عبد الظل - الفصل 2102
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2102 : الخصم
عندما اندفع صني للوصول إلى ظل الإدانة الهائل، كاد يتحول إلى ظلٍ ليزيد من سرعته ويخفي نفسه عن الأنظار، استجابة لغريزته. لكنه لم يفعل – لأن القيام بذلك سيمنح عالم الظل فرصة لتمزيق روحه وتأخيره كثيرًا في السباق ضد الزمن.
وبالطبع، هناك جانب آخر لخطوة الظل أيضًا – التنقل الآني بين الظلال. لكن لم يكن صني متأكدًا من قدرته على استخدامها.
وفقط بعد دخوله عالم الظل بدأ يتساءل عن كيفية عمل خطوة الظل فعلًا. هل يسافر صني ماديًا بين الظلال، أم أنه يتحول إلى ظل عندما يسقط في أحضانهم، ثم يعود إلى شكله الملموس على الجانب الآخر في لحظة واحدة؟.
هناك طريقة واحدة لمعرفة ذلك…
ذاب صني في الظلال، ثم تدحرج خارجها بعد مئات الأمتار، شاحبًا وتاركًا خلفه أثرًا من ذرات الجوهر. مع تعبير متألم على وجهه العبوس.
‘أعتقد أن هذا يجيب عن السؤال… ربما؟’
اتضح أن استخدام خطوة الظل للتنقل الآني أكثر ضررًا من التحول إلى ظلٍ غير مادي. فقد خسر الكثير من شظايا الظل في تلك اللحظة القصيرة.
تمتم بلعنة مكتومة، وقفز صني على قدميه مستمرًا في الجري.
مُجردًا من معظم قواه، شعر وكأنه رجل بدائي.
لكن من ناحية أخرى، فالبشر البدائيون أسيادٌ عظماء للعنف بحد ذاتهم. وعليه فقط أن يستخدم أدوات أبسط لتحقيق هدفه، ويكون أكثر إبداعًا في استخدامها.
وبينما كان صني يركض، خفض الوحش العظيم المظلم أنفه الشبيه بالذئب إلى الأرض، ثم انفجر فجأة بالحركة. انتفخت محالق الظلام الطويلة خلفه مثل عباءة ممزقة، وتطاير الغبار الأسود في الهواء مثل الضباب تحت مخالب الوحش الهائلة.
بدا المتشرد المظلم وكأنه كلبُ صيدٍ من العالم السفلي التقط رائحة فريسته.
وتلك الفريسة، بلا شك، هي الرامي الغامض.
لكن من الواضح أنه لم يكن من السهل الإمساك به.
وبينما كان الوحش العظيم يطير عبر الامتداد المقفر من الغبار الأسود، أُطلق سهمٌ مظلم بصمت نحوه من الظلال. وعلى الرغم من سرعة السهم المذهلة، فقد كان الكائن الضخم أسرع – منحرفًا إلى الجانب، ورافعًا سحابة من الغبار ومتسببًا في انهيار كثيب شاهق.
ومع ذلك، كان هذا خطأ.
ففي تلك اللحظة، انهارت الأرض تحته، وسقط الكائن الوحشي في حفرة ضخمة. وفي قاعها، غُرست أعمدة مسننة من السج في الغبار، مواجهةً السماء بأطرافٍ حادة. سقط الوحش العظيم في الحفرة وارتطم بالأشواك، مما جعل العالم يرتجف وأطلق عواءً مخيفًا آخر.
لم يكن ميتًا بأي حال. ولكنه أصيب بجروحٍ عميقة، والأهم من ذلك أنه تراجع – لبضعة لحظات على الأقل.
تابع ظل الإدانة تقدمه، واستمر المتشردين المظلمون المتبقون في تفادي محاولاته لسحقهم بينما يمزقون أجزاءً من جسده العملاق بأفواههم الجائعة.
وواصل صني مطاردتهم… وفعل الرامي الغامض الشيء نفسه بلا شك.
كانت المشكلة أنه ما زال غير قادر على رؤية ذلك الصياد المراوغ.
‘رغم ذلك، يجب أن أتخلص من هذه الأشياء عن الإدانة قريبًا. فبهذا المعدل، سيبتلعون فريستي بالكامل.’
