عبد الظل - الفصل 1990
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1990 : العذراء الحديدية
كانت مورغان تدرك مدى خبث ووحشية شقيقها.
في القارة القطبية الجنوبية، كان أضعف منها. وكان أبطأ. حتى تقنياته، رغم كونها مذهلة، كانت أقل شأنًا من تقنياتها.
لم يكن يقود جيشًا أو يمتلك قوة من الأصداء القوية أيضًا.
ومع ذلك، حوّل نصرها شبه المؤكد إلى هزيمة.
وحتى لو بدا أن قوات فالور كانت ستنتصر قبل نزول بوابات الكابوس، ففي النهاية، لم تكن مورغان نفسها لتعيش طويلاً لتشهد انتصارهم – كانت ستُقتل، على يد ذلك الشرير.
لذا، كانت تعرف جيدًا مدى رعب شقيقها.
ومع ذلك…
لاحظت أيضًا كيف تغيّر بعد قدومه إلى شواطئ نطاق السيف.
حتى قناعه الزائف من الود اللطيف قد اختفى، واستُبدل بفراغ لا إنساني كان موردريت يخفيه عادةً في الماضي.
لا بد أنه كان يحلم بالانتقام لفترة طويلة جدًا… لسنوات طويلة، حبيسًا في غرفة مظلمة داخل معبد الليل، منتظرًا، يحلم بجلب الموت والخراب لأولئك الذين سجنوه.
عائلته.
والآن، بعد أن بات هدفه في متناول اليد، فقد أمير اللاشيء بعضًا من رباطة جأشه التي كانت لا تشوبها شائبة.
فقد أصبح متسرعًا.
وبما أنه كان قويًا إلى درجة وحشية، كانت مورغان تعرف كيف تستغل تسرعه وتحوله إلى غطرسة قاتلة.
منذ تلك المعركة الأولى في بوابة النهر، كانت تخفي قوتها الحقيقية بعناية.
لم تكشف عنها حتى عندما كانت حياتها في خطر… ولا حتى عندما كانت حياة قديسيها مهددة.
وذلك لأنه حتى في خضم تعطشه للانتقام، كان شقيقها لا يزال بالغ الحذر.
ولذلك، كان عليها أن تنتظر.
انتظرت لأسابيع طويلة، بينما تعمل بدقة على ترسيخ فكرة ضعفها في ذهنه.
كان موردريت وحشًا، ولكن لا تزال هناك بقايا من الإنسانية العالقة في أعماق روحه الرجسة.
فقد كان يحتقر فالور بالفعل، وبالتالي شعر بازدراء تجاه شقيقته الصغرى. في أعماق نفسه، أراد أن يثبت أنه أفضل منها، أقوى منها، وأذكى منها… وأن والده قد أخطأ حين نبذه واختار رفع مورغان بدلاً منه.
ولهذا السبب، وبسبب أنه كان قد هزمها بالفعل مرة من قبل، كان موردريت ميالًا للتقليل من شأن مورغان. أراد أن يصدق أنها كانت أدنى منه في جميع النواحي، بعد كل شيء – لذا، بالتأكيد أن إظهارها الضعف مرارًا كان يعزز هذا التحيز اللاواعي لديه.
ومع ذلك، لم تكن مورغان ضعيفة.
كانت فقط تنتظر.
والآن، وأخيرًا، أتى اليوم الذي كانت تنتظره.
…رغم ذلك، كانت الظروف لا تزال مروعة. كانت تأمل أن تبيد قوات موردريت بضربة واحدة، ولكنه أثبت أنه قوي بشكل غير منطقي ووحشي.
كان من المرير الاعتراف بذلك… ولكنه كان أقوى منها حقًا.
وبالتالي، لم يكن أمامها سوى أن تسعى لموازنة الكفة وإطالة أمد الحصار لبعض الوقت عبر الفخ الذي أعدّته بعناية.
ولكن لا مفر من ذلك. فقد كان قديسوها مرهقين ومنهكين بالفعل، يفقدون المزيد من قوتهم مع كل يوم. إذا استمرت في المماطلة لكسب الوقت، فإن قواتها هي من ستعاني خسائر فادحة، وليس قواته.
‘…يا للأسف.’
صدت مورغان ضربة جانبية من سيف العدو، وتمكنت بطريقة ما من دفع أخرى جانبًا بمقبض سيفها، ثم شهقت عندما لامس رمح التمساح الضخم جانبها.
ثُنيَ درعها قليلًا، وقُذفت إلى الخلف، لترتطم بالحاجز الحجري للسور. وانتشرت شبكة من التشققات عبر الحجر القديم، وانهال وابل من الحطام… تأوهت بينما حاولت الوقوف ببطء، متذوقة طعم الدماء على لسانها.
شعرت مورغان بالإرهاق والتعب، ولكنها عندما نظرت شرقًا ورأت أثينا، تدفقت في عروقها قوة جديدة.
انهارت خوذتها المشققة إلى وابل من الشرر.
استشعرت مورغان نسيم الهواء البارد على وجهها الحار، فابتسمت بشكل ملتوٍ، ونظرت إلى ما خلف رأس التمساح البشع للزاحف الشبيه بالبشر – أحد أقوى الأوعية في حوزة موردريت بعد تايفون وكنوسوس – وطعنت شقيقها بنظرة قاتمة.
كان الشرير لا يزال يرفض الانضمام إلى القتال…
أو بالأحرى، يرفض المخاطرة بجسده الأصلي. في الواقع، كانت كل هذه الأوعية جزءًا منه، وكان بالفعل مشاركًا في المعركة.
