عبد الظل - الفصل 2090
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2090 : شظايا الحرب (27)
لم يكن هناك مجال للخطأ…
فقد جعل صني من أعظم مساعي حياته تعلم كيفية رؤية المنطق في التعقيد غير العقلاني والمربك للعقل لنسيج التعويذة. ولذلك، تم تدريب عقله على رؤية الأنماط الهادفة حيث يبدو أنه لا وجود سوى للفوضى.
لهذا السبب تمكن من التعرف على النية الدقيقة في السيول الدوامة لعاصفة السيوف.
كانت السيوف الطائرة تشكل ببطء مصفوفة واسعة فوق ميدان المعركة، معلقة فوق الإدانة مثل شبكة.
ولكن ما الذي من المفترض أن تهدف إليه تلك المصفوفة تحديدًا، وكيف؟.
راقب صني الأمر للحظة.
‘إنها… سحر.’
اتسعت عيناه.
كان قد تساءل عن سبب استخدام أنفيل لقدرته الخاملة فقط. والآن، بدت الإجابة واضحة… لأنه كان ينوي استخدام السحر لتوجيه الضربة القاتلة، وليس قوة جانبه.
لم تكن الأنماط التي أنشأتها السيوف الطائرة – كل منها يعمل كقناة لجوهر السيادي – عشوائية. وبمجرد أن فهم صني طبيعة المصفوفة، تمكن من تغيير وجهة نظره والتعرف عليها على حقيقتها.
كانت تلك الأنماط هي الإطارات نصف المكتملة لرونيات هائلة.
لم تُكتب هذه الرونيات بالحبر على الورق، أو منحوتة في الحجر، أو منسوجة من نور أثيري. بل بدلاً من ذلك، تشكلت بواسطة عدد لا يُحصى من السيوف المندفعة، مكتوبة في الظلام الأحمر المتوهج بالفولاذ حاد.
بل وأكثر من ذلك، لم تكن المصفوفة الرونية مبنية على سطح مستوٍ، بل كانت مشيدة في فضاء ثلاثي الأبعاد. وهذا، بالطبع، كان مختلفًا تمامًا عن الطريقة التي يكتب بها البشر عادةً، وبالتالي التي هم معتادين على قراءتها. ومع ذلك، فصني هو ناسج، وقد اختبر بالفعل الصداع المزعج الناتج عن تعليم عقله إدراك البنى المعقدة ثلاثية الأبعاد.
ففي النهاية، لم تكن الأشرطة النسيجية لأوتار الجوهر التي يتعامل معها عادةً مسطحة أبدًا.
‘سحر روني.’
لم يكن صني ملمًا بما يكفي بهذا النوع من السحر لفهم الغرض من المصفوفة، ولكنه كان قادرًا على تمييز وجودها على الأقل.
[كاسي… هل ترينها؟]
والآن بعد أن كان يولي انتباهه لعاصفة السيوف، ستلاحظ كاسي أيضًا أين كان تركيزه موجهًا. وهي أكثر إلمامًا بالسحر الروني منه بكثير.
مرت بضعة لحظات من الصمت بينما كان كلاهما يقاتل الآسورا بيأس.
ثم، تردد صدى استجابتها العقلية في ذهنه، وبدت وكأنها تلهث:
[ يا الهـي ، ما هذا بحق…]
بدا الأمر مضحكًا بعض الشيء، حقًا. فـ كاسي تتحدث عبر التخاطر، وعقلها لا يملك رئتين. فلماذا بدت وكأنها تلهث؟.
توقفت كاسي للحظة، ثم أضافت:
[أرى. لم أرَ شيئًا كهذا من قبل. إنها… نوع من المنشور السحري. تقاطع منشوري؟، مرساة؟، لستُ متأكدة.]
لم تكن تلك التوضيحات ذات فائدة كبيرة لصني. ولكنه استنتج أن المصفوفة الرونية تهدف إلى توجيه وتركيز شيء ما – تمامًا كما يوجه المنشور النور. ولكن ما الذي كان ملك السيوف ينوي توجيهه؟، لم يكن صني يعلم.
ولكنه كان على وشك أن يعرف قريبًا، لأن المصفوفة الرونية بدت على وشك الاكتمال.
بينما خطا الإدانة في بحيرة من الحمم البركانية، مما أدى إلى انسكابها خارج شواطئها، انطلق أنفيل في الهواء في دوامة من الشرر القرمزي. وظهرت سيوف إضافية خلفه، منتشرة مثل هالة فولاذية. واحدة، اثنتان، ثلاث… ستة منها، جميعها تبث إحساسًا بقوة مروعة.
وبالإضافة إلى السيف المرعب الذي كان يحمله في يده، أصبح المجموع سبعة.
أطلقت السيوف الستة في اتجاهات مختلفة، بينما بقي السابع في قبضته.
اندفعت اليد العملاقة للطاغية الملعون مرة أخرى إلى الأمام، وحاولت سيول السيوف مرة أخرى صد ضربتها الساحقة… ولكنها تحطمت بسهولة واختُرقت.