وفي تلك اللحظة بالذات، كشف الرامي عن نفسه أخيرًا.
انطلق سهمٌ أخر فجأةً عبر الظلام – سهمٌ مختلفًا عن الأسهم السابقة، متألقًا بسطوع وهو يشق طريقه في السماء السوداء. مخترقًا عدة كيلومترات في لحظة، وتاركًا خلفه أثرًا من الاضطراب داخل سحابة الجوهر العظيمة المنبعثة من ظل الإدانة، وغرس نفسه في كتفه.
وعلى عكس الأسهم السوداء، بدا هذا السهم منحوتًا من العظم، وريشه مصنوعًا من ريش أبيض ناصع جميل.
بعد لحظة، ظهر وتر فضي مشع على طول الأثر الذي خلفه السهم العظمي، متجسدًا من جوهر نقي.
وبشدّة واحدة للوتر، أرسل الرامي الغامض نفسه محلقًا في السماء.
رأى صني صورة ظلية غامضة تحلق عبر الظلام. هبطت على كتف العملاق المظلم واستقامت ببطء، لتكشف نفسها أخيرًا وسط التيار الدوّار من الجوهر الفضي المتألق.
كانت هيئة الرامي الضبابي رشيقة، إنسانية الشكل ولكنها غامضة وغير واضحة، تغلّفت بلفائف من الدخان الداكن الذي رفرف خلفها كعباءة ممزقة. لم يكن هناك شك في أنها ظل… لكنها ظل فريد، ينبعث منه شعور بإرادة أوضح، ونية أشد حدة، وشخصية أكثر صلابة من حتى ظل الإدانة نفسه.
لو كان على صني وصف الرامي الظل بكلمة واحدة، لكانت تلك الكلمة… قاتل.
فقد بدا شكل الرامي مليئًا بالعزم البارد، ونية القتل المتوحشة، وأناقة مهددة.
وقف الرامي للحظة قصيرة على كتف الإدانة، ثم انحنى بسرعة لاستعادة السهم المتألق قبل أن يختفي عن الأنظار.
في اللحظة التالية، انطلق صفير حاد للهواء المقطوع، وفجأة ارتجف أحد المتشردين المظلمين الملتصقين بجسم الظل العملاق وسقط في سيل من الظلام، متخبطًا ويهوي بأوتاره المقطوعة أثناء سقوطه.
صر صني على أسنانه.
‘هناك الكثير من المنافسة اللعينة!’
إذا استهلك المتشردين المظلمون ظل الإدانة، فسيكون الأمر سيئًا. لكن الأسوأ أن يقتله الرامي، لأنه بصفته ظلًا هو الآخر، سيمتص كل قوته في لحظة!.
لكن ماذا من المفترض لصني أن يفعل؟.
وقد جُرّد من قواه، لم يكن واثقًا من الانتصار في معركة ضد مخلوقات الظلام الظلام المروعة. بل وكان أكثر حذرًا من الرامي، الذي بدا كقاتل لا يرحم، صقلته قسوة عالم الظل إلى شرير مميت.
لا بد أن هذا الرعب قد قضى وقتًا طويلًا هنا – ربما آلاف السنين – يتلاشى تدريجيًا إلى جوهرٍ نقي بينما يصطاد ظلالًا أخرى ليطيل بقاءه. فمجرد بقائه على قيد الحياة لهي شهادةٌ على مدى فتك الرامي.
‘إذا كان بإمكان الرامي فعلها، فأنا أيضًا أستطيع.’
تلألأت عينا صني بعزمٍ قاتم.
فلا بد أن خصمه مقيدٌ بطبيعة عالم الظل مثله تمامًا. ومع ذلك، كان الرامي… شجاعًا وذكيًا. جمع المواد من عالم الظل، وصنع أدوات قاتلة مما توفر لديه، وأعد فخاخًا ماكرة للإيقاع بفرائسه.
لذا، يمكن لصني فعل الشيء ذاته.
وتمامًا عندما خطرت بباله هذه الفكرة، التقطت حاسة الظل شيئًا غريبًا في الأفق، خلف الأفق مباشرة.
نظر إلى الأعلى، وتوقف صني لوهلة مبتسمًا.
وخطرت بباله فكرةٌ خطيرة.
ترجمة آمون