عبد الظل - الفصل 2100
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2100 : ذئاب عالم الظل
بدا ظل الإدانة مختلفًا عن السابق، ولكنه الكيان نفسه بلا شك.
تحرك الشكل العملاق عبر الامتداد القاحل لكثبان السج بخطوات بطيئة مخادعة، حيث تسببت كل خطوةٍ منه باهتزاز العالم. وكان نسيج الظل مكونًا من غبار أسود وشظايا هائلة من السج والرياح. وعلى عكس ظلال الجنود المستيقظين التي بدت غامضة وغير واضحة، بدا هذا الظل شبه مكتمل تمامًا.
وانجرفت أعداد لا حصر لها من شرارات الجوهر نحو السماء السوداء من سطحه، متتبعة ظل الطاغية الملعون مثل عمودٍ متدفق من النور. وبدا المشهد – الأرض القاحلة المظلمة، والشكل الأسود العملاق الذي يسير عليها، والتيارات المشعة من النور الفضي التي تدور حوله مثل اللهب – رائعًا ومثيرًا للرهبة، ولكن أيضًا مرعبًا.
للحظة، تساءل صني عن سبب تمكنه من العثور على ظلال جنود قبر السَّامِيّ الساقطين وظل الإدانة. فعالم الظل شاسعٌ، بعد كل شيء، فما هي الاحتمالات لحدوث هذا؟.
هناك إجابتان محتملتان.
إحداهما أن بوابة الظل أرسلته إلى موقع يتوافق مع قبر السَّامِيّ، لذا فإن كل ما يموت بالقرب منه هنا يدخل بطبيعته إلى الزاوية نفسها من عالم الموت.
والإجابة الأخرى هي أن بوابة الظل تقع ببساطة بالقرب من مدخل عالم الظل، وأن ظلال جميع الكائنات تدخل هذه الأرض المظلمة من مكان قريب. إذا كان الأمر كذلك، فسيكون صني الآن على أطراف عالم الظل، ولربما الاتجاه الذي تسير فيه الظلال الهائمة هو نحو قلبه.
في كلتا الحالتين، فظلُ الإدانة مختلفٌ عن تلك الظلال الهادئة والفارغة التي رآها من قبل.
لم يكن فقط يتحلل إلى جوهر بمعدل أبطأ بكثير – بطيء للغاية لدرجة أنه ربما يستغرق آلاف السنين ليختفي تمامًا – بل وأيضًا أقل فراغًا مما كانت عليه تلك الظلال.
الموت سلاحٌ صنع ليدمر الفساد، لذلك لم يكن ظل الإدانة مخلوقًا كابوسيًا حقًا. ومع ذلك، بدا أنه احتفظ بجزء أكبر من سيده السابق مقارنة بظلال المحاربين المستيقظين. كان صني قادرًا على الشعور بتلميح بعيد وخافت لنفس الإرادة المروعة التي شعر بها سابقًا في التجاويف، تنبعث من الظل العملاق.
بدا وكأن إرادة السَامي تجاوزت حتى الموت، موروثًا جزئيًا على الأقل من قبل ظله.
بدا ظل الإدانة وكأنه يمتلك بعض الاستقلالية.
ومع ذلك…
شحب وجه صني فجأة وتراجع خطوة إلى الخلف.
فهذا لن ينقذه.
‘مـ… ما هذا بحق؟’
بعد رؤية الظل الهائل، خمّن صني أن الدمار الذي شاهده كان نتيجة المعركة بين ظل الإدانة والرامي الغامض. فبعد كل شيء، هاجم الرامي صني عند رؤيته… فلماذا سيكون ظل الطاغية الملعون مختلفًا؟.
لكن كانت الحقيقة أكثر تعقيدًا.
لأن هناك مشاركين آخرين في هذه المعركة أكثر مما توقع.
ولا زالت المعركة مستعرة. فبينما كان ظل الإدانة يسير عبر الامتداد المظلم والقاحل، تمت إحاطته بكائنات غريبة جعلت دماء صني تبرد.
وكانت تلك الكائنات ضخمة في حد ذاتها، يتجاوز عرض كل منها مئة متر. بلا شكل ولا هيئة، منسوجةً بالكامل من الظلام، وتتحرك عبر الكثبان الداكنة كما لو أن رياحً شبحية تحملها.
