عبد الظل - الفصل 2104
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2104 : أدوات القتل
هبط صني على غبار السج أمام جمجمة الثعبان العملاق، التي ارتفعت أمامه مثل جبلٍ من العاج. ودُفنت فكوك الكائن الهائل السفلية في الغبار، بينما ارتفعت فكوكه العلوية فوق صني وكأنها بوابةٌ مظلمة، يزينها صفٌ من الأنياب العظيمة والمروعة.
ترك صني أجنحته تتلاشى وتتحلل، ثم منح نفسه بضعة لحظات من التأمل وهو يتفحص هذه البقايا القديمة.
وكانت لديه فكرة واضحة عن هوية صاحب هذه العظام…
أنها عظام ثعبان الروح. ليس ثعبان الروح ذاته، بل أحد أقربائه.
من المنطقي أن صني لم يكن فريدًا في تلقي رفقة مرشد الظل. في الواقع، ثعبان الروح مناسبٌ تمامًا لشخصٍ حصل على نعمة سَامي الظل – لذا، اشتبه صني أن كل من وضعت عليهم علامة من قبل سَامي الظل حصلوا على ثعبان روح خاص بهم.
تمامًا مثلما حصل أولئك الذين تم وضع علامة لورد الظلال عليهم على أفعى ظل صغيرة.
ومع ذلك…
إذا كانت هذه البقايا تنتمي بالفعل إلى أحد أسلاف ثعبان الروح، فقد كان مخلوقًا أكثر رعبًا بكثير من ظله المخلص.
فقد نما ثعبان الروح خاصته ليصبح بحجمٍ هائل، يلتف حول القاعة العظيمة للمعبد عديم الاسم حين ينام. وأصبح فمه كبيرًا بما يكفي لابتلاع مركبات مدرعة بأكملها، وحراشفه مثل العقيق الثمين، كلٌ منها بحجم درع برج.
ومع ذلك، بدا الثعبان قزمًا بسهولة مقارنة مع الهيكل العظمي القديم، وكأنه دودةٌ صغيرة في أفضل الأحوال. فقد كانت البقايا التي أمام صني ضخمةٌ بحق، وملتوية وممتدة لمسافة لا تقل عن اثني عشر كيلومترًا…
وكان صني رعبًا متساميًا، وبما أن قوة الثعبان تعتمد على قوته… فقد ارتعب من مجرد التفكير في الشخصية التي كان هذا المخلوق الهائل رفيقًا لها قبل آلاف السنين.
هل هو سلف جميع ثعابين الروح، أم مجرد عضو بارز بشكل خاص في سلالته؟.
والأهم من ذلك، هل كان قادرًا على الوجود في عالم الظل دون أن يُستهلك، أم أنه أتى إلى هنا ليموت بعد هلاك سيده؟ بناءً على الإجابة، قد يتمكن صني من إيجاد وسيلة لاستدعاء ثعبان روحه إلى هنا دون التضحية به للفناء الحتمي.
على أي حال، لم تكن هذه مشكلته في الوقت الحالي.
مشكلته الحالية هي أن ظل الإدانة لا يزال يتقدم رغم أنه تحول لساحة معركة متحركة بين القاتل الغامض والمتشردين المظلمين المروعين، وسرعان ما سيصل الجميع إلى هيكل الثعبان القديم.
فلم يكن لدى صني الكثير من الوقت.
‘لنقم بهذا.’
ما احتاجه الآن هو أدوات قاتلة لهزيمة أعدائه، وليس معرفة غامضة عن أسرار الماضي.
أخذ نفسًا عميقًا، ثم دعا الظلام المحيط وأمره أن يحتضنه كقشرة. بدت العملية مألوفة وغريبة في آنٍ واحد – فقد مضى وقت طويل منذ أن غامر صني ببناء قشرة ظل بهذه الطريقة الخام، مع بقائه ككائن مادي بدلاً من التحول إلى ظل غير ملموس ليصبح جزءًا طبيعيًا منها.
وأصبح صدئًا بعض الشيء.
ومع ذلك، تشكلت القشرة بسرعة، محتضنةً جسده ومكتسبة شكل عملاق الظل. اضطر صني إلى تعديل طريقة تحكمه، مع الأخذ في الاعتبار أن الظلال المتجسدة استمرت في الانهيار. متشوقةً إلى التحلل والعودة إلى جوهر عالم الظل، لذا كان عليه أن يسحب ويجسد ظلالًا جديدة باستمرار لتعويضها.
من الجانب، بدت هذه العملية مذهلةً للغاية – وكأن عملاق الظل كان محاطًا بعباءةٍ متموجة من دخان داكن وشبحي يتبعه ويغطي هيئته.