لماذا كان حذرًا للغاية؟، كانت تأمل أن تدمر جسده الأصلي اليوم…
ولكن ذلك التمساح الهائل سيكون كافيًا.
“مرحبًا، أخي…”
على بعد مسافة قصيرة، نظر موردريت إليها بلا أي عاطفة خاصة.
وارتسمت على شفتيه ابتسامة زائفة.
“هل أنتِ مستعدة للاستسلام يا أختي؟، أو، انتظري. هل ستفرين مجددًا؟، وتذهبين لطلب المساعدة من والدنا، ربما؟، أنا متأكد أنه يمكنه إرسال بضعة أصداء…”
أطلقت مورغان ضحكة فارغة وهي تراقب رأس التمساح العملاق يرفع رمحه ليوجه ضربة أخرى. لم يكن الوعاءان المتساميان الأخريان خاملين بينما كان موردريت يتحدث، فقد أحاطوا بها بالفعل.
توقفت مورغان للحظة، ثم ابتسمت.
“لماذا تناديه والدنا، بالمناسبة؟، أيها الوغد.”
أخيرًا، تغير تعبير موردريت، مما جلب لها رضا عظيمًا.
في اللحظة التالية، اختفت ابتسامة مورغان، وحلّت محلها نظرة باردة لا تعرف الرحمة.
ثم تحول جسدها إلى فولاذ سائل.
اجتاح السيل درعها الأسود، وانطلق للأمام كطوفان جارف. في الماضي، استخدمت مورغان هذه القدرة المتسامية فقط لتحويل أجزاء من جسدها إلى أنصال، أو لزيادة حجمها، لتصبح عملاقًا فولاذيًا بطول عشرة أمتار تقريبًا. أحيانًا، كانت تحاكي أشكال مخلوقات أخرى… ولكن ذلك لم يكن كل ما تستطيع فعله.
فقد أخفت مدى قوتها الحقيقية حتى هذه اللحظة.
أن تصبح سيفًا؟.
من يريد ذلك؟…
يمكن للسيف أن يقطع اللحم، وفي اليد المناسبة، يمكنه حتى أن يقطع الأرواح.
ولكن لا يمكنه قطع العالم.
لا يمكنه أن يتحكم بنفسه، ويفرض إرادته على الوجود.
كانت مورغان تعتزم فعل ذلك بالضبط.
انطلق سيل المعدن السائل إلى الأمام، متمددًا حتى أصبح أشبه بنهر. في لحظة، ابتلع الوعاءين المتساميين اللذين كانا يتجهان لمهاجمتها من الجانبين، ومزّق أجسادهما وأطفأ الشرارات الزائفة للحياة التي كانت مشتعلة في صدورهما الميتة.
ثم انحدر السيل من على الجدار، والتف حول الزاحف العملاق كثعبان من الزئبق.
كان التمساح البشري هائل الحجم حقًا، يقف بارتفاع يعادل سور القلعة. ولكن بعد أن أطلقت مورغان العنان لقدرتها، استطاعت أن تغلفه بالكامل تقريبًا.
ولم يكن هناك مفر من عناقها الحديدي… فقد امتصت كمية كبيرة من الفولاذ الصوفي على مدى السنوات الأربع الماضية، بعد كل شيء. وعززت السيوف التي صنعها والدها، بالإضافة إلى شظايا سيوف الحراس المحطمين، شكلها المتسامي بشكل خاص.
محاصرًا، ترنح الزاحف الضخم إلى الخلف.
ولكن كان الأوان قد فات.
لأن النهر الفولاذي الذي أصبحت عليه مورغان حمل معه لعنة عيبها. معززة بقدرة جانبها، كانت شكلها المتدفق يقطع لحم الوعاء القوي، ممزقًا إياه ودافعًا الدماء لتتدفق على الأنقاض.
ومع ذلك، كان ذلك بطيئًا جدًا.
تموج غلاف المعدن السائل الذي يدور حول جسد القديس المستولى عليه، وانطلقت منها عشرات الأشواك الطويلة والحادة بشكل مرعب إلى الداخل، لتخترق جسده، وتمزق أعضاءه، وتدمر كل ما فيه.
وبهذه الطريقة، تم تدمير ثلاثة أوعية متسامية من أوعية أمير اللاشيء.
وحتى مع علمها أن رد فعله لن يتأخر سوى بضعة لحظات، لم تستطع مورغان إلا أن تضحك.
بالطبع، ضحكت فقط داخل عقلها، حيث أن شكلها الحالي لم يكن لديه فم أو رئتان لإصدار الصوت.
‘سقط ثلاثة…’
هل ستكون تلك إشارة كافية لدعوة موردريت إلى روحها؟.
إذا كانت الإجابة بنعم… فإن أحدهما سيموت خلال الدقائق القادمة.
أو كلاهما.
إذا كان الجواب لا، فسيستمر حصار باستيون لفترة طويلة – إذ أن خسارة هذه الأوعية ستبطئ زخم موردريت بلا شك.
اثنان من ثلاثة احتمالات تنتهي بانتصارها.
وتلك… لم تكن احتمالات سيئة…
شرق القلعة المتداعية، كان عملاقٌ فولاذيٌ جميل يتصارع مع وحش بشع في المياه الضحلة.
وغربها، كان تنينٌ رشيق يقاتل بشراسة رعبًا عملاقًا من أعماق البحيرة، وأغانيه المروعة تتردد عبر البحيرة الهائجة.
داخل القلعة، كانت الجدران العتيقة تنهار، ورجل ذو عيون كالمرايا ينظر بفضول بينما كان نهر من المعدن الحي مطليًا باللون الأحمر ببطء.
وكان القمر المحطم يسطع ببرود في السماء المكسورة.
ترجمة آمون