عبد الظل - الفصل 2101
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2101 : مخلوقات الظلام
انهار الكائن الجريح إلى الأرض، مغطياً إياها وكأنه حجاب ممزق من الظلام. وبعد لحظة، تموج الظلام، ثم ارتفع شيءٌ ببطء من داخله. ومن بعيد، بدا كما لو أن شكلًا رجسًا كان ينهض من الأرض، لا يزال مغطى بالحجاب الممزق ويجرّه معه إلى الأعلى…
لكن في الحقيقة، لم يكن الشكل الغريب يتسلق من الظلام. بل كان الظلام ذاته يعيد تشكيل نفسه إلى هيئة جديدة.
بعد فترة وجيزة، وقف وحشٌ مروع على الكثبان السجية، بطول مئات الأمتار، مع أربعة كفوف قوية تخترق الغبار الأسود بمخالب حادة. وبدا فكه أشبه بفك الذئب، ومحالقٌ من الظلام المتموج تتطاير في الهواء خلفه مثل عباءةٍ ممزقة.
تأمل الوحش العظيم خراب عالم الظلال بعينين مظلمتين، ثم رفع أنفه نحو السماء السوداء، مطلقاً عواءً مفزعًا.
وحتى رغم بعده، شعر صني بألم خافت يغزو روحه بعدما اجتاحه العواء.
‘آه…’
حرك بصره، محاولًا فهم رتبة وفئة هذا المخلوق المروع. ما طبيعته؟ هل كان ظلًا هو الآخر، أم شيئًا مختلفًا تمامًا؟ وهل هو مصابٌ بلعنة الفساد البغيضة أم لا؟.
لم يكن صني متأكدًا من إمكانية دخول أي شيء سوى الظلال إلى عالم الموت… أو على الأقل تحمله لفترة من الوقت. ربما تكون المخلوقات ذات القوة الهائلة، مثل الإدانة، قادرة على ذلك – لكن تلك المخلوقات نادرةٌ للغاية.
لذا، منطقياً، يجب أن يكون هؤلاء المتشردين المظلمين إما ظلالًا للموتى، مثل ظل الإدانة، أو كائنات ظل مثله.
ومع ذلك…
هناك شيءٌ بشأنهم جعل صني يشعر بالفزع والاضطراب. هل يمكن أن يكونوا مخلوقات كابوس؟ لم يكن متأكدًا.
فالموت سلاحٌ صنع كمضادٍ للفساد، وبموتهم، يُطهَّر المصابون بالفساد منه. لذا، فـ ظلال مخلوقات الكابوس تكون نقيةً عندما تدخل عالم الظلال… وإذا كانت كائنات الظل تولد من ظلال الموتى، فقد يكون هذا هو السبب خلف عدم رؤيته أي مخلوق منها يستسلم للفساد.
لربما هذا هو أيضًا السبب في عدم مواجهته كائن ظلٍ في عالم الأحلام. فبعد آلاف السنين من الخراب، لم يتبقّ سوى من تشوّهوا بالفساد ليعمروا امتداده المفزع… مخلوقات الكابوس.
ومع ذلك، فلا شيء محصنٌ تمامًا ضد التأثير الدنس للفراغ البدائي… حسنًا، باستثناء نيفيس. حتى ويفر قد اضطر إلى قطع ذراعه بعد تعرضها للفساد، ولذا لم يكن صني ليراهن بحياته على فكرة أن كائنات الظل لا يمكن أن تفسد.
وعندما نظر إلى جوهر المتشرد المظلم…
رأى شيئًا لم يكن يتوقع رؤيته.
رأى اللاشيء.
فلم يكن هناك نورٌ يشع من أنوية الروح المشعة. ولم يكن هناك فساد بغيض ينتشر من العقد المروعة أيضًا.
وبالمقابل، لم يكن هناك سوى الظلام.
