عبد الظل - الفصل 2057
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2057 : تعلم النسيج
بينما كان صني يستعد لصنع السيف في العالم الحقيقي، كان يركز أيضًا على إنشاء نسيجه داخل الحلم.
كانت ستة من تجسيداته السبعة تشارك في عملية الصنع، وكانت كل واحدة منها تتعامل مع مهمة تتطلب تركيزًا مطلقًا – بعضها كان يقوم بأمور لم يحاول صني فعلها أو تجربتها من قبل.
ونتيجة لذلك، كان عقله تحت ضغط هائل، لم ينكسر بعد، ولكنه كان بالتاكيد على حافة قدرته على التحمل.
ومع ذلك، استمر صني بثبات وهدوء. لم يكن غريبًا عن لحظات التوتر الشديد هذه – في الواقع، كان يتألق فيها. كلما كانت الظروف أكثر خطورة، أصبح ذهنه أكثر وضوحًا. أحيانًا كان ذلك الوضوح يتجاوز الأمور الدنيوية، مما سمح له بالدخول في حالة ذهنية غريبة وغير قابلة للتفسير.
كان صني في تلك الحالة الآن، يشعر وكأن عقله يعمل بسرعة لا يستطيع حتى هو نفسه إدراكها.
كانت هناك أمورٌ كثيرة لا يستطيع شرحها، ولكنه يفهمها غريزيًا، تحدث من حوله وبسببه. ولذلك، رغم أنه كان يعلم أن لكل ما يفعله سببًا ونتيجة واضحة، إلا أنه شعر وكأن الواقع يتغير ببساطة وفقًا لإرادته المطلقة.
كان في منطقة مجهولة، ولكن كانت هناك منارة ترشده إلى ميناء آمن.
واقفًا على حافة جزيرة تشبه الحلم، استنشق صني بعمق.
كانت أربعة من تجسيداته هنا، في الحلم الذي كانت نيفيس تحلم فيه ببحر روحها. أحدهم يعمل كقناة لجوهرها، واثنان آخران ينسجان أوتارًا مشعة منها، وكان الأخير يقوم بالمهمة الأهم – ينسج نسيج التعويذة الشامل والمعقد والمُلهم الذي تخيله صني للسيف المرتبط بالروح.
كان النسيج الذي أراد إنشاؤه طموحًا حتى بمعاييره – وذلك دون الأخذ في الحسبان الخاصية الفريدة لربط الذاكرة بروح صاحبها. ولذلك، كان هذا العمل السحري يعد بأن يكون طويلًا ومنهكًا، أشبه بماراثون شاق.
ومع ذلك…
كان لابد أن تحدث لحظة حيوية – ربما اللحظة الأكثر حيوية في عملية الصنع بأكملها – في البداية.
كان لابد أن تحدث الآن.
ناظرًا إلى نيف، أجبر صني نفسه على الابتسام بضعف.
“هل تثقين بي؟”
كان مدركًا أن سؤاله لم يكن عادلاً جدًا. فبعد كل شيء، بالنسبة لنيفيس، كانا قد التقيا قبل بضعة أشهر فقط. ولم تكن الثقة تأتي بسهولة لأي منهما – كانت شيئًا يحتاج كلاهما إلى بنائه ببطء وبجهد…
“أفعل.”
اتت الإجابة الهادئة على الفور تقريبًا.
تفاجأ صني بكلماتها الصريحة. بدت نيف… متفاجئة هي الأخرى. عقدت حاجبيها قليلًا، وكأنها ليست متأكدة تمامًا لماذا أجابت بتلك السرعة، وبسهولة كذلك.
ومع ذلك، ارتسمت ابتسامة أكثر استرخاءً على وجه صني عند سماعه إياها.
“جيد. إذن، إذا شعرتِ بشيء، لا تقاومي. دعيه يحدث.”
وبذلك، فعل شيئًا كان في الوقت نفسه منطقيًا تمامًا وجنونًا بالكامل.
قام بتثبيت نسيج التعويذة – ولكن ليس في شظية روح، كما كان يفعل دائمًا.
بدلاً من ذلك، قام بتثبيت الأوتار المشعة للجوهر مباشرة في أحد أنوية روح نيفيس.
نواة الوحش، تحديدًا.
اتسعت عيناها قليلاً.
توتر صني، غير متأكد مما إذا كان نسجه سيصمد. في النهاية، لم يكن متأكدًا حتى من أن شيئًا كهذا ممكن، فضلاً عن كونه قابلاً للتنفيذ.
