عبد الظل - الفصل 2001
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2001 : الطرق المتعرجة
كانت المعركة بين سِيد وفيليز أشبه بكارثة صغيرة… تحدث وسط رعب كارثة أعظم بكثير.
امتدت ساحة المعركة، حيث يسعى مئات الآلاف من المستيقظين لتدمير بعضهم البعض، من أفق إلى آخر، منهكة بالقوى العنيفة الهائلة التي استحضروها إلى العالم. فوقهم امتد كفن السُحُب المشعة، وتحتهم عظام ساميٍ ميت.
قطعت سِيد وفيليز شوطًا طويلاً منذ الشاطئ المنسي. ولكن اليوم، تقاطعت طرقهما المتعرجة مرة أخرى… فقط لينهي أحدهما طريق الآخر.
تذوقت سِيد الدم في فمها بينما دفعتها فيليز إلى الخلف. تحركتا بسرعة كافية لتحويل اصطدامهما الغاضب إلى شكل ضبابي – وبين الحين والآخر، اعترضت طريقهما مجموعات من الجنود المستيقظين المقاتلين، ولكنهم سرعان ما طُرحوا بعنف جانبًا.
نجا البعض… والبعض الآخر كانوا أقل حظًا.
‘سحقا!’
استعانت سِيد بكل خبرتها القتالية – قلّ من في العالم من يضاهيها في هذا الجانب – وبكل مهاراتها. تحرك سيفها وكأنه كائنٌ حي، يصد الضربات الواحدة تلو الأخرى. ولم يكن هناك مكان للرحمة في هذه المعركة، لذا تخلت سِيد عن كل ضبط النفس، متناوبة بين هجمات قصيرة من القوة الهائلة، الصلابة المذهلة، والسرعة الفائقة – مع قدراتها الخاملة، والمستيقظة، والصاعدة.
ورغم ذلك، لم يكن هذا كافيًا لمقاومة فيليز، التي كانت أشبه بشبح قرمزي.
كانت صديقتها السابقة قوية بشكل شرس وسريعة بشكل مذهل. كان الكريس المسنن خاصتها أشبه بلعنة، وكأنه يوجد في أماكن عدة في آنٍ واحد. وكانت تقنياتها ماكرة وخالية من العيوب، وعزيمتها على القتل مطلقة.
نجحت سِيد في صد ضربة كانت ستصيبها بالعمى بالاستعانة بقوتها. وتفادت أخرى بقفزة خاطفة كالبرق. أما الثالثة، فقد اخترقت شقًا في درعها، ولكنها اكتفت بخدش بشرتها الفولاذية، غير قادرة على اختراقها.
بعد لحظات، وجهت فيليز ركلة ساحقة إلى بطن سِيد، ما جعلها تتأوه من الألم.
وتراجعت مترنحة.
“إيلي… إذا لم تتوقفي… فسأصبح جادةً حقًا…”
سخرت الخادمة.
“لسنا أطفالًا بعد الآن، سِيد. توقفي عن التظاهر.”
ابتسمت سِيد، وأسنانها مطلية بالدم.
كان ذلك صحيحًا… لم تعودا أطفالًا.
أصبحت فيليز قوية بشكل مذهل. ولم تعد الفتاة الناعمة التي عرفتها ذات يوم موجودة. وبدلاً من ذلك، وقفت أمامها محاربة قاتلة وفخورة – شخص وصل إلى قمة ما يسعى إليه البشر.
أخت الدم من نطاق الأغنية.
ولكن…
صرت سِيد على أسنانها، واستقامت، ممسكة بمقبض سيفها بكلتا يديها.
في ذلك الوقت على الشاطئ المنسي، لم تكن الحياة سهلة على الخادمات. كان أغلب سكان المستوطنة الخارجية يتخيلون القلعة الساطعة وكأنها جنة، ولكن كانت سِيد تعرف الحقيقة – في الواقع، كان على الناس هناك أن يواجهوا كوابيسهم الخاصة.
ولم تكن فيليز لتنجو هناك لو كانت ضعيفة.
ولكن مع ذلك…
لم تكن صيادة من المستوطنة الخارجية.
اندفعت سِيد للأمام، مفعّلة قدرتها الصاعدة، وظهرت كالوميض فوق العظام الملطخة بالدماء.
إذن ماذا لو كانت فيليز أقوى؟، وماذا لو كانت أسرع؟، وماذا لو كانت أكثر قوة من جميع النواحي؟.
كانت سِيد تكسب لقمة عيشها من قتل المخلوقات التي كانت أقوى منها بكثير.
دفعت كريس الخادمة جانبًا، واصطدمت بها بعنف وقبضت عليها، متخلية عن السيف.
