عبد الظل - الفصل 2105
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2105 : لا عمل صالح يذهبُ دون عقاب
بدا النسر أشبه بقطعةٍ من القماش حالكة السواد، مثبتةٌ بعنف على السطح الضبابي لظل الإدانة – وبالطبع، كانت قطعة القماش تلك كبيرة بما يكفي لتغطية ملعب كامل بمساحتها الداكنة، ومتموجة بشكلٍ مخيف وسط الرياح الشبحية. أحدث الاصطدام تمزيقًا في أجنحة المخلوق ودفعه نحو الظل الهائل، حيث اخترقه الناب العاجي وعلّقه كرمح عملاق.
لم يكن صني متأكدًا مما إذا كان قد تمكن من توجيه جرح بالغ إلى ذلك المخلوق المظلم، ولكنه كان يعلم أنه أصيب.
والأهم من ذلك، أن المخلوق أصبح مشلولاً، حتى لو كان ذلك لبضعة لحظات عابرة.
وبالفعل تحرك النسر، وجسده الضخم المتموج يولّد عددًا لا يحصى من مجسات الظلام. امتدت المجسات إلى الأمام، وتمسكت بلحم الإدانة، ثم اجتهدت في محاولة سحب المخلوق من الناب العاجي.
مع هذا، لم يكن صني يولي اهتمامًا كبيرًا لحركاته…
وذلك لأنه كان بالفعل يُحمّل الناب الثاني في مقلاعه.
كان هناك سبب لاختياره استخدام أنياب الثعبان القديم كقذائف بدلاً من الاكتفاء بتجسيد عدة رماح ضخمة، بحجم كبش حصار، من الامتداد اللامتناهي للظلال من حوله. فعلى الرغم أن الأنياب لم تكن ذات شكل مثالي كقذائف، إلا أنه علم أنها ستكون أكثر فتكًا.
لسببين.
أولاً وقبل كل شيء، الظلال المجسدة أقل موثوقية هنا في عالم الظل مما هي عليه عادة.
فهي صلبة وثابتة طالما أعاد تشكيلها وحافظ عليها بنشاط، ولكن بالكاد فقط. بإمكانه استدعاء زوج من الأجنحة الداكنة أو تشكيل قشرة الظل، لكن فائدتها كانت محدودة – على سبيل المثال، انهارت ذراع عملاق الظل بعد ضربة واحدة عندما كان ينزع أنياب الثعبان الهائل. ولم يكن ذلك المستوى من الصلابة مناسبًا للمعارك.
ثانيًا، أستعار صني الفتك من الأنياب نفسها. لم يكن يعلم مدى رعب الثعبان القديم عندما كان حيًا بالضبط، ولكنه بالتأكيد كان كيانًا ذا قوة هائلة. ورغم أنه مات منذ سنوات لا حصر لها، إلا أن بقاياه ما زالت تحمل صدى تلك القوة الغامضة.
فهناك سبب لكون الأسهم التي صنعها الرامي الغامض مميتة إلى هذا الحد، وبالرغم من أن تشبعها بإرادة القتل يلعب دورًا كبيرًا، إلا أن المواد التي صُنعت منها لهي ذات أهمية بالغة أيضًا.
السج اللامع والخشب الداكن والريش الأسود – جميعها جمعت هنا في عالم الموت، وبالتالي حملت علامته.
ما الذي يمكن أن يكون أكثر فتكًا من عظام ثعبان الروح القديم، إذن؟ بما أن صني احتاج إلى المساعدة للقضاء على نسل الظلام الحقيقي المفترس، فمن الأفضل أن يستدعي بقايا كيان جسّد جوهر الموت ذاته.
وبدا أن مخاطرته قد أثمرت، بالنظر إلى مدى الألم الذي بدا على النسر بسبب الناب العاجي.
فقد كافح لتحرير نفسه، ساحبًا جسده المتموج بصعوبة على طول الناب…
لكن قبل أن يتمكن من ذلك، ضربه الناب الثاني، محطمًا المخلوق إلى الأسفل ومخترقًا جسده.
سمح ساني لنفسه بالابتسام بشراسة في أعماق قشرته. كان ظل الإدانة قد اقترب كثيرًا بحلول هذا الوقت، ولذا لم تكن إصابة النسر للمرة الثانية مهمة سهلة.
‘ابتعد عن فريستي، أيها اللعين!’
كان بإمكان صني استخدام مقلاعه مرة واحدة إضافية على الأرجح…
ومع إصابة النسر وشلّه مؤقتًا، أصبح الرامي الغامض حرًا للتعامل مع الشيء دون أي مشتتات. لم يكن صني يعتبر تحالفهما القسري شراكة، ولكنهما اضطرا إلى التعامل مع المتشردين المظلمين قبل أن يهجم كل منهما على الآخر. وإلا، فإن ظل الإدانة سيُلتهم على يد المظلمين قبل أن يتمكن أي منهما من قتله.
فعدو عدوي هو…
وقبل أن يتمكن صني من إنهاء الفكرة، اندفع شيءٌ ما عبر الامتداد الأسود للسماء، وغرس سهمٌ نفسه في صدر قشرة الظل.
‘… هاه؟’
في اللحظة التالية، تمزق عملاق الظل بفعل تأثيرٍ مرعب. وانطلق ينبوعٌ من الظلام من ظهره عندما انفجر جذعه بعنف. تناثرت شظايا عباءة العقيق في كل الاتجاهات مثل الشظايا المتطايرة، وبينما تدحرج النصف السفلي للقشرة نحو الأسفل، ارتفع النصف العلوي عاليًا في الهواء، مشوهًا بشكل لا يمكن التعرف عليه ونازفًا ظلالًا.
انهارت بقايا عملاق الظل المشوهة وذابت إلى لا شيء، بينما انزلق صني على طول العمود الفقري للثعبان القديم، مرتطمًا بقاعدة جمجمته.
‘آه…’
هزّ رأسه محاولًا استعادة وعيه، ثم ألقى نظرة كراهية على كتف الإدانة.
‘هذا البائس!’
يبدو أن الرامي الغامض لم يكن موافقًا على فكرة التحالف المؤقت، مهما بدت ضرورية. بدا أنه يفضّل قتل أي شيء وكل شيء يقف في طريقه.
أو ببساطة أي شيء قريب.
لا حقًا، أي نوع من المجانين يهاجم فورًا شخصًا يقاتل أعداءه؟!.
تدحرج صني بهسهسة ونهض على قدميه. وبحلول ذلك الوقت، كان ظل الإدانة قد وصل إلى بقايا الثعبان الهائل. تقدم الكيان العملاق متجاوزًا صني، واستمر في طريقه.
وكأنما جبلٌ مظلمٌ خطا فوقه، غامرًا إياه في ظلامه البارد لبضعة لحظات.
ما زال النسر مطعونًا ويكافح لتحرير نفسه، بينما كان ‘العلق’ يمزق بطن ظل الإدانة بمئات الأفواه. أما ‘الشيء’ فقد وصل إلى كتف الظل العملاق وارتفع إلى درجة لم يعد صني قادرًا على رؤيته، بينما كان الذئب على بعد ثوانٍ معدودة فقط من اللحاق بالطاغية الملعون.
صر صني على أسنانه، ممتلئًا بالغضب.
‘…حسنًا، سأقتلكم جميعًا أيها الأوغاد!’
استدعى صني زوجًا من الأجنحة الداكنة، وأثار إعصارًا بينما انطلق في الهواء.
وحلق صاعدًا، مستهدفًا الوصول إلى كتفي الإدانة.
ترجمة آمون