عبد الظل - الفصل 1989
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1989 : المنزل، المنزل ما أحلاه
أمسكت مورغان قوسها، وكان قديسو الليل قد استدعوا أسلحتهم بالفعل.
في هذه المعركة، ستكون قوتهم مقيدة باضطرارهم للقتال على اليابسة. ومع ذلك، لم يكن ذلك يعني أنهم عاجزون — بل على العكس تمامًا.
كان نايف يرتدي درعًا خفيفًا، ولكنه شديد الصلابة، مصنوعًا من جلد وحش بحري مجهول، ويحمل رمحًا طويلًا من العظام كسلاح. كانت عيناه النيليتان تلمعان في نور القمر، ووجهه الوسيم كان مزيجًا من الجدية والبرودة.
أما موج الدم، فقد استدعى درعًا ثقيلًا مصنوعًا من معدن باهت، مما جعل قامته المهيبة تبدو أكثر رهبة. وكان مسلحًا بسيف ثقيل عريض النصل – كان يمتلك اثنين منهما سابقًا، ولكن أحدهما تحطم في إحدى المعارك السابقة. والآن، كان القديس الصامت يستخدم مخالب قفازه الفولاذي لتمزيق لحم أعدائه.
رفع إيثر يده نحو السماء، ليمسك بأشعة من نور النجوم ويحولها إلى نصل رفيع. كان الأصغر بين القديسين لا يمتلك القوة البدنية مثلهم، ولكنه عوّض ذلك بالسرعة والمهارة. كانت الأسلحة التي نسجها من نور النجوم قاتلة للغاية… ومع ذلك، لم يكن جانبه مناسبًا كثيرًا للقتال القريب.
بالطبع، لم يكن هناك من هو مناسب لمواجهة موردريت.
اليوم، كان المدافعون عن القلعة المتداعية أضعف مما كانوا عليه في أي وقت مضى. فقد غاب ثلاثة من أبطال مورغان الأكثر قوة، حيث كان كل منهم يتعامل مع أزمة خاصة به.
في المقابل، ما زال شقيقها يمتلك ما يكفي من الأوعية المتسامية لاحتلال القلعة. بعضهم كان يتبع كنوسوس وتايفون، ولكن عشرة منهم – بما في ذلك جسده الحقيقي – كانوا هنا.
وتسلقوا الجدار الخارجي بالفعل، متجنبين سحابة الضباب ومخلوقات الكابوس التي ما زالت تقاتل حاصدة الأرواح داخلها. أما موردريت نفسه، فقد تأنى أعلى الحاجز، ناظرًا إلى الحلقة الدفاعية الثانية.
رغم الضوضاء المروعة للمعركة، وصل صوته إلى مورغان وقديسيها بوضوح.
“آه… يا لحلاوة الشعور، أن أعود إلى المنزل أخيرًا.”
رغم الكلمات الرقيقة، كان صوته عميقًا وقاتمًا، ممتلئًا فقط بالبرود والحقد.
ابتسم.
“ألن ترحبي بي، يا أختي؟”
وبدلًا من الإجابة، أطلقت مورغان سهمًا نحوه.
ضاحكًا، ضرب موردريت السهم بسيفه. وعندما همست التعويذة في أذنها معلنة تدمير الذاكرة، قفز شقيقها وأوعيته من فوق الجدار الخارجي واتجهوا نحو الحلقة الثانية.
‘أعتقد أنه انتهى من كونه عاطفيًا.’
تنهدت مورغان وطردت قوسها واستبدلته بسيف.
في جميع أنحاء باستيون، أضاءت الأحرف الرونية المنقوشة في الحجر القديم بنور أثيري، إذ استيقظت مصفوفة التعويذات التي تحميه.
في السابق، كانت السيوف الحارسة التي تركها والدها تنهال كالمطر الفولاذي على رؤوس الغزاة. كما كانت تعويذات أخرى مميتة تتفعل، وتغلف القلعة المدمرة بشبكة دفاعية.
ولكن للأسف، استُنزفت قوة معظم المصفوفة خلال الأسابيع الماضية. تحطمت السيوف الحارسة واحدة تلو الأخرى، واستنفدت احتياطيات الجوهر التي تغذي المصفوفة، ودُمرت العديد من الرونيات التي تشكلها بعد العثور عليها. والآن، أصبحت هذه التعويذة الضخمة مجرد ظل باهت لما كانت عليه.
ولكن، كانت لا تزال قادرة على فعل شيء واحد جيد للغاية…
وهو تقييد كلاً من قوى الآخرون وقوى جانب أمير اللاشيء.