تحرك السَامي الملعون بسرعة أكبر بكثير مما ينبغي لمخلوق بهذا الحجم الهائل. ليس لأن سرعته كانت عظيمة جدًا، بل لأن الفضاء نفسه كان يلتوي من حوله، ويتقلص، ويتمدد للسماح للسَامي المظلم بالعبور.
وحدث وميض آخر مبهر، وموجة أخرى من الحرارة الحارقة. ارتطمت موجة صدمة أخرى بقبة التجاويف، مما أدى إلى سقوط شظايا عظمية مسننة من ارتفاع شاهق.
وضُرب أنفيل مجددًا.
سقط في بحيرة الحمم، واستغرق هذه المرة وقتًا أطول قليلًا للوقوف.
بدت دفاعاته المخيفة وكأنها بلغت حدها. فقد احترقت العباءة القرمزية المعلقة على كتفيه، و انبعج دِرعُه الأسود. والأكثر صدمة من كل ذلك، هو وجود تياران رفيعان من الدم يتدفقان من أنفه، مع قطرات قرمزية تسقط وتتلاشى في الحرارة الحارقة.
ومع ذلك، ابتسم السيادي ببرود.
لأن في تلك اللحظة بالذات، اكتملت المصفوفة الرونية أخيرًا.
فقد كانت السيوف الطائرة التي شكلت العاصفة الفولاذية كلها في المكان المناسب لها تمامًا للحظة قصيرة مختارة بعناية، حيث رسمت عددًا لا يحصى من الأحرف الرونية الهائلة في الهواء حول الإدانة.
وأخيرًا، بدا أن الطاغية الملعون قد شعر بالفخ، ولكن كان الأوان قد فات بالفعل – حيث تشكلت المصفوفة قبل لحظات فقط، ولم يكن هناك وقت للرد.
أدار السَامي الملعون رأسه بصمت ونظر إلى الأعلى، ظهرت لمحة من مشاعر غريبة في عينيه غير البشريتين.
ثم اشتعلت السيوف الطائرة بإشعاع بارد، وبعيدًا أسفلها، أمسك أنفيل بسيفه بكلتا يديه لتوجيه ضربة صاعدة.
كانت تلك الضربة سريعة ومتعمدة، وقاتلة بشكل جميل… ولكنها عديمة الفائدة وغير مهمة في نفس الوقت، حيث لم تقطع سوى الهواء.
ومع ذلك…
بدا أن المصفوفة الرونية موجودة فقط من أجل تلك الضربة الوحيدة.
لم يكن صني يعلم ما الذي وجهه أنفيل بمساعدة السحر – سواء كان مجرد جوهر روحه، أو سلطة نطاقه، أو حتى إرادته المطلقة. كل ما عرفه هو أن المصفوفة الرونية بُعثت للحياة بشيء ما، بطريقة ما، مما ضخ في ضربة سيف الملك قوة مرعبة بحق.
كان الأمر وكأن نصلًا غير مرئي ولامتناهي قد قطع العالم على طول مسار سيفه الفولاذي، ممزقًا العالم إلى نصفين.
انقسمت بحيرة الحمم إلى نصفين، واستمر النصل غير المرئي في التحرك نحو الأعلى، متجهة إلى جسد الإدانة الهائل.
ولكن…
الإدانة هو طاغية ملعون في نهاية المطاف. فاستجاب الفضاء لإرادته، وانثنى مجددًا وبدأ السَامي الخبيث يحرك خارج مسار الضربة غير المعقولة لأنفيل…
حتى تم قطع الفضاء نفسه أيضًا.
لم يتمكن الطاغية من تجنب النصل غير المرئي تمامًا، ولكنه نجح في تفادي الحصول على إصابة خطيرة.
وكل ما تمكن أنفيل من قطعه هو معصم الإدانة. وهذه المرة، لم ينجُ الطاغية الملعون دون أن يُمس – فقد قُطعت ذراعه بعمق، وكاد أن يفقد إحدى يديه تقريبًا.
تجمد صني في مكانه.
تلاشت المصفوفة الرونية الضخمة، بعد أن استنفدت كل طاقتها.
ولكن لا زال السَامي الملعون حيًا.
لقد أُصيب، ولكن لم يكن الأمر خطيرًا على الإطلاق.
‘هل هذا… هو كل شيء؟’
حوّل انتباهه إلى أنفيل، راغبًا في رؤية ما إذا كان ملك السيوف قد أصيب بالإحباط واضطرب بسبب فشله.
ولكنه لم يكن كذلك.
كان السيادي واقفًا ببساطة في الحمم البركانية، ناظرًا إلى الأعلى بتعبير يفيض برضا قاتم وغامض.
أما نصله غير المرئي…
فلم يتبدد بعد أن أخطأ الجسد العملاق للإدانة، بل استمر في التحرك صعودًا.
ترجمة آمون