إذا لم تكن هناك مساحة للتحرك، فإن السرعة لا تعني الكثير.
ثم دفعت فيليز إلى الخلف، واضعةً قدمها خلف قدمها لتوقعها.
إذا لم يكن هناك لدى المرء موطئ قدم ثابت، فسيكون من الصعب ممارسة القوة. فلكل فعل رد فعل مساوٍ ومعاكس، وبعد كل شيء، إذا لم يكن هناك أرض صلبة للارتكاز عليها، فإن أقوى المخلوقات ستكون محدودة في قدراتها.
فلكل قوة، هناك نقطة ضعف.
وهناك عيب.
وعندما سقطتا معًا، مزقت فيليز وجه سِيد بمخالبها، تاركةً جروحًا عميقة. وأمالت سِيد رأسها وعضّت يد الخادمة، شاعرةً بتكسر عظامها الهشة تحت أسنانها.
كان الصيادون أشخاصًا يقتلون الوحوش. ومع ذلك…
قبل ذلك، كان الصيادون أنفسهم وحوشًا.
وحوشًا أكثر دهاءً وشراسة وفتكًا من فرائسهم.
صرخت فيليز صرخة مكبوتة، غير قادرة على غرز الكريس في جنب سِيد.
وبعد لحظات، اصطدمتا بالأرض، وسحقت سِيد أنف الخادمة بجبهتها بكل قوتها.
كانت فيليز عمياء بفعل الألم، وبعد جزء من الثانية فقط، ارتطم مؤخرة رأسها بسطح العظام القديمة الصلب بقوة مروعة.
وتشبعت خصلات شعرها الأبنوسي الأسود الجميل بالدم.
انتزعت سِيد الكريس المسنن من يد فيليز التي ضعفت للحظة، وقبضت على مقبضه، مستعدة لغرسه في جسد عدوها.
ولكن عندها… ترددت.
وحتى مع معرفتها أن فيليز يمكنها طرد الخنجر المسحور في أي لحظة، إلا أنها لم تستطع أن تجبر نفسها على توجيه ضربة قاتلة.
‘يا لها من حماقة…’
رفضت يدها التحرك.
ولذا، بدلاً من ذلك، غرست الكريس في جانب الخادمة، ملحقةً بها جرحًا مُعيقًا… ولكنه غير قاتل.
أطلقت فيليز صرخة ألم، وبدأت تكافح بجنون محاولة التخلص من سِيد.
طردت الكريس… ولكن بحلول ذلك الوقت، كان خنجر سِيد قد ظهر بالفعل في يدها الحرة.
لم يكن من السهل تقييد الخادمة المرعبة بهذه القوة. كان الدم يتدفق بغزارة من وجه سِيد الممزق، وكانت يد صديقتها السابقة تتحسس وجهها، تبحث عن عينيها لإقتلاعهما.
كان نضالهما اليائس عنيفًا ومليئًا بجو من الألفة الغريبة، وكأنهما قد عادتا إلى الشاطئ المنسي.
جالستين جنبًا إلى جنب في كوخ بارد متهالك، تتشاركان الدفء وتحكيان القصص لبعضهما.
ضغطت سِيد طرف خنجرها على بطن عدوها، وهدرت بصوت أجش:
“ابقِ مكانكِ!”
ولكن فيليز أزدادت مقاومةً، غير راغبة في الاعتراف بالهزيمة. كانت هناك شرارات من النور تدور حولها، على وشك أن تتحول إلى ذاكرة أخرى.
وكانت عينا سِيد تحترقان.
إما بفعل العرق الذي دخل إليهما، أو الدم.
أو الدموع.
سمحت لخنجرها بالتحرك إلى الأسفل لبضعة سنتيمترات، مما أدى إلى نزيف الدم، وقالت بنبرة مكتومة تكاد تكون متوسلة:
“ابقِ مكانكِ، إيلي… فقط ابقِ مكانكِ. أو سأقتلكِ…”
‘رجاءً، بحقك…’
ولكن لم تتوقف فيليز عن المقاومة.
رقصت شرارات النور، وببطء بدأت تتجسد في شكل سلاح جديد.
***
[أفكار المؤلف]
أجريت تعديلًا طفيفًا على قدرة سِيد المستيقظة بسبب تشابهها مع قدرة بيل. وبدلاً من أن تصبح غير ملموسة لجزء من الثانية، يمكنها الآن أن تصبح متصلبة، ما يسمح لها بصد الضربات. وهذا يتناسب أكثر مع موضوع جانبها أيضًا:]
سأقوم بتعديل ذكرها بالفصول السابقة ليتناسب مع التغيير خلال أيام.
ترجمة آمون