق، مغطيةً إطار جناحيه بطبقة من الدروع الحجرية المخيفة. وبجهد خارق، نشر صني جناحيه…
وتحرر الظلمة الخانقة، ممزقًا إياها بحواف جناحيه المسننة.
دافعًا نفسه بعيدًا، انطلق صني عبر العاصفة الدوامة لذرات الجوهر، وهبط بقوة على سطح ناب الثعبان القديم، على بُعد حوالي مئة متر. كان الناب لا يزال مغروسًا في جسد الإدانة، بارزًا منه مثل حافة عاجية طويلة وضيقة.
نهض صني ببطء من ركبتيه، ونظر إلى الأعلى وحدق في النسر بنظرة باردة قاتلة.
…وحدق فيه المظلم أيضًا.
انفتحت آلاف العيون المظلمة على سطح الظلمة المتموجة، ناظرةً إليه بنية صامتة وغريبة ومروعة.
ثم اشتعلت شرارة من الجوع في تلك العيون، مما جعل صني يشعر بإحساس مقزز بالخوف البدائي.
تحرك النسر على جسد الإدانة، متشبثًا بمنحدره العمودي مثل عثة عملاقة.
ثم، ناسيًا فريسته الضخمة للحظة قصيرة، اندفع إلى الأمام لالتهام صني بدلًا منها.
بدا هذا المخلوق المروع شبيهًا بطوفان من الظلام، حيث غلت كتلته الضخمة بينما انفجرت بمجسات وحشية لا حصر لها – يبلغ طول بعضها عشرات الأمتار وتنتهي بفوهات بشعة. وانقض الكائن على صني مثل انهيار جليدي، مهددًا بدفنه تحت امتداده المظلم والمرعب.
وعندما شاهد طوفان الظلام يهبط عليه، زمجر صني ببرود.
تحركت الظلال من حوله، لتحتضنه مثل عباءةٍ عظيمة.
وفي اللحظة التالية، امتلأ الامتداد الشاسع للظلال المتدفقة فجأة بجوهر متسامٍ، مما حولها إلى كتلة ملموسة. لم يكلف صني نفسه عناء تشكيل هذه القشرة الهائلة – والتي هي أكبر ما صنع على الإطلاق – وتركها تبقى بلا شكل ولا هيئة.
وعندما سقط طوفان الظلام الجائع عليه من الأعلى، اندفعت الكتلة العظيمة من الظلال إلى الأعلى لمقابلتها، وأطلقت عددًا لا يحصى من المجسات من أعماقها لتمزيق المجسات المرعبة المقابلة لها.
في اللحظة التي اصطدمت الكتلتان المظلمتان فيها، دوى صوت انفجار مدوٍ، وانتشرت موجة صدمة قوية في جميع الاتجاهات، هزت حجارة السج القديمة وأحدثت شقوقًا في الأنياب العاجية.
وارتجف ظل الإدانة، متوقفًا للحظة بينما كان في خضم خطو خطوة أخرى.
ترجمة آمون