ليس الظلام البغيض الذي رآه في أرواح مخلوقات الكابوس التي لا حصر لها، بل الظلام البارد الذي لا يمكن اختراقه، والذي جعل من المستحيل عليه رؤية أي شيء داخل الوحش الشرس.
الظلام الحقيقي.
بقي صني بلا حراك لبضعة لحظات، مذهولاً.
‘…مخلوقات الظلام؟’
سابقًا، كانت رؤيته للعالم بسيطة للغاية. هناك البشر، وهناك مخلوقات الكابوس – وهذا كل شيء. لكن بينما تنقّل صني في عالم الأحلام ورأى المزيد، أدرك أن العالم ليس بتلك البساطة.
فهناك أنواع أخرى من الكائنات في مكان ما هناك. هناك مخلوقات الفوضى – كائنات الفراغ – التي وُجدت في الفراغ. كما كان هناك كائنات سامية ومدنسة في الوقت نفسه، ولا تناسب أيًا من الوصفين، مثل النيفليم الغامضين. وكذلك هناك كائنات اللاشيء التي واجهها في الضباب فوق الجبال الجوفاء.
وهناك أيضًا كائنات سامية غير البشر – المخلوقات النبيلة، كما سماها قدماء عالم الأحلام. ومن بين هؤلاء، هناك كائنات الظل مثله.
إذا كانت هناك مخلوقات ظل… ألن يكون من الطبيعي وجود مخلوقات ظلام أيضًا؟.
مثل الرعب الذي واجهته نيفيس في كابوسها الثاني.
إذا كان المتشردون المظلمون كائنات ولدت من الظلام الحقيقي، فإن صني لديه سؤالين… ثلاثة أسئلة، في الواقع.
أولًا، هل هم ساميون أم مدنسون؟ فقد وُلد الظلام الحقيقي من دم كائن فراغ مقتول. لذا، قد تكون هذه الأهوال المفترسة إما كلاهما أو لا شيء منهما. قد يُعتبرون حتى مولودين من الفراغ بدلًا من أن يكونوا مجرد فاسدين تحت تأثيره، كما هي مخلوقات الكابوس.
ثانيًا، ما الذي يفعلونه في عالم الظلال؟ فالظلال والظلام الحقيقي أعداء طبيعيون، ولذا من الغريب رؤية كائنات الظلام هنا – ناهيك عن رؤيتهم يفترسون ظل الإدانة، محاولين التهامه قطعة قطعة.
فكيف يمكنهم حتى دخول عالم الموت دون أن يكونوا أمواتًا بأنفسهم؟ لم يكن صني متأكدًا، لكن شكوكه بأن هذه هي أطراف عالم الظلال كانت تتزايد.
وأخيرًا، السؤال الثالث والأهم…
كيف من المفترض له أن يقتلهم؟.
إذا كان هؤلاء المتشردين المظلمون كائنات ظلام حقيقي، فلن يجلب قتلهم لصني حصيلة من شظايا الظل التي كان يتوقعها. ومع ذلك، عليه القضاء عليهم – إذ لم يكن لأي سبب سوى منعهم من تدمير ظل الإدانة، الذي أراد هو تدميره بنفسه.
‘سيكون هذا… صعبًا.’
لم يكن حتى متأكدًا من مدى قوة هذه الكائنات، ولكن شيئًا ما أخبره بأنها مرعبة القوة – والدليل الوحيد الذي يحتاجه هو مشاهدة كيف أن ظل طاغية ملعون يكافح للهروب من مطاردتهم.
وثم هناك الرامي الغامض أيضًا.
حتى الآن، ورغم مراقبته للمعركة بعناية، لم صني يستطع رؤيته – وكان هذا غريبًا حقًا، بالنظر إلى أن بصره قادرٌ على اختراق أي ظل.
وكان صني حذرًا من الرامي أكثر من المتشردين المظلمين.
‘اللعنة.’
وعندما رأى وهجُ ذرةٍ أخرى من النور تنجرف من تحت درعه، صر صني على أسنانه واندفع للأمام.
ترجمة آمون