هنا في القلعة المنهارة، لم يكن بمقدور موردريت الاعتماد سوى على قوته الغاشمة لسحق المدافعين.
رفعت مورغان سيفها واستعدت للقتال.
أربعة قديسين ضد عشرة أوعية متسامية لمجنون قاتل – لم تكن الاحتمالات كبيرة.
…بالنسبة لشقيقها، بالطبع.
لأنّه بينما لم يستطع موردريت استخدام جانبه، كانت مورغان لا تزال قادرة على استخدام جانبها.
بتفعيل إحدى التعويذات المخزنة في جسدها، شعرت بقوة رهيبة تتغلغل في كيانها. بدا وكأن الزمن تباطأ قليلاً.
مبتسمةً بشراسة، وانطلقت مورغان للأمام لتواجه أول وعاء متسامٍ وهو يقفز نحو الجدار.
أولئك القديسون الذين تمكنوا من التحرك على الأرض في أشكالهم المتسامية حافظوا عليها. أما الذين لم يستطيعوا، فقد عادوا إلى هيئات بشرية.
كان لكل منهم مظهر مختلف، ولكن الجميع – سواءً كانوا بشرًا أو مخلوقات – كانت لديهم النظرة الباردة، غير الإنسانية، والخالية من الشعور في أعينهم.
بنيران سوداء من غضب لا حدود له تتأجج تحت سطحها البارد، تصادمت سيوف مورغان مع أحد الأوعية البشرية، لتلقيه بعيدًا عن الجدار. ولكن في اللحظة التالية، اضطرت للارتداد للخلف عندما هوت يد عملاقة ذات مخالب على الأسوار، متسببة في وابل من الشرر المتطاير في كل اتجاه.
غرزت المخالب نفسها في الحجر القديم، وظهر فوق الحاجز أنف مشوه يشبه أنف تمساح عملاق. انطبقت الأنياب المثلثة، لتكاد تقطع ذراع مورغان… أو على الأقل تُحاصرها في فخ ساحق.
ولكن كان جسدها قاسيًا كالفولاذ، ولذا لم يكن من السهل فصل أطرافها عنه.
في اللحظة التالية، انطلق شكلان سريعان بجوار رأس التمساح، واضطرت للدفاع عن نفسها أمام ضربتين ماكرتين.
تمكنت مورغان من صد الأولى، ولكن الثانية خدشت درعها. والأسوأ من ذلك، أن النصل المسحور بدا وكأنه ترك طبقة متآكلة في أعقابه، مما جعل الفولاذ الأسود لدرع صدرها يغلي ويتحول إلى تيارات رقيقة من المعدن المتفجر.
هذا ما جعل شقيقها مميتًا للغاية.
لم تكن أعداد أوعيته، ولا قوتها.
بل تنسيقها المثالي، الذي سمح لها بالقتال كأجزاء مختلفة من كائن واحد.
لأنها كانت كذلك.
لو كان الأمر يتعلق بأي خصمين آخرين، لتمكنت مورغان من تفادي كلا الضربتين، لكن أوعية أمير اللاشيء لم تترك أي فرصة للعدو.
‘اللعنة’.
عشرة منهم…
ارتفع رأس التمساح الضخم في الهواء، كاشفًا عن عنق هائل. وكان جسد المخلوق مزيجًا بين الزاحف والبشري، وكان حجمه مهولًا، يقف تقريبًا بطول الجدار. أطلق الوحش الضخم ضربة أخرى نحو الأسوار، مما أدى إلى انهيار جزء منها تحت القوة المدمرة للضربة، ومد يده الجبارة. دارت دوامة من الشرر حولها، وبدأت تتشكل في صورة رمح ثلاثي عملاق من البرونز.
ضغطت مورغان على شفتيها.
على جانبيها، كان نايف، وموج الدم، وإيثر قد اشتبكوا بالفعل مع الأوعية الستة المتبقية لأمير اللاشيء. كان موردريت نفسه يتراجع حتى الآن، مترقبًا ليرى إن كانت مورغان قد أعدت له أي فخ.
‘…هل يجب أن أشعر بالإطراء؟، يبدو أنه يحمل توقعًا عاليًا للغاية في قدراتي.’
حسنًا… ومن يلومه.
ففي النهاية، كان لديها بالفعل فخٌ معد.
في الواقع، هذه المعركة بأكملها، وهذا الحصار بأكمله، كانا فخًا مدروسًا بعناية.
ترجمة آمون