ولكنه كان يؤمن بإمكانية ذلك.
أراده أن يكون كذلك.
كانا في حلم، بعد كل شيء. فلماذا لا يكون هذا ممكنًا هنا؟.
بالطبع، لم يكن بإمكانه أن… ينسج روح كائن حي. على الأقل ليس بعد. لكن هذا لم يكن ما يحاول القيام به – كان يحاول ببساطة تثبيت نسيج ذكرى في روح حية بدلاً من شظية بقيت بعد تدمير روح.
شعر بيد نيفيس الدافئة ترتعش برفق على صدره.
ولكن… لم يحدث شيء آخر.
لم ترفض نواة روحها النسيج. زلم يُدمر اللهب الأبيض الحارق الأوتار المشعة من جوهر الروح – فبعد كل شيء، تلك الأوتار قد نُسجت من نفس اللهب.
صمدت المرساة.
شقت ابتسامة عريضة وجه صني. وعندما رأتها نيفيس، ابتسمت بتردد أيضًا.
“ما الذي حدث للتو؟”
تنهد ببطء.
“لقد ثبتُّ نسيج تعويذة السيف في واحدة من أنوية روحكِ.”
انتهى هذا الجزء الحيوي – والجريء جدًا – من عملية الصنع بنجاح.
ثم خفتت ابتسامة صني قليلًا.
“حسنًا… لقد ثبتُّ حلم نسيج تعويذة في حلم نواة روحكِ، على الأقل.”
والآن…
كان عليه فقط أن يجعل أحلامهم تتحقق.
ولكن قبل ذلك، كان لابد من اكتمال نسيج التعويذة الضخم الذي لا يمكن تصوره بالكامل.
مستنشقًا نفسًا عميقًا آخر، سمح صني لتجسيده بإغلاق عينيه وركز على توجيه جوهر نيفيس.
استمر التجسيد المسؤول عن نسج نسيج الأوتار المشعة في عمله بوقار.
بدأ نسيج التعويذة الضخم ببطء و بمشقة في أخذ شكله.
كانت مهمة شاقة للغاية.
رفض صني الراحة المألوفة في مجرد نسخ الأنماط التي أنشأتها تعويذة الكابوس. وبدلاً من ذلك، كان ينسج أنماطًا جديدة تمامًا من تصميمه الخاص. مسلحًا بمعرفته العميقة بالنسيج وتجربته في الاندماج مع ذكريات مختلفة كظل، كان يحاول إنشاء سيف مسحور يصبح جزءًا من جسد نيفيس وروحها.
سيف يناسبها تمامًا، ينمو معها، وقادر على قطع أقسى الأعداء.
بطبيعة الحال، يتطلب مثل هذا السيف أكثر أنواع الأسحار عبقرية.
في مكان ما في العالم الحقيقي، كانت تجسيداته الأخرى تصوغ الوعاء المادي للسيف. لقد استخدم مواد ثمينة لإنشاء خليط معادن السيف – قلب وحش الشتاء، كنز من المعادن المباركة، سهم من عالم الظل، لهب روح نيفيس، وحتى دمه الخاص.
ولكن في الواقع، لم تكن تلك المواد مهمة كما قد تبدو.
لأن السيف سيكون كائنًا حيًا، وبالتالي، سينمو ويتغير ككائن حي.
وكذلك كان الحال مع نسيج التعويذة نفسه. سابقًا، لم يصنع صني سوى أنسجة كانت محدودة تمامًا بتصميمها. ولكن هذا النسيج… كان من المفترض أن يكون مختلفًا.
كان مصممًا بعناية فائقة، ومصنوعًا لهدف فائق. ولكنه لم يكن صارمًا، بل كان مجرد البداية بدلاً من النهاية غير القابلة للتغيير.
مع نمو نيفيس، كان من المفترض أن ينمو نسيج التعويذة لسيفها أيضًا.
يزداد قوة، ولكن أيضًا، إذا لزم الأمر… يصبح مختلفًا.
كان الشيء الأكثر رعبًا في العالم هو المجهول. وبما أن صني ونيفيس قد وضعا قلبيهما على خوض حرب ضد العالم، فقد كانا مقدرين لمواجهة المجهول. كانا مقدرًا لهما أن يواجها تهديدات مروعة ليس لديهما أي معرفة سابقة بها، وبالتالي لا يمكنهما الاستعداد لها.
وهكذا، كان أكثر السيوف فتكًا…
هو السيف الذي يمتلك القدرة على التعلم.
ترجمة آمون