عبد الظل - الفصل 2103
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2103 : رحلة الظلال
كان صني يواجه أعداءً تفوق قواهم قدراته بكثير. لم يكن متأكدًا من رتبتهم أو فئتهم – إذا كان من الممكن حتى تعريفهم بهذه المفاهيم – لكن كلًّا من المظلمون والقاتل الغامض بدو أكثر تهديدًا من معظم الأعداء الذين واجههم سابقًا.
لربما ليكون صني قد هاجمهم مباشرةً لو لم تكن قواه مقيدة، ولكن مع عالم الظل الذي يحد من قدراته، أصبح حذرًا ومتوجسًا من الدخول في مواجهة مباشرة مع منافسيه.
لكن لا بأس في ذلك.
فهناك العديد من الطرق غير المباشرة لتحقيق هدفه أيضًا. عليه ببساطة أن يتبع نهج الرامي الغامض ويستغل جميع الموارد المتاحة له كأدوات – فالأدوات، في النهاية، تضاعف القوة وتسمح للمرء بتوجيهها بشكل أكبر بكثير مما كان ليكون ممكنًا بخلاف ذلك.
الأمر أشبه بما قالته له مورغان من فالور ذات مرة، منذ زمن بعيد، قبل معركة الجمجمة السوداء. الحرب في جوهرها، بسيطةٌ. كل ما فيها هو القوة وتطبيقها – فالقوة مهمة، لكن تطبيقها هو الأهم.
على سبيل المثال، لم يكن الرامي الغامض ليكون مميتًا بهذا القدر لولا السهام التي صنعها من مواد متناثرة، والتي سمحت له بتوجيه قوته المروعة إلى نقطة صغيرة بحجم رأس السهم.
والمشكلة أنه لم يكن هناك الكثير من الأشياء حوله يمكن لصني استخدامها. فعالم الظل أرضٌ مقفرة، بعد كل شيء. ولا شيء فيها سوى امتداد لامتناهي من التلال الداكنة…
أو بالأحرى، لم يكن هناك شيء.
وبينما تقدم ظل الإدانة للأمام كجبلٍ متحرك، هائلٌ جدًا بحيث لا يمكن رؤيته بالكامل من حيث تبعه صني، التقطت حواسه شيئًا بعيدًا في المقدمة. شذوذًا مختلفًا عن كآبة الأرض القاحلة والمظلمة، وبالتالي وعد بوجود الإمكانية.
عندما استشعر الشكل الضخم الغريب أمامه، أدرك صني طبيعته وأخذ نفسًا عميقًا.
كان قد تخلَّى منذ زمن عن ترسه. فلم تكن الظلال المتجسدة تتآكل في عالم الظل بالسرعة ذاتها التي تتآكل بها ظلال الكائنات الحية، لكن الحفاظ على شكلها لهي معركةٌ خاسرة. فهي تنهار ببطء، وتذوب في النهاية في الظلام وتصبح جزءًا من أرض الموت.
لم يكن من المستحيل تمامًا استخدام مظهر الظل هنا، لكن على صني تغيير نهجه. فبدلًا من تجسيد الظلال مرةً واحدة، عليه إعادة بنائها باستمرار لتعويض انهيارها، مستخدمًا المزيد من الظلام المحيط – وبالتالي المزيد من جوهره – لتغذيتها.
لحسن الحظ، تدفق تيارٌ لا يتوقف من جوهر النفس إلى روحه هنا، ولذا لديه الكثير ليستهلكه.
ركض على منحدر التل بسرعةٍ مذهلة، وأغلق عينيه للحظة متذكرًا الشكل المشع لنيفيس وهي تهبط من السماء، وأجنحتها الجميلة تتألق خلفها كالهالة من النور الأبيض.
كما تذكر الوجه الشيطاني لريفل، والمعركة الشرسة التي خاضها عند البحيرة المتلاشية.
وتذكر استخدام رقصة الظل للتعمق في جوهر كيانهم.
ثم، بعد بلوغ قمة الكثيب شديد الانحدار، فتح صني عينيه وقفز في الهواء. وبينما كان يحلق فوق الامتداد الشاسع والقاحل من الغبار الأسود، تحركت الظلال من حوله، معانقةً إياه كعباءةٍ مظلمة.
ثم تجسدت عباءةُ الظلال في زوجٍ من الأجنحة الداكنة، ريشُها بسواد ريش الغراب متلألئةً تحت النور الفضي لدوامة الجوهر.