ولبضعة لحظات، شعر صني بقوة رهيبة تتخلل كيانه.
ثم ابتسم بقتامة في أعماق القشرة وتقدم، مسددًا ضربة مدمرة إلى أحد الأنياب العاجية التي كانت تعيق المدخل إلى فم الثعبان القديم.
كانت قوة صني مدمرة بما يكفي لاقتلاع الناب العظيم من مكانه، ليسقط على الأرض رافعًا سحابة من الغبار الأسود في الهواء.
انهارت ذراع عملاق الظل من شدة الضربة المروعة، فسحب صني يده ليعيد تشكيلها من جديد أثناء العملية.
وبعد لحظات قليلة، سدد ضربةً مروعة أخرى، ثم ثالثة، مما أدى إلى اقتلاع ناب آخر.
وباستخدام قوته المكتسبة حديثًا، رفع الأنياب من الأرض ووضعها على كتفيه. ونظر للأعلى للحظة، ثم قفز في الهواء.
وهبط على قمة الجمجمة القديمة، ثم دفع صني قشرته الشامخة للأمام وقفز مجددًا، ليهبط فوق عمود الفقري للثعبان العملاق.
ومن هناك، استطاع رؤية ظل الإدانة وهو يتباطأ في الأفق. والمسار الجميل للنهر المشع المنجرف لجوهر النفس خلفه، بينما استمرت المعركة العنيفة على جسده الضخم.
لم يعد بإمكانه رؤية شكل الرامي الغامض، ولكنه استنتج موقعه بناءً على تحركات المتشردين المظلمين. ولم يبقَ سوى ثلاثة منهم في المعركة، بينما كان الرابع – الذئب – يعبر الأمتداد القاحل من غبار السج ليلحق بأشقائه.
كان أحد المتشردين المظلمين ملتصقًا ببطن الإدانة، ويمزقه بأفواه مروعة لا حصر لها. فقرر صني تسميته بـ ‘العلق’.
وآخرٌ كان ينجرف في الهواء مثل حجابٍ عظيم. وفجأة، انكمش الحجاب وألتف حول نفسه، لتنبت له أجنحةٌ هائلة من أعماقه – وباستخدامها، تهرب المخلوق وتجنب قبضة الطاغية الملعون.
فقرر صني تسمية هذا الآخر بـ ‘النسر’.
أما الثالث فكان عبارةً عن كتلة من الظلام المتموج، متسلقًا الجذع باستخدام خصلات لا تُحصى من الأوتار التي تخرج من جسده لتسحبه للأعلى، ثم تعود لتندمج فيه – ومن الواضح أن هذا المخلوق كان يتجه بوضوح نحو الرامي، وهو ما ظهر بوضوح من خلال السهام التي أنهالت عليه من كتف الإدانة الأيسر.
لم يكن لدى صني أي فكرة عما يسمي ذلك الشيء المريع، فقرر تسميته ببساطة بـ ‘الشيء’.
بعد أن قضى لحظة لمراقبة الوضع المروع، وضع صني أنياب الثعبان القديم جانبًا وركز، مجسدًا المزيد من الظلال.
بدا أن الرامي الغامض كان يتعامل جيدًا مع المتشردين المظلمين باستخدام القوس والسهام. لكن واصلت تلك الكائنات المرعبة التهام أجزاءً من الإدانة دون أن يردعها العدو القاسي.
‘سأريكم كيف يُنجز الأمر إذن…’
شكل صني امتدادًا كبيرًا من الظلال المتجسدة على هيئة سلسلة، وقام بتعديل تركيبها لمنحها بعض المرونة، ثم لف نهايتي السلسلة حول قواعد ضلوع الثعبان القديم.
وبعدها، وضع أحد الأنياب في السلسلة وشد كل قوته الجبارة، متراجعًا بضع عشرات من الخطوات للخلف بصعوبة، ومجهدًا مرونة الوتر الذي صنعه.
وبهذه الطريقة، حول صني بقايا الــهيكل الضخم إلى مقلاعٍ مرعب، والناب القديم إلى قذيفة مدمرة.
‘تذوقوا هذا!’
وبينما صر صني على أسنانه من الجهد، أطلق السلسلة أخيرًا وسمح لها بالاندفاع إلى الأمام بزخمٍ مروع، مما أرسل الناب العظيم منطلقًا في الهواء كصاروخٍ أطلقه منجنيقٌ عملاق ومرعب.
ثم دوى صوتٌ مدوٍ كالرعد، وفي اللحظة التالية…
مزق المذنب العاجي السماء السوداء لعالم الظل، وضرب النسر من الخلف، محطمًا جناحيه، وطاعنًا المخلوق المروع في جسد الإدانة.
ترجمة آمون