وبينما كانت تلحق بالظل العملاق، ارتفعت في الهواء مثل أغطية ضخمة من الظلام الذي لا يمكن اختراقه، ثم سقطت على جسده متخذةً أشكالًا متغيرة. وأطلقت خيوط لا حصر لها من الظلام لتغرس نفسها في الظل العملاق، ثم التصقت المخلوقات المظلمة بسطحه مثل العلقات، تقضم قطعًا هائلة من جسد الإدانة، ملتهمةً إياه حيًا.
أو على الأقل يحاولون ذلك.
لم يكن ظل الطاغية الملعون خاملاً. فبينما استمر في السير في نفس الاتجاه، حرك يديه ببطء، محاولاً اعتراض وتدمير الكائنات المروعة. تم تدمير عدد قليل منهم بالفعل، ولكن استمر القليل منهم في تمزيق الظل العملاق بوحشية، والتهامه قطعةً قطعة.
مثل مفترسين يتربصون بفريستهم.
ارتجف صني.
وأدرك بوضوح عدة أشياء في الوقت نفسه.
الأمر الأول هو أن عالم الظل لم يكن فارغًا كما كان يعتقد. بدا أن ظل الإدانة، الذي ينتمي إلى كيان ملعون، وكأنه احتفظ ببعض من إرادته. لذا، من المحتمل وجود كائنات واعية أخرى في هذه الأرض القاحلة.
وكما هو الحال مع صني، ربما هم بحاجة إلى استهلاك الشظايا لمنع أنفسهم من الانهيار.
لم يكن متأكدًا من أمورٍ كثيرة، ولكنه واثقٌ بأن الكائنات الملعونة لا تموت كثيرًا. لذلك، فإن ظهور ظل الإدانة لا بد أنه كان بمثابة إغراء لا يقاوم لكل الأهوال التي تعيش في هذا الركن من عالم الظل، جاذبًا إياها إلى موقع واحد للاستمتاع بهذا الوليمة النادرة.
لكن ما هي تلك المخلوقات؟.
هل هي ظلال كائنات قديمة مثل الإدانة؟ مخلوقات ظل فعلية مثل الكابوس أو الثعبان؟ أم مخلوقات الكابوس؟.
أو شيء آخر بالكامل؟.
لم يكن يعرف… بعد.
ولكنه كان مضطرًا لمعرفة ذلك.
لسبب بسيط واحد…
إذا كانت هذه المخلوقات المرعبة تحاول التهام ظل الإدانة، فهذا يعني أن صني يمكنه استهلاكه أيضًا. لم يكن لديه أي فرصة لهزيمة طاغية ملعون… لكن ظلٌ لذلك الطاغية؟.
ذلك في نطاق الاحتمال، على الأقل، لا سيما بالنظر إلى أن المتشردين المظلمين قد أضعفوه بالفعل، وسيواصلون إضعافه.
راقب صني الظل العملاق، شاعرًا بجشعٍ يكاد يكون ساحقًا.
ظل طاغية ملعون… إذا دمره، أو على الأقل وجه الضربة الأخيرة له، فكم عدد شظايا الظل التي سيحصل عليها؟.
لن تكون مجرد عشرات قليلة، كما يحدث مع كائن عادي. لأن صني كان يحصل على حصته العادلة من الشظايا عند قتل كائنات مشابهة له، تمامًا كما يحصل البشر على شظية من جميع شظايا الروح المتراكمة عند قتل بشر آخرين.
لذا… ربما آلاف.
لمعت عيناه في الظلام.
‘يجب أن أكون أنا من ينهيه، مهما كان الثمن.’
كاد صني يتهيأ للاندفاع للأمام عندما لاحظ تحولًا مفاجئًا في إيقاع المعركة الطاحنة البعيدة.
اندفع متشرد مظلم آخر إلى الهواء، مستعدًا لاقتلاع قطعة ضخمة من الإدانة…
وعندها اخترق شيء ما السماء السوداء، مصطدمًا به وممزقًا إياه. سقط المخلوق المجروح على الأرض في سيل من الظلام.
لقد أصيب بسهم.
أمال صني رأسه قليلاً.
‘حسنًا، حسنًا.’
يبدو أن الرامي الغامض لا يزال في غمار المعركة.
ترجمة آمون