وعندما تأرجحت الأجنحة، ارتفعت عاصفة قوية فوق الامتداد القاحل، ودُفع صني نحو الهواء بسرعةٍ هائلة.
‘أعتقد… أن هذا يعمل.’
لم تُصمم أجساد البشر للطيران بواسطة الأجنحة. فبعد كل شيء، البشر ليسوا طيورًا – هيكلهم التشريحي بأكمله، وصولًا إلى تركيب عظامهم، مختلفٌ تمامًا. والأشخاص مثل نيفيس وريفل قد مُنحوا أجنحتهم من خلال القوة الصوفية لجوانبهم، وبالتالي تمكنوا من التحليق في السماء برشاقة طبيعية…
لكن صني مختلفٌ عنهما.
فهو ماهرٌ جدًا في تجسيد الأطراف الإضافية والتحكم بها بمساعدة جانبه – وهذا هو السبب الذي مكنه من نسج أنماط معقدة من أوتار الجوهر باستخدام ست أيادٍ. كما كان يعرف كيفية تكوين قشور المخلوقات الطائرة ويمتلك معرفة عميقة بشكل الغراب، لذا لم يكن تشريح الكائنات المجنحة جديدًا عليه.
ومع ذلك، فمن الأسهل والأكثر فعالية دائمًا بناء القشور على صور المخلوقات الحقيقية بدلاً من ابتكار كائنات هجينة غريبة بمزج أجزاء مختلفة، كما هو مضطرٌ لفعله الآن بسبب عدم قدرته على اتباع تفضيلاته وأخذ شكل الغراب السريع.
رغم ذلك، نجحت تجربته. تمكن صني من تعليم نفسه الطيران باستخدام زوج من الأجنحة القوية عبر الجمع بين خبرته في التحكم بالأطراف المتجسدة، والألفة مع شكل الغراب، وفهمه العميق لكيفية طيران نيفيس عندما تتخذ تحولها الجزئي.
ومع دفع أجنحته السوداء بقوة ضد الرياح، طار صني إلى الأمام بسرعة مذهلة. لم يجد صعوبة في الحفاظ على توازنه وتوجيهه بفضل الوقت الذي قضاه في شكل الغراب – متجاوزًا بسرعة ظل الإدانة العملاق والأشكال المتصارعة للحصول على حق التهامه، ثم اندفع إلى الأمام.
وفي هذه الأثناء، سقط المتشرد المظلم الذي قطعه الرامي الغامض عن جسد الإدانة إلى الأرض مثل حجابٍ ممزق عظيم. وتموج شكله الهائل، مستعدًا للزحف والعودة إلى المعركة. ورغم أن مجساته قد قُطعت، لم يبدو المخلوق متضررًا بشدة، حيث كان يهدف بالفعل إلى الانضمام مجددًا إلى أشقائه المحتفلين.
ومع ذلك، في اللحظة التالية، سقطت القدم العملاقة لظل الإدانة عليه، مما جعل العالم يرتجف والأرض تنشق. وتلاشى مخلوق الظلام فورًا، ذائبًا في بركة من الظلام العنصري.
ترك صني الظل العملاق خلفه.
وانطلق إلى الأمام، عابرًا الامتداد الصامت من غبار السج كالطيف، حيث كان شكله المجنح مندمجًا تمامًا مع ظلام السماء السوداء وصعب التمييز.
وسرعان ما رأى شكلًا ضخمًا في الأفق.
برز على خلفية التلال الداكنة في المساحة القاحلة بلونه العاجي، ممتدًا لمسافة تمتد لعشرات الكيلومترات أو أكثر.
للوهلة الأولى، بدا الشكل مقززًا تمامًا، أشبه بدودة ألفية عملاقة – بجسد أبيض طويل ومُلتف مرتفع فوق الغبار الأسود، لا يتحرك، بأطراف لا تُحصى تبرز على طوله العظيم بأزواج متناظرة.
ومع ذلك، لم تكن دودة ألفية. بل…
عظام ثعبانٍ عظيم. فالجسد الأبيض المُلتف هو عموده الفقري، والأطراف المتعددة أضلاعه التي لا تعد ولا تحصى.وفي مكان ما بعيدًا، استقرت جمجمته الضخمة على الغبار الأسود، مدفونةً جزئيًا فيه.
وهذا ما كان صني يهدف إليه.
طوى أجنحته بابتسامة قاتمة، وأنطلق هابطًا نحو الأرض.
-المؤلف- فصل واحد اليوم، ثلاثة غدا.
ترجمة آمون